ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “فرهيختگان“، الخميس 20 فبراير/شباط 2020، تقريرا أفادت فيه بأن التحالف الأمريكي-الإسرائيلي متعدد الجنسيات يصر على الادعاء بأنهما في حالة حرب مع ما يسمونه “القوات النيابية” الإيرانية في الشرق الأوسط، معتبرين أن قطع العلاقات بين هذه الأذرع الإيرانية سيجعل تحقيق هدفهم الأكبر، وهو عزل إيران وشن هجوم عسكري وأمني وسياسي ضدها، أمرا أكثر سهولة. يكررون أن إيران تستخدم هذه القوات للدفاع عن مصالحها، وأنها تشكل خط دفاع متقدما لها، مقدمة مصالحها على مصالح تلك القوات.
وذكرت أنه حاليا، يتم تنفيذ خطة عمل الولايات المتحدة وإسرائيل، التي بدأت من غزة وانتقلت إلى لبنان، في سوريا، والهدف النهائي هو محاصرة إيران والهجوم عليها بعد تجريدها من أوراق القوة والضغط وخطوط الدفاع الخارجية. هذا ما أكده بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، في خطابه المسجل الذي أعلن فيه موافقته على وقف إطلاق النار في لبنان. يتم تكرار تصريحات مماثلة في تل أبيب وواشنطن من قبل المسؤولين والخبراء ومراكز الأبحاث التابعة للحكومة الأمريكية.
وأضافت أنهم يعتقدون أن الدول التي تمتلك عناصر القوة والتفوق تستخدم تحالفاتها وعلاقاتها الخارجية فقط لخدمة مصالحها، وتستغل حلفاءها لأهداف “انتهازية” (في الغرب، لا يعتبرونها انتهازية، بل يرونها مبدأ عمل واقعي). لذلك، يحاولون استخدام مصطلحات تعزز هذا المفهوم، مثل وصف تحالفات إيران بأنها “علاقة نيابية” أو “أداة”، فعلى سبيل المثال، يزعمون أن حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي، وقوات الحشد الشعبي، وأجنحة المقاومة العراقية، وأنصار الله هم “قوات نيابية” أو “أذرع إيرانية” في الشرق الأوسط.
وأوضحت أنه يمكن التأكيد بثقة أن وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية والإعلام الإقليمي أو المحلي المرتبط بها تستخدم هذه المصطلحات بشكل متكرر لتعزيز هذا المفهوم المزعوم، بناء على برنامج عمل إعلامي عام يتم توزيعه على المؤسسات الإعلامية والصحفيين والخبراء والمحللين والأكاديميين. كما أن مراكز الأبحاث مكلفة بإعداد ونشر أبحاث في هذا المجال بشكل مستمر. لذلك، لا يمكن تفسير نشر هذه المصطلحات على أنها جهود فردية، بل هي جزء من برنامج عمل مخطط له مسبقا.
ثم أردفت الصحيفة العلاقات بين إيران ومحور المقاومة، مبينة أن العلاقة بينهم ليست كما يتعمد الإعلام الغربي إظهارها، ومشيرة إلى الأدلة التي تؤكد رؤيتها.
عملية طوفان الأقصى: الدليل الأبرز
ذكرت الصحيفة أن عملية طوفان الأقصى، دون الخوض في التاريخ الطويل للعلاقة بين إيران الإسلامية وأجنحة المقاومة الفلسطينية ودورها الأساسي في بناء القوة العسكرية والقتالية والاستقبال السياسي والإعلامي، تلخص جوهر هذه العلاقة على مدى عقود من المواجهة مع العدو.
وأضافت أنه قد سادت رواية بعد ظهر 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مفادها أن إيران أمرت حماس بتنفيذ هذه العملية لإيقاف مشروع التطبيع وصفقة القرن الذي كانت تقوده الولايات المتحدة لتنفيذ التطبيع بين السعودية وإسرائيل. بعد عدة أسابيع من التحقيقات التي أجرتها وكالات الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والإقليمية والأوروبية ومتعددة الجنسيات، تبين أنه لم يكن لدى أي شخص في طهران أو في محور المقاومة أي معلومات مسبقة أو تفاصيل عن العملية أو الاستعداد لها.
وتابعت بأنه على الرغم من أن قائد عملية طوفان الأقصى، الشهيد يحيى السنوار، أكد مرارا في تصريحاته العامة أن معظم القدرات العسكرية التي تم بناؤها في غزة على مدى السنوات كانت بدعم وتمويل من إيران وبأسلحة إيرانية، إلا أنه تم التأكيد على أن إيران لم تكن على علم حتى من بعيد بالاستعداد لمثل هذا الإجراء الذي أثار الشرق الأوسط وأدهش الجميع.
وأشارت إلى أنه هذه العملية أظهرت بوضوح القرار الفلسطيني المستقل الذي نفذ جميع التفاصيل بمفرده، دون علم إيران ومحور المقاومة. لكن إيران دعمت هذه العملية، وقائد الثورة في أول لقاء له مع رئيس المكتب السياسي، الشهيد إسماعيل هنية، أعطى شرعية لما فعلته حماس في غزة.
مع هذه الحقائق والأدلة والمواقف وكل ما حدث بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، يتم دحض جميع ادعاءات الأذرع والقوات النيابية، ويتضح مستوى الاستقلالية وعدم التبعية في علاقات حماس وإيران.
