ترجمة: يسرا شمندي
نشرت صحيفة فرهيختكان تقريرا بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني 2025، ذكرت فيه أن المفاوضات مع مجموعة الترويكا الأوروبية لا تزال جارية، حيث استضافت جنيف يوم الاثنين 13 يناير/كانون الثاني 2025، الجولة الثالثة من المناقشات مع الطرف الأوروبي.
وبحسب الصحيفة، يبدو أن الطرفين في هذه الجولة قد تراجعا قليلا عن مواقفهما المتعارضة. واعتبر مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، أن هذه المفاوضات كانت “صريحة وبناءة وجادة”، وأكد أن المحادثات ستستمر.
لكن على الرغم من ذلك، أوضح مسؤولو وزارة الخارجية أن المفاوضات تظل على مستوى النقاشات فقط، دون وجود جدول أعمال أو أهداف محددة. والمسعى الوحيد المتبع بجدية هو إجراء المفاوضات من أجل المفاوضات.
ومن جهة أخرى، يمكن اعتبار إطلاق سراح السجين الإيراني-الإيطالي عابديني، مع انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات، حدثا إيجابيا في محادثات الطرف الأوروبي. ومع اقتراب موعد العودة التلقائية للعقوبات، يبقى التفاوض مع الطرف الأوروبي خيارا متاحا ولكنه ليس الخيار الأوحد والمفضل بالنسبة لإيران.
ورغم أن المفاوضات تقتصر على نقاشات بلا هيكل ثابت، تشير المعلومات التي حصلت عليها “فرهيختكان”، إلى أن الطرف الأوروبي قد تراجع قليلا عن موقفه المتشدد ضد إيران، وذلك في وقت كان متوقعا فيه أن تزيد أوروبا التصعيد ضد إيران في ظل وجود ترامب بالبيت الأبيض، وهو ما قد لا تقابله الولايات المتحدة بموقف معارض بجدية.
في المقابل، تبين تصريحات بعض الدول المتفاوضة مثل فرنسا، أن مراعاة الواقع وعدم الانزلاق في المواقف المتطرفة أمر أساسي وجوهري على طاولة المفاوضات.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه في بداية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن المفاوضات بين مجموعة الترويكا الأوروبية وإيران ستبدأ قريبا لمناقشة القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.
ورغم تأكيد المتحدث أن محور المفاوضات سيكون حول كافة الموضوعات المطروحة وضمن ذلك القضايا الإقليمية، فإن بدء المفاوضات بعد التصويت على قرار ضد إيران من الترويكا في مجلس محافظي الوكالة، وسعيهم لتفعيل آلية العودة التلقائية للعقوبات “سناب باك” في العام العاشر من الاتفاق النووي، كان الهدف الرئيسي لإيران في التفاوض مع الطرف الأوروبي حول القضايا النووية والتوصل إلى تفاهم مشترك مع الترويكا.
وأشار وزير الخارجية الإيراني إلى هذا الموضوع، قائلا: “الصيغة التي نراها هي نفس صيغة الاتفاق النووي السابق، أي بناء الثقة حول البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات”.
وذكرت الصحيفة أنه قبل أسبوع من بدء جولة جديدة من المحادثات في جنيف، اعتبر الرئيس الفرنسي ماكرون البرنامج النووي والصاروخي الإيراني من بين تهديدات إيران. كما اعتبر تدخلات إيران في حرب أوكرانيا أحد التهديدات، وادعى أن البرنامج النووي الإيراني يقترب من الوصول إلى نقطة اللاعودة.
وأضاف ماكرون أنه يجب التنسيق مع الولايات المتحدة لمواجهة البرنامجين النووي والصاروخي الإيراني. ولم تكن تصريحات ماكرون المعادية لإيران الوحيدة؛ فقد أُقيم أيضا مؤتمر معادٍ لإيران في باريس في الوقت نفسه، وشهد حضور عدد من المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين الحاليين والسابقين. وكان من أبرز الحضور الممثل الخاص لدونالد ترامب في ملف أوكرانيا كيلوج.
وتابعت الصحيفة: إضافة إلى هذه المواقف، ادعى رئيس وزراء السويد مؤخرا أن بلاده في حالة “لا حرب ولا سلام”، حيث صرح السياسي السويدي “أولف كريسترسون” أيضا بادعاءات حول روسيا، وقال إن “إيران تستخدم عصابات إجرامية عنيفة في السويد للقيام بهجمات خطيرة”.
