ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “عصر إيرانيان” الإيرانية الأصولية، الجمعة 18 أبريل/نيسان 2025، تقريرا تناول دخول اتفاقية التجارة الحرة بين إيران ودول أوراسيا حيز التنفيذ في 15 مايو/أيار 2025، مع إلغاء معظم الرسوم الجمركية وزيادة فرص التبادل التجاري، ويستعرض أيضا التحديات المحتملة مثل ضعف البنية التحتية والعقوبات الدولية التي قد تؤثر على فاعلية الاتفاقية.
اتفاقية التجارة الحرة بين إيران وأوراسيا تدخل حيّز التنفيذ
ذكرت الصحيفة أنه ابتداء من 18 مايو/أيار 2025، ستدخل اتفاقية التجارة الحرة بين إيران واتحاد أوراسيا حيّز التنفيذ؛ وهي اتفاقية من شأنها أن تُلغي نسبة كبيرة من الرسوم الجمركية بين الطرفين، وتمهّد الطريق لزيادة ملحوظة في حجم التبادلات التجارية.
وقالت الصحيفة الأصولية إن هذه الاتفاقية، التي جاءت بعد سنوات من المفاوضات والتنسيق، ستبدأ رسميا من الـ18 من مايو/أيار 2025، وذلك بعد أن كانت منذ عام 2019 تُطبَّق بشكل مؤقت ضمن إطار “تعرفة تفضيلية”.
وأردفت أن الاتفاقية، بعد توسيع نطاق إلغاء الرسوم الجمركية، باتت الآن تأخذ طابعا رسميا وطويل الأمد، ما يفتح فصلا جديدا في العلاقات الاقتصادية بين إيران ودول منطقة أوراسيا.
وأكدت مصادر من الجمارك ووزارة الصناعة والمعادن والتجارة الإيرانية أن الاتفاقية تشمل إلغاء أو خفضا كبيرا للرسوم الجمركية على 87% من الرموز التعريفية الجمركية بين إيران والدول الخمس الأعضاء في الاتحاد، وهي: روسيا، وبيلاروسيا، وكازاخستان، وأرمينيا، وقرغيزستان.
وتابعت الصحيفة أن هذا التطور، الذي يتزامن مع تعاظم الموقع الجيوسياسي لإيران ضمن محور الشمال-الجنوب، يمكن أن يسهّل مسار الصادرات غير النفطية، ويرفع حجم التبادل التجاري- في حال تم استغلاله بشكل فعّال- إلى نحو 12 مليار دولار سنويا.
فرص لا ينبغي تفويتها
وأضافت الصحيفة أن تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع اتحاد أوراسيا لا يُعدّ مجرد عقد اقتصادي، بل هو أداة “جيو-اقتصادية” في مواجهة العقوبات الغربية والعزلة الاقتصادية المفروضة على إيران.
وذكرت أن دول الاتحاد تشكّل أسواقا كبرى لصادرات إيران من المنتجات الصناعية، والمعدنية، والزراعية، والبتروكيميائية، فضلا عن كونها بوابة محتملة للوصول إلى أسواق أوسع في آسيا الوسطى والشرقية.
كما أوضحت أن إلغاء الرسوم الجمركية سيؤدي أيضا إلى خفض تكلفة استيراد السلع الأساسية والمواد الأولية والآلات الصناعية من هذه الدول، وهو ما قد ينعكس إيجابيا على تقليل تكاليف الإنتاج وخفض معدلات التضخم داخل البلاد.
وفي هذا السياق، قال ميرهادي سيدي، مستشار الشؤون الدولية والاتفاقيات التجارية في منظمة تنمية التجارة الإيرانية: “إن أكثر من نصف التبادلات التجارية العالمية تُجرى اليوم عبر اتفاقيات مماثلة تُفضي إلى إلغاء أو تقليص الرسوم الجمركية بين الدول”.
وتابع ميرهادي للصحيفة أن “هذه الاتفاقية تُعدّ الأولى من نوعها التي تُنفَّذ بهذه السعة في إيران، إذ تنخفض بموجبها الرسوم الجمركية إلى الصفر. كما أنها تشمل خمس اتفاقيات ثنائية بين إيران وكل واحدة من الدول الأعضاء في اتحاد أوراسيا”.
تحديات قائمة وبُنى تحتية غير مهيّأة
أضافت الصحيفة أن الخبراء حذروا من العقبات التي قد تعيق الاستفادة الكاملة من هذه الاتفاقية، وأبرزها ضعف البنية التحتية في مجالات النقل، والخدمات اللوجستية، والجمارك، لا سيّما على الحدود الشمالية للبلاد.
وأشارت إلى أن الطاقة الاستيعابية لمحطات السكك الحديدية والطرق البرية في إيران لا تزال غير كافية للتعامل مع حجم التبادل المرتفع والمتسارع مع دول أوراسيا، ولم يتم بعدُ تنفيذ الاستثمارات اللازمة لتوسعة هذه المسارات.
وأضافت أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران، إلى جانب القيود في النظام المصرفي، تُعدّ من التحديات الأخرى التي قد تُضعف من فعالية هذه الاتفاقية. فمع غياب نظام دفع دولي ثابت وشفاف، ستواجه الشركات صعوبة في عمليات تحويل الأموال وفتح الاعتمادات التجارية.
المنتج المحلي بين القلق من الاستيراد والطموح إلى التصدير
وعلى الصعيد الداخلي، ذكرت الصحيفة أن بعض الناشطين في القطاعات الصناعية والزراعية ينظرون إلى هذه الاتفاقية بعين الشك، ويخشون من أن يؤدي إلغاء الرسوم الجمركية إلى تدفّق سلع أجنبية رخيصة بشكل مفرط إلى السوق المحلية، مما يضع ضغطا على المنتجين المحليين.
وأوضحت أن هذه المخاوف تتركز بشكل خاص في قطاعات مثل الصناعات الغذائية، وصناعة النسيج، والأجهزة المنزلية، التي قد تجد صعوبة في منافسة المنتجات القادمة من روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا من حيث السعر.
مع ذلك، يؤكد المدافعون عن الاتفاقية أن هذه المخاوف يمكن التعامل معها بفعالية، شريطة أن تتخذ الحكومة إجراءات ذكية، من خلال سياسات دعم مستهدفة للصناعات المحلية، وتفعيل أدوات تنظيمية لضبط السوق، وتحقيق توازن بين فرص التصدير وحماية الإنتاج الوطني.
وقامت الصحيفة بتأكيد أن اتفاق التجارة الحرة مع اتحاد أوراسيا يُعدّ من أبرز إنجازات السياسة الخارجية والاقتصادية لإيران خلال السنوات الأخيرة.
وذكرت أن هذا الاتفاق يأتي في وقت تواجه فيه البلاد تحديات كبيرة في مجالات التجارة الخارجية والعقوبات والقيود المالية.
وبحسب الصحيفة يبقى السؤال المحوري: هل إيران جاهزة للاستفادة من هذه الفرصة التاريخية؟
والإجابة عن هذا السؤال تعتمد على تنفيذ مجموعة من الإجراءات المكمّلة، مثل تطوير البنى التحتية، وتسهيل الأنظمة المالية، ورفع كفاءة الإنتاج، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية. وإلا، فقد تلقى هذه الاتفاقية نفس مصير بعض المشاريع الاستراتيجية السابقة التي تحوّلت- في ظل غياب التخطيط والتنفيذ- إلى “فرص محروقة”.