كتبت: يسرا شمندي
تتسارع الأحداث بين إيران والغرب مع اللقاءات الدبلوماسية والتصريحات المتبادلة، انتقد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، في فيينا، عدم التزام الدول الغربية بتعهداتها، بينما رحب نائب وزير خارجية النرويج بسياسة إيران الجديدة تجاه الغرب، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فشل العقوبات، داعياً إلى الاحترام المتبادل، وأوضح محمد جواد ظريف أن المرشد الأعلى لم يعارض المفاوضات مع الولايات المتحدة، يرى المراقبون أن الفرصة الحالية قد تكون الأخيرة لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط وإعادة بناء العلاقات مع طهران.
رد فعل مسؤول أوروبي على مواقف بزشكيان تجاه الغرب
وحسبما جاء في تقرير نشرته صحيفة همشهري بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2024، التقى نائب وزير خارجية النرويج، الذي سافر إلى فيينا للمشاركة في المؤتمر السنوي الـ68 للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي، وقد انتقد إسلامي، الدول الغربية بسبب أعمالها التخريبية وتوتراتها المستمرة ضد إيران، وأكد ضرورة أن تفي الدول الغربية الأعضاء في خطة العمل الشاملة المشتركة بالتزاماتها، وصرَّح بأن إيران لا يمكن أن تتحمل عبء تنفيذ هذا الاتفاق بمفردها دون التمتع بفوائد خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال تنفيذ التزاماتها.
علاوة على ذلك، رحب نائب وزير خارجية النرويج بسياسة إيران المعلنة للتفاعل مع الدول الغربية، وأكد أهمية دعم بلاده للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
شرط إيران للحوار مع الغرب على حد تعبير عراقجي
وبناءً على ما جاء في موقع أفكار نيوز بتاريخ 15/سبتمبر/أيلول 2024، فإن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، رد على مزاعم الغرب ضد إيران في ما يتعلق بشحن الأسلحة إلى روسيا وكذلك فرض عقوبات جديدة قائلاً: “الدول الغربية يجب أن تعرف أن العقوبات تعبير فاشل”، مشيراً إلى عدم قدرتهم على تحقيق أهدافهم ضد إيران.
وأضاف أن “العقوبات لم تثبت فعاليتها، سواء في القضايا النووية أو غيرها، واعتبرها أداة ضغط غير فعالة”، مبدياً استغرابه من استمرار الغرب في استخدام هذه الوسيلة، كما أكد عراقجي أن “إيران، رغم اهتمامها بالحوار، تتمسك بالاحترام المتبادل في أي نقاش، رافضةً التهديدات والضغوط”.
وأشار إلى “التناقض في مواقف الدول الغربية، التي فرضت عقوبات على إيران ثم اتهمتها الآن بتصدير أسلحة متطورة”، وأوصى الغرب بتغيير استراتيجيته بدلاً من الاستمرار في التجربة الفاشلة للعقوبات.
رواية ظريف عن وجهة نظر المرشد الأعلى في المفاوضات
وفقاً لتقرير نشره موقع خبر أونلاين بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2024، قال نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف إن الحكومة الـ14 تبحث في مفاوضات مع الدول الغربية، وقد صرَّح ظريف بأن “المرشد الأعلى لم يعارض المفاوضات مع الولايات المتحدة، بل وضع أُطراً واضحة لهذه المفاوضات، وبيَّن أن الحكومة الثالثة عشرة التزمت بهذه الأُطر، وأن التوصل إلى اتفاق، يتطلب شجاعة لاتخاذ القرارات، وأشار إلى أن الأهم ليس معارضة المرشد الأعلى، بل القدرة على اتخاذ قرارات حازمة، خاصة في مواجهة المعارضة الداخلية والخارجية للاتفاقات مثل خطة العمل الشاملة المشتركة”.
وأقرَّ ظريف: “أنا متأكد من أن الحكومة الحالية لديها هذه الشجاعة، كما يتمتع كل من وزير الخارجية عراقجي والرئيس بزشكيان بهذه الشجاعة، لذلك، أؤكد للشعب أنه إذا كان الطرف الآخر مستعداً للاعتراف بحقوق الشعب الإيراني، فإن أصدقاءنا في وزارة الخارجية والرئاسة ومجلس الأمن القومي سيكون لديهم بالتأكيد الشجاعة للمضي قدماً”.
