ترجمة: شروق السيد
أفادت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية، في تقرير لها يوم الخميس 16 يناير/كانون الثاني 2025، بأنه قبل أيام قليلة من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية باعتباره رئيسها السابع والأربعين، بدأ خبراء السياسة الخارجية والدبلوماسيون الأمريكيون السابقون في التكهن حول سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران، وفي العديد من مقالاتهم، قدم الخبراء توصيات للإدارة المقبلة، بشأن كيفية التعامل مع الملف الإيراني.
وتابعت: خلال الأيام الماضية، نشرت صحيفة “هممیهن” بعض هذه المقالات، من بينها مقال لريتشارد هاس، المسؤول السابق في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكي ورئيس مركز الدراسات التابع لمجلس العلاقات الخارجية، بعنوان “فرصة إيران” في مجلة فورين أفيرز، وكذلك مقال لديو شرودر، الدبلوماسي الأمريكي السابق، الذي نُشر على موقع “جمعية موظفي السياسة الخارجية الأمريكية (AFSA)”.
وأضافت الصحيفة: حثّ كُتّاب هذه المقالات إدارة دونالد ترامب على تبني نهج جديد تجاه إيران والسعي للتوصل إلى اتفاق معها، وعلى الرغم من أن الخبراء اختلفوا حول تفاصيل هذا الاتفاق المقترح بناءً على انتماءاتهم الحزبية وأيديولوجياتهم، فإن العديد منهم اتفقوا على ضرورة السعي إلى اتفاق لتجنب مزيد من الأضرار.
وتابعت: يرى عدد كبير من المحللين الأمريكيين أنّ تصاعد التوترات في المنطقة، وتحول “الحرب الخفية” بين إيران وإسرائيل إلى مواجهات مباشرة خلال العام الماضي، إضافة إلى التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين المؤثرين بشأن احتمال تغيير العقيدة النووية الإيرانية، يزيد من احتمال اتخاذ إيران قرارا بتطوير سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى.
وأردفت الصحيفة: ورغم عدم وجود أي أدلة تشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني يحمل حاليا طابعا عسكريا، وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرارا، فإن المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى يشيرون إلى أن زمن الاختراق النووي الإيراني- أي الفترة اللازمة من اتخاذ قرار تصنيع السلاح النووي حتى إنتاج جهاز قابل للانفجار- قد تقلص إلى أسبوعين فقط، هذا المفهوم، الذي صاغته الحكومات الغربية لوصف احتمالية تحول البرنامج النووي الإيراني السلمي إلى برنامج عسكري، كان قد حُدد خلال فترة تنفيذ الاتفاق النووي (برجام) بمدة تصل إلى عام.
وواصلت الصحيفة: في الفترة التي التزمت فيها إيران والأطراف الأخرى في الاتفاق النووي (برجام) بتعهداتها، كانت إيران تخصب اليورانيوم بمستوى لا يتجاوز 3.67%، وتحتفظ بما لا يزيد على 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب داخل البلاد.
واستدركت: ولكن منذ مايو/أيار 2018، عندما قرر دونالد ترامب في ولايته الأولى الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات النووية، تغيرت الأوضاع بسرعة، وفقا لتقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في صيف عام 2024، بلغ إجمالي اليورانيوم المخصب في إيران 5750 كيلوغراما، وهو ما يعادل نحو 20 ضعف الحد الذي حدده الاتفاق النووي.
وذكرت الصحيفة: في بداية ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد أن أصدرت الولايات المتحدة وثلاث دول أوروبية قرارا بإدانة إيران، رغم الاتفاقات التي أبرمها رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في طهران لحل بعض الخلافات المتعلقة بضمانات البرنامج النووي الإيراني، ومع بقاء مستويات تخصيب اليورانيوم عند 60% وزيادة عمليات التفتيش، رفعت إيران بشكل كبير، قدرتها على إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% كرد فعل على القرار.
مع ذلك، بدأت إيران مفاوضات مع الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي ومع الاتحاد الأوروبي لإيجاد حل للنزاعات.
وتابعت: عُقدت الجولة الأولى من المحادثات بين إيران والدول الأوروبية الثلاث في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بجنيف، في حين استُؤنفت الجولة الثانية يوم الاثنين 13 يناير/كانون الثاني 2025.
كانت إيران قد دخلت في حوار مع هذه الدول فور انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لتقليل الأضرار الناتجة عن هذا الانسحاب، لكن هذه المحادثات لم تحقق النتائج التي كانت تأملها طهران، مما دفع إيران إلى اتخاذ إجراءات مضادة ردا على إعادة فرض العقوبات.
وأردفت: مع ذلك، لا تزال هناك قناعة بأن التوصل إلى اتفاق فعال وعملي بين إيران والغرب أمر غير ممكن بدون مشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات، ورغم ذلك، تحتاج إيران بشكل كبير إلى حل الخلافات العميقة التي نشأت مع أوروبا على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأضافت: قبل عام 2022، أظهرت الدول الأوروبية رغبة أكبر في التعاون مع إيران، بل وصمدت لفترة طويلة للدفاع عن الاتفاق النووي في مواجهة إدارة ترامب، ولكن منذ عام 2022، ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، واتهامات بتقديم إيران دعما عسكريا لروسيا، إضافة إلى الاضطرابات الداخلية في إيران، ازدادت المسافة بين الدول الأوروبية وإيران بشكل ملحوظ.
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان دونالد ترامب، بعد ست سنوات من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، سيبدي في ولايته الرئاسية الجديدة أي اهتمام بالتفاوض مع طهران بشأن برنامجها النووي، كان ترامب قد صرّح في ولايته الأولى بأن انسحابه من الاتفاق النووي يُعتبر تمهيدا لاتفاق “أفضل” مع طهران، لكن هذا الاتفاق الأفضل لم يتحقق قط.
وبحسب الصحيفة، يرى العديد من الخبراء والمحللين أن الظروف في إيران والمنطقة تغيرت بشكل كبير، مقارنة بفترة ولاية ترامب الأولى، وفي حين أن الأجواء مهيأة لمزيد من العداء بين طهران وواشنطن، فإن احتمالية نجاح المفاوضات المحتملة بين الجانبين أصبحت أيضا أكبر مما كانت عليه في السابق، وتواجه الإدارة الأمريكية الجديدة خيارا صعبا: إما أن تعيد سياسة “الضغط الأقصى”، على أمل تحقيق نتائج مختلفة هذه المرة، وإما أن تختار نهجا جديدا لحل الخلافات مع طهران عبر الدبلوماسية.