ترجمة: شروق السيد
في ظل تصاعد استجوابات الوزراء بالبرلمان الإيراني خلال فترة وجيزة، تثار تساؤلات حول دوافع هذه الاستجوابات وما إذا كانت تعكس رقابة حقيقية على أداء الحكومة أم تخفي وراءها اعتبارات سياسية.
كتبت الوكالة الإيرانية “خبر أونلاين“، السبت 11 يناير/كانون الثاني 2025، أنه بالنسبة لبعض أعضاء البرلمان، فإن قِصر عمر الحكومة الحالية لا يشكل أهمية كبيرة، وقد بدأوا في تفعيل استجوابات الوزراء بسرعة أكبر مما كان متوقعا، ورغم أنباء متقطعة عن إلغاء بعض الاستجوابات، فإنّ طرح استجوابات أو أسئلة جديدة يحل محلها، وهو ما يشير إلى أن البرلمان قد اتجه حاليا لاستخدام هذه الأدوات الرقابية دون نية للتراجع أو منح الحكومة فرصة أطول.
لكن ما الذي يكمن وراء استجواب عدة وزراء في غضون أيام قليلة؟ وهل هناك تيار معين يدير هذه الاستجوابات؟ فتح الله توسلي وجبار كوجكي نجاد، وهما من أعضاء كتلة الثورة الإسلامية، ينفيان ذلك.
يشرح توسلي بالتفصيل مسار طرح الاستجواب، وفي النهاية يوضح أنه نفسه أحد الموقعين على استجواب أحد الوزراء، من جهته، يؤكد كوجكي نجاد أن الوزير قد ارتكب خطأً، وبالتالي يجب استجوابه، نافيا أن يكون هناك أي صلة باللوبيات أو الأمور الخفية وراء ذلك.
وواصلت الوكالة قائلة: وإضافة إلى ذلك، يطرح توسلي نقطة أخرى، حيث يرفض فكرة وجود دوافع سياسية خلف الاستجوابات، ويؤكد بثقةٍ أنه لم يوقع على الاستجواب بدافع سياسي، لأن استجوابه يعتمد على اعتقاده أن الوزير المعني قد ارتكب تقصيرا في أداء مهامه، بغض النظر عن كون الأمر مرتبطا بهذه الحكومة أو غيرها.
استجواب الوزراء
قال فتح الله توسلي، عضو كتلة الثورة الإسلامية بالبرلمان، في مقابلة مع وكالة “خبر أونلاين”، حول خلفيات استجواب وزراء الحكومة الحالية في المجلس: “المجلس، باعتباره جهة رقابية، لديه أدوات رقابية.
المرحلة الأولى من هذه الأدوات هي التحذير، أي إن النائب أو مجموعة النواب، عندما يلاحظون أن سير العمل التنفيذي في البلاد يتعارض مع القانون أو يشهد تقصيرا، يقدمون تنبيهات شفهية أو كتابية للوزير المعني.
يُقرأ هذا التنبيه في الجلسة العامة، وتقوم إدارة شؤون مجلس النواب في رئاسة الجمهورية بإبلاغ الوزير المعني، بينما تقوم الإدارة البرلمانية للوزارة والإدارة الرقابية للمجلس بإبلاغ الوزير بمضمون القضية وإخباره بأن هناك استياءً بشأنها”.
وأضاف: “عندما يستجيب الوزير لهذه التنبيهات، لا تصل المسألة إلى المرحلة التالية، وهي مرحلة السؤال، في مرحلة السؤال، يصبح خطاب المجلس والنائب أكثر حدة، حيث يقول النائب للوزير: لقد وجهت إليك تنبيها، فلماذا لا يزال هذا الوضع مستمرا؟ قد يطرح السؤال نائب واحد أو 200 نائب.
يدعو الوزير النواب، ويعقد اجتماعا معهم، ويبحث معهم القضايا المطروحة، سواء كانت قضايا إقليمية أو مسائل يتم حلها من خلال توجيهات وقرارات تنفيذية، وعادةً ما تُحل هذه القضايا دون الحاجة إلى الوصول إلى اللجنة المختصة.
لكن هناك مرحلة أخرى، عندما تكون القضية ذات طابع وطني، يتم طرحها في اللجنة المختصة، حيث يقدم الوزير توضيحاته، ويُسأل النائب صاحب السؤال إذا ما كان قد اقتنع بهذه التوضيحات أم لا”.
