كتب: محمد بركات
وجَّه علماء السنة في إيران رسالة إلى العالم الإسلامي بشأن الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، مطالبين بردٍّ واضح وعلني على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وذلك وفقا لتقرير وكالة مهر الإخبارية بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وبحسب التقرير، فقد بدأت الرسالة باستعراض الوضع الحالي في غزة، حيث ذكرت: “نشهد اليوم في أرض أولى القبلتين، فلسطين العزيزة، وبالأخص في قطاع غزة الصامد، جرائم الكيان الإسرائيلي الخبيث بدعم من الشيطان الأكبر، أمريكا، كما نشهد إبادة جماعية عنصرية وتهجيرا قسريا لآلاف من سكان القطاع، بينما تُرتكب أحداث مؤسفة ومؤلمة”.
وقد أشادت الرسالة بالموقف الإسلامي منذ بداية الأحداث، لكنها اعتبرت أن ذلك الموقف غير كافٍ، حيث جاء فيها: “خلال العام الماضي، ومنذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، العملية التي قامت بها حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كنا نتابع مواقفكم القيمة تجاه ما يجري في القدس الشريف وغزة العزيزة. لقد سمع الجميع أصوات اعتراضكم وغضبكم، وهو أمر يُقدر لكم، ومع ذلك، فإن ما دفعنا لكتابة هذه الرسالة إليكم هو استمرار جرائم العدو الصهيوني المسلح حتى النخاع، بدعم علني من أمريكا وبعض الدول الأوروبية. لم يلتفت هذا الكيان الغاصب وداعموه
إلى احتجاجات العلماء المسلمين أو حتى المنظمات الدولية غير الفاعلة. آلة القتل الصهيونية لا تعرف حدا، وها هي الآن تمتد من غزة إلى لبنان الإسلامي، وقد تتوسع لتشمل بقية الأراضي الإسلامية، إضافة إلى ذلك، يسعى الاحتلال الإسرائيلي، بدعم متوقع من الإدارة الأمريكية الجديدة، إلى ضم الضفة الغربية بالكامل وإنهاء مشروع إقامة الدولة الفلسطينية”.
وقد دعا علماء السنة في إيران خلال رسالتهم، إلى فتح باب الجهاد أمام جموع المسلمين، حيث قالوا: “ونحن، علماء أهل السنة في إيران، نتوجه إليكم، علماء العالم الإسلامي، بدعوة لتجاوز إصدار البيانات إلى اتخاذ خطوات عملية، حتى لو ترتب على ذلك مواجهة أنظمة مستبدة متواطئة مع الغرب، ففي هذه المرحلة الحساسة، حيث يقف الكفر مجتمعا في مواجهة الإسلام، في مشهد يذكرنا بغزوة الأحزاب، فإن حكم الإسلام هو وجوب الجهاد في مواجهة هؤلاء الكفار المحاربين. وعليه، فإن الواجب يحتم على جميع المسلمين الأحرار حمل السلاح والدفاع عن الدين والمال والعِرض، كما أن أمة المقاومة حية ولن تسمح بمزيد من التعديات”.
كما ورد بالرسالة توصيات صريحة للشعبين المصري والأردني، حيث تقول: “نوصي بالعمل مع الإخوة الأردنيين لمنع تصدير أي بضائع إلى الأراضي المحتلة على الأقل حتى وقف الحرب في غزة، وفتح الحدود الأردنية أمام الشباب للدخول إلى القدس الشريف، كذلك المشاركة مع الإخوة المصريين في منطقة رفح للضغط لفتح الحدود، أو التظاهر هناك حتى وقف العدوان، وأيضا إصدار فتوى بالجهاد المسلح ضد الصهاينة موجّهة إلى الأمة الإسلامية، خاصةً الشباب”.
ووفقا للتقرير، فقد وقع على الرسالة عدد كبير من علماء السنة في إيران، أبرزهم الملا قادر قادري، إمام جمعة باوه، وسيد عبد الصمد ساداتي، إمام جمعة سراوان، وإقبال بهمني، عضو مجلس خبراء القيادة في كردستان، والشيخ الدكتور خليل أفرا، رئيس هيئة الإفتاء لأهل السنة في محافظة بوشهر.
