كتب: محمد بركات
رفض نواب البرلمان الإيراني، في الجلسة العلنية التي عقدت الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، طلب الاستعجال لمناقشة مشروع قانون خاص بتعديل شروط تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة، وذلك بأغلبية 207 أصوات ضد الطلب، و38 صوتا مؤيدا، و7 ممتنعين من أصل 256 نائبا حضروا الجلسة، وذلك وفقا لتقرير موقع اقتصاد نيوز الإخباري بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ووفقا للتقرير، فقد صرح مجيد أنصاري، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، خلال كلمته أمام البرلمان اليوم بصفته المدافع عن طلب الاستعجال لمناقشة المشروع، قائلا: “إن أحد شروط تعيين الأشخاص في الوظائف الحساسة هو عدم امتلاكهم أو أزواجهم أو أولادهم جنسية مزدوجة. إلا أن هذا الشرط المطلق تسبب بمشكلات للمؤسسات المختلفة”، مشيرا إلى أن أحد أنواع الجنسية هو الجنسية القهرية، وهي الجنسية التي تمنح للمولود بحكم الولادة في بلد ما، حيث إن هناك 33 دولة تعترف بالجنسية الممنوحة بسبب الولادة بشكل غير مشروط، و32 دولة تعترف بها بشرط معين.
وأكمل أنصاري: “فبسبب العلاقات الواسعة مع الدول المجاورة ودول أخرى، هناك العديد من المسؤولين الإيرانيين عاشوا فترة في الخارج سواء بسبب الدراسة أو المهام الوظيفية، وقد وُلد بعض أبنائهم في هذه الدول. ورغم عودتهم إلى إيران لخدمة البلاد، فإن المادة الثانية من القانون المذكور تمنع الاستفادة منهم إذا كانوا قد وُلدوا في دول تعترف بالجنسية القهرية، فبسبب العلاقات مع دول الجوار الجنوبية، قد يتزوج بعض الموظفين خلال فترة عملهم الطويلة في هذه الدول بمواطنين محليين، وهو ما يؤدي إلى صعوبات في استمرارية خدمتهم. حرمان البلاد من الاستفادة من هؤلاء الأفراد لا يتعلق بحالة واحدة أو اثنتين، بل يشمل قائمة من النخب والعلماء الذين ربما يكون أحد أبنائهم قد وُلد في الخارج قبل عقود، لكنهم الآن يقدمون خدمات تخصصية داخل إيران”.
وأضاف: “اقتراح الحكومة هو أن يكون شرط الجنسية متعلقا بالشخص نفسه فقط، وليس بأفراد أسرته كزوجته أو أولاده. إن فرض حظر مطلق على تعيين الأشخاص الذين يحمل أفراد أسرهم جنسية مزدوجة يحرم البلد من إمكانيات كبيرة، فالأمر لا يتعلق بشخص أو اثنين، بل بقائمة طويلة من النخب والعلماء الذين نحن بحاجة إليهم”، وأشار خلال حديثه، إلى أن الحكومة تقترح خيارات يمكن تقديمها في حال وافق النواب على المشروع، ففي الحالات الضرورية، يُمكن عرض قضية جنسية الزوج أو الأولاد على لجنة خاصة للنظر فيها، وفي الحالات الطارئة، يمكن الاستعانة بهؤلاء الأفراد بعد موافقة الجهة المختصة ورئيس السلطة.
