كتب: محمد بركات
تحل الاثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، الذكرى الأولى للعمليات التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة- وعلى رأسها حركة حماس- ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى. تلك العمليات التي جاءت في التنسيق بين وحداتها، ما جعل القوات الإسرائيلية عاجزة عن صد الهجوم، وفتحت نقاشا كبيرا حول نظرية الأمن الإسرائيلي. تلك العمليات كذلك التي تبعها قصف للمدنيين في غزة استمر عاما كاملا، في حرب تخطت حدودها حدود منطقة الصراع، فشملت أراضي في لبنان، وسوريا، واليمن، وإيران.
وفي ذلك الإطار تناولت الصحف الإيرانية تلك الذكرى من جهات عدة، كان أهمها الإشادة بالعمليات وتأثيراتها الإقليمية والدولية، كذلك الإشادة بحماس ومحور المقاومة بشكل عام.
سبع نقاط حول “طوفان الأقصى”:
تناولت صحيفة كيهان الإيرانية ذكرى “طوفان الأقصى” في تقرير لها استعرضت من خلاله أهم سبع نقاط يجب الالتفات عند ذكر تلك العمليات، فقالت: “تُعتبر عمليات طوفان الأقصى، التي يُصادف اليوم مرور عام على قيامها، من ناحية واحدة من أهم العمليات العسكرية-الاستخباراتية للمقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيوني، ومن ناحية أخرى تُعد أكبر هزيمة لهذا الكيان، فهي عملية، كما وصفها قائد الثورة، قد أعادت الصهاينة 70 عاما إلى الوراء. ففي 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، قام نحو 1200 عضو من حماس، 600 في الميدان و600 خارج الميدان، بتنفيذ خطة معقدة ودقيقة للغاية، حيث لم يكن على علم بتفاصيلها سوى عدد قليل جدا من الأفراد، ولكن وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لتلك العملية، فهناك سبع نقاط مهمة يجب إلقاء الضوء عليها”، وذلك وفقا لتقرير الصحيفة الصادر في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
تكمل الصحيفة: “النقطة الأولى هي أن أحد الاتهامات الباطلة التي انتشرت على نطاق واسع بعد عمليات السابع من أكتوبر/تشرين الأول من قبل وسائل الإعلام الصهيونية والغربية هو زعم قيام حماس بمجزرة واسعة ضد المستوطنين، لكن التحقيقات اللاحقة كشفت أن النظام الصهيوني كان من العوامل الرئيسية وراء هذه المجزرة، وظهرت لاحقا تقارير من وسائل إعلام عبرية تشير إلى أن الصهاينة قتلوا عددا كبيرا من مواطنيهم لمواجهة مقاتلي حماس. النقطة الثانية هي أن التكنولوجيا المتقدمة لم تنفع إسرائيل، حيث إنه على الرغم من أن النظام الصهيوني يستخدم أحدث تقنيات المراقبة ضد سكان غزة وحركة حماس، فإن حماس استطاعت تنفيذ هذا الهجوم الكبير دون أن تعلم الأجهزة الأمنية الصهيونية. النقطة الثالثة هي إفشال مخطط إبراهام وايمك، فقبل أسبوعين من الهجوم، تحدث بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء النظام الصهيوني، في الأمم المتحدة عما سماه الشرق الأوسط الجديد، وعرض خريطة لمشروع الممر الهندي-الأوروبي (IMEC) الذي يربط الهند بالخليج العربي ومن ثم إلى حيفا وأوروبا، وهذا المشروع انهار بالكامل بعد الهجوم. النقطة الرابعة هي أن تلك العملية قد دقت مسمارا في نعش المشروع الصهيوني، حيث يرى كثيرون أن ممارسات النظام الصهيوني في غزة ولبنان تُنبئ بنهاية مشروع الصهيونية الاستعماري، وفي هذا الإطار قالت نعومي كلاين، الكاتبة اليهودية، إن الصهيونية ما هي إلا خدعة استخدمت فكرة الأرض الموعودة لتبرير إقامة دولة عسكرية قومية. واعتبرت الكاتبة أن الوقت قد حان للانفصال عن الصهيونية والعودة لليهودية. والنقطة الخامسة تتمثل في فضح مزاعم الديمقراطية الإسرائيلية، ففيما يبدو أن المعايير الغربية للديمقراطية لم تعد تنطبق على النظام الصهيوني، الذي يستمر في انتهاك حقوق الإنسان وقمع حرية التعبير، فخلال ذلك العام تعرّض الصحفيون المؤيدون لفلسطين للتهديد، سواء من خلال القتل المباشر والاستهداف في ميدان الحرب أو الإبعاد من وظائفهم”.
