ترجمة: شروق السيد
يكشف هذا التقرير الذي نشرته الصحيفة الإيرانية “هم ميهن”، عن المعاناة التي يعيشها الأطفال الأفغان في معسكرات الترحيل الإيرانية، حيث يتعرضون لأقسى أنواع المعاملة. تعيش عائلاتهم في رعب مستمر من فقدان أبنائهم الذين يتم ترحيلهم قسرا أو اختطافهم من الشوارع، لتبدأ رحلة قاسية نحو الحدود الأفغانية بلا ضمانات أمان.
كتبت الصحيفة الإيرانية “هم ميهن“: وضعوا أمامنا وعاء كبيرا وقالوا لنا: “كلوا”. كان هناك أرز مع قليل من البطاطا والعدس، وعاء واحد لكل سبعة أو ثمانية أشخاص، لم يكن لدينا ماء للشرب، وكانوا يقولون لنا: “اذهبوا واشربوا من صنبور الحمام”. كنا نتوسل، نبكي، كانوا يقولون: “إذا بكيت، نرسلكم إلى الأسفل، إلى الرجال”. صيف 2024 معسكر عسگرآباد في مدينة ورامين.
“قبل أيام قليلة من عيد الفطر، الساعة العاشرة مساء، كنت مع ثلاثة من أبنائي وابنتي وابن شقيقتي لزيارة منزل أخي. في الشارع، كان الأطفال يتحركون أمامنا، وعندما تداركنا أنفسنا، رأينا أنهم لم يكونوا أطفالا، ولم يكن أي منهم هناك؛ كانوا من 6 إلى 13 سنة، في اليوم التالي، رأيناهم في المركز؛ وهو مركز كان يجمع الأطفال الأفغان المهاجرين ويأخذهم إلى الحدود”. في شهر مارس/آذار 2024 بحي لب شوش في طهران.
الأسنان؟ سن واحد في المنتصف، الأيدي؟ منتفخة، الوجه؟ محترق، الأم عادت من الجحيم، ارتدت العباءة بدون غطاء رأس في زاوية من الحديقة، بينما كانت أشعة شمس نوفمبر/تشرين الثاني الضعيفة تقبل وجهها ورأسها، بينما كانت تسحب يديها على ساقيها لتخفف الألم.
«كان الابن يذهب إلى المدرسة صباحا، ثم يذهب إلى العمل بعد الظهر، كان يبيع في شارع مولوي، عند محطة سعادة، من هناك أخذوه، قبضوا عليه، اتصلوا من مكتب الرعاية الاجتماعية ليقولوا لي أن أذهب خلفه، حال والده ليس جيدا، مريض، ملقى في زاوية البيت، ذهبت مع ابنتي الصغيرة هاجر، كانت هاجر تجيد القراءة، أخذنا ورقة التطعيم وجواز السفر، قالوا إن التاريخ قد انتهى، فاحتجزونا، بقينا هناك 8 أيام، عشنا في الجحيم لمدة 8 أيام”.
نسرين، تمسك حجابها بطرف أسنانها، وتستخدم الجانب الآخر لتجفيف دموع عينيها، صورة تلك الأيام الثمانية تدور أمام عينيها.
«كانت هناك قاعة بها 10 أشخاص، مدمنون ومهاجرون أفغان، كانوا يصرخون فينا طوال اليوم: “اذهبوا اغسلوا الحمامات، نظفوا المكان”. ويغلقون الباب ويغادرون، هاجر لم تتجاوز عشر سنوات وملك كانت تبلغ 11 سنة». كانوا ينتظرون الخلاص حتى وصلوا إلى ورامين؛ معسكر عسگرآباد.
