ترجمة: شروق السيد
تتصاعد أزمة نقص البنزين والديزل في إيران؛ لتصبح أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة، في هذا التقرير، تكشف صحيفة “فرهيختكان” عن أبعاد الأزمة، وأسبابها، والحلول المقترحة، مع التركيز على خطة التخلص من السيارات القديمة كأحد مفاتيح الحل، فهل تكفي هذه الجهود لحل الأزمة؟
كتبت صحيفة “فرهيختكان” الإيرانية، 2 يناير/كانون الثاني 2025، قائلة إن تحليل مسار العرض والطلب على البنزين والديزل يظهر أنه بعد الكهرباء والغاز، أصبح هذان المصدران للطاقة يعانيان أيضًا من عدم التوازن والنقص، ويمكن إدارة نقص الكهرباء والغاز عن طريق قطع هذه الطاقة عن الصناعات أو القطاع المنزلي، ولكن هذا الحل لا يمكن تطبيقه على البنزين والديزل.
لأنه يكفي أن تكون هناك عدة محطات وقود لا تحتوي على البنزين أو الديزل لفترة قصيرة لتحدث أزمة في البلاد، في الوقت الحالي، أصبح عدم التوازن في البنزين والديزل معقدًا لدرجة أن الرئيس ورئيس البرلمان يعترفان علنًا في وسائل الإعلام بذلك.
وأوضحت الصحيفة: عادة ما تحاول الحكومات والبرلمانات تجنب التحدث عن أسعار الوقود في البلاد بسبب حساسيتها في المجتمع وحرصها على الحفاظ على شعبيتها، لكن الآن، يضطر الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، ورئيس البرلمان، باقر قاليباف، إلى طرح القضية علنًا.
على سبيل المثال، يقول الرئيس في آخر تصريح له: “لا يوجد منطق لشراء البنزين بالدولار الحر وبيعه للمواطنين بدعم حكومي، ليس لدينا المال لشراء القمح والأعلاف ودفع رواتب المتقاعدين، وفي نفس الوقت نشتري البنزين بالدولار بسعر 500 ريال”. كما يقول محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، في هذا السياق: “من أجل استيراد البنزين بسعر 400 ألف ريال للتر وبيعه بسعر 30000 أو 15000 ريال، حتى لو كان لدينا كنز قارون، لن نتمكن من تحمله”.
نقص البنزين والديزل
أضافت الصحيفة: وفقًا للوثائق الصادرة عن وزارة النفط، في عام 2023، استوردت الحكومة يوميًا 11 مليون لتر من البنزين و4 ملايين لتر من الديزل أو تم توريدها من الداخل بأسعار الاستيراد.
تم حساب الرقم الخاص بنقص البنزين والديزل استنادًا إلى الإنتاج المعتاد والمواصفات القياسية للمصافي، وبناءً عليه إذا استمر الوضع الحالي، فإن النقص اليومي في البنزين والديزل حتى عام 2027 سيصل إلى 37 مليون لتر و18.8 مليون لتر على التوالي.
وواصلت: بعبارة أخرى، يجب على الحكومة الحالية أن تنفق حوالي 14 مليار دولار على استيراد هذين المنتجين في عام 2027 ومع سعر الدولار الحالي في السوق، فإن هذه القيمة من العملة الأجنبية الناتجة عن الوقود تساوي حوالي 900 ألف مليار تومان، وهو ما يتجاوز ضعف الميزانية العمرانية للبلاد هذا العام.
وتابعت: في هذا السياق، يُعتبر تدمير السيارات القديمة العاملة بالبنزين والديزل في البلاد أحد الحلول الرئيسية لمعالجة نقص الوقود، لكن كيف سيكون تأثير تنفيذ هذا الحل على تحسين استهلاك الوقود؟ سنجيب عن هذا السؤال في التقرير التالي.
المركبات في إيران
وذكرت الصحيفة: وفقًا لتقرير وزارة الصناعة والمعادن، من عام 1966 حتى صيف عام 2023 تم عرض حوالي 30 مليون سيارة ركاب ومركبة تجارية والتي أصبحت جزءًا من الأسطول المتنقل، وتم إلغاء 4.2 مليون منها. بمعنى آخر، نسبة السيارات المهدمة إلى إجمالي المعروض هي 14% فقط.
كما أشار تقرير لجنة تجديد الأسطول في يونيو 2024 إلى أن إجمالي أسطول المركبات في البلاد يبلغ 35 مليون مركبة، منها 18.7 مليون مركبة قديمة، أي أن 53% من الأسطول الحالي في البلاد قديم!
الدراجات النارية
وتابعت: وفقًا لإحصاءات وزارة الصناعة والمعادن، هناك حاليًا 11 مليونًا و200 ألف دراجة نارية قديمة في البلاد قيد الاستخدام، كما أن عدد سيارات الركاب القديمة يبلغ 6.5 مليون مركبة.
