ترجمة: أسماء رشوان
نشر موقع “ديده بان إيران”، الأربعاء 15 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا تناول تصريحات سميح نجف آبادي، عضو لجنة الصحة في البرلمان الإيراني، بشأن تداعيات إلغاء العملة التفضيلية وزيادة أسعار الأدوية.
ذكر التقرير أن العملة التفضيلية -المعروفة سابقا بعملة الـ42.000 ريال- كانت تُستخدم لدعم مستوردي السلع الأساسية بأسعار أقل من السوق الحرة وحتى من عملة “نيما”. الهدف من هذه السياسة كان السيطرة على أسعار السلع الأساسية ودعم الفئات محدودة الدخل. لكن هذه الآلية لم تخلُ من تحديات، منها الانتهاكات، وسوء توزيع الموارد، والفساد الاقتصادي، وفرص الربح غير المشروع.

زيادة كبيرة في سعر الدولار التفضيلي
شهدت حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، ارتفاعا في سعر الدولار التفضيلي من 42.000 ريال إلى 285.000 ريال. ووفقا لقانون الموازنة لعام 2025، سيزداد السعر إلى 385.000 ريال في العام المقبل. وأشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع أثر بشكل مباشر على أسعار الأدوية وإمكانية وصول المواطنين إليها. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح موضوع العملة التفضيلية وتأثيرها على توفير السلع الأساسية، خصوصا الأدوية، قضية حساسة جدا. ويرتبط ذلك بتأثيرها المباشر على أسعار الأدوية ووصول المواطنين إلى المواد الحيوية، فضلا عن انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية.
خطة “دارويار” والجراحة الاقتصادية
بعد إطلاق خطة “الجراحة الاقتصادية” في مايو/أيار 2022، قدمت الحكومة خطة “دارويار” بهدف تقليل الاعتماد على العملة التفضيلية المخصصة للأدوية، مع تعزيز دعم التأمين الصحي لضمان استقرار أسعار الأدوية الأساسية. وكان الهدف هو الحفاظ على أسعار الأدوية في مستوى مشابه لما كانت عليه في أغسطس/آب 2021. ومع ذلك، لم تنجح الخطة في تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع، مما أثار استياء المواطنين وزاد من تعقيد الأزمة.
مخاوف من تخفيض الميزانية التفضيلية
أشار نجف آبادي إلى أن الميزانية الحالية خصصت 15 مليار دولار كعملة تفضيلية للأدوية والسلع الأساسية، إلا أن الموازنة المقترحة للعام المقبل تخفضها إلى 12 مليار دولار. هذا التقليص يثير القلق بشأن توفير الأدوية والسلع الأساسية، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وأضاف التقرير أن الحكومة قد أكدت مرارا عزمها على تقليص استخدام العملة التفضيلية، معتبرةً أن هذه الخطوة تهدف إلى مكافحة الفساد وتحسين إدارة الموارد.
ارتفاع أسعار الأدوية ونقصها
تحدث التقرير عن زيادات حادة في أسعار العديد من الأدوية، مثل أدوية العيون وأمبولات الحقن، التي ارتفعت أسعارها بنسبة تتراوح بين 120% و400%. وأشار نجف آبادي إلى أن أسعار الأدوية الجديدة تم احتسابها بناءً على السعر المتوقع للدولار التفضيلي عند 380.000 ريال. وأوضح أن متوسط تكلفة الأدوية تضاعف عمليا، مما يزيد من العبء على المواطنين، خاصةً الفئات الأكثر احتياجا.
أزمة مستلزمات طبية حيوية
لم تقتصر الأزمة على الأدوية الأساسية، بل شملت مستلزمات طبية حيوية، مثل الضمادات الخاصة بمرضى الفراشة، التي بات العثور عليها في الأسواق أمرا بالغ الصعوبة. وأضاف التقرير أن البرلمان قد يتدخل لحل هذه المشكلات، لكن التنفيذ يبقى مسؤولية الحكومة. ويشير بعض الخبراء الاقتصاديين إلى أن استبدال العملة التفضيلية بسياسات دعم بديلة قد يعزز الشفافية ويحسن إدارة الموارد. لكن قطاع الأدوية يتمتع بحساسية خاصة؛ نظرا إلى تأثيره المباشر على حياة المواطنين.
تصريحات نجف آبادي حول الموازنة
نقل التقرير عن نجف آبادي، أن قانون الموازنة للعام المقبل قد أنهى فعليا تخصيص العملة التفضيلية للأدوية، وأن القرار أصبح نهائيا. وأشار إلى أن هذه السياسة تأتي ضمن إطار السياسات الاقتصادية الجديدة، على الرغم من التحديات التي قد تترتب عليها. وأكد نجف آبادي أن شركات التأمين لم توافق بعد على الأسعار الجديدة للأدوية، مما أدى إلى تفاقم المشكلات التي يواجهها المرضى والمستهلكون.
الضغوط الاقتصادية وتحديات التأمين الصحي
ذكر التقرير أن الوضع أصبح حرجا بالنسبة للأدوية التي تحمل أسعارا مرتفعة للغاية، حيث بات من المستحيل تقريبا على المرضى تحمل تكاليفها دون دعم التأمين. وأشار إلى أن نقص الأدوية لا يقتصر على الأدوية الأساسية، بل يشمل أيضا مستلزمات طبية حيوية. وأضاف أن هناك توقعات بأن البرلمان قد يتدخل لحل هذه المشكلات، لكن تأثير هذه التدخلات يعتمد بشكل كبير على مدى التزام الحكومة بتنفيذ السياسات.
احتجاجات واستياء متوقع
اختتم التقرير بالإشارة إلى أن غياب ترتيبات واضحة لدعم التأمين الصحي بالتزامن مع ارتفاع أسعار الأدوية سيؤدي بلا شك إلى موجة من الاحتجاجات والاستياء الشعبي. فارتفاع التكاليف دون مراعاة الفئات الأكثر احتياجا سيزيد من معاناة المرضى، خاصةً ذوي الدخل المحدود، ويضعهم أمام تحديات كبيرة للحصول على الرعاية الصحية. ويتوقع الخبراء أن يستمر الجدل حول هذه القضية خلال الأشهر المقبلة، مع تزايد الضغوط على الحكومة لتقديم حلول عملية ومستدامة تخفف من الأعباء الاقتصادية والصحية على المواطنين.