كتب: ربيع السعدني
بعد مرور خمس سنوات على حادث اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ورفيقه أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي، لا تزال تداعياته تُلقي بظلالها على المنطقة بأسرها.
ويُعتبر حادث الاغتيال نقطة تحول كبيرة في التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أدى إلى تصعيد كبير في العلاقات بين البلدين، وضمن ذلك الهجمات الصاروخية الإيرانية على قواعد أمريكية في العراق.
كما أثار الحدث جدلا واسعا حول الشرعية الدولية للعملية وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي.
5 سنوات كاملة مضت على الحدث وما زالت أعين العالم أجمع تتربص وتتابع بدقة وقلق، مراسم إحياء ذكراهما، حسبما نشرت وكالة أنباء “إيرنا” الرسمية تحت هذا العنوان.
وكما كل عام، العيون شاخصة على مراسم إحياء الذكرى السنوية الخامسة للقائدين سليماني والمهندس بكافة مظاهر وأماكن الإحياء، لا سيما داخل طهران.
وذكر تقرير وكالة أنباء “إيرنا” أن هناك حقائق لا بد من الوقوف أمامها؛ لإظهار مدى قيمة هذا الحدث بالنسبة للإيرانيين، أبرزها تأسيس هذين القائدين -خاصة سليماني- منهجا متقدما وعمليا للمقاومة والذي يتكامل مع منهج حزب الله اللبناني، والقوى والحركات الفلسطينية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي.
ووصف التقرير ما قامت به الإدارة الأمريكية من ارتكاب هذه الجريمة، بأنه دليل على ضعفها وخوفها من توسع نهج سليماني الذي يعرّض مصالحها التي تلتقي والجماعات الإرهابية سواء تمثلت تلك الجماعات والتنظيمات في “القاعدة” أو “داعش” أو ما سواهما من العناوين والمسميات العديدة.
وحسبما نشرت وكالة الأنباء الرسمية “إيرنا”، فإن الحشود الغفيرة المشاركة كل عام في مراسم إحياء ذكرى سليماني والمهندس تثبت خطأ حسابات الإدارة الأمريكية وحلفائها وأدواتها في المنطقة والعالم في ضرب محور المقاومة بالصميم.
وبحسب المراسل السياسي لوكالة إيرنا الإخبارية الرسمية، فقد حضر مسعود بزشكيان، مساء الخميس 2 يناير/كانون الثاني 2024، الذكرى الخامسة لاغتيال سليماني، التي تقام في ماسالا بطهران بحضور مجموعات مختلفة من الناس.
وبالتزامن مع الذكرى الخامسة لقاسم سليماني، توافد عدد كبير من الناس إلى حديقة الشهداء في كرمان يوم الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول 2024.
كما التقى المرشد الإيراني علي خامنئي، يوم 1 يناير/كانون الثاني 2025، أسر الشهداء في الذكرى الخامسة لاغتيال سليماني والمهندس.
ونشر الموقع الرسمي لخامنئي مقطعا مصوّرا يتضمّن حديث خامنئي خلال لقائه بالعائلات، يقول فيه إن “الدّم الذي يُسفك في سبيل الحق لا يذهب هدرا، وإن له قيمته، ولا يوجد شكٌّ في حتميّة النصر”.
وفي الوقت ذاته نشرت وكالة “تسنيم للأنباء” الحكومية تقريرا مصورا يوم 1 يناير/كانون الثاني 2025 تحت عنوان “الشهيد قاسم سليماني.. الشاهد على الانتصارين ومؤسس القوة الصاروخية لحزب الله”، تحتفي من خلاله بسليماني باعتباره أحد أبرز القادة العسكريين في المنطقة.
وفي سياق متصل، قال نائب التعليم والتدريب في قوات الباسيج، إنَّ قاسم سليماني كان ناشطا دائما في جبهات الحرب والجبهات الخدمية والجبهات الاقتصادية والجبهات الدبلوماسية وكان له دور لا يمكن الاستغناء عنه.
وأضاف اللواء أنصاري في تصريحات خاصة نشرتها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية الرسمية “إيسنا” يوم 1 يناير/ كانون الثاني 2025، في حفل الذكرى الخامسة لرحيل قاسم سليماني، الذي أقيم بقاعة آزادي في مدينة سنندج، أطلق على اسم سليماني شهرة عالمية وقال: “سليماني كان رجلا من اللباقة والشجاعة والفكر، وتعلم جميع كبار قادة العالم منه”.
وتابع: “يُعتبر سليماني شخصية بطولية، ويتم إحياء ذكراه سنويا كرمز للمقاومة ضد الولايات المتحدة وفي العراق، أدى اغتياله إلى زيادة التوترات السياسية وتأجيج المشاعر المعادية للوجود الأمريكي”.
كما شهد ضريح سليماني عشية ذكرى اغتياله الخامسة، حضورا كبيرا من محبيه الذين أتوا إلى حديقة زهور شهداء كرمان تحت الأمطار الغزيرة والثلوج تخليدا لذكراه.
وفي ذكرى اغتيال قاسم سليماني الخامسة، خلد الإيرانيون ذلك اليوم بتدشين نصب “المحارب المقاوم” في ساحة فلسطين بمدينة زنجان الايرانية؛ تخليدا لذكراه وجميع قادة وشهداء جبهة المقاومة.
وفي حديث لشبكة تلفزيون “بارسين تي في” التي تستهدف بشكل رئيسي، الجمهور الإيراني والمتحدثين بالفارسية حول العالم، قال فرزين نديمي، المحلل العسكري الدولي: “قاسم سليماني هو مهندس محور المقاومة، كان يتمتع بشخصية مميزة وجذابة ورومانسية وفلسفية للغاية، كان قاسم سليماني أيضا مديرا جيدا جدا”.
ومن جانبها قالت الصحفية جوليا قاسم في تصريحات تلفزيونية، إن قاسم سليماني ترك إرثا من إمبراطورية المقاومة بالمنطقة، وساعد في تعزيز الوحدة الإقليمية ضد الاحتلال والعدوان، مضيفة أن المقاومة سوف تستمر في التقدم، خاصة في لبنان.
اغتيال سليماني
في 3 يناير/كانون الثاني 2020، تم اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ويُعتبر أحد أبرز القادة العسكريين في المنطقة، ومعه رفيق دربه أبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، بواسطة طائرة مسيرة (درون) قرب مطار بغداد الدولي.
وكانت العملية بناء على أوامر مباشرة من الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، الذي وصفها بأنها “إجراء وقائي“، حيث كان سليماني يخطط لهجمات ضد المصالح الأمريكية في المنطقة.