«اغربوا عن وجهي، اغربوا عن وجهي، كنا نتوسل إليهم وهم يقولون: اغربوا، فقط ارسلوا المال، قلت لهم لا نملك، قالوا إذن ستبقون هنا، اتصلت بصهرّي، أرسل لهم 50 ألف ريال لكل واحد، قالوا إنها قليلة، أرسلوا 10 ملايين ريال، ابني عمره 11 سنة، وقالوا إذا لم تدفعوا المال، سنأخذه إلى الأسفل، ثم قالوا لنا: سنأخذكم أيضا إلى جانب الرجال، كنا قد سمعنا ليلا عن طفل تعرض للإيذاء، صرخت وقلت للضابط: لا تأخذه، كان يكرر: اغربوا عن وجهي، كان معسكر عسگرآباد مكانا سيئا، أبوابه ونوافذه الحديدية مهشمة، وكان من المستحيل التنفس، كانوا يعاملون الأطفال بشكل سيء جدا، كانوا يضربون الجميع بالعصا، كنا نبكي، كان هناك فتى في الرابعة عشرة من عمره، وكانوا يضربونه بشدة، وبعدها سمعنا أنه توفي».
عندما تم تحويل المال، وضعوهم في الحافلة، إلى أين؟ إلى سنك سيفيد في خراسان رضوي، أبقوهم ليلة هناك وطلبوا المال مرة أخرى، كم؟ 2.000.000 ريال حتى الحدود.
«لم يكن خبزا كان قطعة من البلاستيك، حمامهم كان قذرا، كانوا يجبروننا على مسح القاعات، وعندما أردنا أن نركب الحافلة للعبور إلى الحدود، كانوا يعمدون إلى تجريد الرجال من ملابسهم، ويأخذون احزمتهم وحبال أحذيتهم، هل كان هناك من يعترض؟ لا، لم يكن أحد، كان الجميع خائفين، كانت ابنتي تبكي باستمرار، وكان ابني لا ينام أبدا».
وصلوا إلى الحدود، وهناك أبقاهم أحد معسكرات الأمم المتحدة ليلة واحدة، أعطوهم الخبز وأعطوهم ألفي أفغاني، ألفا أفغاني، كانت تكفي أجرة الحافلة للوصول إلى المدينة والذهاب إلى المنزل، بقيت نسرين وطفلاها في منزل والدتها في كابول لمدة شهر ونصف، تجمعت خالاتها وعماتها وأعمامها وجمعوا المال لكي يذهبوا إلى السفارة، للحصول على جواز سفر والعودة إلى إيران، كان ينتظرهم الطفل ذو السنتين والأب المريض، إذا كانوا سيحاولون الحصول على جواز سفر من مشهد، كان عليهم دفع 150 مليون تومان لكل واحد، أما من أفغانستان فكانت التكاليف أقل، 6 ملايين تومان لكل واحد.
يعمل أطفال نسرين لسداد ديون رحلتهم البائسة، وفي الملف الذي أعدوه لهم، أخذ الضباط عنوان المنزل ورقم الهاتف، وأصبح الأطفال يراودهم كوابيس كل ليلة بقدوم الضباط إليهم في منتصف الليل، يقطع الخوف نومهم.
اختطاف الأطفال ليلا
«في الساعة العاشرة مساء، كنا أنا وأختي قد ذهبنا إلى منزل شقيقنا، الذي يسكن في حي لب خط شوش، كان معنا خمسة أطفال، ثلاثة أولاد وابنتي وابن شقيقتي، كنا نتحدث عندما اكتشفنا أن الأطفال لم يكونوا معنا، بحثنا عنهم حتى الساعة الثانية ليلا، ذهبنا إلى مركز الشرطة فلم نجدهم، ذهبنا إلى البلدية فلم نجدهم، بحثنا عنهم حتى الساعة الثانية صباحا ولم نعثر عليهم، في صباح اليوم التالي، اتصل أحد الأطفال وأعطانا عنوان مكان يُسمى “كانون”، كان بعيدا عن ميدان آزادی، أخذنا أوراق الإحصاء، استأجرنا سيارة وذهبنا”.
شريفة، هي أم لعشرة أطفال، فقدت خمسة من أطفالها في شارع شوش في شهر مارس من هذا العام، شريفة وزوجها الطبيب من ولاية بغلان، وبعد قدوم طالبان، جمعوا ما يملكون من أكياس وأمتعة وقرروا الهجرة إلى طهران، الفقر كان يخيّم على وجه المرأة، وظل يلاحقها، تلك الليلة الربيعية كانت كابوسها اليومي؛ الليلة التي أخذوا فيها أطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و13 سنة، كانت ابنتها هي الأكبر، وعندما وصلت إلى أطفالها بعد يوم كامل، وجدتهم في قاعة مليئة بالأطفال الصغار والكبار؛ أطفال أفغان تتراوح أعمارهم بين 6 و7 سنوات، أطفال خائفون بعيون تملؤها الدموع وشفاه جافة من الجوع، أبقوهم هناك ليلتين، وقالوا لها يجب أن تأتي أم تلك الطفل أيضا، ولكن أختها كانت في حالة صعبة.
