لمياء شرف
بعد أسابيع من التصعيد العسكري الإسرائيلي العنيف على لبنان الذي حصد آلاف الضحايا، والحرب المشتعلة بين إسرائيل وحزب الله، بدأ وقف الحرب رسمياً بين الطرفين في الساعات الأولى من صباح الأربعاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
صرح جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، بأنه تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، مؤكداً أن هذا الاتفاق تم ليكون وقفاً دائماً للأعمال القتالية، وأنه لن يسمح لحزب الله بتهديد أمن إسرائيل مجدد.
وأضاف أن “إسرائيل ستسحب قواتها تدريجياً على مدى 60 يوماً مع سيطرة الجيش اللبناني على الأراضي القريبة من الحدود مع إسرائيل لضمان عدم بناء حزب الله بنيته التحتية هناك مجدداً”، مشيراً إلى أن المدنيين من كلا الطرفين يمكنهم العودة لمناطقهم في القريب العاجل.
ويذكر أن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وافق على الاتفاق بأغلبية 10 أصوات موافقة مقابل صوت واحد رافض.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء 26نوفمبر/تشرين الثاني، أن المجلس الوزاري الأمني المصغر صدّق على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.
وتوعد -في كلمة له عقب انتهاء اجتماع للمجلس- بالرد بقوة على أي خرق للاتفاق من قِبل حزب الله، مشيراً إلى أن الاتفاق الجيد هو الذي يمكن تطبيقه، ونحن سنطبقه ونعيد سكان الشمال لأماكنهم.
وأوضح نتنياهو أن أسباب وقف إطلاق النار التركيز على تهديد إيران الآن، وعزل حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وفصل الساحات العسكرية، بالإضافة لإنعاش الجيش الإسرائيلي.
ولم يعلق حزب الله رسمياً على وقف إطلاق النار، بينما قال النائب عن حزب الله في مجلس النواب اللبناني، حسن فضل الله، أثناء حديثه لقناة الجديد التلفزيونية اللبنانية، إنه في حين يدعم حزب الله بسط سلطة الدولة اللبنانية، فإن الجماعة ستخرج من الحرب أقوى.
وأكد فضل الله أن الحزب حريص دائماً على الجيش الوطني وعلى قوته وتماسكه وهو موجود في الجنوب ويعزز انتشاره، وهو السلطة الرسمية ونحن مع بسط سلطة الدولة.
وأوضح أن حزب الله سيخرج من هذه الحرب أكثر قوة والمقاومة باقية، وسيكون هناك آلاف مؤلفة التي ستنضم للمقاومة،مشيراً إلى أن مقترح نزع سلاح المقاومة كان طرحاً إسرائيلياً وسقط.
وأصدر رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، بياناً رحب فيه باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، مطالباً إسرائيل بالالتزام الكامل ببنود الاتفاق، والانسحاب من كل المواقع اللبنانية التي تحتلها.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، إن الجيش اللبناني سينشر خمسة آلاف جندي على الأقل في جنوب لبنان مع انسحاب القوات الإسرائيلية.
موقف إيران من وقف الحرب
وفي سياق متصل، رحب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بانتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان، مؤكداً دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثابت لحكومة لبنان وشعبه ومقاومته.
وشدد في بيان رسمي على ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة ولبنان والتحركات الدبلوماسية الواسعة لبلادنا لتحقيق هذا الهدف خلال الـ 14 شهراً الماضية، مشيراً إلى أن العدوان الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الأوروبية، أسفر عن استشهاد 60 ألف شخص، وجرح 120 ألف شخص، وتشريد أكثر من 3.5 مليون إنسان من أبناء فلسطين ولبنان، بالإضافة لتدمير البنية التحتية الحيوية في قطاع غزة ولبنان.
وفي تصريحات للمرشد الإيراني علي خامنئي مطلع الشهر الجاري نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أيام من تقارير صحفية إسرائيلية وأمريكية حول رد إيراني محتمل على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية إيرانية، تعهد بـالرد القاسي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل على ما تفعلانه ضد إيران والمقاومة.
وقال: “إن طهران ستفعل كل ما يجب القيام به لإعداد الأمة الإيرانية، سواء عسكرياً أو سياسياً لمواجهة أي تهديد”.
ولم تنفذ إيران أي عدوان بعدها على إسرائيل، ويبدو أن طهران تسعى إيران لإتباع موقف “متمهل” في حربها مع إسرائيل، وتعتمد على “الرد” فقط في حال صعدت إسرائيل.
جاء قصف إيران لإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول رداً على سلسلة الاغتيالات التي نفذتها ضد قيادات حزب الله وعلى رأسهم “حسن نصر الله” الذراع العسكرية الأقوى لدى إيران في المنطقة، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أثناء زيارته لطهران يوليو/تموز الماضي.
