كتب محمود بدوي
أعلن عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، محمد رشيدي، الأحد 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عن تلقي طلب الاستقالة الخاص بالعضو البرلماني عبد الكريم حسين زاده النائب عن منطقتي نقدة واشنوية، من عضوية البرلمان، وذلك بعد حالة الجدل التي أثارها زاده في الأيام الماضية.
محمد رشيدي عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، وذلك وفق ما نقله تقرير وكالة “إيسنا” الإيرانية، وفي أثناء تلاوته إعلان استلام طلب استقالة عبد الكريم حسين زاده، قال إنه تنفيذا للمادة 90 من قانون البرلمان الإيراني قد أعلن مجددا عن طلب استقالة السيد عبد الكريم حسين زاده؛ حتى يستطيع أن يبدأ في ممارسة مهام وظيفته الجديدة، كنائب للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لشؤون تنمية الريف والمناطق الفقيرة.
سبب طلب استقالة عبد الكريم حسين زاده
تقدم عبد الكريم حسين زاده بطلب الاستقالة من عضوية البرلمان قبل أيام قليلة، بعد أن أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في رسالة إلى البرلمان، 28 أغسطس/آب 2024، أنه يريد تعيين حسين زاده، ممثل نقدة وأشنوي، نائبا لرئيس الجمهورية لتنمية القرى والمناطق النائية؛ نظرا إلى خبرته القيّمة وبحثه عن حقوق الأقليات.
ويعتبر ذلك سابقة تاريخية تحدث لأول مرة في إيران، وهو تعيين نائب “كردي سني” للرئيس الإيراني. وبعد رسالته، قدم حسين زاده استقالته إلى البرلمان، وناقش النواب أيضا استقالة حسين زاده من منصب النائب في الجلسة العامة يوم 25 سبتمبر/أيلول 2024.
معارضة طلب الاستقالة
وبحسب المادة 94 من اللائحة الداخلية للبرلمان الإيراني، فإن تولي أي نائبٍ مسؤولية في الحكومة يتطلب التصويت على استقالته من البرلمان. وهنا ظهرت الأصوات المعارضة لطلب الاستقالة، حيث أبدى بعض أعضاء في البرلمان الإيراني رفضهم استقالة عبد الكريم حسين زاده من البرلمان.
كما أن هذه المعارضة لاستقالة زاده ظهرت فيها بصمات الأصوليين ومنتقدي الحكومة، وبعد التصويت لآراء المؤيدين والمعارضين، حيث كانت الأغلبية للمعارضين بـ129 صوتاً و107 أصوات مؤيدة، في حين امتنع 5 أعضاء عن التصويت.
لكن معارضة النواب استقالة حسين زاده أثارت نقاشات قانونية وسياسية مختلفة، فقد تحدث 5 نواب معارضين لاستقالة حسين زاده؛ وهم مجتبي ذو النوري، مهرداد لاهوتي، ومصطفى بوردهقان، وأحمد مرادي، وهادي قوامي حول حيثيات رفض قبول استقالة زاده.
كانت الأسباب الرئيسية لمعارضتهم الاستقالة مرتبطة بحقيقة أنه مع استقالة نائب آخر من البرلمان، ستضعف السلطة التشريعية، وحسين زاده شخصية محترفة ويجب أن يخدم الشعب الإيراني من خلال عضويته في البرلمان.
في حين أوضح النائب مهرداد لاهوتي، أن رفض استقالة حسين زاده يعود إلى الرغبة في الاستفادة من دوره التشريعي؛ نظراً إلى قدراته وخبرته. وقال لاهوتي إن قرار رفض استقالة حسين زاده لا علاقة له إطلاقا بانتمائه المذهبي، في إشارة الى كونه “سنيا”، كما أن مدة التمثيل أربع سنوات، وعلى النواب ألا يتخذوا منصب النائب سلما لمسؤوليات أخرى.
كما كتبت وكالة “فارس” للأنباء: “يرى نواب البرلمان أنه لا ينبغي للرئيس أن يصدر أمرا للنائب الذي لا يزال مسؤولا عن منصبه التمثيلي قبل البدء في عملية الاستقالة، ويعتبرون هذه العملية ضد مصالح البلاد والبرلمان”.
وأوضح محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الإيراني، أنه بحسب المادة 90 من اللائحة الداخلية للبرلمان، فإنه بعد الموافقة على أوراق التفويض، يجب على أي نائب، إذا أراد الانسحاب من منصبه “أن يستقيل”، يكون قبول الاستقالة عن طريق المجلس الإسلامي إلزامياً.
ورأى البعض أن سبب هذه المعارضة سياسي، في حين أكد بعض النواب أن التصويب السلبي جاء لمنع بقاء كرسي النائب شاغرا في البرلمان.
كما أضاف علي مجتهد زاده، الذي يعتبر من النشطاء الإيرانيين، عبر منصة تويتر، أن معارضة البرلمان استقالة عبد الكريم حسين زاده وتعيينه نائبا للرئيس تحمل رسالة تتعلق بمخالفة التغييرات الاجتماعية والسياسية الإيجابية في الحكومة الرابعة عشرة. من الناحية القانونية، لا يوجد أي مانع قانوني أمام الرئيس لتأكيد هذا التعيين، وإعادة النظر في الاستقالة وتجديد التصويت في مجلس النواب.
موقف بزشكيان من البرلمان تجاه القضية
لكن الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان، تمكن من كسر الحاجز تجاه السُّنة، وتنفيذ بعض وعود أطلقها لهم خلال حملته الانتخابية، لكن طبقا لتقرير “تابناك”، عندما علم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي كان في نيويورك، بمعارضة البرلمان الحكم الصادر بشأن عبد الكريم حسين زاده، أصرعلى قراره بعد ساعات قليلة من جلسة البرلمان. كما أنه قد أوضح خلال لقائه مع الإيرانيين المقيمين بالولايات المتحدة: “سنبذل كل ما في وسعنا لاستغلال كافة الإمكانيات من أجل تنمية البلاد. وفي هذا الصدد، ولأول مرة، تم انتخاب اثنين من السُّنة، وهما أكراد أيضاً، نائبا للرئيس ومحافظا، وهو أمر غير مسبوق”.
ومن الجدير بالذكر أن المسلمين السُّنّة يشكلون نحو 20% من سكان إيران، حيث الغالبية من الشيعة، وتضم الأقلية السنية أقليات عرقية كالأكراد والتركمان والعرب والبلوش، إضافة إلى الفرس، وهم موزعون في مختلف المحافظات الإيرانية. لكن نادرا ما شغلوا مناصب رئيسية في السلطة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في العام 1979.