فرصة الغرب الأخيرة للانخراط مع إيران
وطبقاً لما جاء في تقرير نشره موقع فرارو نيوز بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2024، تشير مجموعة من المراقبين إلى أن الوضع الحالي قد يكون الفرصة الأخيرة للحد من التوترات مع طهران وبدء المشاورات لتخفيف التوترات في الشرق الأوسط، نظرا إلى أن الحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان أعلنت التفاعل البناء مع الغرب كأولوية، الانتخابات الرئاسية الإيرانية غالبا ما تكون ساحة صراع بين فصيلين: من يدعمون علاقات أوثق مع الغرب والمحافظين الذين يفضلون التعامل مع الشرق. في هذا السياق، تعتبر رئاسة بزشكيان فرصة نادرة لكسر الجمود في العلاقات مع الغرب، ومع ذلك، تواجه هذه الفرصة تحديات بسبب نموذج السياسة الخارجية الأمريكي، الذي أعطى معارضي التعامل مع الغرب فرصة لمعارضة أي انفراج.
وتبعا لذلك نشر “المونيتور” تقريرا يشير إلى أن واشنطن ساهمت في تفاقم الأزمات مع إيران من خلال تدمير القنوات الدبلوماسية، أبرزها الانسحاب من الاتفاق النووي في 2015، التقرير يوضح كيف بدأت التوترات بخطاب جورج بوش، وكيف عزز انسحاب ترامب من الاتفاق النووي من موقف المحافظين الإيرانيين، رغم وجود فرصة جديدة للتفاعل مع الغرب تحت قيادة بزشكيان، فإن الملف النووي والأزمات الإقليمية ما زالت تمثل تحديات كبيرة للدبلوماسية الأمريكية.
ثمن استمرار سياسة الضغط ضد إيران
والجدير بالملاحظة أن توقعات عودة ترامب إلى الرئاسة، وتصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، والحرب في أوكرانيا، والصراعات في الشرق الأوسط تشير إلى تفاقم الوضع العالمي، فإذا لم تُحل العقوبات المفروضة على إيران، فقد تظهر عدة سيناريوهات مثل تصاعد التوترات بين إسرائيل ولبنان، وتعطيل ممرات الشحن، وتوسيع المنافسات النووية في الشرق الأوسط، وزيادة النفوذ العسكري الصيني والروسي في المنطقة.
والمسألة المهمة هنا أن معهد الأبحاث يعتقد أن إيران قد توفر فرصة للصين وروسيا لإعادة تشكيل الأمن العالمي بما يتماشى مع مصالحهما، لذلك، يجب على الولايات المتحدة التركيز على القضايا الاستراتيجية الكبرى والابتعاد عن الشرق الأوسط، والسعي إلى التوصل لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، كما أن الفشل في الالتزام بالاتفاقات قد يؤدي إلى طريق مسدود في المفاوضات المستقبلية، مما يبرز أهمية التعاون بدلا من المواجهة لحل الأزمات.
موقف خامنئي من المفاوضات مع الغرب عام 2024
واستناداً إلى تقرير نشره موقع فوا نيوز بتاريخ 29 أغسطس/آب 2024، أظهر المرشد الأعلى علي خامنئي استعداداً لاستئناف المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وفي بيان موجه للحكومة الإيرانية الجديدة برئاسة مسعود بزشكيان، أكد خامنئي أنه لا مشكلة في التفاعل مع الغرب، لكنه وضع خطوطا حمراء لأي مفاوضات، محذرا من الثقة بالولايات المتحدة، واعتبرت وسائل الإعلام الغربية تصريحاته بمثابة إشارة إلى إمكانية المفاوضات، لكن يبقى غير واضحٍ مدى المرونة المتاحة لحكومة بزشكيان في هذا الصدد.
موقف خامنئي من المفاوضات مع الغرب عام 2015
وبموجب تقرير نشره معهد واشنطن بتاريخ 24 يونيو/حزيران 2023، فإنه في عام 2015، عبّر آية الله علي خامنئي عن موقف حذر تجاه المفاوضات مع الغرب، مؤكدا عدم الثقة به. انتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأطراف المفاوضة في خطة العمل الشاملة المشتركة بسبب خرقها للوعود، واعتبر أن الثقة المفرطة بهم أضرت بإيران. أكد خامنئي أن التهديدات والضغوط الغربية لن تردع إيران، وأن التقدم في برنامجها النووي يُعتبر “إذلالا” للغرب، ورغم تأكيده أن إيران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية لأسباب دينية، أوضح أنه إذا رغبت إيران في بناء سلاح نووي، فلن يستطيع الغرب إيقافها.