وبحسب الصحيفة، تُظهر هذه التصريحات والمواقف المعادية لإيران أن هناك محاولة للضغط على إيران من قبل الولايات المتحدة بالتعاون مع الدول الأوروبية.، ويشير وصف إيران بالتهديد في ما يتعلق بملف أوكرانيا إلى أن الأمريكيين متورطون في تصعيد هذه المواقف، ومن المحتمل أن يسعى الطرف الأوروبي، من خلال وساطة الولايات المتحدة، للحصول على تنازلات من إيران على طاولة المفاوضات.
ومن جهة أخرى، قد يستخدم الطرف الأوروبي المحادثات لتحقيق سياسة “الترغيب والترهيب”، أي التواجد على طاولة المفاوضات ودعم استمرار الحوار مع إيران، وفي الوقت نفسه متابعة مواقف معادية لإيران على الساحة الدولية ورفع قضاياها إلى مجلس الأمن.
مفاوضات بلا نتائج
وأفادت الصحيفة بأن المحادثات مع الطرف الأوروبي تستمر في إطار “الحوار”، حيث يتركز الهدف الرئيسي من هذه المحادثات حاليا على تقليل نقاط الاختلاف والعمل على الوصول إلى وجهات نظر مشتركة.
وأضافت الصحيفة: في هذه المرحلة، من غير المتوقع أن تؤدي المفاوضات إلى نتائج ملموسة أو اتفاقيات محددة بين الطرفين. وتظهر الرسالة التي نشرها أحد مسؤولي وزارة الخارجية البريطانية، أن المحادثات لا تزال مستمرة، مما يشير إلى أن الطرف الأوروبي لا يسعى إلى أكثر من مجرد استمرار هذه المحادثات، مع الاستمرار في مناقشة مطالب كل طرف. وما يحدث حاليا هو ببساطة محادثات من أجل المحادثات.
وتابعت: رغم أن متابعة المسار الدبلوماسي من خلال هذه المحادثات تُعد إيجابية لإيران، فإنه من غير المتوقع أن تكون لها نتائج ملموسة في هذه المرحلة. ومن جهة أخرى، سيؤثر وصول ترامب إلى البيت الأبيض بشكل كبير على هذه المحادثات، مما يفتح احتمالين: الأول، أن تتوقف المفاوضات بالكامل بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتلغى تماما. أما الاحتمال الثاني، فهو أن تستمر المحادثات كما هي، لكن مع دخول الأمريكيين إلى المفاوضات عبر الوسطاء الأوروبيين.
بين الدبلوماسية والتهديدات
وذكرت الصحيفة أنه خلال السنة المتبقية للاتحاد الأوروبي لاستغلال آلية “سناب-باك” في السنة العاشرة من الاتفاق النووي، استخدم الأوروبيون تقريبا جميع أوراق الضغط المتاحة ضد إيران.
وللتعامل مع هذه الإجراءات الأوروبية، أمام إيران ثلاثة خيارات. الخيار الأول هو الاستمرار في المسار الدبلوماسي والمفاوضات مع الطرف الأوروبي بهدف الوصول إلى نقطة مشتركة وتهدئة التوترات بشأن البرنامج النووي. والمسار الحالي الذي تسلكه إيران من خلال الحوار مع الجانب الأوروبي يتماشى مع هذا الخيار.
والخيار الثاني هو اللجوء إلى أداة التهديد، وهي الأداة التي استخدمتها إيران عند إصدار الترويكا الأوروبية قرارا ضدها، مؤكدةً أنه في حال تمرير هذا القرار، ستبدأ إيران في زيادة وتوسيع أنشطتها وبرنامجها النووي، وقد بدأت بالفعل في تنفيذ هذه الخطوات، في مواجهة الاتحاد الأوروبي.
وأضافت الصحيفة: يمكن لإيران في هذه السنة المتبقية استخدام مزيج من الخيارين الأولين. حيث تضع إيران في الحسبان أنه في حال إرسال ملفها إلى مجلس الأمن، سيؤدي ذلك إلى تصعيد في الأنشطة النووية وربما تغيير في العقيدة النووية.
ومع ذلك، قد تختار إيران موازنة هذا مع الدبلوماسية، متخذةً موقفا قويا على طاولة المفاوضات من أجل كسب مزيد من التنازلات. أما الخيار الثالث هو التصعيد الأقصى، وهو الخيار الذي أظهرت إيران فيه قدرتها على تنفيذه في حال رغبت، ولكنها أكدت في الوقت ذاته أنها تفضل المضي في المسار الدبلوماسي على زيادة التوترات.