وبعد أن أنهى أنصاري كلمته، قام حسين علي حاجي دليجاني، النائب البرلماني، وقدم معارضته لهذا الطرح قائلا: “إن الحكومة قدمت مشروع قانون من أجل شخص واحد فقط، وهو السيد ظريف، وهذا يُعدّ بدعة جديدة من الحكومة إذا قرر المجلس التصويت عليه، فقد كنا نتوقع من الحكومة أن تقدم مشروع قانون عاجلا لمعالجة أزمة الكهرباء، أو لشرح كيف يمكن تأمين الكهرباء. ففي الصيف الماضي، وخلال ثلاثة أيام في الأسبوع، كانت صناعتنا بدون كهرباء، والمضخات الزراعية لم تحصل على الكهرباء أيضا”، وذلك وفقا لتقرير موقع مشرق الإخباري بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ووفقا للتقرير، فقد أضاف دليجاني قائلا: “كنا نتوقع أن تقدم الحكومة مشروع قانون لمعالجة أزمة العملة الصعبة وارتفاع أسعارها، إلى جانب تأثيراتها على حياة المواطنين. كذلك كنا نتوقع مشروع قانون يعالج نقص الغاز. لكننا لم نتوقع هذا المشروع”، مؤكدا: “من الغريب أن نشهد الآن انقطاعا في الكهرباء خلال الشتاء. لم يحدث ذلك من قبل، يجب ألا نتعامل باستهتار مع القضايا واحتياجات الناس. كنا ننتظر من الحكومة أن تُعدّ اللوائح التنفيذية لـ74 حكما ضمن الخطة التنموية السابعة، والتي انتهت مهلة إعدادها بالفعل. عدم إصدار هذه اللوائح يعني أن تلك الأحكام لن تُنفذ”.
وأختتم حديثه قائلا: “إن السيد ظريف تم تعيينه خلافا للقانون، لا بأس، يمكن استبداله بشخص آخر. هل يعاني هذا البلد من نقص في الكفاءات لدرجة أن الحكومة تُعدّ مشروع قانون لإبقاء شخص واحد في منصبه؟ هل الحكومة مشغولة لهذا الحد؟”، مطالبا الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان: “نتوقع منك، سيادة الرئيس، أن تركز على حل القضايا الأساسية التي تواجه المواطنين، مثل التضخم، وأسعار اللحوم ومنتجات الألبان والحليب، وقضية الخبز، وأيضا مشكلات المهاجرين”.
وبعد أن أنهى المؤيدون والمعارضون من النواب طرح آرائهم، صوت النواب على طلب الاستعجال بأغلبية رافضة.
بعدها قال محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، معلقا على ذلك الرفض قائلا: “تمت مناقشة موضوع الاستعجال لهذا المشروع، لكنه لم يحصل على الموافقة. لذا ستتم إحالته بشكل عادي إلى اللجنة الاجتماعية”، وذلك وفقا لتقرير موقع تيتر كوتاه الإخباري بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ووفقا للتقرير، فقد أضاف: “لقد تناول المشروع مسألة الإجراءات القانونية وغير القانونية، وبطبيعة الحال، يتعامل المجلس مع التصرفات غير القانونية بمثل هذا الأسلوب. ومع ذلك، فإن الموضوع الأساسي هو أن الأشخاص الذين يشغلون مناصب مثل سفراء الجمهورية الإيرانية والمكلفين بمهام خارج البلاد يواجهون هذه المشكلة”.
ما هی اللائحة الخاصة لتعيين المناصب الحساسة؟
تنص الفقرة الثانية من المادة 123 من الدستور الإيراني على أن هناك بعض الأشخاص يحظر عملهم في مناصب حساسة، وقد شملت هذه المادة عدة مجموعات، من بينها الأشخاص الذين يحملون هم أو أبناؤهم أو أزواجهم جنسية مزدوجة، والأشخاص الذين لا يعتقدون أو لا يلتزمون عمليا بالإسلام، أو بنظام الجمهورية الإسلامية أو بالدستور، والأشخاص الذين لعبوا دورا فعّالا في ترسيخ أركان النظام السابق، والأشخاص الذين أدينوا بجرائم خيانة الأمانة، أو الاحتيال، أو الاختلاس، أو الرشوة، أو الاستيلاء غير القانوني على الأموال العامة، وذلك وفقا لموقع مركز أبحاث البرلمان الإيراني.
