ترجمة: يارا حلمي
أجرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، يوم الجمعة 21 مارس/آذار 2025، حوارا مع أسد الله بادامجيان، الأمين العام لحزب “المؤتلفة الإسلامي” (أحد أقدم الأحزاب الإسلامية الأصولية في إيران)، تناولت فيه دور الأحزاب السياسية في المجتمع، واستعرضت خططًا مبتكرة واقتراحات لحل مشكلة الغلاء، وتنظيم سوق الصرف، وإدارة الميزانية.
تحركات الأحزاب
وفي تقييمه لأداء الأحزاب في عام 2024، أشار أسد الله بادامجيان إلى أنه لم يكن هناك فرصة حقيقية لتقييم الأداء بسبب حادث وفاة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، وكذلك إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية المبكرة.
وأضاف أن الأحزاب في إيران تعمل وفقًا لوجهات نظرها، مواقفها، ورؤيتها للعالم، والأهداف التي تسعى لتحقيقها، مما يجعل من الصعب تقييمها ضمن إطار موحد.
وأشار إلى أن الأحزاب في الغرب تدافع بشكل أساسي عن النظام والمصالح الغربية، بينما في الأنظمة الشيوعية عادة ما يوجد حزب شيوعي واحد حاكم، حيث تلعب الأحزاب الأخرى دورًا ثانويًا، مما يؤدي إلى وجود نظام ذي حزب واحد في الدولة.
وتابع قائلاً إن وضع الأحزاب في كل دولة يعتمد على ظروفها السياسية والاجتماعية. ففي بعض الدول، يكون هناك رئيس حكومة بينما تمارس الأحزاب أنشطتها، لكن في الواقع يكون النظام دكتاتوريًا.
وذكر فترة حكم الشاه في إيران، حيث تم حل جميع الأحزاب ولم يُسمح إلا لحزب “رستاخيز” بالعمل. ورغم طرح فكرة إنشاء حزبين في مرحلة معينة، إلا أن هذه الأحزاب لم تكن حقيقية.
وأوضح أن هناك أكثر من 100 حزب نشط في البلاد، وقال: “في نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، توجد أحزاب وجماعات مختلفة نشطة، من بينها أكثر من 100 حزب، بعضها محلي وآخرون وطنيون، وتتنوع الأحزاب الوطنية بين ثلاث مجموعات رئيسية: أصوليون، إصلاحيون، ومستقلون”.
وأكد بادامجيان أن نشاط الأحزاب في عام 2024 كان على النحو التالي: “كل حزب قدم مرشحيه للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، ولكن لم يكن هناك استقبال واسع لهؤلاء الأشخاص.
وفي النهاية، لم يتمكن أي حزب من الحصول على أكثر من 50% من أصوات المشاركين في الانتخابات. علاوة على ذلك، واجهت الأحزاب في عام 2024 مشكلة التعددية”.
النشاط الحزبي
وأضاف السياسي الإيراني قائلاً: “على الرغم من كل التحديات التي تواجه النشاط الحزبي، أعتقد أن الأحزاب يمكنها في عام 2025 أن تجد موقعًا أفضل لتحسين أوضاعها، بشرط أن تمتلك تنظيمًا حزبيًا كافيًا وشاملًا”.
وتابع قائلاً إن الأحزاب يجب أن تعمل في إطار الخطوة الثانية للثورة لبناء حضارة إسلامية حديثة، والتوجه نحو تكوين مجتمع نموذجي إسلامي، والسير في مسار الدولة الكريمة للجمهورية الإسلامية، بما يتماشى مع السياسات العامة للنظام وقيادته.
الاهتمام بحل المشكلات المعيشية
كما ذكر بادامجيان: “في العام الماضي، لم تتمكن الأحزاب من تحقيق نجاح سياسي لافت، وكانت أنشطتها الرئيسية تقتصر بشكل أساسي على الأعمال الجارية والأنشطة المعتادة. ونظرًا لعدم إجراء انتخابات في عام 2025، ستتراجع أيضًا الأنشطة العلنية، ويتوقف الأمر على كيفية تحركها في إطار الخطوة الثانية للثورة”.
وأكد بادامجيان أن الأحزاب يجب أن تكون مسؤولة عن تلبية احتياجات المجتمع، النظام، والشعب، وقال: “في الوقت الحالي، يطالب الناس بحل مشكلاتهم المعيشية. هم بحاجة إلى إدارة دخلهم ونفقاتهم بحيث يكون دخلهم أعلى من مصاريفهم”.
وأضاف: “إذا تحقق ذلك، واستطاع حزب أو أحزاب أن تخلق الأمل في قلوب الناس من خلال هذه الجهود، فبالتأكيد سيكون نشاطهم فعالًا ومؤثرًا. أما إذا لم يتمكنوا من تحقيق ذلك، فلن يكون لمجرد ممارسة النشاط الحزبي أي تأثير ملموس”.
