كتبت: يسرا شمندي
تسعى الحكومة الإيرانية لمعالجة اختلالات إمدادات الغاز من خلال تحسين كفاءة الاستهلاك، والاستثمار في مشاريع تخزين الغاز، وتحديث المعدات، تواجه البلاد تحديات بسبب زيادة استهلاك الغاز وخللا قدره 260 مليون متر مكعب يوميا، مما يتطلب تدابير عاجلة لضمان توفير الغاز في الشتاء، تشمل الخطط الحكومية استثمار 8 مليارات دولار في حقول الغاز وبرامج لتشجيع الأسر على توفير الغاز، مع أهمية إقامة علاقات مباشرة مع أصحاب المصلحة لتحقيق الأهداف المرجوة.
أوضح الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية أن هناك خللا في توازن إمدادات الغاز قدره 260 مليون متر مكعب يوميا، وهو أمر يتكرر سنويا، ومع توقعات الأرصاد الجوية بشتاء بارد هذا العام، قد يتفاقم هذا الخلل ليصل إلى أكثر من 300 مليون متر مكعب يوميا، حتى الآن، لم يتم تحديد الخطوات التي ستتخذها الشركة لضمان توفير الغاز للقطاع المحلي والقطاعات الأخرى، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت ستعتمد على التعريفات المتداخلة كما في السابق أو ستتبنى تدابير جديدة لمواجهة هذا التحدي، وذلك وفقا لما جاء في وكالة أنباء مهر بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين 2024.
وإضافة إلى جميع الخطط المطروحة، يجب على الحكومة أن تستثمر في مشاريع تخزين الغاز، فضلا عن توفير الدعم اللازم للأسر والصناعات التي لا تزال تستخدم المعدات القديمة لتحديث معداتها، وفي هذا السياق، شهد العام الماضي، في ظل الحكومة الثالثة عشرة، اعتماد خطة لاستبدال السخانات بكفاءة عالية، ذلك لأن فرض قيود على قطاع البتروكيماويات والصناعات الأخرى ستترتب عليه خسائر كبيرة للبلاد، وضمن ذلك انخفاض الإيرادات من النقد الأجنبي.
أهمية الغاز للبتروكيماويات من قبل مشتري الغاز
أعلن سكرتير جمعية أصحاب العمل، أحمد مهدوي أبهري، عن توقيع 10 مذكرات تفاهم مع وزارة النفط الإيرانية لاستثمار 8 مليارات دولار في حقول الغاز، مما سيضيف 200 مليون متر مكعب يوميا إلى إنتاج الغاز في إيران، كما أشار إلى برنامج جديد بالتعاون مع البنك المركزي لتشجيع الأسر على توفير الغاز خلال الشتاء، حيث سيتم تنفيذ المشروع تجريبيا في محافظتي كرمانشاه وخراسان، وسيتم شراء الغاز المدخر بسعر الغاز المستخدم في البتروكيماويات، وإذا نجح المشروع، فسيتم توسيعه ليشمل مناطق أخرى ذات طقس بارد.
حصة الغاز الطبيعي في سلة الطاقة بإيران 70%
أكد سعيد توكلي، الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، ضرورة تبني رؤية شاملة لمختلف القطاعات في ما يتعلق بالطاقة، خاصة مع اقتراب موسم البرد، أوضح أن الأولوية الأولى لشركة الغاز هي ضمان تدفق مستقر للغاز إلى المنازل. وأشار إلى التعاون مع قطاع محطات توليد الكهرباء في صيف 2024، حيث تم تأجيل بعض إصلاحات المصافي لتلبية احتياجات هذا القطاع، إذ يتم توفير 83% من وقود المحطات بالغاز، وذلك وفقا لما جاء في موقع جوان أونلاين بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين 2024.
وشدد توكلي على أهمية تحسين كفاءة الاستهلاك، حيث تم تكليف 13 وكالة مختلفة بالعمل على هذا الأمر بموجب القانون، وأضاف أن 70% من سلة الطاقة في البلاد تعتمد على الغاز، مشيرا إلى الجهود المستمرة لضمان استقرار إمدادات الغاز لجميع المشتركين، من المنازل إلى الصناعات.
كما أعلن أن إصلاحات المصافي تم تأجيلها خلال الصيف لمساعدة قطاع الطاقة، ويتم حاليا تنفيذ أعمال الإصلاح قبل حلول الشتاء لضمان توفير الغاز للتدفئة.
