كتب: ربيع السعدني
مع اقتراب موعد تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة للمرة الثانية يوم الاثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، تتصاعد التكهنات بشأن سياسته الجديدة تجاه طهران، والتي يتوقع أن تكون أكثر تشددا من ذي قبل.
إيران إحدى أهم مشاكل السياسة الخارجية المعقدة التي سيرثها ترامب بعد أقل من أسبوعين، بحسب ما نشره موقع “irdiplomacy.ir” المتخصص في الشؤون الدبلوماسية والسياسة الخارجية الإيرانية في تقريره الصادر يوم الثلاثاء 7 يناير/كانون الثاني 2025، لا سيما مع استمرار البرنامج النووي الإيراني في التقدم، ويبقى السؤال: كيف سيكون رد فعل الإدارة الأمريكية الجديدة؟
سياسة “العصا”
وفقا لتقرير مجلس العلاقات الخارجية (CFR) الأمريكي المستقل المختص بدراسة السياسة الخارجية الأمريكية والقضايا الدولية في 3 يناير/كانون الثاني 2025، يرى البعض أن ترامب سيعود إلى سياسة “الضغط الأقصى” التي اتبعتها إدارته الأولى؛ لزيادة الضغوط الاقتصادية على إيران من خلال توسيع العقوبات الأمريكية على طهران، والبعض الآخر يعتقد أنه لم يكن هدف هذه السياسة تغيير النظام، بل إجبار طهران على الحد من برامجها النووية والصاروخية وتقليص دعمها للمليشيات الإقليمية التي تشكل ما يسمى بمحور المقاومة.
انتهاك ميثاق الأمم المتحدة
وردا على تصريحات لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2024، هدد فيها باحتمالية توجه الولايات المتحدة لخيار استخدام القوة ضد برنامج إيران النووي، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن هذه القضية تكررت مرات عديدة، معتبرا أنه من الناحية القانونية فإن التهديد باللجوء إلى القوة يعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف بقائي خلال مؤتمر صحفي عُقد يوم الاثنين 6 يناير/كانون الثاني 2025: “هذا التهديد ضد المنشآت النووية السلمية يعتبر تهديدا للسلم والأمن الدوليين، ويجب على مجلس الأمن التدخل في هذه الأمور ومطالبة الحكومة الأمريكية بتحمُّل المسؤولية، وطبعا يمكن وضع هذا التصریح بجانب تصريحات أخرى للحكومة الديمقراطية ضد إيران”.
ومن المحتمل أن تكون القضية النووية هي القضية الأكثر أهمية التي سيطرحها ترامب بشأن إيران حسبما جاء في حوار هادي علمي فريمان، الخبير في الشؤون الأمريكية مع وكالة “خبر أونلاين” يوم 17 يناير/كانون الثاني 2024، من خلال خلق احتجاجات في الداخل وإجبار إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
مائدة المفاوضات
ومع ذلك، يتوقع آخرون مقربون من ترامب أن يسعى إلى التوصل إلى اتفاق قبل التفكير في شن حرب، وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة مع تلفزيون الصين 28 ديسمبر/كانون الأول 2024، نقلتها وكالة أنباء “تسنيم” الرسمية، إن إيران مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وأضاف: “ومن أجل التوصل إلى اتفاق، يتعين على الجانبين التغلب على سنوات من العداء، على سبيل المثال، اتهم المدعون العامون الأمريكيون طهران العام الماضي، بمحاولة اغتيال ترامب”.
ووفقاً لتقرير المجموعة الدولية لوكالة “تسنيم” للأنباء في الثالث من يناير/كانون الثاني 2025، صرح عراقجي: “ما زلنا مستعدين للدخول في مفاوضات بناءة بشأن برنامجنا النووي دون تأخير، وتهدف المفاوضات إلى التوصل لاتفاق، والصيغة الموجودة في رأينا هي نفسها الصيغة السابقة لخطة العمل الشاملة المشتركة، وهي بناء الثقة بشأن البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات، وعلى هذا الأساس نحن مستعدون للتفاوض”.
وفي ما يخص مسألة المحادثات النووية، قال: “نحن مستعدون لاستئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، لقد تفاوضنا بحسن نية مع مجموعة (1+5) لأكثر من عامين، وتمكنا أخيرا من التوصل إلى اتفاق قبله، العالم أجمع أشاد به باعتباره إنجازا للدبلوماسية، لقد نفذناه بحسن نية، لكن أمريكا هي التي قررت الانسحاب منه دون أي سبب أو مبرر، ووصلت الأمور إلى هذا الحد”.
ماذا يحدث إذا فشل التفاوض؟
وهذا يطرح سؤالا حول ماذا سيحدث إذا لم تبدأ المفاوضات، أو ربما إذا لم تصل إلى أي مكان بعد أن تبدأ؟
بحسب تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (CFR) -الصادر يوم 3 يناير/كانون الثاني 2025- فعلى الأرجح إذا لم تسفر حملة الضغط الأقصى عن نتائج سريعة، فمن المرجح أن تتزايد الدعوات المطالبة بتوجيه ضربة أمريكية للمواقع النووية الإيرانية، ومن المتوقع أيضا أن يسمع ترامب دعوات لتشجيع إسرائيل على مهاجمة إيران، على الرغم من أن إسرائيل لا تملك القدرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض.
وكان ترامب قد سبق أن صرح لمجلة تايم في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عندما سُئل عن احتمال الحرب مع إيران: “أي شيء يمكن أن يحدث، إنه وضع غير مستقر للغاية”.
ما هو الاتفاق النووي لعام 2015؟
أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، التوصل إلى اتفاق نووي تاريخي مع إيران في 14 يوليو/تموز 2015، وافقت بموجبه على فرض بعض القيود على برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
لكن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في مايو/أيار 2018 وأعادت فرض عقوباتها الأحادية الجانب على طهران، مما دفع الأخيرة إلى التخلي عن بعض التزاماتها النووية بموجب الاتفاق النووي في عهد أوباما وتسريع برنامجها النووي.
وانتقد ترامب بشدةٍ الاتفاق النووي الإيراني (المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة أو JCPOA)، ووصفه يوم 8 مايو/أيار 2018، بأنه “أسوأ اتفاق في التاريخ“.
وكان هذا القرار جزءا من سياسة “الضغط الأقصى” التي اتبعتها الإدارة الأمريكية لإجبار إيران على تغيير سلوكها الإقليمي والتفاوض على اتفاق جديد، ثم بدأت المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي في أبريل/نيسان 2021 في فيينا بالنمسا، ورغم جولات عديدة من المحادثات، لم يتم تحقيق أي تقدم ملموس منذ نهاية الجولة الأخيرة في أغسطس/آب 2022.