وعن حجم الرد وشدته الذي يتحدد بناء على موقف إسرائيل من الحرب، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في تصريحات سابقة له، إن بلاده سترد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف أراضيها مؤخراً، لكن نوع وشدة هذا الرد يمكن أن يتغير إذا أوقفت إسرائيل عدوانها في المنطقة ووافقت على وقف إطلاق النار.
وقال بزشكيان: “إذا راجعوا سلوكهم ووافقوا على وقف إطلاق النار وتوقفوا عن قتل المضطهدين والأبرياء في المنطقة، فإن ذلك قد يؤثر على نوع وشدة ردنا”.
موقف إسرائيل من وقف الحرب
اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، وقف إطلاق النار مع حزب الله “ليس له معنى”، وأن مستقبل شمال إسرائيل يحدده هجوم فوري عند انتهاك حزب الله للاتفاق المبرم.
علق غالانت في تغريدة على موقع التواصل الإجتماعي”أكس” فور إعلان نتنياهو موافقة المجلس الوزاري المصغر على اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.
وكتب فيها: “إن سلسلة الضربات التي وجهتها مؤسسة الدفاع لحزب الله في الأشهر الأخيرة، وأهمها اغتيال “نصر الله” وسلسلة من قيادات حزب الله، وتدمير أكثر من 80% من قدراته الصاروخية، وتفكيك البنية التحتية في جنوب لبنان، تمكن دولة إسرائيل من خلق واقع مختلف على الحدود اللبنانية من موقع القوة”.
وأضاف: “في الشرق الأوسط، لا معنى للكلمات والتصريحات وحتى الاتفاقات المكتوبة. مستقبل الشمال وأمن السكان سيحددهما شيء واحد فقط: تصميم الحكومة الإسرائيلية على إصدار تعليمات إلى مؤسسة الدفاع بالهجوم بقوة على أي محاولة لانتهاك حزب الله للاتفاق على الفور.
وأكد أن هذا هو المبدأ الذي اعتمد عليه طوال الحرب في محادثاته مع الوسطاء المختلفين وفي تعليماتي للجيش الإسرائيلي “من حق إسرائيل وواجبها تطبيق الاتفاقية بنفسها”.
في سياق متصل، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقالاً بعنوان “الخيار الوحيد أمام إسرائيل بشأن إيران هو إنهاء نظام خامنئي”، في ظل الأحداث الجارية.
يستشهد الكاتب في مقاله بتصريح سابق للمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تنبأ فيه بتدمير إسرائيل نهائياً بحلول عام 2040، مشيراً إلى أن خامنئي بدون شك يبذل قصارى جهوده من أجل تحقيق هذا الطموح، بمساعدة مؤيدي إيران في الداخل والخارج.
ويضيف الكاتب أن إسرائيل لا يجب أن تكتفي باستراتيجية الردع كهدف لها، بل لا بدَّ من تغيير استراتيجيتها بالكامل والتحول من الدفاع إلى الهجوم المبادر، على أن يصبح هدف إسرائيل هو إنهاء نظام خامنئي بحلول عام 2030.
ويرى الكاتب أن النظام الإيراني الطامح لامتلاك أسلحة نووية، وهو القائد للجماعات المسلحة في المنطقة مثل حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي لعقود من الزمان، بهدف خلق حلقة نار حول إسرائيل، على حد تعبيره.
نص اتفاق وقف الحرب
حسب القناة 13 العبرية، فإن نص الاتفاق الكامل بين إسرائيل ولبنان لوقف إطلاق النار مؤلف من 13 نقطة، على كلا الطرفين الالتزام بها وعدم خرقها.
التزام حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية بعدم تنفيذ أي عمل هجومي ضد إسرائيل،
في المقابل، لن تنفذ إسرائيل أي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر.
أن تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وهذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس.
وستكون قوات الأمن والجيش اللبناني الرسميان هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان، وستشرف الحكومة اللبنانية على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان.
وسيتم العمل على تفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها المعنية بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة بالأسلحة، بالإضافة لتفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها التي لا تتوافق مع هذه الالتزامات.
العمل على تشكيل لجنة تحظى بموافقة كل من إسرائيل ولبنان للإشراف والمساعدة على ضمان تنفيذ هذه الالتزامات، بالإضافة لتقدم كل من إسرائيل ولبنان تقارير عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل”.
وسينشر لبنان قوات الأمن الرسمية وقوات الجيش على طول جميع الحدود ونقاط العبور والخط المحدد للمنطقة الجنوبية كما هو موضح في خطة الانتشار، على أن نسحب إسرائيل تدريجياً من جنوب الخط الأزرق في فترة تصل إلى 60 يوماً.
وتعزز الولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.