ترجمة : شروق السيد
تناولت الصحيفة الإيرانية “جوان أونلاين” تطورات قضية اغتيال قاسم سليماني، القائد الأسبق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وذلك في تقرير للصحيفة نشرته يوم الخميس 2 يناير/كانون الثاني 2025.
قالت الصحيفة في تقريرها، إن أحد أكثر الأيام حزنا للإيرانيين؛ هو اليوم الذي اغُتيل فيه قاسم سليماني، في عملية إرهابية نفذتها القوات الأمريكية. أثارت هذه الجريمة موجة من الحزن والغضب في قلوب الشعب الإيراني.
وذكرت أنه منذ الأيام الأولى، جرت لقاءات ومفاوضات بين المسؤولين القضائيين في إيران والعراق؛ لتسهيل مسار تقديم الشكاوى ضد مرتكبي هذه الجريمة، لا سيما الحكومة الأمريكية في ذلك الوقت وشخص الرئيس الأمريكي السابق، وتمت هذه المتابعات بناءً على مبادئ القانون الدولي ومن أجل الحفاظ على العدالة ومنع تكرار مثل هذه الجرائم.
وأضافت أنه إلى اليوم، لا يزال الملف القانوني والقضائي لجريمة اغتيال سليماني مطروحا في المحافل الدولية، وتصر السلطة القضائية على مواصلة هذا المسار حتى تتضح الحقيقة ويُحاسَب الجناة.
الإجراءات القضائية
وتابعت الصحيفة أن ملف اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، واحدا من أكثر الملفات القضائية تعقيدا وأهمية في السنوات الأخيرة لإيران.
وأضافت أن هذا الملف لا يقتصر على التحقيق في الأعمال الإجرامية للحكومة الأمريكية في اغتيال سليماني فحسب، بل يتناول جوانب متعددة تشمل انتهاك سيادة العراق، والمخالفات الواضحة للقانون الدولي، والأبعاد الإنسانية والسياسية لهذا العمل.
وأوضحت أن السلطة القضائية في إيران اعتمدت على مبادئ القانون الدولي وبالتعاون مع السلطة القضائية العراقية، واتخذت خطوات فعّالة لتنظيم ومتابعة هذا الملف، تضمنت هذه الإجراءات عقد جلسات مشتركة مع المسؤولين القضائيين بالعراق للتنسيق في جمع الأدلة، وتقديم شكاوى رسمية إلى الجهات الدولية، والسعي لاستغلال إمكانات المنظمات الحقوقية والمحافل الدولية لدعم هذا الملف.
وأشارت إلى أن الأبعاد القانونية لهذا الملف تفتح المجال لإرساء إجراءات قضائية جديدة في التعامل مع الأعمال الإرهابية التي ترتكبها الدول، كما أن جهود السلطة القضائية الإيرانية في متابعة هذا الملف تعكس إصرار البلاد على مواجهة الظلم الدولي وضمان حقوق الشعوب ضد اعتداءات القوى الكبرى.
الخلفية القانونية للملف
اغتيل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، بتاريخ 3 يناير/كانون الثاني 2020 خلال زيارة رسمية وبناءً على دعوة من الحكومة العراقية، برفقة أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية، وعدد من مرافقيهما، في عملية نفذتها طائرات مسيّرة أمريكية قرب مطار بغداد.
نفذ هذا الاغتيال بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مما أثار موجة من الغضب والاحتجاجات في إيران، ومن منظور القانون الدولي، يُعد هذا الاغتيال انتهاكا صارخا للقوانين والأعراف الدولية.
وبينت أن هذا الفعل انتهاك واضح للمبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة واعتداء على السيادة الوطنية للعراق، فبحسب قواعد القانون الدولي، فإن القيام بعمليات عسكرية على أراضي دولة مستقلة دون موافقتها يُعد انتهاكا لسيادتها الوطنية ووحدة أراضيها، علاوة على ذلك، فإن اغتيال مسؤول رسمي في أثناء قيامه بمهمة دبلوماسية يُعتبر جريمة تتعارض بشكل صارخ مع مبادئ حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة.
الإجراءات القضائية الأولية
وتابعت: “بعد اغتيال قاسم سليماني، بادرت السلطة القضائية في إيران، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، باتخاذ خطوات عملية وقانونية سريعة لمتابعة هذه الجريمة، وفي أولى الخطوات، قام المدعي العام للبلاد بفتح ملف خاص، ووضع التحقيق في هذه الحادثة على رأس الأولويات القضائية”.
وأضافت: “شملت هذه الإجراءات جمع الأدلة والوثائق المتعلقة بالحادثة، وضمن ذلك معلومات دقيقة حول كيفية تنفيذ الهجوم بالطائرات المسيّرة، وتوثيق شهادات الشهود العيان، وتحليل فني للهجوم، كما تم إعداد تقارير قانونية شاملة لتوضيح الأبعاد غير القانونية لهذا العمل، ليتم تقديمها في المحافل القضائية والقانونية الداخلية والدولية”.
إضافة إلى ذلك، قامت الفرق القانونية والقضائية بدراسة الوثائق المتعلقة بتورط المسؤولين الأمريكيين آنذاك، وضمن ذلك الأمر الرسمي الصادر عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكان الهدف من هذه الجهود إثبات ارتكاب جريمة حرب وانتهاك القوانين الدولية من قبل الولايات المتحدة، ومتابعة القضية قانونيا لدى الجهات المختصة.