وفي رده على سبب تهميش الأحزاب بعد الانتخابات، وغياب أخبارها حتى الانتخابات التالية، وعدم التعامل مع أنشطتها بجدية، قال: “الحزب كيان شعبي وليس بنية حكومية، فإذا قبله الناس، فسيكون قادرًا على النشاط والتأثير. أما إذا تم تأسيسه فقط بدعم من الحكومات بشكل مؤقت، فسوف يختفي مع تغير الحكومة”.
كما أكد أن الحكومة في إيران حاليًا لا تُدار من قبل الأحزاب، وأن الأحزاب ليست مرتبطة بالحكومة، إلا إذا أرادت بنفسها أن تعمل كحزب قوي، وهو أمر يتطلب الوقت والجهد المستمر. لتحقيق هذا الهدف، يجب على الأحزاب أن تكون حاضرة بشكل نشط بين الناس وتعزز تواصلها مع المجتمع.
حزب مؤتلفة
وأشار بادامجيان إلى أن حزب “المؤتلفة الإسلامي” تمكن من مواصلة نشاطه لمدة 62 عامًا، ولعب دورًا في مجالات السياسة الداخلية والدولية، بالإضافة إلى القضايا الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، استنادًا إلى مبدأ الاستقلالية.
وأضاف: “إذا استطاعت الأحزاب توضيح رؤاها وبرامجها بشكل صحيح للناس وصنّاع القرار، فإنها ستلقى قبولاً أوسع وستكون أكثر تأثيرًا في المجتمع”.
تقليل عدد الأحزاب
أكد رئيس المجلس المركزي لحزب مؤتلفة أن تقليل عدد الأحزاب لن يحل مشكلة جمود الأحزاب، مشددًا على أن تعدد الأحزاب مسألة شعبية وضرورية لكل مجتمع، حتى في الأنظمة الدكتاتورية، حيث لا يمكن إجبار الناس على النشاط ضمن إطار حزب واحد فقط.
وتابع قائلاً إن تجربة الأنظمة الشيوعية أحادية الحزب أثبتت أن نموذج الحزب الواحد، رغم دكتاتورية البروليتاريا، لم يحقق النجاح عمليًا. وفي رده على سؤال حول إمكانية تشكيل حزب شامل على مستوى البلاد وفقًا لما يؤكده بعض السياسيين، قال: “ينبغي توجيه هذا السؤال إليهم.
أما حزب مؤتلفة، فهو حزب ذو 62 عامًا من التاريخ، ودائمًا ما كان نزيهًا ونظيفًا، بحيث لا يمكن لأحد استغلاله لتحقيق مصالح شخصية”.
وأضاف بادامجيان: “مؤخرًا، كنا في اجتماع حيث قال بعض الحاضرين إن أعضاء حزب مؤتلفة لديهم أموال. فأجبناهم: أين رأيتم أن الحزب يتمتع بامتيازات خاصة؟ هذا الحزب لا يتلقى أي ميزانية حكومية، وجميع نفقاته تُموَّل بدعم من الشعب، ولذلك ظل دائمًا نزيهًا ونظيفًا”.
مؤتلفة حزب شامل
أوضح بادامجيان قائلاً: “نحن في حزب مؤتلفة نواصل عملنا، ونحن حزب شامل. أقول أحيانًا للأصدقاء، إذا كنتم تبحثون عن حزب ثابت وقوي مثل حزب مؤتلفة، فعليكم قبول حزب له مواقفه الخاصة، لا يتبع الحكومات ولا يعارضها، بل يقدم آراء استشارية وخبرات متخصصة حول قضايا البلاد، ويمارس نشاطه بفاعلية، وفي الوقت نفسه، يكون متعاونًا ومساندًا”.
وقال: “في لقاء جمعنا مع بزشكيان في مجلس الشورى، حددنا عدة أولويات”. وتابع أن الأولوية الأولى هي إحداث تحول في ميزانية البلاد، حيث إن الميزانية الحالية تُعدّ بناءً على النفقات الموجودة، مما لن يحل أزمة التضخم بل سيزيدها.
وأضاف: “زيادة رواتب العمال بنسبة 45% قد تبدو لصالحهم، لكن في الواقع تؤدي إلى زيادة أسعار السلع بنسبة 50%، مما يرفع أسعار السلع المستوردة والخدمات، وبالتالي يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعمال”.
انقطاع المياه
أوضح أيضًا أنه فيما يتعلق بقضايا قطاع المياه في البلاد، يجب البحث عن حلول منطقية وعملية، مشددًا على أهمية تقليل الاستهلاك في بعض المجالات والحفاظ على الموارد المائية.
كما أكد أن دور الأحزاب ومسؤولياتها هامة، مضيفًا: “إذا أراد أي شخص تقديم خطة فعالة، فإن هذه المهمة تقع على عاتق الأحزاب”.
واختتم بادامجيان كلامه بالقول: “نظرًا للتحديات العديدة التي نواجهها اليوم، فإن توجيهات قائد الثورة الإسلامية بشأن الانسجام والتكاتف بين السلطات ذات أهمية كبيرة، ونأمل أن تلتزم جميع السلطات بالكامل بهذه التوجيهات في عام 2025”.