كتبت – آية السيد
في إطار التغيرات السياسية والاقتصادية، شهدت إيران تحولات ملحوظة في استراتيجيات إدارة الموارد المالية خلال فترتين رئاسيتين متتاليتين. بدأت فترة رئاسة إبراهيم رئيسي بتركيز على معالجة الأزمات الاقتصادية وتعزيز النمو، بينما تستعد فترة مسعود بزشكان لمواجهة تحديات جديدة عبر تحسين إدارة الميزانية وتوجيه الموارد بشكل أكثر فعالية. الموازنة العامة.
الموازنة العامة هي وثيقة مالية تعدها الحكومة سنويًا وتحدد كيفية تخصيص الموارد المالية للدولة، كما تتضمن تقدير الإيرادات المتوقعة والمصروفات المخططة على مدار العام المالي، والهدف الرئيسي من الموازنة هو تنظيم إدارة الأموال العامة وضمان توازن بين الإيرادات والمصروفات أو معالجة العجز إذا كان موجودًا.
أولويات الموازنة العامة في عهد الحكومة الثالثة عشرة (إبراهيم رئيسي).
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة كيهان الإيرانية 8 يوليو/ تموز 2024 أنه خلال فترة رئاسة إبراهيم رئيسي عملت الحكومة على معالجة الأزمات الاقتصادية وتحديد أولويات واضحة في الميزانية العامة؛ حيث بدأت بتركيز جهودها على تحفيز النمو الاقتصادي، وارتفعت نسبة النمو إلى 5,7% في عام 2023، مع تحقيق تحسن كبير في مؤشرات البطالة التي انخفضت إلى 8,1%، كما بذلت الحكومة جهودًا ملحوظة للحد من التضخم؛ حيث انخفض من 45,7% إلى 36,1% من خلال تطبيق سياسات مالية ونقدية صارمة بما في ذلك تقليل العجز في الميزانية وتحسين إدارة الدين ومن أبرز أولويات الميزانية العامة خلال فترة رئاسة إبراهيم رئيسي كان الحفاظ على استقرار سوق المالية، وزيادة صادرات النفط التي وصلت إلى 35,9 مليار دولار، مما ساعد على تعزيز الاحتياطيات المالية، علاوة على ذلك ركزت الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الاستثمار وتطوير البنية التحتية مع الحفاظ على الدعم للفئات الاجتماعية من خلال تقديم دعم مباشر للفقراء، كما كان هناك اهتمام كبير بتحسين قطاع الطاقة وتعزيز التوازن في توزيع الموارد الاقتصادية مما ساعد على وضع الاقتصاد في مسار أكثر استقرارًا واستعدادًا للمرحلة المقبلة.
إعداد الموازنة العامة لعام 2025 في ظل حكومة (مسعود بزشكان).
وفقًا لتقرير نشرته وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية 25 أغسطس/ آب 2024 أوضح رئيس إيران (مسعود بزشكان) في اجتماع مع رئيس ومديري منظمة التخطيط والميزانية ضرورة تصميم نموذج ميزانية تشغيل يتناسب مع متطلبات البلاد ومراقبة أداء ميزانية الأجهزة التنفيذية، كما شدد على أهمية الإشراف الدقيق لتجنب هدر الموارد وتحقيق أهداف برنامج التنمية، وطلب من المنظمة الإشراف اللحظي على أداء الميزانيات لضمان تحقيق الأهداف، كما أشار إلى تشتت إدارة وتنفيذ المشاريع في الفترات السابقة وأمر بالاستفادة من إمكانيات النخب وتطبيق التخطيط الإقليمي لتحسين التنظيم وتنمية المناطق الهامة، كما أكد على أهمية العدالة الاقتصادية وانتقد تخصيص أكثر من 50% من موارد النظام المصرفي في العاصمة كأحد مظاهر عدم العدالة، وطلب من منظمة التخطيط والميزانية منع التوزيع غير العادل للموارد عبر اللامركزية وإعطاء الأولوية لتنمية المناطق الأخرى، كما أكد على أهمية وقف المشاريع العمرانية السياسية التي تهدر الموارد، وشدد على ضرورة عدم بدء أي مشروع جديد دون توفر التمويل اللازم.
وفقا لما ذكرته وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية 8 سبتمبر / أيلول 2024 قام مسعود بزشكيان في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر/ أيلول 2024 بإبلاغ الجهات التنفيذية بقرار إعداد مشروع ميزانية السنة المالية 2025، ويرى الاقتصاديون أن ميزانية العام المقبل ستكون اختبارا كبيرا للحكومة الرابعة عشرة، حيث يتعين عليها إثبات مدى واقعية الميزانية وقدرتها على القضاء على العجز الكبير فيها.
