ترجمة: علي زين العابدين برهام
مرت نحو ثمانية أشهر على الانتخابات الرئاسية الإيرانية الرابعة عشرة، التي جاءت بعكس توقعات التيار الأصولي، حيث كان يرى نفسه الفائز الحتمي بعد الرقابة المشددة لمجلس صيانة الدستور. ولكن مسعود بزشکیان، أحد الشخصيات الإصلاحية المؤيدة للتغيير، فاز بدعم الإصلاحيين والتأييد الشعبي لرغبة التغيير.
نشرت صحيفة “هم ميهن“، الخميس 27 فبراير/شباط 2025، تقريرا حول الخلافات الداخلية للتيار الأصولي، إذ ذكرت أنه منذ الجولة الأولى من الانتخابات والتي أفرزت منافسة بين مسعود بزشکیان وسعيد جليلي في الجولة الثانية، بدأ الخلاف داخل التيار الأصولي بين جناح المحافظين المتشددين الداعمين لجليلي والتيار الجديد المؤيد لمحمد باقر قاليباف.
وأضافت أنه قد حمّل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية فشل الأصوليين، متجاهلين حقيقة أن جزءا كبيرا من الأصوات التي ذهبت إلى بزشکیان لم تكن دعما له بقدر ما كانت رفضا لهما معا.
الجدل يعود بعد اغتيال نصر الله
ذكرت “هم ميهن” أنه بعد اغتيال حسن نصر الله، عاد الجدل حول اجتماع مشهد التوافقي الذي عُقد 26 يونيو/حزيران 2024، إلى الواجهة مجددا، عندما نشر أنصار قاليباف رسالة بعنوان “خُدّام حسن نصر الله في حرم الإمام الرضا”، زاعمين أن حسن نصر الله حضر ذلك الاجتماع، حيث كان الهدف هو إقناع جليلي بالانسحاب لصالح قاليباف، لكنه رفض ذلك.
وأضافت أن هذا الادعاء أثار ردود فعل متباينة، حيث كتب محمد حسين مصباح، أحد المقربين من قاليباف، في منصة إكس موجها انتقادات حادة لجليلي:
“عار عليكم! كنتم تعرفون أوضاع المنطقة، ومع ذلك، استسلمتم لأهوائكم الشخصية، ورفضتم الانسحاب، مما أدى إلى هذه الكارثة…”.
وتابعت أنه من جهة أخرى، نشر موقع بهار نيوز تقريرا ذكر فيه أن الاجتماع تم بحضور شخصيات بارزة، من بينها: إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، ومحسن رضائي عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، وأمير حاجي زاده قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري، وأحمد مروي، متولي العتبة الرضوية.
وأشارت إلى أن تقارير غير رسمية حينها ذكرت أن قاآني طرح فكرة انسحاب جليلي، لكن لم تكن هناك معلومات موثوقة حول حضور نصر الله شخصيا في ذلك الاجتماع.
ردود الفعل بعد جنازة نصر الله
ذكرت الصحيفة أنه بعد أشهر من الصمت، عاد هذا الجدل إلى الواجهة مجددا بعد تشييع نصر الله، حيث أعاد موقع رجا نيوز نشر بعض الوثائق، وتفاعل معها شخصيات بارزة مثل أمير حسين ثابتي، النائب في البرلمان الإيراني.
وأضافت أنه في المقابل، نفى سعيد جليلي هذه المزاعم خلال اجتماع حول “الحكمة السياسية في القرآن”، قائلا: “كنت في الاجتماع مع قاليباف وقاآني، ولم يُطرح أي موضوع عن المقاومة، لا بشكل مباشر ولا حتى عبر اتصال هاتفي. ما نُشر هو كذب محض، وحتى بعد استشهاد السيد حسن نصر الله، استمر البعض في الترويج لهذه الأكاذيب ونسب أمور غير صحيحة إليه”.
وتابعت أنه ردا على هذا النفي، كتب أمير حسين يزدان بناه، عضو حملة قاليباف: “كنا نتجنب الحديث عن آخر اجتماع انتخابي حضره محمد باقر قاليباف وإسماعيل قاآني، وسعيد جليلي في مشهد، حفاظا على وحدة التيار الثوري، ولأن بعض التفاصيل لم تكن من المصلحة الوطنية نشرها، خاصة في ظل الحرب مع الاحتلال الإسرائيلي. لكن بعد هذه الأكاذيب، لم يعد أمامنا خيار سوى كشف التفاصيل”.
وأردفت أنه من جهته، رد علي رضا سليماني، رئيس تحرير “رجا نيوز”، بتصعيد إضافي قائلا: “لقد صمتنا طوال ثمانية أشهر أمام هذه الأكاذيب، لكن اليوم، لم يعد هناك خيار سوى كشف الحقيقة. كما تراجعتم عن أكاذيبكم بشأن السيد حسن نصر الله، ستتراجعون عن كل ما ستقولونه لاحقا. لدينا الكثير لنقوله…”.
وأوضحت الصحيفة أنه بصرف النظر عن الجدل الدائر حول نصر الله، فإن حضور شخصيات عسكرية بارزة مثل قاآني في اجتماعات سياسية لا يزال مثيرا للانتقادات، فالمؤسس الإمام الخميني كان قد شدد مرارا على ضرورة ابتعاد العسكريين عن السياسة، ومع ذلك، لا يزال هذا المبدأ محل جدل، خصوصا مع تزايد نفوذ الجهات العسكرية في المشهد السياسي الإيراني.
واختتمت التقرير، بأنه في نهاية المطاف، لا يزال السؤال الرئيسي بلا إجابة واضحة: هل كان حسن نصر الله حاضرا في اجتماع مشهد بالفعل؟
لكن الأهم من ذلك هو: لماذا لا يزال التيار الأصولي غارقا في صراعاته الداخلية، بعد مرور ثمانية أشهر على الانتخابات، بدلا من مراجعة أسباب فشله؟ يبدو أن هذا الجدل لم ينتهِ بعد.