كتبت: الدكتورة مريم غلامي
تعتبر أزمة ديون العراق لإيران واحدة من القضايا الاقتصادية المهمة التي تؤثر في العلاقات بين البلدين. هذه الأزمة تتعلق بمبالغ مالية مستحقة على العراق. فقد يعاني العراق من أزمات اقتصادية عديدة، وقد أدى انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم الوضع، مما أثر على قدرة الحكومة على سداد هذه الديون. ويمكن أن تؤدي زيادة الديون إلى توتر العلاقات السياسية بين العراق وإيران، خاصة مع الضغوط الدولية والإقليمية على العراق لتحسين علاقاته مع دول أخرى. ذلك مع أنالتعاون الاقتصادي بين العراق وإيران يمثل جزءا مهما من الاستراتيجية الإيرانية لتعزيزها في المنطقة. أما أسباب ديون العراق لإيران؛ فقد تتعدد الأسباب التي أدت إلى تراكم ديون العراق على إيران، وفيما يلي أبرز هذه الأسباب:
أولا: استيراد الطاقة: الكهرباء؛ يعتمد العراق بشكل كبير على الكهرباء الإيرانية لتلبية احتياجاته، خاصة في فصل الصيف. تمثل إمدادات الكهرباء الإيرانية جزءا كبيرا من قدرة العراق على تلبية الطلب الداخلي.والغاز الطبيعي؛ حيث يستورد العراق الغاز الطبيعي من إيران لتزويد محطات الكهرباء ومشاريع الصناعة، مما زاد من مستحقات العراق لإيران.
ثانيا: الاحتياجات الاقتصادية: التنمية والبنية التحتية؛ بعد سنوات من الصراع، يحتاج العراق إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية والطاقة، وتتعاون إيران في بعض المشاريع، مما يساهم في زيادة الديون. والاعتماد على السلع الإيرانية؛ حيث تزايد استيراد السلع والبضائع من إيران، ما يخلق التزامات مالية إضافية على العراق.
رابعا: العقوبات الأمريكية: الضغوط الاقتصادية تؤثر العقوبات المفروضة على إيران على قدرتها في دعم العراق بشكل مباشر، مما يجعل العراق يواجه صعوبات في سداد مستحقاته. وتحويل المدفوعات؛ تعقيد العمليات المالية والتجارية نتيجة للعقوبات يزيد من التحديات أمام الحكومة العراقية في سداد الديون.
خامسا: الأزمات الداخلية في العراق: الأزمات السياسية والاقتصادية؛ يعاني العراق من أزمات سياسية واقتصادية مستمرة، مما يؤثر على قدرة الحكومة على إدارة الميزانية وسداد الديون. والفساد وسوء الإدارة؛ حيث يؤدي الفساد وسوء إدارة الموارد إلى ضعف النظام المالي، مما يؤثر على سداد الديون اللبنانية.
سادسا: التجارة الإقليمية: الشراكات الاستراتيجية؛ تسعى إيران لتعزيز نفوذها في العراق من خلال التعاون الاقتصادي، ما يؤدي إلى مزيد من الالتزامات المالية من الجانب العراقي. والمنافسة الإقليمية؛ قد تجعل التنافس مع دول أخرى في المنطقة إيران أكثر حرصا على الحفاظ على علاقات تجارية قوية مع العراق.
تتطلب أزمة ديون العراق لإيران استراتيجيات متعددة لحلها. فيما يلي بعض الاقتراحات الممكنة:
أولا: تسوية الديون: إعادة جدولة الديون؛ بإمكان العراق وإيران التفاوض على إعادة جدولة المدفوعات، مما يخفف الضغط المالي عن الحكومة العراقية في الوقت الحالي. وترتيبات سداد مرنة؛ التوصل إلى ترتيبات سداد مرنة تعتمد على القدرة الاقتصادية للعراق، مما يسمح بسداد الديون على فترات أطول.
ثانيا: تعزيز الاقتصاد العراقي: استثمارات إيرانية؛ بإمكان إيران زيادة استثماراتها في العراق، مما يساعد في تحفيز الاقتصاد العراقي وزيادة العائدات التي يمكن استخدامها لسداد الديون. وتنمية القطاعات المحلية؛ دعم القطاعات المحلية في العراق مثل الزراعة والصناعة لتحسين الإنتاجية وتقليل الاعتماد على الاستيراد من إيران.
ثالثا: تنويع مصادر الطاقة: استثمارات في الطاقة المتجددة؛ التركيز على تطوير مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مما يقلل من الاعتماد على الغاز والكهرباء الإيرانية. وتوسيع شبكة الطاقة؛ تحسين شبكة النقل وتوزيع الطاقة لتقليل الفاقد وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية.
رابعا: العمليات المالية والتجارية: تحقيق شراكات استراتيجية؛ تعزيز الشراكات الاقتصادية مع دول أخرى لتوسيع نطاق التجارة وزيادة الإيرادات. وتسهيل التحويلات المالية: العمل على تطوير نظام مالي يمكن العراق من تحويل الأموال ليريح العقوبات المفروضة على إيران.
خامسا: المساعدات الدولية: الدعم من المنظمات الدولية؛ الاستفادة من الدعم المالي والفني من المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لتحسين الأوضاع الاقتصادية. والمساعدات الثنائية؛ منها السعي للحصول على مساعدات من الدول الصديقة لتعزيز الاقتصاد وتقوية قدرات الحكومة على سداد الديون.
سادسا: تعزيز القواسم المشتركة الثقافية والدينية: إنشعبي إيران والعراق كانا جيرانا عبر التاريخ. الجغرافيا والتاريخ يحكمان عمق العلاقات بين الأمتين،وبعد ظهور الإسلام ترسخت هذه العلاقات وتعددتأسباب قوة العلاقات وتنوعت وتحولت إلى علاقات تقومعلى العقيدة والدين والفكر الإسلامي والإسلام والمثلالسماوية. كما أن التشيّع والتقارب الديني بين الأمتينخلقا رابطا يربط بين الأمتين على أسس عقائديةوفكرية وثقافية تقوم على عقيدة أهل البيت (عليهمالسلام)، وتتفرع عنه مسائل ثانوية كثيرة، وأبرزهاوجود المراجع والمعاهد والمفكرين والكتابات المشتركةوالمصير المشترك والمواقف المشتركة. فعلى البلدين الاعتماد على هذه الاشتراكات وتعزيز التعامل بينهما.
إذن تعتبر أزمة ديون العراق لإيران من القضايا المعقدة التي تحتاج إلى جهود مشتركة لحلها، حيث يؤثر الوضع الاقتصادي في العراق والضغوط الخارجية على قدرة الحكومة العراقية على سداد مستحقاتها. تتعلق ديون العراق لإيران بعوامل متعددة تشمل الاحتياجات الملحة للطاقة، التحديات الاقتصادية، والاعتماد المتبادل. تحتاج الحكومة العراقية إلى اتخاذ تدابير لحل هذه الأزمة لضمان استقرار العلاقات الاقتصادية وتنمية البلاد. والعلاقات بين البلدين تتطلب مراعاة الظروف المالية والسياسية لضمان الاستقرار والتعاون المستقبلي. وتتطلب أزمة ديون العراق لإيران حلولا متكاملة تشمل التفاوض على إعادة جدولة الديون، وتعزيز الاقتصاد المحلي، وتنويع مصادر الطاقة. من المهم أن تتعاون الحكومة العراقية مع جميع الجهات المعنية لضمان حل فعال ومستدام لهذه المشكلة.