حوار: مصطفی أفضل زاده مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
حول تاريخ العلاقات الإيرانية الأمريكية ومستقبل التعامل بين طهران وواشنطن، يحاور “زاد إيران” محمد محبوبي، الباحث في العلوم السياسية بجامعة طهران.
حدثنا عن الوجود الأمريكي السابق في إيران
رغم أن تاريخ الوجود الأمريكي وأنشطته في إيران يعود إلى أوائل الفترة البهلوية أي في عشرينيات القرن الماضي، فإنه في ذلك الوقت- من وجهة نظر المجتمع الإيراني وحكومته- كان الأمريكيون بمثابة قوة ثالثة يمكنها إنقاذ إيران من تدخل الإمبريالية السوفييتية والإمبريالية البريطانية والتدخلات الواسعة لهاتين القوتين العظميين، فكانوا بطريقة ما، منقذي المجتمع الإيراني.
ولكن تدريجيا وعلى فترات زمنية مختلفة، زاد هذا الدور، خاصة بعد احتلال إيران في أغسطس/آب 1941، فالقوات البريطانية احتلت إيران من الجنوب والقوات السوفيتية من الشمال، وتكثف الوجود العسكري الأمريكي، وازداد نشاط القواعد العسكرية الأمريكية في إيران.
وبمرور الوقت، تعزز الوجود الأمريكي في إيران إبان فترة محمد رضا شاه، والأمر الأكثر جدية لتدخل الولايات المتحدة في شؤون إيران- وهو أمر واضح للعيان في المجتمع الإيراني وما زال مستمرا حتى يومنا هذا- هو قضية انقلاب 1953م الذي حدث بمساعدة عملاء وكالة المخابرات المركزية في إيران. وبعد ذلك، وفي السنوات التالية.
لكن القضية الخاصة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي هي أن الموقع الجيوسياسي لإيران يعتبر ساحة الأتراك والأمريكيين إبان الحرب الباردة، ولا ينبغي لنا أن ننسى أن الموقع الجيوسياسي لإيران، في الواقع، قد أتاح للأمريكيين فرصة مجابهة الكتلة الشرقية والاتحاد السوفيتي، ويمكن اعتباره النشاط الأساسي للأمريكان بإيران في هذه الفترة.
ما سبب رغبة الغربيين في تعاون وتقرب إيران من أمريكا منذ زمن؟ وما الإجراءات التي اتخذوها في هذا الشأن؟
الاتجاه التغريبي أو بمعنى آخر تغريب إيران أو تغريب الشخصيات والرجال الإيرانيين، كل هؤلاء ليسوا على قدم واحدة، ولا يسعون لهدف واحد، وقد اعترفت بعض هذه الجماعات بالقوة المتفوقة لأمريكا، وسعت إلى استخدام هذه القوة لتحسين مكانة الفرد أو الجماعة في المحافل الداخلية الإيرانية، ليتمكنوا بدعم القوة الأمريكية من اكتساب قوة داخلية. وقد انتهج كثير من رجال الفترة البهلوية هذا الاتجاه.
لكن كانت هناك جماعات حاولت الاستفادة من أمريكا لكي تحد من سلطات الشاه بالدستور وحصر عمله في الناحية الملكية فقط، وأن يجعلوا سلطة الشاه في الواقع مجرد منصب شرفي، والحيلولة دون إسراف الشاه وسلطاته التعسفية. وبعد الثورة تفاءلت بعض الجماعات السياسية الإيرانية بأمريكا، وسعوا لإيجاد علاقة تمكنهم من تأمين مصالحهم؛ لذلك لزام علينا أن نعلم أن كل هذه الجماعات لم تكن تسعى للهدف نفسه.
هل ترغب أمريكا في إقامة علاقات مع إيران؟ وإذا كانت هذه الرغبة موجودة، فما سببها؟ وبأي شروط ترغب في إقامة علاقات مع إيران؟
بعد انتصار الثورة، أراد الأمريكيون أن تكون علاقتهم جيدة مع الحكومة المؤقتة وإزاحة رجال الدين الذين كانوا في الحكومة ولم يكونوا متحالفين معها، واستبدالهم بقوى قريبة منهم ومتحالفة معهم. وفي الفترة التي تلت انتصار الثورة، كانت أمريكا لا تزال في أجواء الحرب الباردة، وكانت تحتاج إلى موقع إيران الجيوسياسي وحدوده مع الاتحاد السوفيتي، وتريد الحفاظ على هذا الموقع، لذلك سعت لاستعادة كافة الامتيازات والمكانة التي حصلت عليها في الفترة البهلوية وفقدتها بعد انتصار الثورة.
هناك روايات منتشرة حول قضية احتجاز الرهائن في بداية الثورة، في ما يتعلق بالاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران، فهل الروايات حول دور روسيا في هذه القصة صحيحة؟ وما روايتك؟
توجد روايات متنوعة منتشرة بخصوص قضية احتجاز الرهائن، ولكن الأهم في هذه القضية هل الطلاب الذين استولوا على السفارة الأمريكية تحركوا وفق تأثير حزب توده والاستخبارات السوفيتية “كي جي بي”- أي الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية- أم لا؟ يجب أن نعلم أنه ليس لدينا أي وثيقة أو دليل أو قرينة لإثبات هذا الأمر، فبعد الاستيلاء على السفارة، حاول حزب توده- أي الاتحاد السوفيتي- الاستفادة مما حدث لتحقيق مصالحه.
وهذا لا يعني أنه قام بهذه الخطوة أساسا بنفسه، فالعديد من الطلاب الذين استولوا على السفارة الأمريكية كانوا طلابا مسلمين اتبعوا خط الإمام، وبعد عامين أو ثلاثة عملوا في جهاز المخابرات والأمن بالجمهورية الإسلامية. وبالمدة نفسها، بعد عامين أو ثلاثة -أي في عام 1983م- هاجموا حزب توده، وقبضوا على أعضائه الرئيسيين الذين كانوا يعملون بالفعل لصالح الروس، وهذا دليل على أنهم لم يتأثروا بالروس.