كتبت: لمياء شرف
تواجه إيران حاليا لحظات من الحذر بعد إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، وسط مخاوف من أنَّ تجدد ولايته قد يعيد معه السياسة الأمريكية المتشددة تجاه طهران.
شهدت سنوات ولاية ترامب ضغوطا قاسية على الاقتصاد الإيراني عبر إعادة فرض العقوبات الاقتصادية بعد انسحابه من الاتفاق النووي في 2018، مما أضرّ بقطاعات حيوية في الاقتصاد الإيراني.
ومع عودة ترامب، تخشى إيران من مسار أكثر تصعيدا قد يقوّض أي فرص محتملة للتخفيف من العقوبات، ويزيد من التوترات في المنطقة، ويصعّب من أي محاولة للحوار مع الولايات المتحدة، خاصة بعد تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل.
اعتبر عبد الرضا داوري، أحد مستشاري الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد، أن حكومة بزشكيان هي الأسوأ حظا بين الحكومات الإيرانية السابقة، حيث واجهت منذ البداية الاغتيالات والصواريخ والحرب، وتجد نفسها الآن أمام ترامب.
ودعا مساعد الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني للشؤون السياسية، حميد أبو طالبي، مسعود بزشكيان إلى تهنئة الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، دونالد ترامب، بفوزه في الانتخابات الأمريكية. وكتب أن السبيل الوحيد لإيران هو تصميم وتنفيذ استراتيجية جديدة لحل شامل لمشكلات البلدين.
وفي الوقت ذاته، تصاعدت تعليقات سياسيين إيرانيين تتسم بـ”اللامبالاة” على فوز ترامب.
قال عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، مجتبى زارعي، معلقا على فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية: “نقول لترامب المقامر والقاتل، قبل فوات الأوان، اجمع (كلاب القيادة المركزية/سنتكوم) من غرب آسيا وارحل. وركّز على التحديات والأزمات الداخلية العميقة لديك”.
واستنكرت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، وجود أي قلق داخل إيران من فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية، حيث قالت: “انتخاب ترامب لا يسبب لنا أي قلق؛ لأنه لم يكن هناك فرق كبير بين هذين الشخصين في رأينا، عقوبات الأعوام الـ45 الماضية جعلتنا أصحاب خبرة وتجربة”.
وعقّب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، على فوز ترامب، قائلا: “سنستمر في متابعة أهدافنا الاستراتيجية، وخططنا لا تتأثر بذهاب أو إياب الرؤساء في الولايات المتحدة”.
بينما توعد القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني حسين كنعاني مقدم، قائلا: “ملف مقتل قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لا يزال مطروحا، وسيبقى سيف الانتقام مسلولا فوق رأس ترامب والمتورطين في الحادث”.
وذلك لا يعني أن إيران لن تواجه تحديات صعبة في الأيام المقبلة وأنها في مأزق حقيقي، حيث قالت الباحثة السياسية، تمارا حداد، إن فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لـ4 سنوات قادمة، سيخلق تعاونا بين ترامب ونتنياهو، لإنهاء كل الأذرع التي تنتمي وتدور تحت إطار إيران ووكلائها في المنطقة.
وأكدت حداد خلال حوارها مع وكالة “إرم” الإيرانية، أن الولايات المتحدة مع ترامب، ستقدم الدعم الكامل إلى إسرائيل ولن تواجه إسرائيل أيا من التحديات على المستويين اللوجستي والتسليحي، لافتة إلى أنه “لن يكون هناك ضوابط في إطار تقديم هذا الدعم من جانب واشنطن إلى تل أبيب”.
وأكدت أنه سيتم توجيه ضربة إلى إيران، في حال عدم التوصل إلى توافق سياسي ودبلوماسي مع طهران لعدم الوصول إلى العتبة النووية وعدم تدخلها في شؤون الشرق الأوسط.
ترامب أكثر حذرا
بينما يرى البعض أن ترامب سيكون أكثر حذرا؛ خشية إشعال حرب في المنطقة. وقال بهذا الصدد حسب وكالة رويترز، أحد أعضاء الحرس الثوري الإيراني رضا محمدي: “ترامب رجل أعمال، ويدرك أن إيران قوية ويمكنها تحويل الشرق الأوسط إلى جحيم إذا تعرضت للهجوم”، معتقدا أن ترامب يريد إنهاء الحروب في المنطقة وليس تأجيجها.
أعلن ترامب في خطاب انتخابي سابق، ألقاه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن عدم رغبته في خوض حرب مع إيران، لكنه قال إن إسرائيل يجب أن “تضرب البرنامج النووي الإيراني أولا ثم تقلق بشأن البقية في وقت لاحق”، وذلك ردا على الهجوم الإيراني على إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال ترامب للصحفيين بعد الإدلاء بصوته: “لا أريد إلحاق الضرر بإيران، لكن لا يمكن أن تمتلك أسلحة نووية”.
مزيد من العقوبات
قال محللون لوكالة رويترز إن عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تعني تطبيقا أكثر صرامة للعقوبات النفطية الأمريكية على إيران مما قد يقلص الإمدادات العالمية، وقد ينطوي أيضا على مخاطر جيوسياسية تتضمن إثارة غضب الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني. وقد يدعم اتخاذ إجراءات صارمة ضد إيران.
يذكر أن إدارة ترامب انسحبت من الاتفاق النووي عام 2018 الذي أبرمته إيران عام 2015 مع ست قوى كبرى، وأعادت فرض عقوبات قاسية عليها؛ مما دفع طهران إلى انتهاك القيود النووية التي نص عليها الاتفاق.
وفشلت الجهود في إحياء الاتفاق، لكن ترامب قال في حملته الانتخابية في سبتمبر/أيلول الماضي: “يتعين علينا التوصل إلى اتفاق، لأن العواقب مستحيلة. علينا التوصل إلى اتفاق”.
وفور إعلان فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، أجرى نتنياهو مكالمة لتهنئته في محادثة وصفها مكتب نتنياهو بـ”الدافئة والودية”. وناقشا التهديد الإيراني، وضرورة العمل معا من أجل أمن إسرائيل.
وقال مسؤولان إيرانيان لـ”رويترز” شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن موقف ترامب الصارم قد يجبر الزعيم الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الذي له الكلمة الأخيرة في السياسة الخارجية والنووية للبلاد، على الموافقة على محادثات “سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة” مع الولايات المتحدة.