ترجمة: علي زين العابدين برهام
نشرت صحيفة “هم ميهن“، الأربعاء 5 مارس/آذار 2025، مقالها الافتتاحي تحت عنوان “أين العدالة؟”، إثر صدور حكم بالسجن، الاثنين 3 مارس/آذار 2025، ضد جواد ساداتی نجاد، ورضا فاطمي أمين، وزيري الجهاد الزراعي والصناعة والتعدين والتجارة في حكومة الراحل إبراهيم رئيسي، بتهمة المشاركة في الإخلال بالنظام الاقتصادي للبلاد على نطاق واسع.
وذكرت أنه قد حُكم على كل منهما بالسجن التعزيري لمدة خمس سنوات، إلا أن المحكمة قررت تخفيف العقوبة، حيث خُفضت مدة سجن ساداتی نجاد إلى عامين، وفاطمي أمين إلى عام واحد. هذه الأحكام قطعية وواجبة التنفيذ.

وأضافت أنه رغم أهمية هذا الخبر، فإن هناك عدة نقاط تستحق التوقف عندها وهي:
أولا، اللافت هو صمت أعضاء حكومة رئيسي وأنصارها، الذين كانوا في البداية يدعمون هذين الوزيرين، لكنهم الآن يلتزمون الصمت، متجنبين توضيح كيف تبددت كل تلك الشعارات المناهضة للفساد.
ثانيا، لم توضح السلطة القضائية بدقةٍ طبيعة دور هذين الوزيرين في واحدة من أكبر قضايا الفساد في تاريخ البلاد. ما الذي جعلهم متهمين بالمشاركة في هذا الإخلال الاقتصادي الجسيم؟ ما الفوائد التي جنوها؟ من كان الوسيط في هذه العمليات؟ ولماذا لم يكن بقية أعضاء الحكومة، أو الراحل إبراهيم رئيسي نفسه، على علم بذلك؟ وإن كانوا يعلمون، فلماذا لم يتحركوا؟
ثالثا، ما مصير قضية وزير الزراعة الأخرى المتعلقة باستيراد الأعلاف الحيوانية؟
رابعا، أين العدالة في أن يُحكم على شاب بأقصى العقوبات لارتكابه سرقة عنيفة، بينما يُحكم على وزيرين كانا يتقاضيان رواتب ضخمة ويتمتعان بامتيازات واسعة، بالسجن خمس سنوات فقط بتهمة الإخلال الجسيم بالنظام الاقتصادي للبلاد، ثم يتم تخفيف عقوبتهما إلى عام أو عامين؟
وذكرت أنه يجب أن تكون سيادة الوزير سببا لتشديد العقوبة، لا لتخفيفها، فكلما ارتفعت مكانة المسؤول زادت مسؤولياته وتوقعات النزاهة منه. والمثير للاستغراب أن أحد الوزيرين المدانين كان، قبل شهر فقط، يظهر على القناة الأولى للتلفزيون الوطني بصفته خبيرا، يقدّم تحليلاته، بل كان يعد عبر منصة إعلامية دينية حكومية، بحل مشكلة التضخم خلال عامين!
وأضافت أن وقوع مثل هذا الفساد الضخم في وزارة ما، يجب أن يكون بحد ذاته دليلا على الفشل في أداء المسؤولية، ويستوجب المحاسبة الجادة. ومع ذلك، حُكم عليهما بالسجن لمدة سنة وسنتين فقط بتهمة المشاركة في الجريمة، وهي عقوبة مخففة إلى حد كبير، من المرجح أن تنتهي سريعا بإطلاق سراحهما بعد قضاء جزء يسير منها وسط مراسم احتفاء.
وأوضحت أن اللافت في هذين الوزيرين أنهما كانا من أقرب المقربين للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، حيث حصل الأول على 253 صوتا مؤيدا من البرلمان المحافظ، بينما نال الثاني 205 أصوات داعمة، ما يعكس مدى الثقة التي مُنحت لهما رغم النتيجة الكارثية لإدارتهما.
وأشارت إلى أنه من المفارقات الأخرى أن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، طُلب منه الاستقالة استنادا إلى قانون تعيين المسؤولين في المناصب الحساسة، وهو قانون وصفه البعض بالغموض والضرر. في هذا السياق، صرّح المتحدث باسم الحكومة قائلا: “إذا تم تطبيق هذا القانون بصرامة، فسيُجبر عدد كبير من المسؤولين في مختلف السلطات على التنحي”.
وتابعت أنه وفي تعليق واضح، صرح حسين مرعشي، السياسي وعضو حزب كوادر البناء، بأنه “إذا كانت السلطة القضائية قد توصلت إلى أن هذا التعيين غير قانوني، فلماذا طُبق فقط على ظريف، ولم يشمل شخصيات أخرى داخل الحكومة؟ إذا كان الهدف هو تحقيق العدالة، فلماذا لم يُطبق القانون على الجميع؟”.
وأوضحت أن العدالة لا تعني مجرد تطبيق القانون، بل تتطلب إنفاذه بإنصاف ودون تمييز. فإذا افتقدت هذه الركيزة، فإن تنفيذ القانون لن يؤدي إلى تحقيق العدالة، بل قد يُنظر إليه كإجراء مسيّس.
وأردفت أنه قد تجلى هذا المفهوم في تصريحات أحد أعضاء مجلس بلدية طهران خلال جلسة علنية، حيث قال: “مؤخرا، شهدنا صدور أحكام قضائية صارمة بحق اثنين من وزراء الحكومة السابقة بسبب تقصيرهما. فهل إذا وقع تجاوز أو هدر للمال العام داخل البلدية، أو أُهملت القوانين، هناك نية حقيقية لمحاسبة مسؤوليها أيضا؟ هل يمكن إحالة السيد زاكاني رسميا إلى السلطة القضائية للتحقيق في أي تقصير أو مخالفة وقعت خلال إدارته؟ وهل هناك عزم على متابعة هذه القضية بجدية؟”.
وأضافت أنه من الضروري أن تعلن السلطة القضائية، وبشكل رسمي، التزامها بواجبها في التحقيق والمحاسبة بسرعة وصرامة ودون تساهل.
واختتمت بالقول إنه بالنظر إلى هذه المعطيات، لا ينبغي التغاضي عن مثل هذه القضايا التي قد تثير الشكوك حول حيادية العدالة. بل يجب مواجهتها بوضوح، لضمان الشفافية وترسيخ الثقة بنزاهة الإجراءات القضائية.