«حتى اليوم الذي أخذونا فيه إلى معسكر عسگرآباد، وصل عدة حافلات، ركبوا الناس وغادروا، قالوا لنا: “كل شخص يدفع 10 ملايين ريال، سنأخذكم إلى المعسكر”. من كان لديه المال ذهب في تلك الليلة، أما نحن فلم يكن لدينا، فبقيت، بعد يومين، أرسلوا عائلتي مبلغ 7۰ مليون ريال، وأخذونا إلى المعسكر”.
نصف أطفالها كانوا في المنزل، والنصف الآخر كانوا في الطريق، وصلوا إلى المعسكر ومن ثم توجهوا إلى سنك سيفيد، في سنك سيفيد بمشهد، أخذوا منهم 250 ألف ريال لكل شخص، وبعدها جاء دور البلدية؛ مليون تومان لعبور الحدود، ذهبوا إلى هرات، ثم إلى كابول وبعدها إلى بغلان، لم يكن لدى الأطفال بطاقة هوية، فتم استخراجها لهم، لكن لم يكن هناك جواز سفر، بعد أسبوع، جاء والد الأطفال للبحث عنهم، جمع الأقارب المال، وأعطوا 80 مليون ريال لكل شخص للمهربين، وبدأوا في طريق العودة.
ساعتين من السفر بالسيارة، ساعتين سيرا على الأقدام، وساعتين على دراجة نارية، تم إرسال الأطفال بشكل منفصل مع مجموعة أخرى، بعد عشرة أيام وصلوا إلى طهران، مروا بالجبال، ووصلوا إلى طرق وعرة، كانوا يبيتون بجانب الماعز والغنم، تحت أشجار النخيل، ويتوقفون لأخذ قسطا من الراحة وركوب الدراجات النارية، توقفت الدراجة عدة مرات، وكان شريفة وزوجها إبراهيم يتساءلان تحت لهيب الشمس: هل سينجون؟
أفضل وأجمل، هما طفلان من خمسة أطفال لشريفة، وهما في الحادية عشرة والثانية عشرة من العمر، وقد عاشا في إيران لمدة خمس سنوات، يذهبون صباحا إلى المدرسة في شوش، وفي المساء يعملون، أحدهما عامل في محل لبيع الستائر، والآخر يعمل في ورشة خياطة.
«كنا في الطريق من منزل عمي إلى منزلنا عندما أوقفنا رجال البلدية وأخذونا في سياراتهم، كان هناك رجال ونساء مدمنون هناك، استغرقت الرحلة نحو نصف ساعة إلى 40 دقيقة حتى وصلنا إلى مبنى مكون من ثلاثة طوابق، كان هناك الكثير من الناس؛ نساء، رجال وأطفال، كانوا كثيرين جدا، كانت النساء في قاعة والرجال في قاعة أخرى.
كانت القاعات تحتوي على أسرّة بطابقين، وكانت هناك سيدة هناك لا تسمح لنا بالكلام، تلك الليلة لم يقدموا لنا العشاء، وفي اليوم التالي لم يكن لدينا فطور، وكان الوقت نحو الساعة العاشرة أو الحادية عشرة صباحا عندما جاءت أمي، بعد يومين، حملونا في السيارة وأخذونا إلى عسگرآباد، هناك، مقابل المبنى، كان هناك سلالم، حملونا عبر السلالم إلى الأعلى، كانت أمي صائمة في آخر يوم من رمضان، لم تتمكن أمي من تناول الطعام وساء حالها في تلك اللحظة”.
هذه رواية أجمل عن طريق العودة الصعب إلى أفغانستان، لكن الرحلة لم تنتهِ هنا.