وجاء في تقرير الصحيفة: “وتتمثل النقطة السادسة في نمو الكراهية تجاه إسرائيل، فقد أدت جرائم النظام الصهيوني في فلسطين ولبنان إلى انخفاض شعبيته العالمية بشكل كبير، كما شهدت الولايات المتحدة أكبر موجة احتجاجات طلابية منذ حرب فيتنام ضد النظام الصهيوني، وامتدت الاحتجاجات إلى مختلف البلدان. أما النقطة السابعة والأخيرة فتتمثل في انهيار أكذوبة الهولوكوست، وهي المحرقة التي أعدها هتلر لليهود، فلطالما استخدم النظام الصهيوني سردية (الهولوكوست) لتبرير أفعاله، ولكن بعد الهجوم والحرب على غزة ولبنان، أصبح من الصعب عليه الاستمرار في هذا التبرير، ما قد يعني تراجع فعالية هذا السرد مستقبلا”.
هل مثلت عمليات السابع من أكتوبر فشلا لحماس؟
عرضت صحيفة إيران الحكومية بعض التساؤلات حول جدوى عملية طوفان الأقصى، وبرهنت نجاح هذه العمليات على عدة أصعدة، فقالت: “في الذكرى السنوية لعملية طوفان الأقصى، يطرح كثيرون سؤالا حول ما إذا كانت العملية تستحق كل ما حدث أم لا؟ فقد أثارت بعض وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة هذه المسألة، معتبرةً أن عملية طوفان الأقصى كانت فشلا لحماس. ولكن هل هذا صحيح فعلا؟ فبغض النظر عن الواقع الذي تعيشه المنطقة بعد العملية، يمكن النظر إلى أسباب نجاح عملية طوفان الأقصى، التي كانت عملية مشروعة ومتوافقة مع القانون الدولي، من زوايا مختلفة”، وذلك وفقا لتقريرها المنشور في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقد جاء في التقرير: “أولا: إن عملية طوفان الأقصى قد كسرت المشروع الذي دام 70 عاما لإظهار إسرائيل ككيان آمن، فلم يعد بإمكان قادة إسرائيل الترويج للاستيطان في المناطق المحتلة، وفي الوقت نفسه لن تعود إسرائيل إلى وضعها الأمني السابق قبل طوفان الأقصى. بالطبع هذه ليست مجرد وجهة نظر داعمي حماس وفصائل المقاومة، بل إن وجهة النظر تلك قد اعترف بها كثير من المحللين الغربيين. ثانيا، وبغض النظر عن التأثير الأمني لعملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فقد أتاح طوفان الأقصى فرصة لآخرين لزعزعة الوضع الأمني للكيان الصهيوني. فقد قام حزب الله اللبناني، بصفته مجموعة عسكرية ضمن شبكة المقاومة، باستهداف شمال فلسطين المحتلة وحتى تل أبيب وحيفا. هذا الوضع زاد من انعدام الأمان للمستوطنين وشكك في أسطورة الأمن الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، فإن أنصار الله في اليمن، الذين كانوا حتى قبل بضعة أشهر في صراع شامل مع السعودية، باتوا قادرين على تهديد أمن إسرائيل بصواريخهم بعيدة المدى. ثالثا: إن عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول قد أوجدت الفرصة لتحويل القضية الفلسطينية إلى القضية الأولى في العالم، وأصبح صوت الاحتجاج ضد إسرائيل يسمع حتى من داخل أروقة الحكومات الأوروبية. وقد أدى هذا الوضع إلى العزلة السياسية لإسرائيل على الساحة الدولية، فإسرائيل الآن تتعرض لتهديدات باتخاذ إجراءات قانونية ودبلوماسية عقابية ضدها من قبل العديد من المنظمات الدولية. رابعا: فإن هذه العملية أحبطت خطة الولايات المتحدة لإنشاء نظام عالمي جديد، والذي كان من المفترض أن يتم عبر اتفاقية السلام الإبراهيمي وخطة الممر العربي-المتوسطي لوضع المنطقة تحت هيمنة الكيان الإسرائيلي. فاليوم نجد قلة فقط هم الذين يعتقدون أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية ما يزال ممكنا”.
