كتب: ربيع السعدني
تواجه حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ضغوطا اقتصادية كبيرة، مما يدفعها إلى النظر في إصلاحات جذرية، من ضمنها إلغاء أو تقليص الدعم النقدي، قد تحمل تداعيات كبيرة على الشعب الإيراني، خاصةً الفئات ذات الدخل المحدود.
إعلان حسن نوروزي، رئيس منظمة دعم العوائد النقدية الحكومية التي تأسست عام 2010، الاستعداد لإلغاء الدعم النقدي عن 25 مليون مواطن إيراني بدءا من ديسمبر/كانون الأول 2025، يُعتبر خطوة جذرية قد تكون لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد والمجتمع الإيراني.
وأفاد الموقع الإخباري “تخصص أونلاين”، نقلا عن رئيس منظمة استهداف الدعم النقدي، بأن وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية تستعد لإلغاء الدعم النقدي للشرائح من الثامن إلى العاشر.
وفقا لهذا التصنيف العشري، بحسب ما ذكره تقرير موقع “اپک تايمز فارسي”، النسخة الفارسية من موقع “The Epoch Times”، وهي منصة إعلامية دولية تُعرف بمواقفها الناقدة لما تصفه بالحكومات الاستبدادية، يتم وضع الأسر التي يزيد دخلها الشهري على 1700 ريال في الفئات العشرية الثامنة والتاسعة والعاشرة ولن تتلقى إعانات نقدية بعد الآن، وسيتم تقديم الإعانات النقدية للأسر التي يقل دخلها عن 1700 ريال شهريا، وتضم كل عشرية ما متوسطه 8.5 مليون شخص.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية الإيرانية أنه في ديسمبر/كانون الأول 2025، سيتم قطع الدعم النقدي عن بعض الأسر، وردا على أسباب ذلك، قال المتحدث الرسمي باسم منظمة استهداف الدعم حسن نوروزي: “إن أحد أسباب عدم صرف الدعم النقدي هو التغيير في التصنيف الضريبي للأشخاص” .
وأضاف نوروزي في تصريح لموقع “همشهري أونلاين” الإخباري بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 2024: “ستتم إزالة قائمة المستفيدين من الدعم وغيرهم من الأشخاص من هذه القائمة ولن يتم دفع الدعم النقدي لهم”.
وبحسب ما نشرته وكالة أنباء “خبر أونلاين” غير الحكومية في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلن رئيس منظمة استهداف الدعم أن وزارة التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية تجهز الاستعدادات لرفع الدعم النقدي من العشرية الثامنة إلى العاشرة.
ما العدد الدقيق للأشخاص الذين سيتم إلغاء دعمهم؟
وكما صرح حسن نوروزي، رئيس منظمة استهداف الدعم الحكومية، سيتم قطع الدعم النقدي عن الشرائح الثامنة إلى العاشرة، وباعتبار أن كل شريحة ثابتة دائما من حيث عدد السكان وتضم في المتوسط 8.5 مليون شخص، فإن الدعم النقدي سيتم رفعه عن نحو 25 مليونا و500 ألف شخص (نحو 33% من إجمالي السكان)، وفي مارس/آذار 2025 لن يحصل بعض الأشخاص على الدعم النقدي، خلافا لما هو معتاد.
وبناءً على عناصر القياس وفقا لوكالة أنباء “خبر أونلاين”، إذا ترك الأشخاص، في أي مرحلة من مراحل القياس، الفئات العشرية الثامنة والتاسعة والعاشرة وانتقلوا إلى الفئات العشرية الأدنى، فستتم إضافة العدد نفسه من الأشخاص من الفئات العشرية الأدنى إلى الفئات العشرية المذكورة.
ما موعد تنفيذ خطة رفع الدعم؟
في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أعلن أحمد ميداري، وزير التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية، أنه تم اقتراح لائحة تنظيمية ومراجعتها في الحكومة والموافقة عليها، والتي بموجبها سيتم إلغاء الدعم النقدي للأسر ذات الدخل المرتفع، كما ألزم البرلمان الإيراني الحكومة بإلغاء الدعم النقدي لأصحاب الدخل المرتفع.