«لم يتمكن والديّ من العودة عبر نفس الطريق الذي سلكناه، جاؤوا من طريق آخر، حملونا في السيارة، وكانت سيارة تسير بسرعة عالية على الطريق، في إحدى المرات فقد السائق السيطرة على المقود وكان قريبا جدا من التصادم، كانت السيارة من نوع نيسان بيك أب، كنا نحو 30 أو 40 شخصا في نفس السيارة، استغرقت الرحلة نحو 4 إلى 5 ساعات حتى وصلنا إلى النزل، هناك لم تكن هناك نوافذ أو أبواب، وكان هناك نساء وأطفال ورجال بيننا، من هناك، حملونا مرة أخرى في السيارة واستمرينا في طريقنا، قضينا نحو 6 إلى 7 أيام في الطريق حتى وصلنا إلى المنزل”.
الغياب التدريجي للتلاميذ الأفغان
السيدة “ص” هي مُعلمة ومساعدة اجتماعية للأطفال الأفغان في إحدى دور الأطفال في جنوب طهران: «في البداية كان في عطلة عيد الفطر عندما أخبرونا بأن أحد الأطفال تم القبض عليه، كان الطفل يحمل بطاقة “آمایش” (بطاقة تسجيل اللاجئين)، وأيضا تم القبض على والدته عندما ذهبت للبحث عنه، فتم احتجازها، قمنا بالمتابعة، وأخبرونا بأننا يجب أن ندفع 7۰ ملايين ريال، ظننا أن هذا المبلغ كان للإفراج عنهم، ولكن تبين لاحقا أنه كان لإتمام عملية ترحيلهم، بعد ذلك، بدأ التلاميذ يغيبون تدريجيا، استمر هذا الوضع حتى عاد بعض الأطفال الذين تم ترحيلهم، استغرق الأمر نحو ثلاثة إلى أربعة أشهر.
عندما سمعنا تجربتهم، قررنا أن نكون صوتهم، وفقا للسيدة “ص”، في الوقت الحالي، مر خمسة أو ستة من التلاميذ الأفغان بتجربة الترحيل، بينما غاب عدد آخر من التلاميذ ولا يعرفون إن كانوا قد تم ترحيلهم أم لا، وهناك تلميذان آخران، يتراوح أعمارهم بين 14 و15 سنة، تم ترحيلهم أيضا، هم يحاولون العودة إلى إيران، وهم على تواصل مع معلميهم ويرسلون رسائل يقولون فيها إنهم علقوا في الجبال، ليس لديهم مال وعادوا سيرا على الأقدام، رغم كل ذلك، تقول هذه المساعدة الاجتماعية التي تعمل في إحدى المنظمات المدنية الناشطة في مجال الأطفال، أنه لا يمكن متابعة هذه القضايا بشكل مباشر لأن قضية اللاجئين أصبحت قضية حساسة والعنصرية ضد الأفغان في تزايد، وكلما ركزوا على هذا الموضوع، تصبح أنشطتهم أكثر تقييدا.
«تم ترحيل 1.100 طفل من اللاجئين مع عائلاتهم». 12 أكتوبر/تشرين الأول 2024، المدير العام لإدارة الرعاية الاجتماعية في محافظة طهران.
فخ بإسم الطفل الأفغاني
السيدة “ع” هي مساعدة اجتماعية ومعلمة أخرى، مثل زميلتها لم ترغب في ذكر اسمها في التقرير، تقول إنه منذ بداية شهر مارس، بدأت عمليات الاعتقال: «منذ ذلك الوقت، كنا نتوقع أن يقل عدد تلاميذنا، وصلتنا أخبار أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 سنة يتم أخذهم، ولكن بعد ذلك بدأوا في اعتقال الأطفال الأصغر سنا واستخدامهم كطُعم، في البداية يتم القبض عليهم، ثم يطلبون من العائلة أن تأتي، وعندما يأتون ولا يوجد لديهم أي مستندات تثبت هويتهم، يتم احتجازهم أيضا، يأخذون المال ويقومون بترحيلهم عبر الحدود، غالبا ما تذهب الأمهات للبحث عن أطفالهن لأنهن يعتقدن أنه لا يتم التعامل مع النساء، لكنهم كانوا يتعاملون معهن أيضا.