تبعات الزلزال الذي هز العالم:
كتبت وكالة أنباء دانشجو الإيرانية مقالا استعرضت فيه العملية وآثارها على الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية، فقالت: “تُعتبر عملية طوفان الأقصى أحد أهم الأحداث العسكرية والسياسية في تاريخ الصراع بين إسرائيل وفلسطين، فقد انطلقت هذه العملية ردا على انتهاكات الاحتلال المستمرة في المسجد الأقصى وقمع الفلسطينيين، وأصبحت لها تأثيرات واسعة على الصعيد العسكري، والاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي”، وذلك وفقا لتقرير الصحيفة الصادر في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويكمل التقرير: “فقد بدأت عملية طوفان الأقصى كرد فعل على الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة في المسجد الأقصى وقمع الفلسطينيين، مما زاد من السخط بين الفلسطينيين والمجتمعات الإسلامية حول العالم، وقد كانت لتلك العملية تبعات عسكرية، فقد كشفت ضعف منظومة الردع الإسرائيلية، حيث تمكنت الفصائل من اختراق الحدود والسيطرة على قواعد عسكرية وأسر جنود إسرائيليين، كما كبدت تلك العملية الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة، قُدّرت بـ13 مليار دولار خلال شهر واحد، وأدت إلى تعطيل النشاطات الاقتصادية وزيادة التكاليف العسكرية على إسرائيل وحلفائها. وكان من ضمن التبعات الاجتماعية لهذه العملية التهجير القسري للآلاف من المستوطنين المحتلين من الشمال الإسرائيلي، كذلك اندلاع موجات من الاحتجاجات الشعبية والدعم الدولي للفلسطينيين حول العالم، مما أثر على صورة إسرائيل عالميا. كذلك فإن القضية الفلسطينية صارت أكثر وضوحا للرأي العام العالمي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مما زاد من الوعي العالمي بشأن القضية الفلسطينية وأعادها إلى صدارة المشهد الدولي. وختاما فقد أظهرت عملية طوفان الأقصى أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تمتلك القدرة على مواجهة الاحتلال، وأن قوة الردع الإسرائيلية تضررت بشدة، مما سيترك آثارا طويلة الأمد على المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة”.
دفاعا عن حماس ومحور المقاومة:
تناولت صحيفة مهر عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول بنظرة تحليلية أظهرت من خلالها صحة قرار حركة حماس تنفيذ تلك العملية، فنقرأ: “لتقييم 7 أكتوبر/تشرين الأول، لا ينبغي النظر إلى الظروف الحالية فقط، فالظروف الراهنة، بغض النظر عن التفسيرات المختلفة، وحتى طريقة إدارة محور المقاومة للأمور بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول تختلف عن الحكم على عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول نفسها، فحتى لو افترضنا أن السنة الماضية قد وضعت المقاومة في موقف خطر، فلا يمكن اعتبار أن عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول كانت قرارا خاطئا، إذ إن العديد من العوامل التي ظهرت خلال العام الماضي أظهرت أن قيامها في ذلك التوقيت كان ضرورة”، وذلك وفقا لتقريرها بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويكمل: “يجب مقارنة 7 أكتوبر/تشرين الأول بما كان قبلها من أحداث، والحكم على الأسباب التي دفعت صانعي القرار إلى إصدار الأمر بالهجوم، فالمعلومات والتصريحات الصادرة عن قادة حماس والمقاومة والتطورات التي أعقبت العملية توضح تماما أنه لو لم يكن هناك طوفان الأقصى لكان قد نُفذ هجوم كبير لإزالة المقاومة من قطاع غزة. وبالطبع لا يمكن إنكار مقدار التضحيات التي بذلت عقب تلك العملية، سواء من محور المقاومة أو من شعوب مناطق الصراع، ولكن المقاومة قررت خوض معركة وجودية مع العدو، وجعلته يواجه خطرا وجوديا، ومما رأيناه أن الشعب الفلسطيني، المتحمل الأكبر للضرر، ما زال صامدا في وجه القصف الغاشم للمحتلين الذي طال حتى المدارس والمستشفيات، فيقول قائد الثورة بخصوص ذلك: (لم يتعرفوا على الشعب الفلسطيني، لقد استهانوا بالشعب الفلسطيني؛ وخطأهم يكمن في هذا. بالطبع، على كل العالم الإسلامي أن يدعم الفلسطينيين، وسيفعل ذلك بإذن الله، لكن هذه المعركة هي معركة الفلسطينيين أنفسهم؛ فالمخططون الأذكياء والشباب الشجعان والنشطاء المخلصون تمكنوا من خلق هذه الملحمة، وستكون هذه الملحمة، إن شاء الله، خطوة كبيرة نحو تحرير فلسطين). وفي تصريحاته الأخيرة يقر على خامنئي، المرشد الأعلى، الحق الدولي للفلسطينيين في تلك العمليات فيقول: (إن عملية طوفان الأقصى التي نُفذت في هذه الأيام نفسها تقريبا من العام الماضي، كانت حركة صحيحة، ومنطقية، وقانونية دوليا، والحق كان إلى جانب الفلسطينيين. والدفاع البطولي للبنانيين عن الشعب الفلسطيني يخضع للحكم نفسه؛ فهو أيضا قانوني، معقول، منطقي، ومشروع، ولا يحق لأحد أن ينتقدهم”.