وذكرت جريدة دنياي اقتصادي 30 أغسطس/ آب 2024 أن محمد رضا عارف (النائب الأول للرئيس الإيراني) أكد على أن الحكومة الرابعة عشرة ستعمل على تحقيق نمو الإنتاج، السيطرة على التضخم وتحسين مستوى معيشة المواطنين كأولويات رئيسية، كما أشار إلى أهمية الحفاظ على التوازن بين السلطات وإدارة الاقتصاد بفعالية لتفادي الأزمات المستقبلية في إمدادات المياه والكهرباء، وأضاف أن حماية البيئة ستكون أولوية ولن يتم السماح لأي منظمة بتهديد مستقبل إيران بتدمير مواردها الطبيعية، و شدد عارف على أهمية تنسيق القرارات الحكومية مع توافر الموارد المالية اللازمة، مشيراً إلى أنه سيتم مراجعة الأنشطة الموازية وتعزيز دور هيئة التخطيط والموازنة في دعم القرارات الاقتصادية وأكد أيضا على تجنب الوعود غير العملية.
وفقا لوكالة أنباء جماران 12 سبتمبر/ أيلول 2024 أكد النائب الأول للرئيس الإيراني (محمد رضا عارف) أنه سيتم تقديم مشروع الموازنة أمام مجلس الشورى ضمن المهلة القانونية، و أكد أن الأولوية في سبتمبر ستكون لإعداد الموازنة واللوائح ذات الصلة كما شدد على أهمية التنسيق بين جميع الوزارات والأجهزة الحكومية وأشار إلى أن سجل تنفيذ البرامج التنموية السابقة لم يكن مرضيا، لذا تم تحديد مهام الأجهزة لتنفيذ البرنامج السابع للتنمية مع تقديم المشاريع واللوائح إلى لجنة يرأسها النائب الأول حيث ستقوم هذه اللجنة بمراجعة اللوائح وإذا تمت الموافقة عليها ستصدر للتنفيذ.
تحديات إعداد الموازنة العامة.
ذكرت جريدة دنيا اقتصادي 10 أغسطس / آب 2024 إن الحكومة الرابعة عشرة تواجه تحديات مالية والتزامات كبيرة منها: تمويلات ضخمة تقدر بنحو 3,025 مليار ريال إيراني لتوفير المساكن لـ 1,8 مليون أسرة ، و التمويلات البنكية حيث يتطلب توفير موارد مالية أخرى لإعداد الأراضي وتقديم الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والتي تقدر بـ 4,000,000 ريال إيراني/ 88.89 دولار أمريكي لكل متر مربع، كما أن هناك تحديات مستقبلية أخرى ستواجه الحكومة الرابعة عشرة مثل: السيطرة على تضخم الإسكان مع الأخذ في الاعتبار أن أي تأخير قد يزيد من الأعباء المالية والاجتماعية وقد يؤدي إلى ضغوط سياسية من البرلمان والمجتمع.
و أيضا ذكرت وكالة أنباء خبر أونلاين الإيرانية 8 سبتمبر / أيلول 2024 أن إيران تواجه بعض التحديات الاقتصادية، حيث يشير المسؤولون إلى أن المشكلة ليست فقط في نقص التمويل الذي يقدر بـ 200 مليار دولار، بل أيضا في القوانين والعقوبات الحالية، لذلك تم التأكيد على إعادة النظر في تكلفة المعيشة بجانب معدل التضخم للمساعدة في تحسين قرارات تحديد الرواتب، و تم الإشارة إلى أن الأجور يجب أن تكون كافية لتأمين حياة كريمة للعمال، وإلا فلن يكون هناك عدالة اقتصادية.
و في هذا الصدد أشار محمد تقي فياضي (الخبير الاقتصادي) إلى أن الأجور الحالية التي تتراوح بين 5,000,000 إلى 6,000,000 ريال إيراني(1,000 إلى 1,200 دولار ) لا تغطي تكلفة المعيشة التي تبلغ حوالي 135,000,000 ريال إيراني (2,700 دولار أمريكي), وأكد أن هذا الفارق الكبير يؤدي إلى استغلال العمال ويجعلهم تحت خط الفقر، لذا شدد على ضرورة تعديل الأجور لتتناسب مع تكاليف المعيشة وضمان حياة كريمة للعمال.