أجمل وأفضل، كانا في منتصف العام الدراسي عندما توقفا عن الذهاب إلى المدرسة، عندما تابعنا الموضوع، قالوا لنا إن الأطفال قد تم اعتقالهم، بدأنا في إرسال الرسائل والاستفسارات، لكن لم يرد أحد، قالوا لنا إنهم لا يستطيعون فعل شيء، بينما كان لدى الأطفال أوراق التعداد السكاني، لدينا حتى معلومات تفيد بأنه تم رفض أوراق “آمایش” (بطاقة تسجيل اللاجئين) وجوازات السفر بسبب انتهاء فترة سريانها”. تقول هذه المساعدة الاجتماعية إن كل من ذهب عاد في غضون شهر أو شهرين كحد أقصى: «هذه الطريق تؤذي الأطفال كثيرا».
قبل ثلاثة أشهر، تم ترحيل تلميذين من تلاميذ السيدة “ع”، طفلين في الحادية عشرة والثانية عشرة من عمرهما، كانوا قد غابوا لفترة ولكنهم لم يعرفوا أين هم، عندما استفسروا، قال شقيقهم الأكبر إنهم قد تم ترحيلهم.
«لا يمكننا ترحيل الأطفال العاملين غير الشرعيين الذين دخلوا إيران برفقة أشخاص آخرين غير آبائهم وأمهاتهم “. يوليو/تموز 2021، قبادي دانا، رئيس منظمة الرعاية الاجتماعية آنذاك.
السيد ميرزايي هو أحد موظفي المدرسة التي تستقبل الأطفال الأفغان ويغطي تكاليفها إحدى المنظمات المدنية الناشطة في مجال الأطفال، هناك معلمون ومراقبون ومديرون، ويقول السيد ميرزايي إنه يفعل كل ما في وسعه، كان سابقا مديرا لمدرسة مستقلة للأطفال الأفغان، وهو الرئيس الثقافي للمهاجرين الأفغان في إيران، هو أفغاني وقد عاش في إيران لما يقارب 35 عاما.
تم ترحيل السيد ميرزايي منذ سبع سنوات، كانت عائلته المؤلفة من ستة أفراد تنوي الهجرة إلى أوروبا، ولكن في أول مرحلة تم ترحيلهم إلى أفغانستان ثم أعيدوا إلى إيران، بدأ مسارهم من تركيا، لديهم بطاقة “آمایش” (بطاقة تسجيل اللاجئين) ولكن لم يقبلها أحد، رغم أنه في العام الماضي دفعوا 100 مليون ريال لستة أشخاص، والآن أصبحت تلك البطاقة بلا قيمة.
المهاجرون يتكونون من عدة مجموعات؛ بعضهم يحمل جوازات سفر، وآخرون يحملون بطاقة خضراء، والبعض يحمل بطاقة “آمایش” (بطاقة تسجيل اللاجئين) وهناك من ليس لديهم أي مستندات، وهناك مهاجرون قاتلوا في سوريا ضد داعش من خلال جماعة “فاطميون”، وقد تم منحهم بطاقة هوية وشهادات ميلاد ومتاجر وبيوت ومركبات، هذه هي أقوال السيد ميرزايي، الذي يعرف هؤلاء الأشخاص جيدا.
وبحسب صحيفة “هم ميهن”: لواء فاطميون هي قوات افغانية كانت تقاتل ضد داعش في سوريا، بدأ لواء فاطميون نشاطه في عام 2013، ويقال إن عدد أفراده يتجاوز 20 ألف شخص.
«في ذلك الوقت، عندما تم ترحيلنا واحتجزنا في المخيمات، كانت الأوضاع سيئة، فكيف هي الآن؟ تصلنا أخبار أن المهاجرين يتم ضربهم ويتم التعامل معهم كمجرمين، جميعهم من أهل السنة، وبعض هؤلاء الأطفال المهاجرين بلا أسر، تم وضع حاوية من قبل الأمم المتحدة على الحدود لفحص وضعهم، وبعد ترحيلهم، يتم تركهم في مدن مثل هرات(مدينة في أفغانستان)، هرات كبيرة بحجم مشهد(مدينة في إيران)، كل من يصل هناك يذهب إلى منزل الأقارب والمعارف، أما أولئك الذين ليس لديهم أحد فيتم تسليمهم إلى الشرطة.