حزب الله.. أقرب القوات
ذكرت الصحيفة أن قادة ومسؤولي ومتخصصي ووسائل إعلام الطرف الآخر لا يتوقفون عن وصف حزب الله بأنه “القوة التابعة الأولى” أو أقوى ذراع لإيران في الشرق الأوسط. يتم تطبيق الفهم التقليدي لعلاقة إيران بأصدقائها دون أي فحص تاريخي لمسار علاقة مقاومة لبنان مع إيران.
وأضافت أن إيران، التي كانت بحاجة ماسة إلى المساعدات المالية والعسكرية التي قدمتها قيادتها لمقاومة لبنان خلال سنوات مواجهة حرب صدام، لم تنحرف عن قرارها الاستراتيجي بدعم المظلومين. هل كان لدى أي شخص الجرأة لتحليل القول بأن إيران كانت تدعم مقاومة حزب الله ليكون ذراعًا لحماية برنامجها النووي؟ هل كانت إيران، التي كانت في الثمانينيات تحت حصار مالي، تفكر في بناء برنامج نووي بينما كانت بالكاد قادرة على شراء ذخائرها من السوق السوداء العالمية؟
وأوضحت أنه لا يوجد أي حجة مقنعة لتفسير تلك المرحلة التاريخية، حيث كانت إيران تفكر بمستقبل وقائي لديها قوات نيابية تدافع عن مصالحها ومشروعها النووي، لأن إيران في ذلك الوقت كانت تستنفد قواها المحدودة للغاية للدفاع عن المظلومين في لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي ومشروع السيطرة الأمريكية على ذلك البلد في ذلك الوقت.
وأشارت إلى لبنان استفاد من دعم إيران لمقاومته حتى تمكن في عام 2000 من تحرير البلاد، والعالم العربي أيضا استفاد من تكرار الانسحاب من غزة نتيجة تحرير لبنان، مما أثار الشك في قدرة إسرائيل على الهجوم وإعادة الاحتلال.
اليمن.. أنصار الله والحرب
تابعت الصحيفة أنه يمكن تلخيص العلاقة بين أنصار الله وإيران كنموذج حقيقي لاستيراد الثورة الإسلامية من قبل اليمنيين، وليس تصديرها من قبل الإيرانيين، كما اتهمهم الغرب.
وأوضحت أن حركة أنصار الله أصبحت في عام 2011، جزءا أساسيا من ثورة فبراير/شباط اليمنية، وبدأت بعد ذلك مرحلة جديدة من العلاقات مع طهران، ثم بلغت ذروة قوتها بعد الانتصار في 21 سبتمبر/أيلول 2014 وأصبحت جزءا من السلطة في صنعاء، وبعد هروب عبد ربه منصور هادي، الرئيس المستقيل، إلى الرياض، سيطرت بالكامل على السلطة.
وأضافت أنه في ذلك الوقت، كانت إيران تدعم قوات الحشد الشعبي العراقي والجيش والشعب السوري في الميدان في مواجهة تنظيم الدولة “داعش”، كما واصلت تطوير قدراتها العسكرية والنووية دون أن تفيد هذه المساعدة الإيرانية في مواجهة مخاطرها الخاصة، بل تحملت تكاليف باهظة على جميع المستويات لإفشال المشروع التكفيري الأمريكي.
وأشارت إلى أنه يمكن القول إن دعم إيران لليمن بدأ قليلا بعد بدء العدوان السعودي-الأمريكي-الإماراتي على صنعاء في 26 مارس/آذار 2015، على المستوى السياسي والإعلامي، قبل أن تنتشر تقارير أمريكية وغربية وإسرائيلية ودول الخليج حول اعتراض شحنات أسلحة إيرانية متجهة إلى اليمن وعرض أنواع من الصواريخ والطائرات المسيرة الانتحارية والصواريخ المضادة للدبابات التي لعبت مجتمعة دورا مهما وأساسيا في صد العدوان وإنهائه على الأرض. ثم فرضت قيادة اليمن معادلات صعبة على السعودية والإمارات باستخدام الصواريخ الباليستية والجناحية والطائرات المسيرة الانتحارية.
وتابعت أن التفسير الأمريكي، بناء على الأدلة التي بحوزتهم، يؤكد أن الدعم العسكري الإيراني لأنصار الله لم يتوقف في أي وقت من الناحية العسكرية أو المالية أو السياسية أو الإعلامية، وكان هذا سببا للضغط على إيران. بينما كان اليمن المحاصر بحاجة إلى مثل هذا الدعم، وقع باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، تحت تأثير القوة العسكرية المتزايدة لإيران، وموقعها الإقليمي، وعدم وجود خيارات للولايات المتحدة لمواجهتها، على الاتفاق النووي مع إيران.
وأوضحت أن هذا يؤكد أن قوة إيران هي التي دفعت واشنطن ومجموعتها الأوروبية إلى هذا الاتفاق، وليس توفر قوات نيابية أو أذرع تشكل تهديدًا لمصالح أمريكا. هذا الاتفاق كان نتيجة القوة والقدرة المتزايدة لإيران في وقت كان حلفاؤها في المنطقة، أي سوريا والعراق ولبنان واليمن، يعانون من أسوأ ظروفهم في مواجهة تنظيم الدولة “داعش” في الدول الثلاث الأولى، وفي مواجهة العدوان السعودي على اليمن، وكانوا في أمس الحاجة إلى دعم إيران ولم يكونوا قادرين على تقديم أي دعم لموقف إيران في المفاوضات النووية.
واختتمت الصحيفة تقريرها، بتأكيد أن هذه الحقيقة التي تدحض مرة أخرى بالأدلة الموضوعية الادعاء بأن إيران أنشأت قوات نيابية وأذرعا للدفاع عن مصالحها في المنطقة.