ترجمة: علي زين العابدين برهام
من المتوقع أن يصل متوسط سعر المتر المربع للوحدات السكنية في طهران إلى حوالي مليار ريال، مما يعني أن شراء شقة بمساحة 80 مترا مربعا يتطلب ما لا يقل عن 80 مليار ريال.
في ظل هذه الأوضاع، قد يطول وقت الانتظار لتحقيق حلم امتلاك منزل، وهو ما قد يصبح معيارا إحصائيا عالميا. لكن هل تساءلت يوما عن الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار العقارات في إيران إلى مستويات تفوق حتى تلك الموجودة في بعض الدول المتقدمة؟
نشرت صحيفة “هفت صبح” الاثنين 17 فبراير/شباط 2025 تقريرا أجابت فيه على هذه التساؤلات، مبينة أن هناك سبعة أسباب لغلاء سوق العقارات في إيران.
معدل التضخم
ذكرت الصحيفة أن ارتفاع معدل التضخم في إيران يُعد أحد العوامل الرئيسية وراء زيادة أسعار المساكن. يؤدي التضخم إلى ارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والأسمنت والجبس وغيرها، مما يزيد من تكلفة بناء الوحدات السكنية. ونتيجة لذلك، يضطر المطورون العقاريون إلى رفع أسعار بيع الوحدات السكنية.
وأشارت إلى أن التضخم يتسبب أيضا في زيادة أجور العمالة والتكاليف الأخرى المرتبطة بالبناء. بالإضافة إلى ذلك، يعزز التضخم توقعات التضخم بين الناس، حيث يتوقع الأفراد أن ترتفع الأسعار في المستقبل، مما يزيد من الطلب على المساكن.
عدم التوازن بين العرض والطلب
وأضافت بأن الطلب على المساكن في إيران، وخاصة في المدن الكبرى، يفوق العرض بشكل كبير. يؤدي النمو السكاني والحاجة المتزايدة إلى المساكن إلى الحفاظ على ارتفاع الطلب بشكل مستمر. كما أن الهجرة إلى المدن الكبرى تزيد من شدة الطلب في هذه المناطق. عندما يكون الطلب أكبر من العرض، يتمكن البائعون من تحديد أسعار أعلى. يؤدي عدم التوازن بين العرض والطلب في النهاية إلى تكوين فقاعة أسعار في سوق العقارات. ولكن نظرًا لأن أسعار المساكن لا تنفجر أبدًا، فقد وصل الوضع إلى ما نراه اليوم.
الإسكان في إيران سلعة استثمارية
وأشارت إلى أنه يُعتبر الإسكان في إيران من السلع الاستثمارية، وعندما يُنظر إلى الإسكان على هذا النحو، يرتفع الطلب عليه بشكل ملحوظ. يقوم الأفراد والشركات بشراء العقارات على أمل زيادة أسعارها في المستقبل. هذا الطلب يؤدي إلى ارتفاع أسعار الإسكان، ومن ناحية أخرى، يميل المالكون إلى إبقاء وحداتهم السكنية شاغرة، على أمل بيعها في وقت لاحق بأسعار أعلى، هذه الظاهرة تؤدي إلى نقص في الوحدات الإيجارية، مما يزيد من أسعار الإيجارات.
تأثير سعر الصرف
وتابعت بأن التغيرات في سعر الصرف أيضا تؤثر على أسعار الإسكان، حيث تساهم في زيادة أسعار مواد البناء، مما يرفع تكلفة بناء الوحدات السكنية. ذلك أن جزءًا كبيرًا من مواد البناء المستخدمة في إيران مستورد أو يرتبط بالعملات الأجنبية. كما أن بعض المعدات والآلات المستخدمة في قطاع البناء مستوردة أيضًا، وبالتالي يؤدي ارتفاع سعر الصرف إلى زيادة تكاليف شراء وصيانة هذه المعدات. في النهاية، يرفع هذا التغير في سعر الصرف التكلفة الإجمالية لبناء الإسكان، مما يدفع المطورين إلى رفع أسعار بيع الوحدات السكنية.
سياسات الحكومة
وأوضحت الصحيفة أن السياسات المالية والنقدية للحكومة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على معدل التضخم، حيث يُسهم العجز في الميزانية في زيادة التضخم، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الإسكان. كما أن معدل الفائدة البنكية له تأثير كبير على سوق الإسكان؛ إذ تؤدي زيادة معدل الفائدة إلى رفع تكلفة القروض السكنية، مما يقلل من الطلب على شراء العقارات. كما أن تنفيذ خطط الإسكان الحكومية بشكل غير ناجح يعد من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار الإسكان في إيران.
وأضافت أن التجارب قد أظهرت أنه عندما لا يتم تنفيذ مشروعات الإسكان الحكومية بشكل صحيح، فإن نقص الأراضي أو المواد أو التمويل يؤدي إلى زيادة الطلب، وبالتالي إلى ارتفاع الأسعار. وعلى الرغم من أن الضريبة على الإسكان تُستخدم في معظم دول العالم كأداة للحد من ارتفاع الأسعار، إلا أن الضريبة على الإسكان في إيران تظل منخفضة نسبيًا ولا تساهم بشكل فعّال في التحكم في الأسعار.
أسعار الأراضي
وذكرت بأن أسعار الأراضي تُعد أحد المكونات الرئيسية والأكثر تكلفة في تحديد السعر النهائي للإسكان، ولها تأثير مباشر على تكلفة بناء المنازل. في إيران، وبخاصة في المدن الكبيرة، تعد أسعار الأراضي مرتفعة جدا. وفي بعض الحالات، قد تشكل أسعار الأراضي أكثر من 50% من إجمالي تكلفة بناء وبيع الوحدة السكنية.
وأوضحت أنه من المهم الإشارة إلى أن العرض المحدود للأراضي في العديد من المدن الكبيرة بسبب القيود والعوائق في تطويرها يساهم في زيادة الأسعار، إذ يكون الطلب أكبر من العرض. كما أن المضاربات في سوق الأراضي تمثل عاملاً آخر يؤثر بشكل كبير على ارتفاع أسعار الإسكان.
الوسطاء
واختتمت الصحيفة الأسباب السبعة في غلاء سوق العقارات غي إيران بأنه يوجد العديد من الوسطاء والسماسرة في سوق الإسكان الإيراني، وكل منهم يسهم بطريقة ما في رفع أسعار الإسكان. هؤلاء الوسطاء يقومون بشراء وبيع العقارات بشكل متكرر سعيا لتحقيق أرباح كبيرة. وكلما زاد عدد الوسطاء في الصفقة، زاد كل منهم حصته من الأرباح، مما يؤدي إلى زيادة السعر النهائي على المستهلك.
وأشارت إلى أن بعض الوسطاء يشترون العقارات ويحتفظون بها على أمل أن يرتفع سعرها في المستقبل لتحقيق مكاسب ضخمة، بينما يستغل آخرون غياب الشفافية في المعاملات وندرة المعلومات الدقيقة عن الأسعار الحقيقية، مما يعزز من المضاربات ويزيد من رفع الأسعار.