كتب: ربيع السعدني
يعد هبوط التربة أحد الأضرار البيئية الرئيسية وغير القابلة للإصلاح والتي لها عواقب وخيمة، خاصة في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، في إيران دائما ما كانت القضايا البيئية على الهامش، وقد أدى عدم الاهتمام بها إلى كوارث واسعة النطاق، ومن أخطر هذه الأزمات، الاستخراج المفرط لموارد المياه الجوفية، والذي كشف الآن عن تعرض 400 مدينة في البلاد لهبوط التربة، وهو الخطر الذي حذر منه خبراء البيئة منذ سنوات.
وفي إشارة إلى قضية الأراضي الرطبة وخطر هبوط الأرض، قال علي بيت اللهي، رئيس قسم الزلازل والمخاطر بمركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، يوم الأحد 16 فبراير/شباط 2025: “لقد بنينا سدا في يوم واحد ولم نفكر في اليوم التالي والأراضي الواقعة أسفل النهر”.

أعلى معدلات الهبوط الأرضي
وأشار علي بيت اللهي في اجتماع متخصص حول الإدارة المشتركة للأراضي الرطبة في البلاد الذي عقد في كليتي الزراعة والموارد الطبيعية بجامعة طهران، إلى أن تطور هبوط التربة يعد مؤشرا جيدا في هذا الصدد، وقال: “في ما يتعلق بسبل العيش والاقتصاد والتأثيرات البيئية، لدينا حوالي 10 مراكز سكانية في البلاد، ويتركز حولها 40% من سكان البلاد وفي دائرة نصف قطرها 100 كيلومتر”، موضحا أن أعلى معدلات الهبوط الأرضي يتركز في المناطق التي يوجد بها كثافة سكانية، وقال: “تشكل مناطق الهبوط الأرضي نحو 10% من أراضينا، وهو رقم مرتفع، وتغطي المناطق الحضرية أقل من واحد في المائة من إجمالي مساحة البلاد، إلى جانب أننا نشهد أيضًا انتشار الأراضي الرطبة”.
وفي إشارة إلى دور إهمال الأراضي الرطبة وحدوث هبوط للتربة، أقر رئيس قسم الزلازل والمخاطر بمركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، لوكالة أنباء “فارس”: “بهذه العملية فقدنا نحو 150 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، التي كنا نعتبرها في السابق متجددة، ويعادل هذا الحجم من المياه المهدرة قناة من بحر قزوين أو بحر عمان، بعمق 100 متر وعرض 1000 متر، ضاعت، كما لفت الانتباه إلى أننا خطر فقدان متوسط للمياه الجوفية بنحو 0.6 متر وفي بعض المناطق متر ونصف المتر سنويا”، محذرا: “هناك نحو 400 مدينة معرضة لخطر هبوط التربة، لكن نحو 49% من سكان البلاد يعيشون بالقرب من مناطق الهبوط.
كما توجد في أصفهان، نحو 350 مدرسة في منطقة الهبوط، تم إخلاء 45 منها، لو كنا نهتم بحقوق المياه في بحيرة (Gavkhouni) وهي واحدة من الأراضي الرطبة الشهيرة في المرتفعات الوسطى في إيران، بحسب تعبيره لما وقعت هذه الحوادث وإذا استمر هذا الاتجاه، فخلال 10 سنوات سيتم تدمير كافة طبقات المياه الجوفية في أصفهان”، وقال: “إن الحفاظ على الأراضي الرطبة يعد استراتيجية أساسية في الحد من خطر هبوط الأراضي، وهو ما ينبغي أن يحظى باهتمام خاص”.
تهديد خطير للمدن الكبرى
يعد هبوط التربة أحد الأضرار البيئية الرئيسية وغير القابلة للإصلاح والتي لها عواقب وخيمة، خاصة في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، ومن بين العوامل التي أدت إلى تفاقم هذه الظاهرة انخفاض معدلات هطول الأمطار، والاستخراج المفرط للمياه الجوفية، وانعدام الإدارة السليمة لموارد المياه، وأعلن المتحدث باسم صناعة المياه في البلاد عيسى بزرك زاده، أن 422 سهلا في البلاد أصبحت في حالة حرجة بسبب الاستخراج المفرط للمياه، منها 359 سهلا واجهت هبوطا.
إيران الأولى عالميا في “هبوط التربة”
وتشير الإحصائيات إلى أن 5% من مساحة الأراضي الإيرانية غرقت في 359 منطقة. ومن حيث معدل الهبوط، تحتل إيران المرتبة الثانية في العالم والثالثة من حيث مساحة الهبوط، ولكي نفهم عمق هذه الأزمة، لا بد من الرجوع إلى المعايير العالمية، بحسب الاتحاد الأوروبي، يبلغ الهبوط الطبيعي السنوي للتربة نحو 4 ملليمترات، في حين أن هذا الرقم في إيران يزيد 15 ضعف الحد القياسي العالمي، بل وصل في بعض السهول إلى 36 سنتيمترا.
موارد المياه معرضة للدمار
وفي سياق متصل، قال علي بيت اللهي، رئيس قسم الزلازل والمخاطر بمركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، لوكالة تسنيم للأنباء: “إذا استمر هذا الاتجاه فإنه حتى المحافظات الشمالية من البلاد ستواجه أزمة نقص المياه”، وأعلن: “حتى الآن تم تدمير 140 مليار متر مكعب من موارد المياه الجوفية في البلاد”.
وأضاف مستشار رئيس هيئة حماية البيئة: “هذا في حين أن ارتفاع عدد آبار المياه إلى مليون بئر يعد أحد العوامل الرئيسية في هذه الأزمة، وعكس الاعتقاد السائد، فإن العديد من هذه الآبار تم حفرها من قبل الصناعات الكبرى ومحطات الطاقة والمصانع الحكومية، مما أدى إلى تسريع عملية هبوط الأرض، وأشار إلى أن محافظات كرمان وطهران وأصفهان وخراسان رضوي وفارس وكلستان ومازندران سجلت جميعها حالات هبوط أرضي”.
الحلول المقترحة للهبوط الأرضي
ويرى الخبراء أن تنفيذ خطط إدارة مستجمعات المياه وإدارة الموارد المائية أمر ضروري لاحتواء هذه الأزمة، وتشمل التدابير الفعالة ما يلي:
- تحسين أساليب الري، واستبدال المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه بمحاصيل منخفضة الاستهلاك للمياه.
- توجيه مياه الأمطار إلى طبقات المياه الجوفية، والتعامل مع عمليات سحب المياه غير القانونية.
- منع بناء الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، ومن خلال اعتماد سياسات إدارية سليمة وتنفيذ حلول فعالة، يمكن السيطرة على هذه الأزمة ومنع عواقبها الوخيمة.