ترجمة: شروق السيد
في ظل توترات مائية متصاعدة، يكشف الناشط البيئي الإيراني عباس محمدي لوكالة “خبر أونلاين” الإيرانية عن تأثير بناء السدود المائية على إيران، سواء السدود التي تقوم الدولة بتنفيذها أو التي تبنيها دول مجاورة.
نشرت وكالة “خبر أونلاين” يوم السبت 4 يناير/كانون الثاني 2024 الإيرانية حواراً مع عباس محمدي، حول التوسع في بناء السدود بشكل غير مدروس ودون الأخذ بتوصيات نشطاء البيئة خلال السنوات الأخيرة.
وأشارت الوكالة إلى تفاقم أزمة نقص المياه في مناطق مختلفة، وقد أسفرت الإجراءات غير المهنية وغير المسؤولة في العديد من المحافظات عن زيادة حدة التوترات المائية، بالإضافة إلى أن بعض الدول، بما في ذلك أفغانستان، قامت ببناء سدود عديدة، مما جعل سكان المناطق الحدودية المشتركة يعانون من أزمة المياه، ويواجهون صعوبات كبيرة في توفير مياه الشرب وكذلك المياه اللازمة للزراعة.
نص حوار الوكالة مع الناشط البيئي عباس محمدي:
ما عواقب بناء السدود العشوائية في إيران وعلى حدودها؟
الموضوع واضح للغاية: عندما تعلن وزارة الطاقة مرارًا أن “إيران هي ثالث أكبر دولة في بناء السدود في العالم”، فإنها لا تستطيع توجيه انتقادات كبيرة لبناء السدود من قِبل الأفغان، أو طرح قضايا قد تجد صدى في المحافل الدولية.
في إيران، حتى الأنهار التي تنقل المياه من محافظة إلى أخرى تم إقامة سدود عليها، وقد أدت هذه الإجراءات إلى خلق خلافات اجتماعية غريبة بين سكان محافظات مختلفة مثل تشهارمحال وبختياري، أصفهان، خوزستان، كردستان، زنجان، كرمان، وغيرها. وهذا طبيعي.
النقطة الأخرى هي أن إيران فقدت أساسًا مكانتها الدبلوماسية والبيئية، ولم تعد قادرة على مواجهة دول مثل تركيا، وهي دولة قوية وعضو في الناتو، ولا حتى على مواجهة أفغانستان.
لا تملك إيران أي أدوات دبلوماسية للتفاوض، في حين يبرر الأفغان بناء سدودهم بالقول إنهم يريدون تأمين المياه لشعبهم، لكن “تأمين المياه” هو مجرد ادعاء زائف، فالمياه تُنقل فقط من مكان إلى آخر، وما يقوله القادة والمسؤولون الأفغان يشبه تمامًا ما يقوله مسؤولو وزارة الطاقة في بلدنا، لذلك، لا يستطيع المسؤولون في الوقت الحالي القيام بأي شيء يذكر.
لماذا لا تلتزم أفغانستان بالاتفاقيات الموقعة مع إيران ولا تمنحها حصتها من المياه؟
بالنسبة لنهر هيرمند، لدينا اتفاقية واضحة مع أفغانستان، ولكن تلك الاتفاقية ضعيفة للغاية ولا يمكننا الاعتماد عليها كثيرًا، حيث تعود إلى ما قبل الثورة، وتنص على أن حوالي 700 مليون متر مكعب من المياه يجب أن تصل إلى إيران سنويًا في الظروف العادية.
في حال حدوث فيضانات في نهر هيرمند، ينبغي أن يصل المزيد من المياه إلى إيران، لكن حتى في هذه الحالة الاستثنائية لم نتمكن من الحصول على حقوقنا من أفغانستان، سواء في فترة طالبان الأولى أو تحت حكم الرئيس السابق لأفغانستان حامد كرزاي والحكومة في ذلك الوقت، أو في فترة طالبان الحالية، لم تتمكن إيران من الحصول على حصتها من المياه، وذلك بسبب الدبلوماسية الضعيفة، خصوصًا في المجال البيئي، وأفغانستان استغلت ضعف الجانب الإيراني في هذا الصدد.