رسائل علماء السنة السابقة:
لم تكن تلك المرة الأولى التي تصدر فيها رسالة من قبل علماء المذهب السني بإيران، ففي 7 أكتوبر/تشرين الأول عندما أرسل 300 عالم من علماء السنة خطاب تأييد ودعم إلى علي خامنئي، المرشد الإيراني، وذلك بعد عمليات الوعد الصادق 2، التي وقعت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي جاءت ردا على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، وحسن نصر الله، أمين عام حزب الله، وعباس نيلفروشان، القائد بالحرس الثوري. وقد جاء فيها: “إن العملية التي نُفذت بحكمة وقيادة مقتدرة من سماحتكم، وبعد صبر مشرف دامَ فترة، وبأيدي قوات الحرس الثوري الإسلامي الباسلة، والتي استهدفت قلب الأراضي المحتلة بنيران الغضب الناجم عن استياء الأمة الإسلامية وجنود الله، قدمت عزاء لقلوب عوائل الشهداء المكلومة، والمستضعفين في فلسطين، وكل الأحرار في العالم. كما أعطت حياة جديدة وعزيمة لا تقهر لمجاهدي القدس الشريف لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، حتى زوال هذا الكيان غير الشرعي الذي ولد من استكبار عالمي”، وذلك وفقا لتقرير موقع خبر أونلاين الصادر بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
كذلك، ففي أكتوبر/تشرين الأول للعام 2023، أصدر علماء السنة في إيران بيانا يدعمون فيه عمليات طوفان الأقصى، ويدينون فيه الأعمال القمعية والتحريضية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. وأشاروا إلى الهجمات المتواصلة للمستوطنين الصهاينة على المسجد الأقصى واعتداءاتهم على هذا المكان المقدس، إضافة إلى الهجمات على ممتلكات الشعب الفلسطيني بدعم من جيش الاحتلال، وذلك وفقا لتقرير موقع خبربان المنشور بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد جاء في هذا البيان: “يجب على علماء الأمة الإسلامية أن يقوموا بدورهم في توعية الشعوب وتوضيح الحقائق المتعلقة بالقضية الفلسطينية وعليهم أن يشرحوا هذه الحقائق للأمة ويحثوا المسلمين على دعم المقاومة، كذلك فعلى الشعوب تنظيم تظاهرات تأييدا للمقاومة الفلسطينية، والضغط على حكوماتهم للقيام بدور فاعل في دعم القضية، ويجب على الحكام المسلمين عدم تقديم أي عون للكيان الإسرائيلي، وتقديم كل سبل الدعم اللازم للمقاومة الباسلة”.
وفي رسالة أخرى وجهها علماء السنة في إيران إلى العالم الإسلامي حول الوضع في ميانمار، فقد أعربوا عن استنكارهم للجرائم المرتكبة ضد أقلية الروهينغا المسلمة، معتبرين أن ما يحدث يشكل انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية الأساسية، وذلك وفقا لتقرير وكالة أنباء مهر الإخبارية الصادر بتاريخ 5 يناير/كانون الثاني 2018.
ووفقا للتقرير، فقد طالب علماء السنة المجتمع الدولي والمؤسسات الإسلامية ببذل جهود فاعلة للضغط على حكومة ميانمار لوقف هذه الانتهاكات، كما دعوا إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للاجئين الروهينغا، الذين يعيشون في ظروف قاسية بمخيمات اللاجئين في بنغلاديش ودول الجوار، مؤكدين أن قضية الروهينغا ليست قضية تخص أقلية بعينها، بل هي مسؤولية الأمة الإسلامية ككل، داعين الحكومات الإسلامية إلى توحيد الموقف واتخاذ خطوات دبلوماسية وسياسية للتعامل مع هذه الأزمة، بما يشمل فرض عقوبات على ميانمار إذا استمرت في سياساتها القمعية.