السيارات البيك أب تمثل أكبر نسبة من الأسطول القديم، حيث يبلغ عدد المركبات القديمة منها 518 ألف مركبة.
وذكرت أن 90% من الدراجات النارية، 86% من الحافلات الصغيرة، و82% من الحافلات داخل المدن قديمة، يجب ملاحظة أن الوقود المستخدم في الدراجات النارية، سيارات الأجرة، البيك أب، السيارات الحكومية والسيارات الخاصة هو “البنزين”، بينما الوقود المستخدم في الشاحنات، سيارات الشحن الصغيرة، الحافلات داخل المدن والحافلات بين المدن هو “الديزل”.
التخلص من السيارات القديمة
وأضافت الصحيفة: نظرًا لأهمية التخلص من السيارات القديمة، تم التأكيد على هذا الموضوع من خلال قوانين مختلفة، وفقًا لقانون تنظيم صناعة السيارات، يجب على شركات السيارات توفير شهادة التخلص من سيارة أو دراجة نارية مقابل إنتاج 4 سيارات أو دراجات نارية.
وتابعت: كما يجب توفير شهادة التخلص من سيارة أو دراجة نارية لاستيراد أي سيارة أو دراجة نارية، على سبيل المثال، وفقًا للبند “ف” من الفقرة 7 من قانون الموازنة لعام ۲۰۲۲، يجب تخصيص 10% من المنتجات المعروضة في قرعة السيارات للسيارات القديمة بشرط تسليم شهادة الإلغاء، كما يركز قانون البرنامج السابع للتنمية على التخلص من 500 ألف مركبة قديمة سنويًا.
ولكن على الرغم من وجود العديد من القوانين، فإن عملية إلغاء السيارات القديمة قد شهدت العديد من التحديات والتقلبات، سجل عام ۲۰۱۴ الرقم القياسي لأعلى عدد من السيارات المهدمة؛ حيث تم التخلص من أكثر من 337 ألف سيارة قديمة.
وبينت: في عام 2019، تم التخلص من 6.8 ألف سيارة قديمة فقط، ليكون هذا العام هو الأقل، منذ عام 2021، تم إعادة تنشيط عملية التخلص من السيارات، حيث تم إلغاء 140.3 ألف سيارة قديمة حتى منتصف عام 2024، ومع استمرار هذا الاتجاه في النصف الثاني من العام، يمكن أن يصل إجمالي عدد السيارات المهدمة في هذا العام إلى أكثر من 280 ألف سيارة، وبالتالي، سيكون عام 2024 بعد عام 2014 هو العام الذي يسجل أعلى أحصائيات.
توفير الوقود
وتابعت الصحيفة: ما هو تأثير التخلص من السيارات القديمة على حل مشكلة عدم توازن البنزين والديزل؟ يناقش تقرير مركز أبحاث البرلمان بعنوان “تشخيص مشكلات وضع التخلص المركبات القديمة في البلاد وتقديم حلول مقترحة” هذا الموضوع ويذكر: “وفقًا للحسابات، فإن استبدال السيارات القديمة بسيارات جديدة يؤدي إلى تقليل استهلاك البنزين بمقدار 5 لترات لكل 100 كيلومتر، وباحتساب مسافة 20,000 كيلومتر تقطعها كل سيارة سنويًا، فإن استبدال كل سيارة قديمة يوفر 1000 لتر من البنزين سنويًا”.
وأضافت: وبناءً على سعر البنزين، وهو 70 سنتًا لكل لتر، فإن تشغيل كل سيارة قديمة يؤدي إلى خسارة سنوية تبلغ 700 دولار في مجال الوقود، ووفقًا لهذا التقرير، فإن القدرة الفعلية لإلغاء السيارات في البلاد تصل إلى 300 ألف سيارة سنويًا، ما يعني توفير 210 ملايين دولار في قطاع الوقود سنويًا.
وأضافت الصحيفة في تقريرها: “إلغاء كل سيارة يؤدي في المتوسط إلى إعادة تدوير 450 كيلوغرامًا من الحديد الخام، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات بناء 3 ملايين متر مربع من الوحدات السكنية، أي ما يعادل بناء 50 ألف وحدة سكنية بمساحة 60 مترًا مربعًا لكل منها.
إن إحياء عملية التخلص من السيارات القديمة سينشط 220 مركزًا للتخلص من السيارات المهملة حاليًا في البلاد، ما يعني توفير 11,000 فرصة عمل مباشرة في هذه المراكز.
بالإضافة إلى ذلك، ومع تفعيل هذه الخطة، سيحدث تأثير إيجابي كبير على قطاعات النقل، وصهر الحديد، وبيع قطع الغيار، ومراكز الفحص الفني وغيرها، مما يخلق فرص عمل غير مباشرة ذات أهمية.”
