كتبت: شروق السيد
لا تزال قضية اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين تمثل أحد أكثر الملفات غموضا وحساسية في المشهد السياسي والأمني الإيراني، تصريحات حديثة أدلى بها محمود علوي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق، سلطت الضوء على الصعوبات التي واجهتها الأجهزة الأمنية في تحديد هوية بعض منفذي الاغتيالات التي طالت علماء بارزين، ورغم إعلان علوي عن نجاح الأجهزة الأمنية في تحديد هويات منفذي الاغتيالات، فإن تصريحات أخرى من القضاء الإيراني تكشف عن أحكام إعدام صدرت بحق متهمين.
الجناة مجهولون
أوضح محمود علوي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق ومساعد الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان في شؤون الأعراق والأديان والمذاهب، في تصريحاته يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، خلال حفل إطلاق مجموعة كتب “التاريخ الشفوي لحياة شهداء الطاقة النووية”:
“لم نتمكن من تحديد هوية الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة اغتيال أربعة من العلماء الذين تم اغتيالهم في مجال الطاقة النووية، وهم علي محمدي، ومجيد شهریاري، ورضائي نجاد، وأحمدي روشن”.
وتابع: “كما لم نتمكن من دراسة أساليب اغتيالهم بشكل دقيق، لكن الوضع كان مختلفا في حالة الشهيد فخري زاده، تمكنا من تحديد هوية جميع المتورطين في العملية، لكننا واجهنا عدوا شديد الحذر، وعادةً ما كانوا يفرون حتى قبل نصف ساعة من وصولنا إليهم”.
وأضاف وزير الاستخبارات السابق: “تمكنا من تحديد هوية من شاركوا في اغتيال الشهيد فخري زاده وأيضا المتورطين في سرقة الوثائق النووية. في حالة فخري زاده، تم تحديد منازل الأشخاص في غرب طهران، وعندما توجهنا نحو تلك المنازل، كانوا قد غادروها قبل نصف ساعة من وصولنا.
ثم تتبعنا آثارهم في أراك، لكنهم غادروا المكان مجددا، بعدها توجهوا إلى همدان ومن ثم إلى سنندج، ثم إلى سقز، ولكن بسبب عدم وجود كاميرات في سقز، لم نستطع تحديد مكانهم، ثم غادروا البلاد، ولكننا تمكنا من تحديد هوياتهم”.
وتابع: “اليوم لدينا عدو يضع كل قوته لتقويض أمن علمائنا والنشطاء الاقتصاديين لدينا، يجب علينا أن نضع النزاعات الداخلية جانا وأن تتعاون جميع الأجهزة الاستخباراتية معا لمتابعة العدو بحذر وذكاء؛ لكيلا يشعر العدو بأي فراغ في الرقابة أو في المعلومات.
الحمد لله، لم يحدث شيء في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، ونأمل أن نتمكن من إحباط محاولات العدو وأن يعمل علماؤنا في بيئة آمنة، مما يساعدهم على الابتكار وتطوير حلول جديدة، حتى يصلوا إلى نقطة يعرف فيها العدو أنه لا يستطيع فرض إرادته على إيران”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “خبر أونلاين“.
محاكمة المتهمين في اغتيالات العلماء.. بين التصريحات المتناقضة وقرارات القضاء
الحكم بإعدام 3 متهمين في قضية اغتيال فخري زاده
وعلى الرغم من أن محمود علوي قد أعلن أن المتهمين في قتل محسن فخري زاده قد هربوا، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أنه تم الحكم بالإعدام على ثلاثة أشخاص في قضية محسن فخري زاده.
قال جهانجير، المتحدث باسم السلطة القضائية، في رده على سؤال حول آخر تطورات قضية المتورطين في اغتيال الشهيد فخري زاده: “تم التعرف على 8 متهمين في هذه القضية بمحافظة أذربيجان الغربية، وتم فتح ملفات لهم، ثلاثة من هؤلاء الأفراد تم تقديمهم للمحكمة بعد إصدار قرار استدعاء بسبب تورطهم في التجسس لصالح النظام المحتل، ثلاثة من أعضاء هذه العصابة، إضافة إلى التجسس، كانوا قد نقلوا معدات اغتيال الشهيد فخري زاده إلى داخل البلاد تحت غطاء تهريب المشروبات الكحولية”.
وأضاف: “في المحكمة الابتدائية، تم الحكم على هؤلاء الثلاثة بالإعدام، والقضية الآن في مرحلة الاستئناف، أما بالنسبة لبقية المتهمين الذين تم التعرف عليهم في قضية اغتيال الشهيد فخري زاده، فقد تم فتح قضية لهم في محكمة محافظة طهران”، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “تابناک“.
تنفيذ إعدام مجید جمالي فشي
وكذلك تم إعدام مجيد جمالي فشي في تاريخ 15 مايو/أيار 2012، في حين أعلن محمود علوي أنه لم يتم التمكن من تحديد هويته.
وفقا للموقع الإيراني “خبر أونلاين“، تم إعدام مجيد جمالي فشي، الجاسوس التابع لجهاز الموساد وعامل اغتيال مسعود علي محمدي من علماء الطاقة النووية، صباح اليوم.