قامت أفغانستان ببناء ثلاثة سدود على نهر هيرمند، كما أثرت هذه السدود على فعالية سدودنا الأخرى، مثل سد “دوستي” الذي هو مشترك بين إيران وتركمانستان، بناء السد الجديد “باشدان” يؤدي إلى حدوث نفس المشاكل، وسيترتب على ذلك العديد من العواقب في ظل أزمة المياه في إيران.
ما هو اقتراحك للتغلب على أزمة المياه في إيران؟
وضع المياه في سيستان وبلوشستان وكذلك في خراسان رضوي أسوأ بكثير مما يُقال، وهذا نتيجة السياسات الخارجية الخاطئة، اقتراحي هو أن تقوم إيران بتعديل سياستها الخارجية بسرعة وبقوة، حيث يمكنها من خلال تعديل نهجها التحدث مع العالم وجذب آراء الحكومات القوية.
المشكلات البيئية الأخرى مثل أزمة المياه الحالية هي نتيجة السياسات الخاطئة للمسؤولين في فترات مختلفة.
الآن، لا يوجد أي بلد يساندنا أو يساعدنا في الحصول على حقوقنا، البيئة هي قضية مرتبطة بالسياسة، وكل الدمار الذي يحدث يعود إلى السياسات الخاطئة أو غياب السياسات السليمة، وفيما يتعلق بسد باشدان الأخير، هو أيضًا نتيجة للسياسات الخاطئة لمسؤولينا، إذا تغيرت سياسات مسؤولينا في مجال البيئة، سنحصل على مكانة قوية، وعندها ستضغط الدول الأخرى على أفغانستان لإعادة حقوقنا، ويمكننا تحويل القضية إلى معادلة مربحة للطرفين.
أي البلدان تساعد أفغانستان في بناء السدود؟
من المثير للاهتمام أن من بين الحلفاء والمستثمرين الذين يساعدون أفغانستان في بناء السدود الأخيرة، توجد دول مثل الصين التي تعد من الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين لإيران، وحتى إيران لا تستطيع التفاوض مع حلفائها التجاريين الكبار الذين يجنون مليارات الدولارات من الأرباح سنويًا، بشأن منع بناء هذه السدود أو على الأقل توقيع اتفاقية بين البلدين تحدد حصة المياه لإيران.
إذا لم تتمكن إيران، رغم وجود اتفاقية، من التحدث مع المسؤولين الأفغان حول حقوق الشعب الإيراني في المياه، فكيف يمكن لها أن تتحدث مع حكومة مثل طالبان وتطالب بحقوق الشعب؟ ومن المؤكد أنه في القضية الأخيرة المتعلقة بسد باشدان، لن تتمكن من أن تقول شيئًا أو أن تفعل أي شيء.
هل حدثت حالات مشابهة لهذه الحادثة أدت إلى أزمة مياه في الدولة المجاورة من جانبنا؟
نعم، لدينا حالات مشابهة في العراق، والآن هذا الموضوع أدى إلى عدم رضا الشعب العراقي عن هذا الإجراء، بالطبع، يجب علينا تحمل تكلفة باهظة للغاية لنقل المياه إلى سهول عيلام أو خوزستان، وهذا ليس له مبرر اقتصادي، لكن في دوائر بناء السدود، هناك من يطرحون أفكارًا تهدف إلى نهب ميزانية البلاد، وهذه الأفكار تتعارض مع مصلحة البلاد والقضايا البيئية الإيرانية.
من الأفضل أن نبني علاقات سياسية جيدة مع دول مثل أفغانستان والعراق، ونعزز التبادلات التجارية حتى لا نتضرر بهذا الشكل.
يمكننا أن نقترح على أفغانستان أنه مقابل المياه التي يجب أن تمنحها لنا، يمكننا شراء منتجاتها الزراعية بأسعار مناسبة، ومن خلال الحصول على حصتنا من المياه لنقلها إلى المناطق الجبلية في أفغانستان حيث لا تكون الزراعة ذات مردود وجودة عالية، يمكننا تنشيط الزراعة في سيستان وبلوشستان أو خراسان رضوي، ومن ثم تصدير منتجاتنا الزراعية بأسعار مناسبة إلى أفغانستان.