ترجمة: شروق السيد
استعرضت الصحيفة الإيرانية “شبكة شرق”، في تقرير لها، التأثيرات المتوقعة للسياسات الاقتصادية الجديدة للحكومة على الاقتصاد الإيراني لعام 2025، تتضمن هذه السياسات زيادة الاقتراض من صندوق التنمية الوطنية وإصدار سندات لسد العجز المالي، إلى جانب رفع سعر العملة التفضيلية للسلع الأساسية تدريجيا، وهو ما يثير قلق الخبراء حول إمكانية تفاقم التضخم وتزايد الأعباء الاقتصادية على المواطنين.
كتبت “شبكه شرق“: إن الاقتراض الكبير للحكومة لتوفير نفقات الدولة في العام المقبل موضوع يعتبره الاقتصاديون سببا لمزيد من عدم التوازن في الموارد المصرفية، مما قد يؤدي في النهاية إلى التضخم، إضافة إلى ذلك، تنوي الحكومة دفع نحو 12 مليار دولار من القيمة التفضيلية في عام 2025 لاستيراد السلع الأساسية.
كان يتم بيع هذه العملة للمستوردين هذا العام بسعر 285000 ريال، ولكن وفقا لمشروع موازنة عام 2025، من المتوقع أن يتم رفع هذا السعر تدريجيا بما يتناسب مع التضخم، ورغم أن الحكومة لم تحدد موعد الزيادة التدريجية ولا السعر الدقيق لعملة الاستيراد، فإن الاقتصاديين يعتقدون أن هذا القرار، إلى جانب الاقتراض الكبير للحكومة في مشروع موازنة 2025، سيؤدي إلى آثار تضخمية سلبية.
اقتراض كبير لتمويل نفقات الدولة
تنوي الحكومة في العام المقبل، في إطار مشروع الموازنة، اقتراض 54 ألف مليار ريال من صندوق التنمية الوطنية، إضافة إلى ذلك، تخطط لاقتراض 70 ألف مليار ريال عبر إصدار السندات، والذي رغم أنه لا يُعد اقتراضا مباشرا من البنك المركزي، فإنه قد ينتهي بهذا المسار وفقا للآليات الحالية، يحدث هذا الاقتراض الكبير بينما تتحمل الحكومة حاليا ديونا ضخمة للبنوك وصندوق التنمية الوطنية، وقد بلغت ديون الحكومة للبنك المركزي حتى نهاية يونيو/حزيران من هذا العام 32 ألفا و647 مليار ريال. وحسب تصريح منظمة التفتيش العامة، فإن الحكومات السابقة قد سحبت 100 مليار دولار من صندوق التنمية الوطنية، و40 مليار دولار من موارد هذا الصندوق تم منحها كقروض لم يتم استردادها بعد.
تراكم ديون الحكومة الثقيلة تجاه البنك المركزي وصندوق التنمية الوطنية وهيئة الضمان الاجتماعي وغيرها يأتي في وقت من المتوقع أن تقترض فيه أرقاما ضخمة أخرى العام المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
يقول كامران ندري، الخبير الاقتصادي، لصحيفة «شرق» الإيرانية: “إن إصدار السندات لسد العجز المالي شائع في جميع دول العالم، ولكن الاختلاف يكمن في أن العديد من هذه الدول تمتلك بنوكا مركزية مستقلة، ولا تتدخل الحكومة في تحديد معدل الفائدة، ومن ثم فإن البنك المركزي في هذه الدول يستطيع استخدام أدوات علمية للتحكم في التضخم، لكن في إيران البنك المركزي ليس مستقلا، ومعدل الفائدة يُحدد من قبل الحكومة”.