الشخص المذكور، الذي كان قد تواصل خلال سفره إلى الخارج مع عناصر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي المعروف بالموساد، قد التقى في عدة مرات مع عملاء هذا الجهاز في دول مختلفة، وفي النهاية تم نقله إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة لتلقي تدريبات عسكرية وإرهابية متخصصة في عملية اغتيال الشهيد علي محمدي، بعد عودته إلى البلاد، قام بتجهيز التحضيرات لتنفيذ الجريمة، وفي النهاية فجر دراجة نارية بالقرب من منزل هذا العالم النووي، مما أسفر عن استشهاده.
اعتراف المسؤول عن فريق اغتيال مجيد شهرياري
وكذلك أيضا على رغم تصريح محمود علوي بعدم التمكن من تحديد هويات المتورطين في اغتيال العلماء، نشر التلفزيون الإيراني اعتراف أحد المتهمين بقتل مجيد شهرياري.
في عام 2012، عُرض فيلم وثائقي بعنوان “نادي الاغتيالات” على التلفزيون، حيث اعترف فيه مازيار إبراهيمي، أحد المتهمين في القضية، بأنه كان مسؤولا عن فريق اغتيال مجيد شهرياري ولعب دورا في اغتيال مسعود علي محمدي، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “فرارو“.
نبذة عن العلماء النوويين الإيرانيين الذين تم اغتيالهم
مسعود علي محمدي
مسعود علي محمدي، أحد أبرز العلماء النوويين في إيران، وُلد في مارس/آذار 1961 بمدينة ايذه، أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في المدينة نفسها، وكان من الطلاب المتفوقين.
الدراسة والأنشطة العلمية
كان علي محمدي أول شخص يحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء داخل إيران، أكمل دراسته الجامعية في جامعة شيراز، ودرجة الماجستير والدكتوراه بجامعة شريف تخصص في مجال فيزياء الجسيمات الأولية، كان من أبرز أساتذة جامعة طهران ومركز أبحاث العلوم الأساسية، وقدم مساهمات كبيرة في التدريس والبحث.
الاغتيال
اغتيل الدكتور علي محمدي في 11 يناير/كانون الثاني 2010 في أثناء خروجه من منزله، إثر انفجار قنبلة يتم التحكم فيها عن بُعد، وذلك حسبما ذكرت وكالة أنباء “إيرنا“.
عمله في جامعة الإمام الحسين
أعلنت العلاقات العامة لمنظمة الباسيج في رسالة تعزية مسعود علي محمدي، أن مسعود علي محمدي كان يدرّس أيضا في جامعة مالك اشتر وجامعة الإمام الحسين، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “هابيليان”.
وقد ذكر موقع الجزيرة أن جامعة الإمام الحسين في طهران تعتبرها المعارضة الإيرانية في الخارج “مطبخ” البرنامج النووي الإيراني الذي تنفي طهران وجوده.
مجيد شهرياري
مجيد شهرياري، عالم إيراني بارز، ولد عام 1966 في زنجان، حصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الإلكترونيات من جامعة “أمير كبير” التقنية، والماجستير في الهندسة النووية من جامعة “شريف” الصناعية، والدكتوراه في الهندسة النووية من جامعة “أمير كبير”، وذلك بحسب الموقع الإيراني “تابناک“.
المناصب التنفيذية لشهرياري
وبحسب الموقع الإيراني “مشرق“، فمنذ عام 2004 وحتى اغتیاله كان شهرياري ممثلا لجامعة شهيد بهشتي في الشؤون التنفيذية للتعاون مع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، كما شغل عدة مناصب أخرى، منها:
عضوية الجمعية النووية الإيرانية.
إدارة قسم تطبيق الإشعاع.
عضوية مجلس المختبر ومجلس التكنولوجيا في الجامعة.
عضوية اللجنة الفنية والهندسية التابعة لهيئة التقييم.
مستشار إيران في مشروع سيزامي.
تنظيم أربع لجان علمية وورش تدريبية.
اغتيل بواسطة قنبلة لاصقة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2010
داريوش رضائي
أتم داريوش رضائي نجاد مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي بسرعة وبنجاح كبيرين، وحصل على شهادة الثانوية العامة في عام 1994 في فرع الرياضيات، ثم التحق بجامعة مالك اشتر في أصفهان لدراسة الهندسة الكهربائية، وتخرج فيها بتفوق.
عمل باحثا في المراكز العلمية الرئيسية بإيران، وقُبل في امتحان الماجستير لعام 1999 في جامعة أرومية، قدّم العديد من المقالات العلمية وأدار العديد من المشاريع البحثية.
كان يشغل منصب مساعد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عمر 34 عاما، وكان متخصصا في دراسة أنظمة الانفجار في الرؤوس الحربية النووية.
اغتيل في شرق طهران من قبل مسلحين مجهولين في يوليو/تموز 2011، وذلك حسبما ذكر الموقع الإيراني “حوزه“.
مصطفى أحمدي روشن
ولد مصطفى أحمدي روشن، عام 8 سبتمبر/أيلول 1979، وتخرج عام 2002 في جامعة شريف بتخصص الهندسة الكيميائية.
وكان يشغل منصب مساعد الشؤون التجارية لموقع نطنز النووي، كان طالب دكتوراه وأحد نخبة جامعة شريف، وله عدة مقالات علمية منشورة باللغتين الفارسية والإنجليزية.
اغتيل11 يناير/كانون الثاني 2012 إثر انفجار قنبلة مغناطيسية وُضعت في سيارته بميدان كتابي، بداية شارع گل نبي في طهران، على يد عملاء، وذلك حسبما ذكر موقع الجامعة الإيرانية “دانشگاه ایلام“.