كتب: ربيع السعدني
أقيم حفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، 20 يناير/كانون الثاني 2025، وسط حضور لافت من الرؤساء السابقين ورجال المال والأعمال والسياسة والرياضة والفن، لكن النقطة المثيرة للاهتمام كانت تواجد شخصية إيرانية في هذا الحدث إلى جانب إيلون ماسك ومارك زوكربيرغ وجيف بيزوس وتيم كوك، ومليارديرات التكنولوجيا في العالم، وهم يجلسون في مقاعد رئيسية في مبنى الكابيتول.
كما شوهد رجل أعمال أمريكي من أصل إيراني يُدعى دارا خسرو شاهي، الرئيس التنفيذي لشركة أوبر والذي ساهم بمبلغ مليون دولار في صندوق تنصيب ترامب، حسبما نشرت صحيفة الغارديان في 18 ديسمبر/كانون الأول 2024 فإن هذا التبرع هو أكبر تبرع شخصي لخسرو شاهي في عالم السياسة، لتنضم بذلك إلى قائمة متنامية من شركات التكنولوجيا والمديرين التنفيذيين الذين يسعون إلى تعزيز علاقة إيجابية مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
كما تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2021، تبرعت أوبر بمليون دولار لحفل تنصيب جو بايدن، لكن في ذلك الوقت لم يتبرع خسرو شاهي شخصياً بشئ في هذا الحدث.
من هو والده؟
وُلِد خسرو شاهي في 28 مايو/أيار 1969 في طهران، وهو الابن الأصغر لحسن خسرو شاهي، رجل الأعمال الإيراني المعروف الذي أسس العديد من مصانع التصنيع في إيران، وتعد العلامات التجارية “تولي بريس، توليدارو، مينو، تي دي”، هي مجرد أمثلة عن المصانع والشركات التي أسسها حسن خسرو شاهي في إيران.
بعد انتقاله بشكل كامل إلى كندا، ليبدأ أول أنشطته التجارية من خلال تأسيس شركة (Persis (Holdings، وبعد فترة من الوقت، أسس أول فروع لمتاجر (Future Shop) الشهيرة في كندا تم الاستحواذ على هذه السلسلة من المتاجر، المعروفة ببيع المعدات الإلكترونية، من قبل شركة (Best Buy) في عام 2001 وقُدرت ثروة حسن خسرو شاهي بنحو 940 مليون دولار في عام 2012.
الهجرة بعد الثورة
وبعد سقوط نظام شاه إيران، طلبت عائلة “خسروشاهي” اللجوء للولايات المتحدة حيث احتجزت السلطات الجديدة والده أكثر من 6 أشهر عقب عودته لإيران، بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية، ولذلك لم تكن فترة المراهقة بالنسبة لخسرو شاهي سهلة، وهاجر من طهران إلى نيويورك خلال سنواته الأولى من التعليم وهو في التاسعة من عمره وتحديداً في عام 1978 إبان الثورة الإيرانية، ثم عاد والده إلى إيران لفترة من الزمن، وخلال إقامته هناك لمدة أربع سنوات، اضطرت والدته إلى تربيته وإخوته الثلاث بمفردها في المنفى، ولم ترد أنباء عن هذه العائلة حتى عام 1981، عندما تم العثور على آثار لخسرو شاهي العظيم في فانكوفر، كندا.
المرحلة الجامعية
دخل دارا خسرو شاهي الجامعة ليصبح جراحًا بناءً على اقتراح والده، الذي اعتبر الطب أفضل مهنة، لكنه لم يكن مهتمًا بهذا المجال، لذلك بعد فترة من الوقت غيّر تخصصه إلى الهندسة الكهربائية الحيوية، وحصل على درجة البكالوريوس من جامعة براون في عام 1991 وبعد التخرج دخل عالم الاحتراف وبدأ أول تجربة عمل له في بنك إلين للاستثمار لمدة سبع سنوات، وخلال هذه الفترة عزز مهاراته الإدارية والتجارية لاكتساب فهم أفضل لعالم المال والاستثمار، وبدأ مشواره في بنك “ألين آند كو” للاستثمار.
دخول عالم الأعمال
كان على خسروشاهي بعد التخرج الاختيار بين مواصلة دراسته ودخول عالم الأعمال، وفي عام 1998 اتخذ القرار حين التقى مع باري ديلر، رجل الأعمال الشهير ومؤسس شركة (IAC Holding) ليبدأ رحلة العمل بشكل احترافي في مجال الاستثمار والخدمات المصرفية، حيث كان يمتلك موهبة كبيرة في الإدارة والتحليل المالي والتخطيط الاستراتيجي، أهلته للانضمام إلى شركة (InterActiveCorp)، ثم وصل إلى منصب المدير المالي في (IAC) وتتكون هذه الشركة القابضة الكبيرة من العلامات التجارية الأكثر شهرة للوسائط عبر الإنترنت مثل(Vimeo)، و(Dotdash) و(HomeAdvisor) وقد استحوذت على شركة إكسبيديا في عام 2003 وصار الرئيس التنفيذي لشركة خدمات السفر عبر الإنترنت (Expedia) عام 2005 واستطاع تحقيق أرباح وصلت إلى 8.7 مليار دولار في 2016.