يواصل قائلا: “عندما ترغب الحكومة في إصدار 7000 ألف مليار ريال من السندات، فمن الطبيعي أنه مع زيادة عرض السندات، سينخفض سعرها، لكن الحكومة تُلزم البنوك الحكومية بشراء السندات بسعر مرتفع، هذه المشكلة تؤدي إلى نقص السيولة لدى البنوك، مما يدفعها إلى الاقتراض من البنك المركزي لتلبية احتياجاتها من السيولة، ومن ثم ما دامت هناك بنوك حكومية في إيران والبنك المركزي ليس مستقلا، فإنَّ بيع السندات، خاصة بهذا الحجم الكبير، يمكن أن يؤدي إلى التضخم.
ويضيف هذا الخبير الاقتصادي أن الاقتراض من صندوق التنمية الوطنية يؤثر سلبا على الوظيفة الحقيقية للصندوق، والتي تتمثل في تطوير البنية التحتية الاقتصادية للبلاد، ويؤدي إلى إنفاق موارده على الأمور الجارية للحكومات، ويرى أن توضيح أسلوب اقتراض الحكومة في مشروع موزانة 2025، مجرد مبالغة وترويج من قبل الحكومة، وأنه ما دام مجلس التنسيق لرؤساء السلطات الثلاث موجودا، ويمكن للحكومة أن تطلب سحبا إضافيا من الموارد، فإن توضيح طريقة اقتراض الحكومة في الموازنة وتحديد سقف لها لن يكون له تأثير كبير.
كما أن إبراهيم بهادراني، المستشار الأعلى لغرفة التجارة والصناعة والمناجم في طهران، لديه نظرة مماثلة، حيث أشار في اجتماع لمناقشة مشروع موازنة 2025 بمركز الأبحاث لغرفة التجارة الإيرانية، إلى الاقتراض الكبير للحكومة في العام المقبل، مؤكدا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى التضخم، وأضاف مشيرا إلى أن معدل زيادة إيرادات الحكومة الضريبية أعلى من التضخم، وأكد أن رؤية الحكومة من الإيرادات المستدامة في مشروع موازنة 2025 ليست واقعية، وأن فرض ضرائب ثقيلة على اقتصاد راكد له عواقب سلبية كبيرة.
عواقب التضخم في أسعار السلع الأساسية
إضافة إلى ذلك، اتخذت الحكومة قرارا آخر مثيرا للجدل في مشروع موزانة عام 2025، وفقا لذلك، تعتزم الحكومة تحديد أسعار السلع الأساسية بشكل مرن ومتوافق مع معدل التضخم، وفي الجدول المتعلق بهذا الجانب، تم ذكر أنه ستكون هناك “زيادة تدريجية مقارنة بسعر عام 2024 ومعدل التضخم”، ورغم أن الحكومة لم تحدد رقما لسعر الدولار، فإن العديد يرون أن هذا الأمر قد يؤدي إلى زيادة التضخم.
يشرح كامران ندري، الخبير الاقتصادي، لصحيفة “شرق”، أن هذا الإجراء من قبل الحكومة بلا شك يؤدي إلى التضخم، ويؤكد أنه لا يمكن من ناحية أن يكون اقتصاد البلاد في حالة من عدم اليقين والمخاطر العالية وأن التوترات الإقليمية تجعل الآفاق الاقتصادية غير متوقعة، ومن ناحية أخرى تسعى الحكومة إلى تحرير الأسعار وزيادة الإيرادات الضريبية.
ويتابع الخبير الاقتصادي قائلا: “هذا التصرف من الحكومة يشبه إعلان الحكومة في أثناء الحرب الإيرانية العراقية عن وقف توزيع بطاقات السلع الأساسية، يجب على الحكومة أولا إعادة الاقتصاد إلى حالة طبيعية، وتوفير إمكانية زيادة دخل المواطنين من خلال نمو اقتصادي مرتفع ومستدام، ثم تبدأ في زيادة الإيرادات الضريبية وإلغاء الدعم، وليس أن تكون الحكومة لا تملك القدرة على تحقيق نمو اقتصادي مرتفع ومستدام، ولا القدرة على زيادة دخل الموظفين والعمال، ولا تحسن الوضع الاقتصادي، ولا تستطيع كبح التضخم، ثم تسعى إلى حذف المساعدات القليلة من خلال الإعانات، هذا الإجراء انتهاك لحقوق المواطنين، وسيدمر الطبقة المتوسطة؛ وهو الخطأ نفسه الذي ارتكبته الحكومة الثالثة عشرة (حكومة إبراهيم رئيسي) عندما ألغت فجأةً سعر الدولار البالغ 42000 ريال وحددت بدلا منه سعر 285000 ريال”.