حكم بالموت على تطبيع العلاقات:
تناول موقع مرصاد نيوز تبعات عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على تطور حركة التطبيع التي كانت تقودها أمريكا بين الدول العربية وإسرائيل، فقال: “إن تأثير طوفان الأقصى على العلاقات الدولية ومكانة القضية الفلسطينية بلغ حدّا يمكن القول فيه إن مسألة تطبيع العلاقات بين الدول العربية والنظام الصهيوني باتت في حالة احتضار في المرحلة الحالية ومع التحولات الميدانية التي نشهدها”، وذلك وفقا للتقرير المنشور في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويكمل التقرير: “لا شك في أن اشتداد الأزمات في فلسطين، خاصة بعد وقوع طوفان الأقصى، أدى إلى تغييرات كبيرة في السياسات العالمية والعلاقات الدولية، وكذلك في المواقف تجاه جرائم (الكلب المسعور) في المنطقة، النظام الصهيوني، فهذا الحدث لم يجذب فقط انتباه العالم إلى قضية فلسطين، بل أثّر أيضا بشكل حاسم على تطبيع العلاقات بين بعض الدول والنظام الصهيوني. فطوفان الأقصى، بضربته الحاسمة التي كسرت هيبة النظام الصهيوني الغاصب، دفع العديد من الدول إلى إعادة النظر في مواقفها تجاه فلسطين، كذلك جعل تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، في ظل استمرار جرائمه الوحشية ضد الأطفال في غزة ولبنان، واستمرار الأزمة الإنسانية وحقوق الإنسان في فلسطين، يواجه أزمة كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. فعند تحليل تأثير هذا الحدث على السياسات الدولية، يبدو التغيير في مواقف الدول أمرا مرجحا، إذ إن بعض الدول التي اتجهت نحو تطبيع العلاقات مع الصهاينة وجدت نفسها الآن في موقف دفاعي، وأخذت تنتقد هذه الأفعال الوحشية واللاإنسانية، وهذا التغيير يعكس استياء عاما وضغوطا اجتماعية في العديد من دول العالم. أما بالنسبة لتأثير الحدث على الدبلوماسية الإقليمية، فقد أصبح واضحا أن هذه الخطوة الميدانية البارزة ضد الصهاينة قد عزّزت التضامن بين الدول العربية والإسلامية في دعم حقوق الفلسطينيين، ولا شك في أن هذا خلق بيئة مهيّأة لتغييرات في النهج الدبلوماسي الإقليمي”.
