حوار: مصطفى أفضل زادة – مراسل “زاد إيران” في طهران
ترجمة: علي زين العابدين برهام
تعد قضية FATF (مجموعة العمل المالي) ومعارضة إيران لقبول معاييرها والانضمام إليها، إحدى القضايا المعقدة في علاقات إيران الاقتصادية والدولية، وفي السنوات الأخيرة، تعرضت طهران لعقوبات اقتصادية بسبب معارضتها.
حول ذلك الموضوع أجرى “زاد إيران” حوارا مع مسعود باراتي، الخبير في قضايا العقوبات.
أصبحت مسألة قبول إيران لمجموعة العمل المالي قضية كبيرة في وسائل الإعلام الإيرانية. ما هي مجموعة العمل المالي (FATF)؟ ولماذا يعارضها البعض في إيران؟
“FATF” أو “مجموعة العمل المالي” هي منظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل الأنشطة غير المشروعة في جميع أنحاء العالم.
وهذه المنظمة، كغيرها من المؤسسات الدولية، لها أهداف خفية، وهي بطبيعة الحال تتماشى مع مصالح الدول العظمى، وهي مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعمل ظاهريا على تطوير الأنشطة النووية السلمية ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل النووية، لكنها في الواقع تهدف إلى الحفاظ على قوة اللاعبين الدوليين الرئيسيين ومنع اللاعبين الآخرين من اكتساب مزيد من القوة.
لدى FATF وظيفة مماثلة أيضا، خاصةً أن هذه المنظمة تتوافق مع الآلية الجديدة للحكومة الأمريكية للتعامل مع منافسيها وأعدائها، وكذلك للحفاظ على التفوق والهيمنة على المستوى العالمي.
إن أداة الولايات المتحدة في التعامل مع أعدائها هي العقوبات الاقتصادية، خاصةً العقوبات المصرفية، وقد استخدمت الحكومة الأمريكية هذه الأداة بشكل جدي في سياستها الخارجية خلال العقدين الماضيين، والعلاقة بين مهمة مجموعة العمل المالي (FATF) والعقوبات المالية الأمريكية واضحة للخبراء في هذا المجال.
على سبيل المثال، يقول ديفيد كوهين، وكان نائبا للخزانة في عهد أوباما وأحد الأشخاص المهمين في تشكيل العقوبات ضد إيران، بوضوح، إن تأثير العقوبات المصرفية الأمريكية له علاقة بالشفافية المصرفية على مستوى العالم.
وجاء في مذكرات خوان زاراتي، وكان نجل وزير الخزانة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، أن العقوبات المصرفية بدأت بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ومن أجل طرحها وتنفيذها استمر التعامل مع مجموعة العمل المالي (FATF)؛ لكي يتم اتخاذ التدابير التي تساعد على جعل هذه العقوبات فعالة، وبهذا فقد قبلت هذه المنظمة مهمة مكافحة تمويل الإرهاب كمهمة جديدة.
ومن خلال دراسة العملية التي مرت بها هذه المنظمة خلال العقدين الماضيين، يمكن رؤية ارتباطها وتضامنها مع سياسات العقوبات التي تنتهجها الحكومة الأمريكية. ولهذا السبب، فإن إيران، باعتبارها الدولة التي كانت الهدف الرئيسي للعقوبات الأمريكية على مدى العقدين الماضيين، لا يمكنها التعاون بشكل كامل وشامل مع هذه المنظمة.
وترجع المعارضة داخل إيران إلى هذه الحقيقة، وهناك مخاوف بشأن التآزر بين المعايير التي أوصت بها مجموعة العمل المالي والعقوبات المصرفية التي فرضتها الحكومة الأمريكية، لكن هذه المسألة لا تعني مخالفة لكل المعايير التي تعبر عنها هذه المنظمة.
فبعض معايير مجموعة العمل المالي تتعلق بقضايا داخلية، وبالتالي لا يوجد قلق بشأنها، والاعتراض على قبول هذه المنظمة في إيران هو شكل من أشكال الكشف عن المعلومات لجهات خارجية. وتتابع مجموعة العمل المالي هذه القضية على محمل الجد، ولهذا السبب قامت بإدراج إيران في القائمة السوداء.
لقد أعلنت حكومة بزشكيان أنه من أجل حل بعض المشاكل المصرفية والتفاعل مع الدول الأخرى، يجب أن تصبح إيران عضوا في مجموعة العمل المالي. هل المزايا التي أعلنتها الحكومة قابلة للتنفيذ رغم العقوبات؟ وإذا تم قبول مجموعة العمل المالي رغم العقوبات هل يمكن لإيران إجراء تبادلات مالية مع سائر الدول؟
الموضوع المطروح لا يتعلق بعضوية مجموعة العمل المالي على الإطلاق، بل يتعلق بتنفيذ خطة عمل مجموعة العمل المالي، فإيران بعيدة كل البعد عن أن تصبح عضوا في مجموعة العمل المالي، التي يبلغ عدد أعضائها حاليا نحو 40 عضوا، بعد انضمام السعودية وإسرائيل مؤخرا.
والقضية الأساسية هي تنفيذ البرنامج الذي تم الاتفاق عليه بين إيران ومجموعة العمل المالي في عام 2015. وبطبيعة الحال، هناك مشاكل في خطة العمل هذه، والأهم من ذلك، أنه تم قبول هذه الخطة في وقت كان يجري فيه تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني وخطة العمل الشاملة المشتركة، ولكننا الآن نشهد انتهاك الولايات المتحدة لهذا الاتفاق، والأوروبيون لم يفوا بالتزاماتهم وتم تطبيق جميع العقوبات على إيران منذ عام 2018. ولذلك تغيرت أجواء التعاون، والظروف لا تتطلب قبول خطة العمل هذه.
إلى أي مدى يمكن أن يساعد إنشاء مجموعة عمل مالي داخلية في شفافية الأنشطة المالية؟
الاستخدام الداخلي لنماذج مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحة الفساد الداخلي والجرائم المالية، خاصةً التهرب الضريبي يمكن أن يساعدنا كثيرا، وهذا ما أكده المرشد علي خامنئي.
لقد أوصى بهذا الموضوع لأعضاء البرلمان من عام 2017، وقال: “أقروا ما يلزم قانونيا وداخليا”. الفرق بين الاستخدام الداخلي وتوصيات مجموعة العمل المالي هو أن الشفافية يتم تحقيقها داخليا وليس من أجل أطراف خارجية.
قد لا تكون “مجموعة العمل المالي المحلي” هي التعبير الصحيح، لأن هذه القضية تتعلق بتنفيذ الإجراءات المضادة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب داخل الدولة؛ دون تقديم المعلومات لأطراف خارجية. ومن المؤكد أن أي تبادل للمعلومات مع النظام المالي الدولي التقليدي سيسبب مشاكل لإيران في التعامل مع العقوبات.