وفي هذا السياق، قال بهروز محبي نجم آبادي، عضو لجنة البرامج والموازنة والمحاسبات في البرلمان، لموقع “أكو إيران”: “إحدى أهم القضايا في المجال الاقتصادي في بلدنا هي تحديد السعر الحقيقي للعملة، وكيف ينبغي أن تكون سياستنا تجاهها، الحكومة الحالية تركز كل جهودها على توجيه العملة نحو توحيد السعر؛ ولهذا الهدف، تحاول تقليص الفجوة بين الحد الأدنى والأعلى لسعر العملة، خاصة مع رفع سعر العملة نيم ا(منظومة مالية إيرانية)، في هذا السياق، يجب أن نكون حذرين؛ حتى لا نزيد من التضخم بشكل أكبر على الاقتصاد، كذلك فإن الزيادة بنسبة تتراوح بين 40 و42 في المئة في موارد الحكومة تحمل رسالة معينة؛ فالحكومة تتوقع ازدهارا، ولكن بداخله يكمن معدل التضخم الحقيقي، وإذا ارتفع سعر العملة من نحو 580 أو 590 إلى نحو 600 أو حتى اقترب من 700 ألف ريال، فهذا سيكون علامة على فشل الحكومة، حيث نكون قد اكتفينا بتغيير الأرقام فقط دون تحقيق هدف توحيد سعر العملة، مما سيؤدي إلى زيادة التضخم”.
كما حذر حسين صمصامي، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، في رسالة له، من أن سعر العملة في موازنة عام 2025 قد يؤدي إلى زيادة التضخم.
وبحسب تقرير “خبر أونلاين”، أوضح النائب في رسالته التي وجهها إلى محمد باقر قاليباف، رئيس المجلس، قائلا: “كما تعلمون، فإن الاقتصاد الإيراني يمر حاليا بمرحلة خاصة من الحرب الاقتصادية ويواجه قضايا أحيانا أساسية وبنيوية لتحقيق أهدافه، مشروع موازنة عام 1404 (2025-2026) بمثابة الاختبار الأول لهذا المجلس والحكومة الرابعة عشرة (الحكومة الحالية لمسعود بزشكيان)، وأول مشروع بعد إعلان البرنامج السابع.
وعلى الرغم من وجود بعض التوجهات الإيجابية، مثل توحيد مصادر ومصروفات موازنة الحكومة، وتحديد معظم بنود الموازنة بواقعية، وتهيئة الظروف لتنفيذ مواد قانون برنامج التنمية السابع، فإن له تبعات تضخمية على الفئات الضعيفة في المجتمع، ويرجع ذلك إلى الزيادة الكبيرة في سعر صرف العوائد المالية. ورغم أن الحكومة الرابعة عشرة تحاول من خلال موازنة العام المقبل أن تتجه نحو توحيد سعر العملة، فإن هذا التوجه يظهر في الموازنة بشكل مزدوج الاتجاه ومرتفع، ومن المتوقع أن تكون له آثار وتبعات سلبية، من ضمنها عدم أخذ بعض أحكام برنامج التقدم السابع في الاعتبار؛ وزيادة محركات التضخم؛ وعدم تحقيق توحيد سعر العملة؛ وتقليل مائدة الشعب وإضعاف قيمة العملة الوطنية؛ والأهم من ذلك، أنه لا يتناسب مع مقتضيات المواجهة مع الحرب الاقتصادية”.