ترجمة: يسرا شمندي
يتفاقم الوضع الاقتصادي في إيران مع ازدياد أزمة نقص الطاقة التي تهدد العديد من القطاعات الحيوية. ومع انقطاع الكهرباء والغاز في فترة الشتاء، تتبين حقيقة ضعف الاستثمار في البنية التحتية للطاقة على مر السنين، مما أدى إلى هذا الاختلال الكبير. كما تُكثَّف المساعي لإيجاد حلول عاجلة لمواجهة هذه الأزمة .
وفقا لتقرير نشرته وكالة أنباء خبر أونلاين بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني 2025، شهد الاقتصاد الإيراني هذا العام أزمة شديدة، فإيران، التي تُعد من أكبر الدول امتلاكا لاحتياطيات النفط والغاز في العالم، تواجه الآن نقصا في الطاقة. ولا شك في أن الخروج من هذه الأزمة يتطلب استثمارات بمليارات الدولارات. إضافةً إلى ذلك، فإن التكنولوجيا اللازمة لزيادة إنتاج الطاقة في إيران لا تتوافر لها بسبب العقوبات المفروضة عليها.
وأضاف التقرير، أن كل هذه الظروف اجتمعت لتجعل الاقتصاد الإيراني يواجه وضعا جديدا. إذ يعاني الاقتصاد الإيراني من أزمة نقص الطاقة بينما تم التخطيط لتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8%. وهو نمو لم يصمد طويلا حتى في أفضل سنوات الاقتصاد الإيراني على المدى الطويل.
وتساءلت الوكالة في تقريرها: “الآن، ونحن في النصف الثاني من أول شهر في الشتاء، يطرح هذا السؤال المهم: ما هو السبب الجذري لهذا الاختلال؟ وما هي الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة الرابعة عشرة لمعالجة هذه الأزمة؟”.
وفي هذا الصدد قال رئيس لجنة الطاقة بغرفة التجارة آرش نجفي، في حديثه مع وكالة خبر أونلاين، إنه لحل المشكلة يجب اتخاذ إجراءات خاصة وفقا للظروف الحالية، وأضاف: “أعتقد أن جذر الاختلال يعود إلى الحكومة التاسعة والعاشرة. ففي ذلك الوقت كانت الأموال متوافرة في إيران، ولكن بدلا من استثمارها لتحسين استهلاك الطاقة، تم تحويل 2.4 مليار دولار إلى مساعدات نقدية بناءً على قرار خاطئ”.
وتابع: “نواجه يوميا نقصا بمقدار 300 مليون متر مكعب من الغاز. هذا النقص أدى إلى تعطيل بعض الصناعات وعدم تأمين الغاز للمحطات الكهربائية، مما جعل المحطات غير قادرة على إنتاج الكهرباء، وبالتالي أدى إلى نقص في الكهرباء. وفي السنوات الماضية كنا نواجه نقصا في الغاز أيضا، لكن لم يكن بالشدة نفسها وبالعواقب ذاتها، ولم يكن هناك نقص في الكهرباء في ذلك الوقت”.
وأكد قائلا: “في هذه الظروف، حتى تغيير المواقد أصبح ضروريا. فمنذ ثلاث سنوات، كانت غرفة التجارة تعمل على تعويض نقص الغاز في الصناعة من خلال هذه الطريقة. وتم اعتماد نتيجة هذه الجهود في فبراير/شباط 2023، والتي بموجبها يجب إخراج 4 ملايين و100 ألف موقد قديم من الخدمة، ويتم تركيب مواقد من الفئة A بدلا منها باستخدام ميزانية الحكومة. ومع ذلك، مر عامان منذ اعتماد هذا القانون، ولم يتم استبدال أي موقد حتى الآن. فلو تم استبدال المواقد، كان من الممكن توفير 466 متر مكعب من الغاز لكل جهاز موقد خلال فصل الشتاء. وطبقا لذلك القرار، كان يجب استبدال مليوني موقد في هذين العامين، وإذا ضربنا هذا الرقم في 466 متر مكعب، يجب أن نكون قد وفرنا هذه الكمية من الغاز حاليا، وهذا هو الحد الأدنى الذي كان بإمكاننا فعله”.
كما صرح أستاذ جامعة طهران وخبير اقتصاد الطاقة حسن مرادي، في حديثه مع وكالة خبر أونلاين، قائلا: “إن عدم التخطيط للشتاء من قبل مسؤولي الحكومة السابقة أدى إلى تفاقم الاختلال في الشتاء. وعندما نأخذ في الاعتبار استياء واحتجاجات محطات الكهرباء في إيران، نكتشف أنهم يقولون إن السبب في عدم قدرتهم على الإنتاج هو نقص وقود الديزل. وبشكل عام، تقول المحطات إن وقود الديزل المطلوب لدينا قد نفد، ولا نسمح باستخدام المازوت بسبب الاعتبارات البيئية واحتجاجات سكان المدن الملوثة. وبالتالي، إما أن نضطر إلى إغلاق محطات الكهرباء أو تلتزم الحكومة بتوفير الوقود اللازم بأي ثمن”.
وأقرَّ: “يبدو أن جزءا كبيرا من مخزون وقود الديزل في إيران قد تم بيعه، لكن من غير الواضح ما إذا تم بيعه داخليا أو خارجيا. على أي حال، لدينا في إيران هيئات يجب على شركة التكرير والتوزيع أن تكون مسؤولة أمامها، ويجب عليها توضيح مقدار الإنتاج وكيفية توزيع هذه المنتجات”.
وفي حديثه عما يجب على الحكومة الحالية فعله في هذه الظروف، قال: “يجب على الحكومة أن تدرك أنه على الرغم من أنها ليست معنية بمشاكل هذا العام، فإن نواقص السنة المقبلة ستقع كلها على عاتقها”.
وأضاف: “مستوى الإنتاج، واحتياجات الاستهلاك، واحتياطيات إيران محددة، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتخطيط يؤدي إلى تقليص هذا الاختلال إلى الحد الأدنى في السنوات القادمة. وهذا ليس فقط ممكنا، بل يُعد من الواجبات الأساسية للحكومة الحالية أن تقوم بتوزيع الموارد المتاحة بما يلبي احتياجات إيران”.
ووفقا لما ذكره، يمكن أن يلعب التخطيط لمواجهة الشتاء جنبا إلى جنب مع الإجراءات الإدارية، وتشجيع تقليل الاستهلاك دورا في تخفيف الاختلال المؤقت حاليا.