الأعلى أجراً في العالم
قاد خسرو شاهي “إكسبيديا”، بحسب تقرير لموقع “بيزنس إنسايدر” في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024، لتصبح أكبر وكالة سفر عبر الإنترنت في الولايات المتحدة، عبر المواقع الإلكترونية التابعة لها مثل تريفاجو وهوتيلز دوت كوم وهوم أواي وأورببيتز، ومن خلال مواقع إلكترونية أخرى لحجز الإجازات وتأجير السيارات وغيرها، وجاء في التقرير: “عندما ضربت الأزمة المالية عام 2008 إيرادات شركة إكسبيديا بقوة، تمكن خسرو شاهي من إعادة هيكلتها واعتمد بشكل مضاعف على التكنولوجيا للخروج من الأزمة”.
أدرجت صحيفة “نيويورك تايمز” بين عامي (2015 و2016)، دخل خسرو شاهي ضمن قائمة الرؤساء التنفيذيين الأعلى أجراً في الولايات المتحدة (94.6 مليون دولار) وفي 27 أغسطس/آب 2017، صوت مجلس إدارة أوبر له كرئيس تنفيذي جديد لشركة التكنولوجيا الأكثر قيمة في العالم.
أضواء الشهرة
كان خسرو شاهي غير معروف لوسائل الإعلام إلى زمن قريب، ولكن سطع نجمه إعلاميا بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني 2017، ومنذ ذلك الحين بدأ خسروشاهي في تبني المبادرات المعارضة لسيد البيت الأبيض الجديد، وجعل من مجموعته الاقتصادية منبراً لمعارضة ترامب داخل وادي السيليكون الذي يضم العديد من كبرى شركات صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
ولم يتردد خسروشاهي في إعلان موقفه الرافض لقرار ترامب حظر دخول مواطني سبع دول إسلامية، حسبما نشرت شبكة (CNbc) الأمريكية في 28 أغسطس/آب 2017 ومن بينها بلده الأصلي إيران، إلى الولايات المتحدة، معتبراً أن هذا القرار يجعل من الولايات المتحدة “بلداً صغيراً جداً”، وكانت مجموعة إكسبيديا من أوائل من وقعوا على شكوى تطالب بوقف تنفيذ قرار الحظر.
خسرو شاهي في أوبر
تولى دارا خسرو شاهي إدارة أوبر (Uber)، أكبر شركة سيارات أجرة عبر الإنترنت في العالم يوم 27 أغسطس/آب 2017 في وقت كانت الشركة تعاني فيه من أزمات مالية وإدارية، ولم يكن معروفًا في وادي السيليكون قبل الانضمام إلى أوبر، بعد أن قضى معظم حياته العملية في واشنطن، وعند انضمامه إلى الشركة واجه مشاكل عدة مثل نزاعات الرئيس التنفيذي السابق مع المستثمر الرئيسي بينشمارك ومشروع أوبر للقيادة الذاتية.
لقد واجه خسرو شاهي العديد من التحديات والصعاب في الإدارة، لكنه تغلب على معظمها والآن يظهر في حفل تنصيب دونالد ترامب على الرغم من أن حضوره قد كلفه الكثير.
وعلى الجانب السياسي ذكرت صحيفة “فايننشال بوست” في 28 أغسطس/آب 2017 أن “خسرو شاهي” يعد من المناهضين لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال فترة إدارته الأولى، حيث سبق أن وصفه في تغريدة قديمة له عبر منصة “إكس”: “أنتظر اللحظة التي يفي بها رئيسنا بوعوده الرئاسية، ولكنه يفشل كل مرة”.
الحياة الخاصة
تزوج دارا خسرو شاهي من سيدني شابيرو، زوجته الثانية في عام 2012 ولديه أربعة أطفال ويقضي الكثير من الوقت مع عائلته الصغيرة، كما ينشط العديد من أفراد عائلته أيضًا في مختلف الأعمال، أبرزهم عمه “حسن خسرو شاهي” مؤسس شركة (Future Shop)، وهي سلسلة من المتاجر الإلكترونية في كندا، والتي استحوذت عليها في النهاية شركة Best Buy.
كما أن هادي وعلي بيرتوفي، أبناء عمومته هم مؤسسو موقع (code.org) التعليمي، وابن عمه الآخر، فرزاد خسرو شاهي هو الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة نوشن.
أنشطة أخرى
يشغل خسروشاهي حالياً منصب عضو مجلس إدارة صحيفة نيويورك تايمز، ومجلة فاناتيكس (Fanatics) هي شركة ناشئة في مجال بيع المنتجات الرياضية، وقد منحه عمله في صحيفة نيويورك تايمز روحاً نقدية إلى جانب الأنشطة السياسية المتقطعة، وهو منتقد قوي لسياسات دونالد ترامب، وأثار اعتراضات جدية على مشروع قانون الهجرة الذي يقيد دخول الأجانب إلى الولايات المتحدة عندما تم تقديمه.