وتابع توسلي: “إذا اقتنع النائب صاحب السؤال، تُحل المشكلة، ولكن إذا لم يقتنع، تُحال القضية إلى الجلسة العامة، وقبل انعقاد الجلسة العامة تُجرى مناقشات مع النواب لمحاولة حل المسألة خلال هذه الفترة الزمنية، لتجنب أي تكلفة إضافية على الحكومة أو الوزارات.
ولكن أحيانا يتم تجاوز هذه المرحلة، حيث تكشف توضيحات الوزير وأداء الوزارة أنهم يحاولون كسب الوقت، مما يؤدي إلى أضرار تلحق بالمواطنين، ففي مثل هذه الظروف، خاصة عندما تكون الأوضاع حساسة، مثل ما يتعلق بالكهرباء والعملات الأجنبية، يصبح من الطبيعي أن يتابع النواب مطالب المواطنين، وإذا لم نتمكن من الوصول إلى حل، فإننا نسأل الحكومة عما حدث ولماذا”.
وأكد هذا النائب في البرلمان: “إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة واضحة بشأن الأسباب، فسينتهي الأمر إلى قناعة بأن الشخص الذي يشغل هذا المنصب غير قادر على إدارته، وبالتالي يُطرح موضوع الاستجواب، أما الاستجوابات المطروحة حاليا، فكل واحدة منها يتعلق بمسألة معينة؛ منها ما يتعلق بالعملات الأجنبية والقضايا الاقتصادية الكبرى للبلاد، وهو موضوع له تعقيداته الخاصة.
وهناك أيضا مسألة اختلال توازن الكهرباء والغاز، خصوصا في ظل فصل الشتاء، حيث تم قطع الغاز عن المصانع، مما يُظهر أن وزارة النفط لم تقم بالتخزين اللازم، وأنا شخصيا أحد الموقعين على استجواب وزير النفط”.
وقال: “نقاشنا مع وزارة النفط هو: أنتم كنتم ملزمين بتخزين كميات معينة من النفط والديزل والمازوت وغيرها من مصادر الطاقة، فلماذا لم تقوموا بتخزينها خلال الأشهر الخمسة الماضية مما تسبب في هذه الأزمة؟ أعتقد أنه يمكن من خلال استجواب الوزير المعني تصحيح بعض الأمور، رغم أن بعض القضايا قد لا تُحل، ولكن على أي حال، يجب على الحكومة أن تدرك أن أداءها تحت مراقبة المجلس، وأن النواب، بصفتهم ممثلي الشعب، لديهم الحق في المطالبة.
لدينا سؤال بسيط، على سبيل المثال، أحد المواطنين سألني مازحا: أين ذهبت الكهرباء التي كنا نستخدمها العام الماضي؟ الآن سؤالنا هو: كنتم ملزمين بتخزين هذه الكمية، ولكنكم خزنتم أقل بمقدار 400 مليون متر مكعب، لماذا لم تقوموا بتخزينها؟”.
وتابع توسلي قائلا: “النقطة المهمة هي أن وزارة الطاقة تقول إنها لم تكن تمتلك الوقود اللازم لتشغيل عملها، وبالطبع هذه الوزارة أيضا تتحمل المسؤولية، لذلك سنوجه أسئلة لوزارة الطاقة أيضا، وقد تقدم بعض الزملاء بطلب استجواب وزير الطاقة، ولكن وزير الطاقة يقول إنه كان ينبغي تزويده بالوقود لتشغيل محطات الطاقة.
لذلك، طرح الزملاء الخيار الأخير وهو استجواب الوزير، وفي هذا السياق، هناك وجهتا نظر: البعض يعتقد أن الوقت لا يزال مبكرا لطرح هذه الاستجوابات، وآخرون، مثل رئيس البرلمان قاليباف، يقولون إنه في ظل هذه الظروف، إذا لم يكن هناك وزير للاقتصاد وكان على الحكومة تقديم وزير جديد للحصول على ثقة البرلمان، فقد يؤدي، هذا خلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة القريبين من العيد إلى مشاكل للبلاد، من ناحية أخرى، هناك من يعتقد أن الوقت قد تأخر بالفعل، وأن الوزير يجب أن يُستجوب لتُحل هذه القضايا”.