وأحيانا يتم احتجازهم بلا حراك لعدة أشهر، في أفغانستان، يتم الإعلان عن أسمائهم عبر الراديو والتلفزيون، ويتم تقديم رقم هاتف على الواتساب ليتواصل مع من يعرفهم، لقد رأيت العديد من هذه الحالات.»
المسافرون الصغار
في صيف هذا العام، ادعت وزارة شؤون المهاجرين والعودة التابعة لحكومة طالبان أن 34 طفلا أفغانيا تم ترحيلهم من إيران بدون ذويهم، هؤلاء الأطفال عادوا إلى أفغانستان عبر معبر إسلام قلعة في هرات، وهم أطفال دون سن الـ15.
في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام، أعلن محمد قسيم مباشر، مدير إدارة العمل والشؤون الاجتماعية في ولاية نيمروز الأفغانية، أنه في الشهرين الماضيين تم إعادة 400 طفل أفغاني من إيران إلى ولاية نمروز عبر الحدود، قبل ذلك، في شهر أبريل، أعلن محمد هارون واحدي، مدير شؤون المهاجرين في ولاية نمروز، أنه يوميا يتم ترحيل من 30 إلى 40 طفلا وبدون ذويهم من إيران عبر معبر “پل ابریشم میلک” ووفقا لما ذكره واحدي، في العام الماضي تم ترحيل 20 ألف طفل من إيران.
وفقا لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في صيف 2022، تمت إعادة نحو 65% من اللاجئين الأفغان الذين يدخلون إيران إلى أفغانستان بواسطة الحكومة الإيرانية، وفي الوقت نفسه، من بداية عام 2022 حتى نهاية أغسطس/آب، عاد 246 مواطنا أفغانيا طواعية إلى أفغانستان عبر المفوضية، وهو انخفاض بنسبة 68% مقارنة بعام 2021 الذي شهد عودة 777 شخصا، وهو ما يعود إلى تولي طالبان السلطة.
ومع ذلك، فإن ترحيل الأطفال الأفغان لم يكن أمرا جديدا، في ديسمبر/كانون الأول 2022، ذكر مسؤول في إدارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة طالبان في ولاية نيمروز أنه خلال ستة أشهر تم ترحيل أكثر من ألف طفل أفغاني فقراء وبلا ذويهم من إيران، وقال مولوي فضل أحمد شهيدزاده، إن هؤلاء الأطفال كانوا يتراوحون بين 7 و18 عاما.
وفقا لإحصائيات إدارة شؤون المهاجرين في ولاية نيمروز، يتم إعادة يوميا ما بين ألف إلى 1800 مهاجر أفغاني من إيران، وفي وقت سابق، في فبراير/شباط 2018، تم الإبلاغ عن ترحيل ألفين من الأطفال والمراهقين الأفغان: “يتم رؤية نحو 10 إلى 20 طفلا ومراهقا دون سن الـ18، يوميا بين العمال الذين يتم ترحيلهم من إيران”، بحسب ما قاله مسؤول معسكر “أنصار” في هرات، وفقا لإعلانه، حتى في شهر واحد كان يتم ترحيل نحو 500 طفل أفغاني من إيران، وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، كان هناك نحو 470 طفلا تم ترحيلهم، أطفال تحت 18 عاما.
لا يقدمون الدعم
تقول سهیلا بابایی، المديرة العامة لجمعية حقوق الأطفال، إنها قامت مرارا بإرسال رسائل إلى وزارة الداخلية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنهم يتجاهلون هذه القضية، يصرحون بأنهم لا يتعاملون مع النساء والأطفال، وأنهم يقومون بترحيل الرجال الشباب الذين ليس لديهم وثائق، لكن الأدلة تظهر أن هناك أطفالا في دور رعاية الأطفال في شوش وناصر خسر وغيرهم الذين تعرضوا لتجارب مماثلة؛ أي إنهم كانوا أطفالا وتم ترحيلهم، تقول بابایی: “تحدثنا عن هذا الموضوع مع سفارة أفغانستان، ولكنهم لم يقدموا أي دعم”.
