كتب: حسن قاسم
بعد تحرير حلب وحماة على يد هيئة تحرير الشام، فقدت إيران السيطرة على الوضع العسكري في سوريا، تزامنت مع ذلك تصريحات من قبل المسؤولين الإيرانيين لدعم سوريا وتأكيد استمرار إيران في دعم حليفتها سوريا، تزامن مع ذلك تصريحات جديدة تفيد بانسحاب الجانب الإيراني من المعركة في سوريا.
نرصد في هذا التقرير صحة إجلاء إيران قواتها من سوريا، وأهم التصريحات من قبل المسؤولين الإيرانيين حول موقف إيران تجاه الأوضاع في سوريا، وضمن ذلك مساعيها الدبلوماسية لإنقاذ سوريا.
بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية يوم الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد بدأت إيران في إجلاء قادتها العسكريين وأفرادها من سوريا صبيحة هذا اليوم، وفقا لمسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين، في إشارة إلى عدم قدرة إيران على الاستمرار في مساعدة بشار الأسد في إبقائه بالسلطة في ظل تقدم المعارضة العسكرية.
أشارت هذه الخطوة إلى تحول ملحوظ في السياسة الإيرانية تجاه حليفتها سوريا، التي دعمتها طوال الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 13 عاما.
وتعد سوريا من أهم الدول الحليفة لإيران، حيث يستخدم موقع سوريا كطريق رئيسي لتزويد حزب الله بالأسلحة في لبنان.
ووفقا لمسؤولين إيرانيين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم؛ لحساسية الموقف، فإن إيران أجلت الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، أفراد الحرس الثوري وبعض الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين وعائلاتهم والمدنيين الإيرانيين من سوريا، مؤكدين أن أوامر الإجلاء صدرت من السفارة الإيرانية بدمشق وفي قواعد للحرس الثوري.
وقال المحلل الإيراني البارز الذي يقدم المشورة للمسؤولين بشأن الاستراتيجية الإقليمية مهدي رحماتي، في مقابلة هاتفية: “إن إيران بدأت في إجلاء قواتها وعناصرها العسكرية؛ لأنها لا تستطيع القتال كقوة استشارية وداعمة إذا كان الجيش السوري نفسه لا يريد القتال”.
وأضاف أن إيران أدركت أنها لا تستطيع إدارة الوضع في سوريا الآن بأي عملية عسكرية، وهذا الخيار غير مطروح على الطاولة.
والجدير بالذكر، أن الهجوم المفاجئ الذي شنه تحالف جبهة تحرير الشام وفصائله قاد مشهد الحرب في سوريا، التي كافحها نظام الأسد إلى طريق مسدود، حيث سيطروا في أيام تقل عن أسبوع، المدن الكبرى مثل حلب وحماة، وهم في طريقهم نحو العاصمة السورية دمشق.
ويبدو أن المعارضة اختارت توقيت ضعف لثلاثة من أهم أنصار سوريا، حيث خفضت إيران من مساعداتها بسبب صراعها مع إسرائيل، وتعرض الجيش الروسي للاستنزاف بسبب حربه مع أوكرانيا، إضافة إلى تعرض حزب الله لضربات قوية في أثناء حربه مع إسرائيل.
وصرح وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، للقناة الأولى العراقية يوم الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، بأن إيران ستستمر في دعم الحكومة والشعب السوري، مشيرا إلى أن مدى هذا الدعم يتوقف على رغبة الحكومة السورية، وأن إيران ستلبي كل طلباتها.
كما تحدث عراقجي عن الاجتماع الثلاثي مع نظيريه من سوريا والعراق في بغداد قائلا: “خلال القمة الثلاثية اليوم، سنركز على الدعم السياسي وكيف يمكن للدول الثلاث تنسيق أنشطتها على الساحتين الدولية والإقليمية، لنشكل جبهة موحدة ضد الإرهابيين في سوريا (على حد تعبيره)، وكيفية تزويد الحكومة السورية بالمدد في هذا الوضع”.
واتهم عراقجي أمريكا وإسرائيل بما يحدث في سوريا، مؤكدا أن المنطقة كلها مهددة، فبعد غزة ذهبوا إلى لبنان والآن إلى سوريا، مشيرا إلى أنه على الرغم من تصنيف الأمم المتحدة لـ”جبهة تحرير الشام” بأنها “إرهابية”، فإن الدول تقف صامتة أو داعمة لها.
وأبدى تخوُّفه من أن تمتد أحداث سوريا إلى العراق، مشيرا إلى أن المقاومة ليست مقيدة بطريقة واحدة، وأن هناك طرقا مختلفة للمقاومة.
ورفض عراقجي التكهنات التي تشير إلى سقوط حكومة بشار الأسد، مشيرا إلى أنه من الأفضل عدم التنبؤ حيال هذا الأمر، خاصةً أنها لم تكن هذه المرة الأولى لهذا التنبؤ، بل كان هناك أحد وزراء خارجية إحدى دول المنطقة عام 2011 تنبأ بسقوط حكومة بشار، ولكن ظلت هذه الحكومة مستقرة 14 عاما منذ ذلك الوقت.
والجدير بالذكر أن عراقجي وصل فجر اليوم السبت 7 ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى الدوحة للمشاركة في منتدى الدوحة، بعد انتهاء زيارته للعراق أمس، حيث تم عقد اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية إيران، والعراق وسوريا.
وأعلن في تصريح له على هامش اجتماع الحكومة، أن اجتماع وزراء خارجية “عملية أستانا” سيعقد في قطر؛ نظرا إلى حضور وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا في منتدى الدوحة، علما بأن قطر لن تشارك في هذا الاجتماع.