كتب- محمد علي
وفقًا لتقرير نشرته وكالة تسنيم الإيرانية، يوم الجمعة 30 اغسطس/آب 2024، فإن تكلفة إرسال الطلاب إلى المدرسة أصبحت تشكل عبئاً مادياً كبيراً على ميزانية بعض الأسر الإيرانية تلك الأيام، وإن كان للأسرة الواحدة أكثر من طفلٍ واحدٍ في أحد المراحل التعليمية فستصبح تغطية تكاليف التعليم إحدى أهم أولوياتهم.
فبالرغم من أن المادة 30 من الدستور الإيراني تنص على أن التعليم في المدارس مكفول بشكل مجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية، إلا أننا لا نرى أثراً لهذا القانون في المدارس الإيرانية بمختلف مراحلها. حيث يتم جمع التبرعات بشكل إجباري من قبل مجالس أولياء الأمور والمعلمين، وتستخدم الملفات الدراسية وشهادات الطلاب كوسيلة ضغط لدفع تلك التبرعات.
التكاليف العالية لخدمة النقل والزي الرسمي
إلى جانب الرسوم التي تُدفع في المدارس الحكومية وغير الحكومية، يواجه أولياء الأمور مشكلة في التكاليف المصاحبة للعملية التعليمية، كغلاء أسعار المستلزمات الدراسية، خدمة النقل المدرسي، والزي المدرسي. وبالطبع فأولياء أمور طلاب المدارس غير الحكومية يواجهون تكاليف أكبر لأجل توفير تلك الأشياء.
فحاليًا، تتراوح تكلفة شراء الزي المدرسي للطلاب بين 700 ألف تومان كحد أدنى (13 دولار تقريباً) و3 ملايين تومان كحد أقصى (58 دولار تقريباً)، يصرح أحد أولياء الأمور الذي يدرس طفله في المرحلة الابتدائية بإحدى المدارس غير الحكومية الشهيرة في طهران لشبكة تسنيم: “لقد طلبوا مني دفع 2 مليون و100 ألف تومان (40 دولار تقريبًا) لشراء زي مدرسي يتكون من بِلطو، سروال وحجاب. كيف يمكن أن يكون زي طفل في المرحلة الابتدائية باهظ بهذا الشكل؟ لو ذهبت إلى خياط لتفصيل بِلطو لشخص بالغ، ستكون التكلفة أقل من ذلك.”
أما عن المدارس الحكومية، فهي ليست أفضل حالاً من هذا، حيث بلغت تكلفة شراء زي مدرسي المصنوعٍ من قماش ذو جودة رديئة مبلغ 800 ألف تومان (15 دولار تقريبًا).
ومن ناحية أخرى، يؤدي التغيير السنوي في تصميم ولون الزي المدرسي في بعض المدارس إلى عدم قدرة الأسر على إعادة استخدام زي العام الماضي، مما يجبرهم على شراء زي جديد كل عام.
في إطار متصل صرحت عاطفه مدير نزاد، المديرة العامة لمجلس أولياء الأمور والمعلمين بوزارة التربية والتعليم الإيراني قائلة أن الحد الأدنى لسعر الزي المدرسي في طهران قد بلغ 548 ألف تومان (11 دولار تقريباً) ، في حين وصل الحد الأقصى إلى 825 ألف و500 تومان للقميص والسروال (16 دولار تقريبًا) و1 مليون و916 ألف تومان للجاكت والسروال (37 دولار تقريباً). في حين أكدت على أن أولياء الأمور ليسوا مجبرين على دفع أكثر من ذلك نظير الزي المدرسي.
في حين صرح بهنام نيكنزاد، المدير العام للمدارس غير الحكومية في وزارة التربية والتعليم وقال “على المدارس أن تلتزم بالحد الأدنى والأقصى لسعر الزي المدرسي”، موضحاً أن سبب ارتفاع سعر الزي المدرسي في بعض الحالات هو إضافة زي رياضي إلى الزي الأساسي، وتقديمها للأسر في وحدة شرائية واحدة.
217 شكوى ضد مدارس غير حكومية بطهران
وأشار نيكنزاد إلى أن هناك 217 شكوى تلقتها هيئة المدارس غير الحكومية هذا الصيف تتعلق بالرسوم، التسجيل، الرواتب والتأمين للمعلمين، والمرافق غير المناسبة، وغيرها. وأضاف “إن مديريات التربية والتعليم في المحافظات لديها صلاحية التحقيق في الشكاوى المقدمة، وإن لجان المراقبة تتفقد المدارس ثلاثة أيام في الأسبوع و تَزور المدارس التي لم تحصل منها على إجابات من مديريات التربية في المحافظات.”