تشير بابایی إلى أن الإحصائيات تُظهر أنه في الأسبوع الماضي تم ترحيل نحو 100 ألف مهاجر، لكن لا توجد معلومات دقيقة عن عدد الأطفال الذين تم ترحيلهم” معدل الزيارات التي يقوم بها العاملون الاجتماعيون لمتابعة حالة الأطفال المهاجرين الذين تم القبض عليهم في إطار خطة تنظيم وإعادة ترحيلهم قد زاد، المشكلة هي أنه لا توجد طريقة صحيحة لإعادة هؤلاء الأشخاص إلى بلادهم، ويتم استخدام طرق خطيرة لترحيلهم، وهو ما يمكن التحقيق فيه”.
التمييز والإيذاء النفسي والجسدي للأطفال
وتابعت الصحيفة: تقول فائزه رضازاده، التي كانت سابقا مسؤولة الوحدة القانونية في جمعية حقوق الأطفال وما زالت تتابع وضع الأطفال المتضررين، في حديث لصحيفة “همميهن” إنه في ما يتعلق بحقوق الأطفال، لدينا قانونين؛ أحدهما قانون حماية الأطفال والمراهقين، والآخر هو اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها إيران، إن مسألة ترحيل الأطفال تأتي ضمن مجموعة التمييز ضد الأطفال في قانون حماية الأطفال والمراهقين، لأن أي طفل في إيران يجب أن يكون مشمولا بالإجراءات الداعمة التي ينص عليها هذا القانون، وبالتالي، يجب أن تتم جميع الإجراءات التي تُتخذ تجاه الطفل الإيراني للأطفال الأفغان أو أي جنسية أخرى كذلك.
وتشير رضازاده إلى أن المادة 3 من هذا القانون تتحدث عن حالات الخطر التي يتعرض لها الأطفال، وتنص بوضوح في البند “ر” على أن إحدى هذه الحالات هي الأضرار الناتجة عن الفقر الشديد، واللجوء، والنزوح، والهجرة، وانعدام الجنسية، وتنص هذه المادة على أن المؤسسات والجهات، وضمن ذلك منظمة الرعاية الاجتماعية، والقضاء، ووزارة الداخلية، يجب أن تدعم الأطفال الذين يواجهون هذه الحالات.
الحجة الأساسية في ترحيل المهاجرين هي تقسيمهم إلى قانونيين وغير قانونيين، ولكن في قانون حماية الأطفال والمراهقين، يُعدّ انعدام الجنسية حالة أكثر خطورة من النزوح، واللجوء، والفقر الشديد، بناء على هذا القانون، لا يجب ترحيل أي طفل، حتى لو لم يكن لديه وثائق، فليس من حقهم ترحيله.
وتوضح هذه الناشطة في حقوق الأطفال أن الحكومة تؤكد أن المهاجرين غير القانونيين يجب أن يُرحّلوا، سواء كانوا أطفالا أو بالغين، في حين أن حالة الأطفال خاصة، ويجب دعمهم، إذ تتحمل منظمة الرعاية الاجتماعية مسؤولية التعرف على الأطفال في حالات الخطر ودعمهم، ولا ينبغي لقوات الشرطة اعتقال وترحيل هؤلاء الأطفال، بل يجب تسليمهم إلى الرعاية الاجتماعية لحمايتهم، وليس إرسالهم إلى معسكرات الترحيل، وهي ممارسة تخالف القانون بشكل صريح.
وذكرت رضازاده أنه حتى شهر مايو/أيار من هذا العام، حين كانت مسؤولة الوحدة القانونية في جمعية حقوق الأطفال، تم إبلاغهم بعدة حالات اعتقال لأطفال مهاجرين، وكثير منهم يحملون وثائق، إلا أن المشكلة تكمن في أن المهاجرين في إيران يمتلكون وثائق متنوعة؛ مثل جواز السفر، وبطاقة آمایش، وبطاقة تعليمية، ووثيقة التعداد، والنقطة هي أن الطفل عندما يخرج من المنزل لا يحمل معه وثائق هويته، وعندما يُعتقل هذا الطفل بشكل غير قانوني، يواجه صعوبات وإجراءات طويلة لإثبات حيازته للوثائق، مما يعرضه للعنف والصدمة، وقد يتعرض لأشكال من العنف النفسي، اللفظي، وحتى الجسدي أو الجنسي.
هناك تقارير غير رسمية حول هذا الموضوع، لكن مجرد عملية الاعتقال تفتح الباب أمام العنف ضد الأطفال، بعض هؤلاء الأطفال كان لديهم وثائق وتم ترحيلهم رغم ذلك، في الأساس، فإن هذه الطريقة في التعرف والتعامل مع اللاجئين والمهاجرين غير قانونية ويجب التصدي لها، ومع تصاعد هذه الخطط خلال العام الماضي، أظهرت المؤسسات التي حددتها المادة 6 من قانون حماية الأطفال والمراهقين تجاهلا واضحا لهذه القضية، وبحسب هذه الناشطة في حقوق الأطفال، فإن هذه الإجراءات تتعارض مع مصلحة الطفل.
وتقول إن الاعتقالات تتم بطريقة جماعية وغير قانونية، والأهم من ذلك، لا ينبغي اعتقال الطفل لمجرد أنه غير قانوني؛ بل ينبغي التعرف عليه وتوجيهه إلى الجهات الداعمة، وفيما يتعلق بالأطفال الذين لا يملكون أولياء أمور، يجب أن يكون هناك دعم إضافي من المؤسسات المحلية والدولية مثل الأمم المتحدة أو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وينبغي تحديد الجهة التي ستستلم هؤلاء الأطفال عند ترحيلهم من البلاد.
وتشير رضازاده إلى نقطة أخرى وهي وضع المعسكرات التي يتم ترحيل الأطفال إليها، وتوضح أنه في هذه المعسكرات لا يوجد فصل عمري، حيث يُحتجز الأطفال مع البالغين، دون وجود أي إشراف على التجمعات في هذه الأماكن، مما يعرض الطفل لمختلف أنواع العنف والإيذاء، وتكون المسؤولية على عاتق الجهة التي تحتفظ به، إضافة إلى ذلك، وبسبب الخوف من المتابعات القضائية والأمنية، قد لا يقدم هؤلاء الأفراد حتى شكاوى عن هذه الانتهاكات رغم امتلاكهم وثائق رسمية، مما يزيد من تفاقم معاناتهم.
لن يقل عدد المهاجرين
وأضافت هذه الصحيفة الإيرانية: يقول محمد مهدي دهدار، باحث في سياسات الهجرة في جمعية “دياران”، إن هناك العديد من الروايات حول المعاملة غير المناسبة وغير المقبولة في طرد وترحيل المهاجرين، ويمكن دراسة هذا الموضوع من عدة جوانب؛ القانونية والإنسانية وكذلك السياسية، من الناحيتين القانونية والإنسانية، المشكلة تكمن في عدم وضوح آلية تحديد الهوية والترحيل وتنفيذ هذه العمليات بشكل عشوائي، فعندما يدرك المهاجر حقوقه، لا ينبغي أن يرضخ لمثل هذه المعاملات، وحين تصبح هذه المعاملات عشوائية، يمكن توقع حدوث مثل هذه الأحداث.
ويضيف أنه في ما يتعلق بعمليات الهجرة وحقوق المهاجرين، التي تم تحديدها في إطار الاتفاقيات الدولية مثل الاتفاق العالمي للهجرة واللاجئين والتي تعد إيران عضوا وموقعة عليها، فإن المشكلة هي أن هذه العمليات غير مطابقة للمعايير.
ومن الجانب السياسي، الذي لا ينفصل بالطبع عن جانبها القانوني، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة إعطاء الأولوية لسياسة إعادة المهاجرين كجزء من جدول الأعمال للنظام السياسي والتنفيذي، الملاحظة هنا هي أن هناك علاقة مباشرة بين تشديد السياسات وزيادة الحوادث، ومع ذلك، فإن استعراض السياسات السابقة يظهر أن هذه الخطط لم تكن حلا دائما أبدا، ولم تؤد إلى السيطرة أو الحد من عدد المهاجرين.