لجنة مشتركة بين إيران والعراق
وواصلت الصحيفة: “كان تشكيل لجنة قضائية مشتركة بين إيران والعراق إحدى الخطوات الأساسية والمؤثرة التي اتخذتها السلطة القضائية لمتابعة ملف اغتيال قاسم سليماني. وتهدف هذه اللجنة إلى تعزيز التنسيق القانوني والمعلوماتي بين البلدين، مما أتاح تبادل المعلومات ومراجعة الوثائق المتعلقة بهذه الجريمة الإرهابية”.
وبينت: “يمثل تشكيل هذه اللجنة دليلا على جدية البلدين في الكشف عن الأبعاد المختلفة لهذه الجريمة وتحديد الفاعلين المباشرين وغير المباشرين، وقد عُقدت اجتماعات اللجنة عدة مرات بحضور مسؤولين قضائيين وأمنيين من إيران والعراق، وفي كل مرحلة جرت مناقشة الجوانب القانونية والأمنية والسياسية الجديدة المتعلقة بالملف”.
وأردفت أن الطرفين أكدا خلال هذه الاجتماعات، أهمية استمرار التعاون، وشددا على ضرورة الاستفادة من الإمكانات القانونية والقضائية في البلدين لتقديم شكوى رسمية ضد منفذي ومخططي هذه الجريمة أمام المحافل الدولية.
كما قامت اللجنة بتحليل الوثائق والمعلومات التي تم الحصول عليها بهدف إعداد تقارير مشتركة وصياغة ملفات شاملة.
هوية المتهمين
وواصلت الصحيفة: “تمكنت السلطة القضائية في إيران، بالتعاون الوثيق مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، من الكشف عن هوية عدد من المتورطين في اغتيال قاسم سليماني، وعلى رأس هؤلاء، كان دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة السابق، بوصفه المخطط الرئيسي”.
كما تم تحديد مسؤولين عسكريين وسياسيين بارزين آخرين بالولايات المتحدة كمتهمين رئيسيين في هذه القضية، من بينهم مايك بومبيو وزير الخارجية السابق، ومارك إسبر وزير الدفاع السابق، وقادة رفيعو المستوى في القيادة المركزية الأمريكية.
وأضافت: “في إطار السعي لتحقيق العدالة الوطنية والدولية، أصدرت السلطة القضائية الإيرانية أوامر اعتقال بحق عدد من هؤلاء المتهمين، وأحالت هذه الأوامر إلى الإنتربول للمتابعة على المستوى الدولي”.
المتابعة الدولية
وتابعت الصحيفة: “من منظور القانون الدولي، قامت إيران بجهود واسعة لطرح قضية اغتيال قاسم سليماني في المحافل الدولية، وقد أحالت وزارة الخارجية الإيرانية، بالتنسيق مع السلطة القضائية، هذا الملف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضافت: “اعتمدت إيران في هذا المسار على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، مؤكدةً عدم قانونية هذا العمل، وطالبت بمحاسبة الحكومة الأمريكية على هذه الجريمة، وكان تأكيد الاستفادة من الإمكانات القانونية المتاحة في الهيئات الدولية أحد الجوانب الرئيسية التي ركزت عليها إيران في هذه القضية”.
دور الوثائق والتقارير
وتابعت: “في إطار المتابعة القانونية والقضائية، قامت السلطة القضائية في إيران بإعداد وتقديم مجموعة واسعة من الوثائق التي تناولت أبعاد هذه الجريمة بشكل شامل، تضمنت هذه الوثائق تقارير فنية، وشهادات شهود عيان، وتحليلات قانونية دقيقة، أكدت فيها الانتهاك الصارخ لمبادئ القانون الإنساني الدولي من قبل الحكومة الأمريكية”.
وأضافت: “كما سعت السلطة القضائية إلى الاستفادة من إمكانيات المجتمع القانوني الدولي، واستعانت بشهادات خبراء مستقلين في القانون الدولي لتوثيق القضية، وفي هذا السياق، تمت دعوة منظمات حقوقية غير حكومية للمساهمة بآرائها وتحليلاتها لدعم الوثائق والحجج القانونية المتعلقة بالقضية”.
آخر التطورات
ذكرت الصحيفة أن أصغر جهانغير، المتحدث باسم السلطة القضائية، صرح في مؤتمر صحفي يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، بأنه تمت إحالة القضية الجنائية الخاصة بسليماني إلى المحكمة الجنائية الأولى في محافظة طهران بعد إصدار لائحة اتهام، حيث بدأت جلسات المحكمة في سبتمبر/كانون الأول 2024.
وأشار إلى أن الجلسة الرابعة للمحكمة عقدت في 29 ديسمبر/كانون الأول، وقال: “في الجلسات السابقة، تمت مناقشة التهم المتعلقة بالمشاركة في تمويل الإرهاب والجماعات الإرهابية، والمشاركة في زعزعة أمن البلاد، واغتيال سليماني ورفاقه على يد الحكومة الأمريكية، مع فحص الأدلة والشهادات المتعلقة بالقضية”.
واختتمت الصحيفة بتصريح جهانغير بأنه يتم النظر في هذه القضية باعتبارها قضية وطنية، وإيران مخول لها مقاضاة الجرائم التي ارتكبتها العناصر الإرهابية، وتتعهد بمتابعة هذه القضية بحزم.