ترجمة: شروق السيد
أثار استجواب وزير الاقتصاد الإيراني نقاشا حادا في البرلمان، حيث انتقد رئيس البرلمان محاولات وصفها بـ”السياسية”، في حين دافع النواب عن مسؤوليتهم تجاه الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الدولار.
إذ نشرت وكالة أخبار “خبر أونلاين” الإيرانية يوم الأربعاء 1 يناير/كانون الثاني 2025، تقريرا ذكرت فيه أن البرلمان الإيراني عقد جلسةً الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت بخطاب لرئيس المجلس، محمد باقر قاليباف، منتقدا استجواب الوزراء في الظروف الحالية، ومؤكدا ضرورة تجنب الألاعيب السياسية من قبل نواب المجلس.
وتابعت الوكالة: “قاليباف، الذي وصلت له أخبار عن بدء إجراءات استجواب وزير الاقتصاد، وجَّه تحذيرا للنواب من التلاعب السياسي، وقال: للأسف، هناك بعض الأطراف التي تستغل مطالب الشعب المحقة لأهداف سياسية، بهدف دفع المجلس إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تترك أسعار العملات دون رقابة، لكن المجلس لن يتخذ أبدا قرارات تؤدي إلى فقدان السيطرة على أسعار العملات”.
واستدركت الصحيفة: “لكن، من هم هؤلاء الذين يقصدهم قاليباف والذين يسعون خلف أهداف سياسية في قضية استجواب وزير الاقتصاد؟ محمد تقي نقد علي، أحد النواب المقربين من جبهة جبهة بايداري، نفى وجود تلاعب سياسي في موضوع الاستجواب، وأكد في تصريح لوكالة خبر أونلاين: جميع النواب، سواء كانوا من الإصلاحيين أو الأصوليين، يسعون للاستجواب. وأدلى بعض نواب المجلس منهم: أبو القاسم جراره، مجتبی یوسفي، جواد حسيني بتصريحات مماثلة تقريبا”.
استجواب وزير الاقتصاد
قال محمد تقي نقد علي، النائب المقرب من جبهة بايداري، في حديث مع وكالة “خبر أونلاين” تعليقا على حقيقة أن حكومة بزشكيان لم يمر على عمرها سوى ستة أشهر، ورغم ذلك قدّم النواب طلبات لاستجواب أعضائها وضمن ذلك وزير الاقتصاد، إن الشعب يطالبنا باتخاذ موقف بشأن وضع الدولار والتضخم”.
وأضاف: “كما تعلمون، فإن الجهة المسؤولة عن التخطيط وإدارة شؤون البلاد هي السلطة التنفيذية، والمجلس لا يهدف إلى تعطيل الحكومة، لكن في الحالات التي تكون هناك تقصيرات فعلية من مسؤول معين، فنحن ملزمون بأداء واجبنا الرقابي”.
وتابع: “نجري حاليا بعض التحقيقات، وإذا وجدنا تقصيرا فسنقوم بالاستجواب”.
وفيما يخص تصريحات قاليباف حول استجواب البرلمان لتحسين أوضاع الشعب، قال نقد علي إنه يكون مفيدا لحل المشكلات.
وأوضح النائب أن هناك تحفظات من جميع النواب حول القضايا الاقتصادية مثل الدولار، والعملة، والتضخم، وأداء الوزراء. وأشار إلى أنه حتى مؤيدي الحكومة ينتقدون أداء بعض الوزراء، خاصة في موضوع الكهرباء والطاقة.
وأضاف أنه يجب على رئاسة الجمهورية التدخل لمعالجة الأمور قبل أن تصل قضية الوزراء إلى الجلسات العلنية. وأكد أن الاستجواب كان موجودا دائما ولن يؤثر على العلاقة بين الحكومة والبرلمان.
كما صرّح النائب جواد حسيني كيا، بأن هناك أطرافا تسعى لاستجواب وزراء الحكومة قائلا: “برأيي، هذا مطلب شعبي، فمن المسؤول الرئيسي في قضية العملة؟ إن سوء إدارة وزارة الاقتصاد والبنك المركزي هما السبب”.
وأوضح أنهما غير قادرين على حماية العملة، من يتحمل مسؤولية هذا التدهور الكبير في قيمة العملة الوطنية؟ إذا كانوا غير قادرين، فعليهم التنحي.
الوضع الاقتصادي
أضافت الوكالة أن مجتبى يوسفي، عضو هيئة رئاسة البرلمان، صرح قائلا: “الرؤية السياسية للبرلمان واضحة، لكنني شخصيا لم أمنح صوتي لبعض الوزراء بسبب عدم كفاءتهم، مع ذلك، كان هذا المجلس من بين أكثر المجالس والحكومات دعما للحكومة”.
وأضاف: “في البرلمان السابق، تم استجواب أحد وزراء حكومة الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، وأُقيل آخر، وتم عزل بعض المسؤولين ولم تحصل موازنة الحكومة على الموافقة، لذلك، لم يمارس البرلمان الألاعيب السياسية، لأنه يؤمن عميًا بأن نجاح الحكومة هو نجاح النظام.
لكن الآن الشعب يواجه مشكلات اقتصادية، والبرلمان يبذل كل جهوده للتعاون، فمعيشة الشعب وسعر الدولار لهما الأولوية، هل يقبل أحد هذا الوضع الحالي؟ لقد تقلصت موائد الشعب وزاد التضخم”.