وبهذه الطريقة، تحاول كل من الحكومة ومجلس النواب إلغاء الدعم النقدي لمختلف الفئات، لكن الوقت الدقيق لتنفيذ هذه الخطة لم يتم تحديده بعد، وباعتبار أن هذه المسألة مدرجة في قانون موازنة 2025، فمن المتوقع أن هذه الخطة سيتم تنفيذها ابتداء من 21 مارس/آذار 2025.
النص الكامل لتنفيذ المرحلة الأولى من قانون استهداف الدعم
وبحسب المراسل البرلماني لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، فإن النص الكامل لهذا القرار الذي قرأه حسين أزين، المتحدث باسم لجنة المادة 90 حول كيفية تنفيذ المرحلة الأولى من قانون استهداف الدعم.
وبموجب المادة 59 من الدستور والمادة 36 من قانون الاستفتاء، “يجب أن يوقع 100 عضو في البرلمان على الخطة ويجب أن يصوت ثلثا الأعضاء بنعم ويجب أن يوافق عليها مجلس صيانة الدستور”.
إيرانيون غاضبون: 150 مليار دولار من الدعم الخفي كذبة كبير
وفي سياق متصل قارن سجاد بخساري، عضو هيئة التدريس بجامعة طهران، بين نصيب الفرد من استهلاك البنزين في المملكة العربية السعودية الذي يبلغ 3.5 أضعاف نظيره في إيران.
وأضاف بخساري في تصريحات إعلامية، أن “الكويت تستهلك كهرباء للفرد 7 مرات أكثر من إيران، حجم استهلاك الطاقة في إيران ليس كبيرا جدا، وبالتالي حسب تعبيره، فإن 150 مليار دولار من الدعم الخفي هي كذبة كبيرة”.
كما دوَّن محسن ريحاني على حسابه بمنصة “X” في يوم 30 ديسمبر/كانون الأول: “إن هذه الخطة هي خدعة مقابل كثير من المال، قد يصوت العديد من الفقراء لهذه الخطة، ولكن بعد ذلك سترتفع الأسعار كثيرا، ومن خلال طباعة النقود، تخفض الحكومة بسرعةٍ قيمة العملة الوطنية وتخفض القوة الشرائية من 10 ملايين إلى 5 ملايين وأقل، وتدفع بسهولة 10 ملايين، ولا تقدم إعانات بعد الآن”.
ما حجم الدعم الخفي للطاقة في إيران؟
يشير الدعم الخفي للطاقة في إيران إلى الفرق بين التكلفة الحقيقية لإنتاج الطاقة (مثل النفط والغاز والكهرباء) والأسعار التي تُباع بها للمستهلكين المحليين. هذا الدعم يُعتبر “خفيا” لأنه غير مُدرج بشكل صريح في الموازنة العامة للدولة، ولكنه يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد الإيراني في ظل العقوبات الدولية التي قللت من عائدات إيران من صادرات النفط والغاز.
وفقا لتقارير صادرة عن مؤسسات دولية وإيرانية، يُقدر الدعم الخفي للطاقة في إيران بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، ففي عام 2020، قُدر الدعم الخفي للطاقة بنحو (30-40) مليار دولار سنويا، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإيراني.
وبحسب تقرير موقع “همشهري أونلاین” الصادر بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، دفعت إيران العام الماضي نحو 86 مليار دولار من دعم الطاقة الخفي، وهذا الرقم يزيد بمقدار 8.16 مليار دولار عما كان عليه في عام 2018، وللعام الثالث على التوالي، تتصدر إيران قائمة الدول التي تتمتع بأكبر قدر من دعم الطاقة.
وكما هو الحال في العام الماضي، تم إنفاق 244% أكثر من عائدات النفط في طهران على دعم قطاع الطاقة الوطني.
وبحسب تقرير منظمة التخطيط والميزانية لعام 2018، فقد تم منح نحو 90 مليار ريال من دعم الطاقة للشعب، أي ما يعادل 2.13 مليون دولار أمريكي وهي حصة الدولة العشرية الأولى، وهي الطبقات الضعيفة والمنخفضة الدخل 2.1% فقط، والحصة العاشرة 25% من إجمالي الدعم المدفوع للبنزين في الدولة.
ويجري الوضع نفسه في قطاع الغاز، حيث تستهلك العشرية العاشرة 15% والعشرية الأولى 5% من إجمالي الدعم.