ورد نيكزاد عند سؤاله عن غياب الرقابة على المدارس غير الحكومية قائلاً “إن الأمر ليس كذلك، نحن نتخذ إجراءات في غاية الصرامة مع المدارس، نحن نقف بجانب الشعب ولن نسمح لأي مدرسة أن تسيء استخدام اسمها”.
كثافة الفصول
واستمراراً للمشكلات التي تواجهها العملية التعليمية في إيران، فقد صرح رئيس هيئة التطوير والتحديث وتجهيز المدارس الإيرانية في حديث له مع وكالة ايسنا الإخبارية الإيرانية مشيرًا إلى أن الهجرة تعد ظاهرة تسبب مشكلات في بناء المدارس، قائلًا: “وفقًا للقوانين الحالية، فإنه عند بناء 200 وحدة سكنية أو أكثر، فيجب توفير مساحة كافية للمنشآت التعليمية، وفي حال عدم توفير ذلك، فهناك احتمال أن تعمل المدارس في هذه المناطق بنظام الفترتين، ولكننا لا نملك مدارس بثلاث فترات.”
وأضاف: “الجهة المسؤولة عن بناء المدارس هي وزارة التربية والتعليم نفسها، وهي التي تحدد عدد المدارس التي تعمل بنظام الفترتين. ولكن علينا أن نسعى نحو استمرار العملية التعليمية لجميع الطلاب خلال فترة واحدة، إلا أن الكثافة السكانية قد تفرض الحاجة إلى نظام الفترتين في بعض المدارس.”
وأشار إلى أن “إحدى أسباب العمل بنظام الفترتين هي الهجرة”، مضيفًا: “في المساكن الخاصة بمشروع مهر العمراني (مشروع لتوفير وحدات سكنية للأسر محدودة الدخل، طرح في عهد أحمدي نجاد) في المناطق الكبيرة، لا يتم التخطيط لتوفير عدد كاف من المساحات التعليمية.”
وأوضح خانمحمدي أن “الهجرة الداخلية تعد ظاهرة تسبب مشكلات في بناء المدارس، حيث يتم تسجيل مليون حالة هجرة داخلية سنويًا. خلال الربيع، كانت كلٌّ من محافظة طهران، ومحافظة البرز، وقم، وضواحي مشهد، وشيراز، وأرومية، وتبريز، وأصفهان من أكثر المناطق استقبالًا للمهاجرين في البلاد، بالإضافة إلى 7 نقاط أخرى تعاني من نقص في المدارس.”
وأشار رئيس هيئة التطوير والتحديث وتجهيز المدارس إلى أن التبرعات المقدمة من المتبرعين والأشخاص الذين يتبرعون بأموالهم لبناء المدارس قد ارتفعت من 3 آلاف مليار تومان إلى حوالي 11.4 مليار تومان (حوالي 114 ألف مليار تومان)، مضيفًا أن 33 ألف فصل دراسي جديد قد أضيفت إلى المدارس وتم وضعها في خدمة الطلاب.
وأعرب خان محمدي عن أسفه لعدم تخصيص الموارد بالشكل المطلوب في الخطة السادسة للتنمية، مضيفًا: “نتعاون مع حوالي 164 مؤسسة خيرية ومنظمة غير حكومية في مجال بناء المدارس. بالإضافة إلى 15 ألف مجموعة من طلاب المدارس والجامعات وطلاب الحوزة العلمية وأعضاء الباسيج (أحد أفرع الحرس الثوري) يساعدوننا في تحسين وتجديد المدارس ضمن مشروع الشهيد عجميان.”
زيادة معدلات ترك الدراسة
وفقًا لتقرير أعده موقع صوت أمريكا متناولاً إحصائيات جديدة صادرة عن مؤسسات بحثية وإحصائية في إيران، فإنه من بين كل 16 طالب في سن التعليم، هناك طالب يفقد فرصته للالتحاق بالمدرسة، بينما تصل نسبة ترك التعليم في المرحلة الثانوية إلى طالب واحد لكل خمسة طلاب.
وجاء خلال تقرير نشرته قاعدة بيانات إيران المفتوحة والذي نُشر العام الماضي استنادًا إلى الإحصاءات الرسمية في إيران أن متوسط نسبة الأطفال الذين تركوا التعليم في إيران بلغ 6% من إجمالي عدد الطلاب في البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أنه في العام الماضي قد نشر مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني بأن هناك أكثر من 911 ألف طفل قد تركوا التعليم، بينما ذكرت وزارة التربية والتعليم أن حوالي 15 مليون و376 ألف طالب قد تركوا الدراسة في العام الدراسي 2021-2022.