وفي ما يتعلق بما إذا كان وزير النفط قد حضر أمام لجنة الطاقة أو الاقتصاد قبل أن يتجاوز البرلمان مرحلة الأسئلة ويصل إلى الاستجواب، أوضح قائلا: “لقد طرحت سؤالا بنفسي ولم يحضر الوزير حتى الآن، وبعد مرور شهرين تقريبا على تقديم سؤالي، تلقيت يوم الأحد فقط ردا مكتوبا منهم، وقلت إنني لم أقتنع بهذا الرد المكتوب، وبالتالي يجب أن يجيب وزير النفط أمام اللجنة.
نحن الآن في انتظار أن تحدد لجنة الطاقة موعدا ليحضر وزير النفط إليها ويرد على أسئلتنا، وبالطبع، فإن الاستجواب لا يُدرج مباشرة في جدول الأعمال، من الممكن أن يحضر وزير النفط إلى لجنة الطاقة هذا الأسبوع للإجابة عن الأسئلة، كما أن الاستجواب يمر بمراحل: يتم جمع التوقيعات، ثم يُحال إلى هيئة الرئاسة، وبعد ذلك تُحال القضية إلى اللجنة المختصة، التي تعقد اجتماعا مع الوزير و المستجوبين، يلي ذلك اجتماع بين المستجوبين لوضع جدول الأعمال، لذلك قد يستغرق الأمر 20 يوما أو شهرا، وربما أكثر أو أقل، قبل أن يصل الموضوع إلى الجلسة العامة”.
وفيما إذا كان هو من بدأ استجواب وزير النفط، قال توسلي موضحا: “لا، لست من بدأ الاستجواب، لكنني أحد الموقعين على طلب الاستجواب، أحد الزملاء الآخرين هو من بدأ الخطوة الأولى للاستجواب”.
وفي ردّه على سؤال حول من بدأ استجواب وزير النفط، قال: “لا أذكر”.
وفي ما يتعلق بما إذا كانت هناك دوافع سياسية وراء الاستجوابات، أوضح توسلي قائلا: “لا، أنا شخصيا ليس لدي أي نظرة سياسية تجاه الموضوع، حتى إنني في خطاباتي وتصريحاتي أشرت إلى أن بعض القضايا تعود للحكومة السابقة أيضا.
على سبيل المثال، تحدثت أمس عن مشروع قانون مستعجل قدمته الحكومة، وقلت إن اللائحة التنفيذية الخاصة به كان يجب أن تُكتب منذ عام 2015، لكن الحكومات المتعاقبة لم تقم بذلك، والآن جاءت هذه الحكومة بمشروع قانون لإلغاء القانون بالكامل وحذف القضية من الأساس، لكننا لم نسمح بحدوث ذلك”.
وبشأن كون جبهة بایداري كانت من بين معارضي الحكومة الحالية في البرلمان منذ البداية، وما إذا كان لهذا التيار دور في الاستجوابات، قال: “لا، لا أعتقد أن هناك دوافع سياسية وراء ذلك، على الأقل أنا لا أتعامل بشكل سياسي، وأطرح الأسئلة أو الاستجوابات بناءً على الأداء، لقد طرحت العديد من الأسئلة في الحكومة السابقة أيضا، بل إننا أحضرنا وزير الصحة السابق، عين اللهي إلى الجلسة العامة ومنحناه بطاقة صفراء”.
“لا توجد أمور خلف الكواليس”
قال جابار كوجكي نجاد، عضو آخر بكتلة الثورة الإسلامية، في مقابلة مع وكالة أنباء “خبر أونلاين”، حول خلفيات استجواب أعضاء حكومة الدولة: “لا توجد أي أمور خلف الكواليس، فالاستجواب حق للنواب، عندما يكون المسؤول غير قادر على إدارة المنظومة التي تحت إدارته أو يرتكب أخطاءً جسيمة ويصر عليها، فمن حق المجلس التدخل واستجوابه، وهذا أمر طبيعي”.
وفي ما يتعلق بدور اللوبيات في استجواب الوزراء، قال: “لا، لا توجد أي لوبيات أو أمور خلف الكواليس في ما يخص الاستجوابات”.