وفقًا للإحصاءات، فإن التخلص من حوالي 7.5 مليون سيارة قديمة يمكن أن يؤدي إلى توفير يومي قدره 23.5 مليون لتر من الوقود (بما في ذلك البنزين والديزل)، مما يوفر للبلاد إيرادات تصل إلى 6 مليارات دولار سنويًا من خلال تصدير الوقود الموفر.
ومع ذلك، يجب ملاحظة أن القدرة الحالية للتخلص من السيارات في إيران تبلغ 300 ألف سيارة سنويًا، مما يعني أن التخلص من 7.5 مليون سيارة سيستغرق 25 عامًا، وفقًا للبرنامج السابع للتنمية، من المقرر زيادة القدرة السنوية للتخلص من السيارات القديمة إلى 500 ألف سيارة، مما يقلل الوقت المطلوب لتخلص من هذا العدد إلى 15 عامًا.
بافتراض تنفيذ البرنامج السابع للتنمية، يمكن لإلغاء السيارات القديمة أن يساهم في تقليل استهلاك البنزين والديزل بمقدار 1.5 مليون لتر سنويًا، ومع ذلك، يتم إضافة ما لا يقل عن 10 ملايين لتر سنويًا إلى عجز البنزين والديزل.
وهذا يعني أنه في حالة تحقيق أهداف البرنامج السابع، ستتقلص الزيادة السنوية في عجز البنزين والديزل إلى 8.5 مليرن لتر (بدلاً من 10 ملايين لتر). وعلى الرغم من أن هذا الرقم وحده ليس كافيًا، إلا أنه يمكن اعتباره جزءًا من خطة شاملة لمعالجة عجز البنزين.
عملية التخلص من السيارات القديمة
وأوردت الصحيفة: أوضح رسول سليماني، الخبير في صناعة السيارات، في حديثه مع صحيفة فرهيختكان، الحلول لتعزيز عملية التخلص من السيارات القديمة قائلاً: “وفقًا للائحة المادة 10 من قانون تنظيم صناعة السيارات، يجب التخلص من السيارات التي يزيد عمرها عن 20 عامًا، يتم تنفيذ العملية بحيث يقوم مالك السيارة القديمة ببيعها إلى المركز المختص، حيث يقوم المركز بالتخلص منها”.
وأضاف: “مقابل التخلص من كل سيارة، وبموافقة الشرطة، يتم منح عدد معين من الشهادات لهذه المراكز، على سبيل المثال، إذا تم التخلص من سيارة عمرها بين 20 و25 عامًا، يحصل المركز على ثلاث شهادات، وإذا كانت السيارة بين 25 و30 عامًا، يحصل المركز على شهادتين، وهكذا.
وأوضح سليماني: “حاليًا، تبلغ قيمة كل شهادة حوالي 350 مليون ريال، على سبيل المثال، إذا تم إلغاء سيارة عمرها بين 20 و25 عامًا، يحصل المركز على ثلاث شهادات بقيمة إجمالية تبلغ 1050 مليون ريال.
كما أن هيكل السيارة القديمة يمكن أن يحقق دخلًا يصل إلى 150 مليون ريال.
قال هذا الخبير في صناعة السيارات: “من ناحية أخرى، تم إلزام مصنعي السيارات المحليين ومستوردي السيارات بشراء شهادة التخلص من السيارات القديمة، واحدة مقابل إنتاج أربع سيارات محليًا، وشهادة واحدة مقابل استيراد كل سيارة، لذلك، إذا أردنا زيادة معدل التخلص من السيارات القديمة، يجب أن نرفع الطلب على شراء الشهادات، مما يؤدي إلى زيادة قيمتها ويحفز المراكز وأصحاب السيارات القديمة على التخلص منها”.
وأضاف: “يمكننا تشجيع أصحاب السيارات القديمة أيضًا من خلال تقديم تسهيلات لشراء سيارات جديدة، على سبيل المثال، تخصيص 20% من السيارات الجديدة فقط لأصحاب السيارات القديمة التي تم إلغاؤها، مع إجراء قرعة بينهم، اعتبارًا من عام 2025، سيتم إضافة مليون سيارة قديمة إلى أسطول البلاد سنويًا، ويجب أن نعمل بسرعة”.
وتابع هذا الخبير: “يجب إلزام المنتجين المحليين بشراء شهادات التخلص من السيارات القديمة أيضًا، لكنهم حاليًا يتحايلون على القانون بدفع 1.5% من سعر السيارة المنتجة إلى حساب صندوق تطوير التكنولوجيا التابع لوزارة الصناعة والتعدين والتجارة، والمثير للاهتمام أن هذا الصندوق قد جمع 10 آلاف مليار تومان، ولكن لم يُصرف ريال واحد لدعم أصحاب السيارات القديمة أو تقديم تسهيلات لهم”.