وبينما لا تشكل تلك المواصفات المنصوص عليها في المادة أية مشكلة لمعظم المتقدمين للمناصب الحساسة، فإن بند حمل الجنسية للابن أو الزوجة يشكل عائقا أمام النخب السياسية التي عينت في مناصب خارج إيران، كالسفراء والمستشارين وأطقم السفارات، والذي من بينهم محمد جواد ظريف، الذي يحمل ابنه مهدي، الجنسية الأمريكية بسبب ولادته في أثناء عمل والده هناك ويعمل الآن مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية. على الجهة الأخرى يصر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، على الإبقاء على ظريف نائبا له، مما سبب له مشاكل كثيرة مع البرلمان، وذلك وفقا لتقرير صحيفة همشهري أونلاين الصادر بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
آراء النواب عقب التصويت:
كتب أمير حسين ثابتي، نائب محافظة طهران، على حسابه بموقع إكس، تعليقا على هذا القرار: “إن البرلمان قال (لا) بحزم لمحاولة الحكومة الالتفاف على القانون. 207 نواب رفضوا التصويت لصالح الاستعجال في مناقشة مشروع قانون الحكومة الذي ينص على (إلغاء شرط عدم ازدواج الأبناء أو حملهم جنسية مزدوجة للمسؤولين). وكانت الحكومة تسعى من خلال هذا المشروع إلى حل مشكلة تعيين ظريف غير القانوني في الحكومة وتغيير القانون!”.
“
كذلك علق حميد رسائي، النائب عن محافظة طهران أيضا، على حسابه بمنصة إكس قائلا: “في الوقت الذي من المقرر فيه أن يتم التصويت يوم الثلاثاء على مخالفة الرئيس بشأن تعيين ظريف (الذي يحمل أبناؤه الجنسية الأمريكية)، وضع محمد باقر قالیباف، اليوم، مشروع قانون الحكومة حول تعديل قانون تعيين الأشخاص في المناصب الحساسة على جدول الأعمال! إذا كان الحصول على جنسية من قبل أبناء وزوجات المسؤولين حتى الآن غير قانوني ومستنكرا”.
وفي تغريدة أخرى قال: “من الآن نعلم أن هذا القانون، الذي يُعتبر فرصة وفقا لرؤية الحكومة، سيؤدي إلى أن نرى أطفالا يراكمون ثرواتهم في حساباتهم المصرفية بفضل رواتب آبائهم الفاحشة، بينما يتزاحمون للحصول على جنسية بريطانيا، فرنسا، كندا، الولايات المتحدة… من المهم أن نعرف من هم الذين يؤيدون هذا المشروع”.
وبهذا الشأن صرح علي خضريان، النائب البرلماني وعضو لجنة السياسات الخارجية بالبرلمان الإيراني، حول هذا الموضوع قائلا: “لقد رفض البرلمان اليوم بأغلبية الأصوات مشروع الحكومة للاستعجال، حيث كان رأيهم أن الأولوية الآن هي معيشة الناس والاقتصاد، فالبرلمان في وقت التصويت على الثقة للوزراء المقترحين، بذل جهدا لإعطاء الأولوية للاقتصاد والمعيشة وحل مشاكل الطاقة والاختلالات الاقتصادية، حيث سعى لتشكيل الحكومة في أقصر وقت ممكن. ورغم أنه كان من الممكن إبداء آراء مختلفة حول جميع هؤلاء الوزراء، فإن المجلس تعاون مع الحكومة”، وذلك وفقا لتقرير وكالة أنباء مهر المنشور بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
ووفقا للتقرير فقد أضاف: “إن المجلس كان لديه بعض القضايا بشأن بعض الوزراء المقترحين، ومع مرور الوقت بدأ زملائي يدركون أنه كان يجب أن نكون أكثر دقة في منح الثقة لهم في ذلك الوقت، إنه من غير العدل والإنصاف أن نقول إن 207 من أعضاء البرلمان رفضوا الاستعجال في مشروع قانون بسبب العناد أو الحسد أو القضايا الانتخابية”.