وتابع: “في الشهرين الماضيين فقط، ارتفعت أسعار العملات بنحو 60%، مما يعني أن قيمة العملة الوطنية انخفضت بنسبة 60%، وأن قدرة المنتجين انخفضت بنسبة 60%، وهذا يعني تحميل الشعب تكلفة إضافية بنسبة 60%”.
وأشار يوسفي أيضا إلى أنه “عندما يتعين على وزير الاقتصاد المختص أن يركز على هذه القضايا، نجده يتحدث عن موضوع حجب الإنترنت، الحجب هو قرار من اختصاص رئيس الجمهورية، وهو الذي يملك صلاحية الإلغاء أو التأكيد عليها، بصفته رئيس المجلس الأعلى للفضاء السيبراني ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومي”.
وفي ما يتعلق بتأكيد المرشد ضرورة مساعدة البرلمان للحكومة، قال يوسفي: “هل منح الثقة الكاملة للحكومة ودعم مشروع الميزانية كان دعما؟ دعم بأي ثمن؟ إلى أي حد يجب أن يرتفع الدولار؟ هل يجب أن تزداد البطالة؟ هل البرلمان يجب ألا يستخدم أدواته الرقابية؟ في حكومة روحاني، استجوب المجلس بعض الوزراء رغم أن الحكومة والمجلس كانا من الإصلاحيين. هل المطلوب إغلاق البرلمان؟ من يجب أن ينقل مطالب الشعب؟ الشعب واعٍ، ونحن نتعاون ونساعد، لكننا أيضا نستخدم أدواتنا الرقابية باسم الشعب”.
وتابعت الوكالة أن النائب أبو القاسم جراره صرح حول من يقف وراء استجواب وزير الاقتصاد، وقال: “النواب هم من يقفوا وراء ذلك، المخطط الرئيسي هو النائب حاجي دليجاني، وبقية النواب وقعوا معه”.
وردا على السؤال حول أن تصريحات قاليباف بشأن الاستجواب بدت كأنها موجهة لأشخاص معينين، قال: “قاليباف قال ما يريد قوله، والنواب يقومون بعملهم. هو أيضا نائب، لكن له موقع رئاسة البرلمان، وتصريحاته مثل تصريحات أي نائب آخر”.
فيما يتعلق بفكرة قاليباف بأن بعض الأطراف قد تستخدم الاستجواب لتدمير العلاقة بين الحكومة والبرلمان، أكد جراره أن الشعب في حالة ضياع بسبب الارتفاع المفاجئ في أسعار العملات. وقال إن الحكومة استلمت الدولار عند 50 وحدة، والآن وصل إلى 80 أو أكثر، مما يؤثر سلبا على الشعب. وأشار إلى أن هذا الارتفاع يؤدي إلى زيادة الفقر بسبب السياسات الخاطئة في السياسة النقدية والمالية.
وأوضح أنه إذا لم يتمكن البنك المركزي ووزير الاقتصاد من معالجة الوضع، يجب على البرلمان أن يتدخل ويعين شخصا قادرا على حل المشكلة. وشدد على أن زيادة الفقر في بلد غني بالموارد أمر غير عادل. كما أشار إلى أن هناك تعميما سياسيا ضد الشباب ذوي العقود المحددة، حيث يتم إبلاغهم بعدم تجديد عقودهم أو إلغائها، وهو ما يتعارض مع الدستور.
وردا على سؤال حول ما إذا كان هذا الإبلاغ قد صدر في هذه الحكومة أو يعود لفترة سابقة، قال جراره: “نعم، تم الإبلاغ عن وزير الاقتصاد في 21 ديسمبر/كانون الأول 2024، كما صدر إبلاغ آخر في 7 ديسمبر/كانون الأول، هذه الإجراءات بالتأكيد خاطئة”.
وأوضح أنه في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي يعيشها الناس، إضافة قلق جديد إلى مخاوفهم، أي منطق أو عقل يقبل بذلك؟ كيف يمكن إقالة شخص يعمل وقام بترتيب حياته بناءً على هذا العمل؟ أين المنطق والقانون في ذلك؟ هذا يتعارض حتى مع الدستور”.
وأضاف جراره قائلا: “بالتأكيد سنقدم الدعم والمساندة للحكومة، في أي مكان تُظهر فيه الحكومة أداءً جيدا، سنقف إلى جانبها، هذا هو إيماننا بأن على الجميع أن يبذلوا جهدهم لنجاح الحكومة، ولكن هذا مشروط بأن تتحرك الحكومة نحو حل القضايا.
فعندما يرتفع سعر الدولار بهذا الشكل خلال 4 أو 5 أشهر، فهذا أمر مقلق للغاية، الناس يزدادون فقرا ومعاناة، فهل يجب أن نقف مكتوفي الأيدي؟ إذا كان هذا يُفسر على أنه معارضة للحكومة، فهو تفسير خاطئ، نحن نسعى للنهوض بالبلاد ودعم الشعب”.
وتابع: “إذا كانت الحكومة تحتاج إلى صلاحيات معينة تساعدها في حل المشكلة، فلتأتِ وتطلب منا تلك الصلاحيات، وسنمنحها لها، وإذا كان هناك نقص في القوانين، فلتُبلغنا لنقوم بتعديلها”.
ولكن أن نصمت بينما يصل سعر الدولار إلى مليون ريال أو أكثر، فهذا سيؤدي إلى ضغط كبير على الشعب، يجب أن تحدث تغييرات وإصلاحات.”