ترجمة: يسرا شمندي
تسعى إيران وروسيا من خلال توقيع اتفاق طويل الأمد إلى تعزيز شراكتهما الاستراتيجية، ويجمع هذا التحالف بين قطاعات حيوية من الطاقة والدفاع.
وفي هذا الصدد نشرت صحيفة آرمان امروز بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا ذكرت فيه، أنه يمكن أن يكون توقيع الاتفاق طويل الأمد بين إيران وروسيا خطوة كبيرة لإكمال مشروع “النظر إلى الشرق” لإيران. والتفاصيل الجديدة للاتفاق طويل الأمد بين إيران وروسيا تظهر التعاون الشامل بين البلدين في مجالات الدفاع والبيئة والطاقة والنووي.
وأضافت أن صحيفة موسكو تايمز كتبت عن أهمية هذا الاتفاق: “إيران وروسيا عززتا شراكتهما في ظل حالة من عدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي، مما يعكس أهمية التعاون المتزايد بينهما في السنوات المقبلة.
كما أن الاتفاق الشامل للشراكة الاستراتيجية الذي سيتم الاعتراف به في الزيارة الرسمية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لموسكو في 17 يناير/كانون الثاني 2025، يمثل خطوة هامة في تطورات التحالف بين البلدين. وبهدف مواجهة التحديات المشتركة، سيكون لهذه الشراكة عواقب كبيرة، خاصة في مجالات الدفاع والتجارة والطاقة”.
وتابعت الصحيفة مبينةً أن الرؤية الاقتصادية لكلا البلدين، إيران وروسيا، تأثرت بالاعتماد المشترك بينهما على صادرات الطاقة وتجربتهما مع العقوبات الدولية الغربية. كما أن التوافق المتزايد بين البلدين شكَّل فرصة فريدة لتجاوز هذه التحديات وفتح طرق جديدة للنمو الاقتصادي.
وذكرت أن إحدى الركائز المركزية لهذه الشراكة هي ممر النقل الشمالي-الجنوبي، وهو مشروع بنية تحتية حيوي سيسهل التجارة بين إيران وروسيا وعدد من الشركاء الإقليميين والدوليين الآخرين. وهذه الاستثمارات الاستراتيجية في شبكات النقل توضح بجلاءٍ نية موسكو وطهران في تعزيز العلاقات التجارية وضمان المنافع المتبادلة في السنوات المقبلة، كما تتعامل بشكل فعال مع العقوبات الغربية.
وأوضحت أنه إضافة إلى النقل، لا يزال قطاع الطاقة يشكل محور الشراكة بين إيران وروسيا. وبالنظر إلى العقوبات التي تقيّد وصولهما إلى الأسواق الغربية، يسعى كلا البلدين إلى إيجاد بدائل لتعزيز قطاعاتهما الطاقوية.
ومع احتياطات روسيا الضخمة من النفط والغاز الطبيعي، تساهم روسيا في تطوير صناعة الطاقة الإيرانية من خلال دعم الاستكشاف والحفر والبنية التحتية. وفي إطار الاتفاقية الجديدة، من المتوقع أن تستثمر عدة شركات روسية بشكل كبير في قطاع الطاقة الإيراني، مما سيسهم في تحديث وتوسيع إمكاناته. وقد أعرب المسؤولون الإيرانيون عن تفاؤلهم بشأن آفاق هذه الاستثمارات، خاصة في ظل تزايد الطلب على الطاقة في آسيا.
وبعيدا عن النفط والغاز، تسعى كل من إيران وروسيا إلى تقليل اعتمادهما على الأسواق الغربية من خلال تأمين أسواق جديدة في آسيا، خاصة في الهند، وبالتالي تعزيز تكامل أكبر ضمن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU). ويمثل الموقع الاستراتيجي لإيران مسارا حيويا للبضائع المتحركة بين أوروبا وآسيا الوسطى، فضلا عن الصين والهند، مما يجعلها نقطة ترانزيت أساسية في التجارة الإقليمية والعالمية.
تحديات اتفاقية إيران وروسيا
ذكرت الصحيفة أنه على الرغم من وعد التعاون العميق بين البلدين، فإن العلاقة بين إيران وروسيا ليست خالية من التحديات. فالاختلافات السياسية الداخلية في كلا الجانبين، والمشاكل الاقتصادية الناتجة عن العقوبات والحروب، والاختلافات في البرامج الجيوسياسية على المدى الطويل، تشكل عقبات أمام تحقيق كامل إمكانات هذه الشراكة. فعلى سبيل المثال، أدى التوازن الذي تتبعه روسيا مع القوى الغربية، خاصةً الولايات المتحدة، تاريخيا إلى توتر العلاقات مع إيران، خاصة في الفترات التي كانت تشهد تقاربا بين موسكو وواشنطن.
وأضافت أنه في الماضي، شهدت العلاقات بين البلدين فتورا في بعض اللحظات السياسية، مثل فترة رئاسة الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، حيث دعمت روسيا العقوبات الدولية ضد إيران. إضافة إلى ذلك، فشلت روسيا في تسليم نظام الدفاع الصاروخي S-300 إلى إيران، مما وضع العلاقة مع طهران تحت ضغط حتى أكمل الرئيس الروسي بوتين هذا العقد في عام 2015. وهذه التوترات التاريخية تقدم العديد من الأمثلة على السبب وراء حرص كلتا الحكومتين على نجاح هذه الشراكة بالنسبة لكلا البلدين.
وذكرت أن كلا البلدين يواجه تحديات اقتصادية قد تعطل استدامة شراكتهما على المدى الطويل. فقد أثرت العقوبات الاقتصادية على قدرة روسيا على الاستفادة الكاملة من احتياطياتها من الطاقة، بينما جعلت اعتمادية إيران على صادرات الطاقة اقتصادها عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية. وعلاوة على ذلك، تواجه إيران تضخما يقارب التضخم المفرط بمعدل يصل إلى 35%، مما يضعف قدرتها على تعزيز قوتها الاقتصادية. وهذه التحديات تتطلب من كلا البلدين إدارة سياساتهما الاقتصادية والدبلوماسية بعناية؛ لتجنب تفاقم الهشاشة القائمة.
وأشارت إلى أنه في المستقبل، من المحتمل أن تتعزز الشراكة العسكرية بين إيران وروسيا، مع التركيز على الجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب، وضمان الاستقرار الإقليمي، والتعاون المتزايد في تجارة الأسلحة، ومع ذلك، فإن مستقبل هذه العلاقة يبقى عرضة للتوجهات الدولية الأوسع، وضمن ذلك التغيرات في ديناميكيات القوة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين.