كتبت: لمياء شرف
أبلغت الترويكا الأوروبية “بريطانيا وفرنسا وألمانيا” مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أنها على استعداد لتفعيل ما يسمى آلية الرد السريع، وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي، إذا تطلب الأمر.
وستفقد هذه الدول القدرة على اتخاذ مثل هذا الإجراء في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، لانتهاء أجل العمل بالقرار الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 2015.
وينص قرار الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، على رفع العقوبات الدولية عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وصرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الأسبوع الماضي، بأن إيران تسرع بشكل كبير، من تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60% القريبة من مستوى 90% تقريبا اللازمة لتصنيع أسلحة نووية.
وفي التقرير الذي قدمه لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قال غروسي إن هذا التغيير قد يعني أن إيران تنتج نحو 34 كيلوغراما (نحو 75 رطلا) من اليورانيوم عالي التخصيب شهريا مقابل 4.7 كيلوغرام شهريا كانت تنتجها مؤخرا.
وتنفي إيران أي نوايا لها في امتلاك سلاح نووي، حيث قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريحات سابقة إن بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، مؤكدا “ضرورة الحاجة إلى بناء الثقة مع الولايات المتحدة الأمريكية من كلا الجانبين وليس من جانب واحد”.
بينما أكدت الدول الغربية أنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني، وأنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية.
وكتب سفراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا لدى الأمم المتحدة في رسالة إلى مجلس الأمن في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2024: “يتعين على إيران خفض وتيرة برنامجها النووي؛ من أجل خلق البيئة السياسية المواتية لتحقيق تقدم ملموس والتوصل إلى حل عبر التفاوض”.
وقالوا: “نؤكد تمسكنا باستغلال كل السبل الدبلوماسية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وضمن ذلك استخدام آلية الرد السريع إذا تطلب الأمر”.
وجاءت هذه الرسالة ردا على رسائل وجهتها روسيا وإيران في وقت سابق من الأسبوع الماضي، والتي أعقبت مذكرة أولية وجهتها بريطانيا وألمانيا وفرنسا إلى المجلس في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وواصلت روسيا وإيران إرسال رسائل أخرى هذا الأسبوع، حسب رويترز.
ويذكر أنه التقى الشهر الماضي دبلوماسيون إيرانيون وأوروبيون في جنيف؛ لمناقشة إمكانية استئناف المحادثات حول البرنامج النووي الإيراني قبل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025.
وجاءت هذه المباحثات بعد أيام من قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ينتقد برنامج إيران النووي، ويندد بضعف التعاون الإيراني مع الوكالة ويطالب بتعزيز الشفافية والمزيد من مساءلة طهران حول برنامجها النووي.
وفي سياق متصل، أصدر مكتب الاستخبارات الوطنية الأمريكية تقريرا شدد فيه التحذير من تطور عمل إيران في البرنامج النووي، وعكس التقرير تحذيرات من عواصم غربية أخرى.
وأكد أن إيران الآن تمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع أكثر من اثني عشر سلاحا نوويا، وقد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية.
وهدد بتشديد العقوبات على طهران؛ لإجبارها على التفاوض بشأن برنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية.
يذكر أن ترامب في فترة حكومته الأولى 2018 أفسد الاتفاق النووي بين أوروبا وإيران 2015، بانسحابه من هذا الاتفاق، والذي نتج عنه تطور عمل إيران في برنامجها النووي دون النظر إلى العقوبات التي فرضت عليها.
وحذر التقرير الاستخباراتي من أن إيران تقوم بأنشطة بحثية تجعل طهران أكثر استعدادا لإطلاق برنامج للأسلحة النووية، حيث قال مدير الاستخبارات الوطنية إنه منذ أن تبادلت إسرائيل وإيران الهجمات العسكرية المباشرة لأول مرة في أبريل/نيسان 2024، كان هناك نقاش عام في إيران حول القيمة الرادعة للأسلحة النووية.
وقال التقرير إن مثل هذا النقاش يعكس تآكل المحرمات التي استمرت عقودا من الزمان بشأن مثل هذه المناقشات في العلن، وإدراكا بأن إيران بحاجة إلى تصحيح خلل استراتيجي مع خصومها.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية: “إن هذا النقاش من شأنه أن يشجع أنصار الأسلحة النووية داخل جهاز صنع القرار في إيران ويغير تفكير النخب الإيرانية الحالية والمستقبلية حول فائدة الأسلحة النووية”.
وقالت صحيفة وول ستريت، إن التقرير الاستخباراتي استند إلى معلومات تم جمعها حتى 26 سبتمبر/أيلول 2024، قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، والرد الإسرائيلي في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وأدت الضربات الإسرائيلية إلى تدمير أكثر الدفاعات الصاروخية الإيرانية تقدما ودمرت بعض المكونات الأساسية التي تحتاجها إيران لصنع صواريخ باليستية طويلة المدى تعمل بالوقود الصلب، وهي من بين أخطر الأنظمة الإيرانية.
وقد جعلت هذه الهجمات إيران أكثر عرضة للضربات الإسرائيلية مقارنة بالماضي، مما قد يزيد من جاذبية الردع النووي بالنسبة لطهران، وفقا لخبراء غير حكوميين.
قال مسؤولون إيرانيون في الأسابيع الأخيرة، إنهم على استعداد لإجراء محادثات مع إدارة ترامب القادمة بشأن أنشطتها النووية وغيرها، على الرغم من إصرارهم على أن طهران لن تتفاوض تحت الضغط.
وبهذا الشأن كتبت صحيفة سازندجي: “إن غروسي جاء برسالة واضحة وسيرحل برسالة واضحة، حيث إنه كان قد صرح بأن حكومة بزشكيان لديها النية للعودة للاتفاق النووي”، وذلك وفقا لتقريرها الصادر في 14 نوفمبر/تشرين الثاني.
وجاء في تقرير مدير الاستخبارات الوطنية، أن القادة الإيرانيين يدركون أن توسع إيران في برنامجها النووي يعزز مصداقية التهديدات بتطوير الأسلحة النووية، خاصةً أنها الآن تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب لإنتاج أربعة أسلحة نووية.
مخاوف أمريكية وأوروبية
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، إنه واثق إلى حد معقول بأن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يكتشفون أي جهد إيراني لبناء قنبلة ذرية في وقت مبكر نسبيا.
وأبدى رؤساء أجهزة الاستخبارات الفرنسية والبريطانية، الأسبوع الماضي، المخاوف الغربية بشأن توسع البرنامج النووي الإيراني، حيث قال نيكولا ليرنر رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية: “إن أجهزتنا تعمل جنبا إلى جنب، لمواجهة التهديدات المستقبلية والأكثر خطورة، في الأشهر المقبلة من الانتشار النووي المحتمل في إيران”.
وحذر تقييم استخباراتي أمريكي من أن إيران قد تتخذ خطوات جديدة خطيرة نحو امتلاك سلاح نووي إذا فرضت عليها عقوبات إضافية، أو تعرضت لضغوط دبلوماسية أو عسكرية.
ورغم أن هذا التحذير ورد في تقرير سابق هذا العام، فإنه يخلق تحديا أمام إدارة ترامب القادمة، حيث أكد مسؤولون في فريق ترامب، أن الإدارة الجديدة ستشدد الضغوط الاقتصادية على إيران.
في الوقت نفسه، قال ترامب إنه لا يريد صراعا مع إيران، وتحدث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق.
ومن جهتهم أكد مسؤولون إيرانيون أن نهج الضغوط القصوى الجديد الذي تنتهجه إدارة ترامب، من شأنه أن يعرقل الدبلوماسية.
وأضاف مدير الاستخبارات الوطنية أيضا، أن الأحداث الأخيرة ربما تساعد إيران على تحسين “دقة وقوة وموثوقية” قدراتها الصاروخية الباليستية، وهي الأكبر في المنطقة.