الاحتلال تحت أرجل المقاومة:
كتبت صحيفة رسالت الإيرانية مقالا تحليليا تستعرض فيه العمليات وتبعاتها وإشادة بتضحيات محور المقاومة، فنقرأ: “وجَّهت طوفان الأقصى بعد عامٍ واحد فقط ضربة قاسمة إلى مشروع الاستكبار، مصطلح تصف به الصحافة الإيرانية أمريكا أو أي فعل لها، الأمريكي-الغربي-الصهيوني في المنطقة، وأطاح بكل الجهود التي بذلها الصهاينة وحلفاؤهم لإخفاء الطبيعة الوحشية لإسرائيل وتقديم صورة لا تُقهر عنها. أما عن الخسائر جراء هذا الهجوم، فأي عاقل يعلم أن كل الأحداث الكبرى في العالم وعبر التاريخ تحمل إنجازات وخسائر، ولم يكن هناك حدث ليخلو من الخسائر إلى جانب المكاسب”، وذلك في تقريرها المنشور في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ويذكر التقرير خسائر العملية فيقول: “إن الخسائر التي تكبدتها المقاومة في هذه الحرب تتمثل في الخسائر البشرية والمادية التي أثرت على الشعب والمقاومة الفلسطينية والجبهات الداعمة لغزة. فخلال هذا العام، ووفقا للإحصائيات الرسمية المتعلقة بالشهداء والمفقودين في غزة، فقد استشهد نحو 50 ألف مدني فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، في حرب الإبادة التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة. إن حجم الأزمة الإنسانية الكارثية التي تسبب بها المجرمون الصهاينة في غزة يفوق بكثيرٍ ما يُعرض في وسائل الإعلام، حيث إن هذه الاعتداءات لم تتسبب فقط في استشهاد عشرات الآلاف بشكل مباشر، بل أدت إلى انتشار الأمراض، والجوع، وتدمير البنية التحتية الصحية، ما يضع مئات الآلاف من سكان القطاع المحاصر في خطر الموت. أما على الصعيد المادي، فإنه يمكن القول إنّه بعد مرور عام من القصف المستمر على القطاع، لم يبقَ أي مكان سليم في غزة، حيث دمّر الاحتلال جميع البنى التحتية المدنية من مستشفيات ومنشآت صناعية وتجارية ومنازل سكنية ومؤسسات خدماتية وصحية وإغاثية، ولم تستثنِ حتى المؤسسات الدولية الموجودة في غزة، ولم تكن الضفة الغربية بمنأى عن ذلك، فقد تكررت هذه الأوضاع في مدن الضفة الغربية المحتلة، لا سيما شمال المنطقة، حيث شنّ الاحتلال خلال الأشهر الماضية هجمات واسعة على شمال الضفة، خاصةً جنين، معتقدا أنه سيقضي على المقاومة في هذه المنطقة، وارتكب جرائم مشابهة لتلك التي ارتكبها في غزة”.
وعن تضحيات محور المقاومة يذكر التقرير: “إضافة إلى فلسطين، شهدت الأسابيع القليلة الماضية اعتداءات صهيونية وحشية متعددة على لبنان، أسفرت عن استشهاد نحو 2000 مدني لبناني خلال أيام قليلة، كما استشهد عدد من قادة حزب الله، وعلى رأسهم حسن نصر الله. على الرغم من ذلك، لم يتمكن النظام الصهيوني وحلفاؤه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، على مدار عام كامل، من تغيير موقف جبهات المقاومة التي استمرت في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، رغم تجاوزاتهم ضد اليمن والعراق، كذلك نرى أن حزب الله اللبناني، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه في هذه المعركة مع العدو المحتل، لا يزال ثابتا في موقفه الداعم لغزة”.
وعن إنجازات تلك العملية يقول المقال: “إن الإنجاز الأول لعملية طوفان الأقصى كان نجاحها في إعادة مسار المواجهة بين شعوب المنطقة ومقاومتها من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى إلى اتجاهه الحقيقي، وأما الإنجاز الثاني، فكان كشف الطبيعة الوحشية للنظام الصهيوني أمام العالم بأسره، خصوصا بعد أن حاول هذا النظام خلال العقود الماضية، بدعم وتكاليف هائلة من الولايات المتحدة والغرب، إخفاء حقيقته الوحشية خلف شعارات ديمقراطية وحقوق إنسان واهية. الإنجاز الثالث يتعلق بوقف عملية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والنظام الصهيوني، فقد جاءت عملية طوفان الأقصى في وقت كانت فيه الدول العربية تتسارع نحو عقد اتفاقيات سلام مع الاحتلال. والإنجاز الرابع كان نجاح العملية في توحيد صفوف المقاومة في المنطقة بطريقة لم نشهدها من قبل. أما الإنجاز الخامس لعملية طوفان الأقصى، فكان فضح ضعف وهشاشة البنية الأساسية للكيان الصهيوني، الذي حاول على مدى السنوات الماضية، بدعم من قوى الاستكبار العالمي، أن يرسم صورة لنفسه بأنه لا يُقهر، تلك الصورة التي تلاشت في غضون ساعة”.