ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة أنباء “خبر أونلاين” الإيرانية الإصلاحية، المحسوبة على مكتب علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، الأربعاء 19 مارس/آذار 2025، حوارا مع تقي آزاد أرمكي أستاذ علم الاجتماع في جامعة طهران، تناولت فيه شرح مفهوم “التشدد” في السياسة، وتحليل أفعال هذه التيارات وتأثيرها في المجتمع الإيراني.
نص الحوار:
في التعريفات السياسية، لدينا مصطلح “التشدد” و”التيار المتشدد”. برأيك، ما معنى التشدد؟ ما هي سماته، وما الخصائص التي يتميز بها المتشددون؟
للإجابة عن هذا السؤال، يجب البحث في تاريخ مفهوم التشدد، على سبيل المثال، منذ أواخر العهد القاجاري، خاصة بعد الثورة الدستورية (حركة سياسية واجتماعية بهدف الحد من الحكم المطلق للشاه)، ظهرت قوى ذات فهم جديد للعالم، طرحت أفكارا تتحدى التقاليد الرسمية، سواء السياسية أو الإدارية أو الحكومية.
بداية التشدد
بدأ هذا “التشدد” بعد الثورة الدستورية، وتم استغلاله بطرق متعددة، لكن، من وجهة نظري، لا يمكن اعتبار “التشدد” مرادفا للاعتراض، فإلى جانب “التشدد”، هناك مفهوم آخر يسمى “الراديكالية” (التوجه نحو التغيير الجذري والعميق في النظام السياسي من خلال وسائل متشددة)، وهو مفهوم يقف في مواجهة تطور المجتمع.
نتيجة لذلك، هناك طيف من المفاهيم، حيث يقع “التشدد” على أحد طرفيه، بينما تقع الأصولية على الطرف الآخر، كذلك، بين تياري المحافظة والانهيار، توجد حركات مختلفة يمكن مقارنتها “بالتشدد” و”الراديكالية”.
برأيك، من هم الأشخاص أو الجماعات الذين يندرجون ضمن “التيار المتشدد” في البلاد؟
الإصلاحيون الراديكاليون، والقوميون الذين لا يقبلون هذا الوضع، وأفراد المجتمع المدني، وجبهة”بايداري” (جماعة سياسية أصولية متشددة)، والأصوليون الراديكاليون، وهم مجموعات من القوى السياسية والاجتماعية التي يعتبرها المجتمع متطرفة.
هل يُلحق هذا التيار “المتشدد” ضررا بالبلاد أم لا؟
نظرا إلى أن هذه الجماعات لا تستند إلى نظام حزبي محدد، فإنها تصبح مصدر اضطراب لكل من الحكم والمجتمع، لو كانت مرتبطة بجهة معروفة أو حزب معين، لكان تطرفها قد ساهم في تجديد النظام السياسي، ولكن بما أنها قوى غير معروفة وتعمل في الظل، فإنها تلعب دورا تخريبيا، فالمجموعات التي ذكرتها، بدلا من أن تكون محركا لديناميكية المجتمع، تُصنَّف إلى جانب الأصوليين والساعين إلى الانهيار.
فعلى سبيل المثال، تعد جبهة “بايداري” في بلدنا مجموعة ضغط وليست مجموعة منظمة، فهذه الجماعة، إضافة إلى افتقارها إلى برنامج محدد، لا تملك حتى مكتبا أو مقرا أو قائدا واضحا، وبالطبع، ينطبق هذا الأمر أيضا على المجموعات الراديكالية و”المتشددة” الأخرى.
هل يمكنك الإشارة إلى أهم سمات “المتشددين”؟
إحدى سمات “التشدد” هي مواجهة الحركات الإصلاحية في المجتمع ومقاومتها، فعلى سبيل المثال، يعاني المجتمع الإيراني من العزلة والانطواء، ولذلك تُتخذ إجراءات لمعالجة هذه المشكلة وإعادة المجتمع إلى طبيعته.
لكن الجماعات “المتشددة” والراديكالية تعارض عودة المجتمع إلى حالته الطبيعية، وبمعنى آخر، ترفض قبول التغيير في النظام الاجتماعي.
قضية الحجاب
برأيك، هل يمكن أن تؤدي هذه الإجراءات إلى رد فعل سلبي من قِبَل الناس؟
على سبيل المثال، ينطبق هذا الأمر أيضا على قانون الحجاب، فالمجتمع لا يقول إنه يريد الفجور، بل يعارض الطريقة التي يُفرض بها هذا الأمر، لكن كيف يتصرف “المتشددون” تجاه هذا القانون؟
فهذه الجماعات تؤكد أن هناك رؤية واحدة فقط للحجاب في إيران، تستند إلى تفسير محدد للنصوص الدينية، ويجب على جميع أفراد المجتمع الالتزام بها.
أما موقف المجتمع، فهو أنه يقبل العفة والطهارة، لكنه يريد أن يكون أسلوب الحجاب جزءا من “التنوع الثقافي”، بحيث يُحدد وفقا لاختيارات الأفراد وليس بفرض موحد.
حيث إن جميع التوترات تبدأ من هنا، حيث يرفض التيار “المتشدد” هذا المطلب المجتمعي، ويصف الأفراد بالعُري، مما يؤدي إلى قمع المجتمع المدني وحتى الحكومة.
فعلى سبيل المثال، إذا حدثت اضطرابات في المجتمع، فإن هذه القوى “المتشددة” تبادر فورا إلى قمع الفتيات والنساء وأبناء هذا الوطن، وهذه الإجراءات خطيرة وتؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية.
كما أن هؤلاء الأشخاص غير المحجبين كانوا جزءا من الثورة الإسلامية، حتى في ظل حكومة بهلوي العلمانية، لم يكن الأمر كما لو أن فئة معينة جاءت وأحدثت الثورة ثم جعلت الشعب الإيراني مسلما، بل شارك نفس هؤلاء غير المحجبين في الاحتجاجات، ثم قبلوا بالحكومة الإسلامية.
ولكن هناك اعتقاد سائد في المجتمع بأن أشخاصا نزلوا من السماء وقادوا الثورة، في حين أن الواقع ليس كذلك.
ضغوط جبهة بايداري
برأيك، هل يمكن أن تؤدي هذه الإجراءات إلى رد فعل سلبي من قبل الناس؟
من وجهة نظري، لن يتجه هذا المجتمع أبدا نحو الفجور أو التخلي عن الحجاب، كونوا على يقين بأن المجتمع لن يصبح غير محجب بسبب ضغوط أمثال جبهة “بايداري”، لكن هذه الجماعة تمارس الضغط على الحكم والحركات الإصلاحية، كما أنها تُظهر نفسها كتيار راديكالي وصدامي، مما يؤدي إلى ابتعاد المجتمع عنها.