وأفاد النائب الأول للرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، بوجود اختلالات في إنتاج واستهلاك الغاز، داعيا العلماء إلى تقديم حلول للتصدي لهذه المشكلة، كما أكد رئيس لجنة الطاقة في البرلمان موسى أحمدي، أن الزيادة في الاستهلاك غير الأمثل، وعدم توافر زيادة في الطاقة الإنتاجية، إضافة إلى نقص النظرة الاستراتيجية، ساهمت في تفاقم هذه الاختلالات، وذلك استناداً إلى ما جاء في وكالة أنباء إرنا بتاريخ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
والجدير بالملاحظة أن استهلاك الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2023 بلغ نحو 117 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 132 مليار متر مكعب خلال الخريف والشتاء. بين عامي 2011 و2022، زاد استهلاك الغاز بمعدل 4.8% سنويا، بينما كان نمو الإنتاج 3.8% سنويا، مما أدى إلى اختلال توازن يومي بمقدار 200 مليون متر مكعب وزيادة الضغط على استهلاك الطاقة، مما تسبب في تحديات اقتصادية وتنموية كبيرة.
وأوضح رئيس مجموعة بتروبارس، حميد رضا ثقفي، أن الحكومة تخطط لتعديل استراتيجياتها لمواجهة اختلال توازن الغاز في فصل الشتاء، سيتم الانتهاء من بئر لإنتاج الغاز بحلول ديسمبر/كانون الأول 2024، ويهدف مشروع حفر ثماني آبار إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للغاز بأكثر من 15 مليون متر مكعب يوميا، هذه الإجراءات جزء من خطة شاملة تشمل زيادة ضغط بارس الجنوبي، شدد ثقفي على أهمية إدارة استهلاك الغاز لضمان شتاء مستقر دون انقطاع.
أهمية إقامة العلاقات مع أصحاب المصلحة في قطاع الغاز
أشار رئيس العلاقات العامة في شركة الغاز الوطنية الإيرانية سيد حسن موسوي، إلى ضرورة الاستفادة من القدرات الموجودة في مجالي التعليم والمنظمات غير الحكومية، وذكر أن التواصل يجب أن يتم بطريقة تعزز الرسائل من الناس إلى الناس، وليس فقط من الحكومة إلى الشعب، وأكد موسوي أن عقد المؤتمرات والاجتماعات الجماعية يمكن أن يساهم في رفع الوعي والاستخدام الأمثل للموارد، كما شدد على أهمية تقديم أساليب الاستهلاك المثلى بأسلوب يعكس آراء الناس، معتبرا أن هذه الطريقة قد تكون أكثر تأثيرا من تصريحات المسؤولين، إضافة إلى ذلك، أوضح أن إرسال رسائل SMS والتواصل المباشر مع الجمهور يمكن أن يلعبا دورا فعالا في الإعلام، وذلك طبقا لما جاء في صحيفة همشهري بتاريخ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وأكَّد أن إقامة علاقة مباشرة مع أصحاب المصلحة تعكس مدى تفهم شركة الغاز الوطنية لاحتياجاتهم وظروفهم، مما يتطلب العمل على تلبيتها بشكل ديناميكي يتماشى مع الظروف الراهنة.
تخزين الغاز هو الحل الاقتصادي للقطاع الصناعي
يعد إنشاء مرافق تخزين الغاز في إيران يُعد استراتيجية حيوية لمعالجة اختلالات استهلاك الغاز الموسمية، خاصة للقطاع الصناعي، هذه المرافق تقدم فوائد عديدة، مثل خفض التكاليف وزيادة الإنتاجية والربحية، والاستثمار في تخزين الغاز يُعتبر حلا اقتصاديا يُساعد الصناعات على مواجهة الاضطرابات الناتجة عن تقلبات إمدادات الغاز، خاصة في فصل الشتاء عندما يزيد الطلب المنزلي على الغاز للتدفئة، مما يؤثر سلبا على توافر الغاز للاستخدام الصناعي، وذلك حسبما جاء في موقع جوان أونلاين بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
والجدير بالذكر أن الاستثمار في مرافق تخزين الغاز يتيح تخزين فائض الغاز في الأشهر الدافئة، مما يضمن إمدادات ثابتة خلال فترات الطلب المرتفع، هذا يساعد في استقرار الإنتاج وتقليل تأثير نقص الغاز على التكاليف، تُظهر التجارب الأوروبية أهمية تخزين الغاز في إدارة الطلب خلال الشتاء وازدهار الصناعات، تدرك الحكومة الإيرانية ذلك، وتقدم حوافز مثل خصومات على أسعار الغاز المُخصص للتخزين ضمن خطة التنمية السابعة، مما يقلل من آثار تقلبات الأسعار ويضمن استمرارية الإنتاج.