كتب: محمد بركات
أكد مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإيراني، في لقاء مع مجموعة من النشطاء السياسيين بمدينة خراسان الرضوية، أنه “بالتأكيد لا أحد معصوماً من الخطأ”، وقال: “الجميع يشتكي وينتقد الظلم، ولكن شرط أن تكون عادلاً هو أن تتصرف بعدالة ورحمة ووفقاً للقانون حتى مع من تعامل معنا بظلم. الحق والعدل والإنصاف يقتضيان أنني اليوم، وأنا في موقع السلطة، يجب أن أتعامل بالعدل، والرحمة، والقانون مع حتى أولئك الذين تعاملوا معنا بظلم وانتهكوا القانون في مواجهتنا.”
وبحسب ما أفاد به تقرير لموقع جماران الإخباري الإيراني بتاريخ الثلاثاء 3 سبتمبر/أيلول، فقد صرح بزشكيان في إطار برنامجه لزيارة مرقد الإمام الرضا، أحد أئمة الشيعة، وفي لقاء مع مجموعة من النشطاء السياسيين بمحافظة خراسان رضوي، وبعد أن عبر عن تعازيه بمناسبة ذكرى وفاة الإمام الرضا، مشيراً إلى الهواجس والمطالب التي طُرحت في هذا اللقاء من قبل الحاضرين، صرح قائلاً: “رغم أنني في موقع رئاسة الجمهورية، فإنني واحد منكم ولا أملك قدرة على المعجزات. فقط إذا تضافرت جهود الجميع معاً يمكننا التغلب على المشكلات.”
وشدد على ضرورة السعي لاختيار الأكفاء، وقال: “إذا سعينا إلى إقصاء الأفراد والمسؤولين الحاليين لمجرد أنهم لا ينتمون إلى حزبنا أو جناحنا، فإننا نتصرف مثل من ننتقدهم. إن معيار تفوق الأفراد، كما قال نبي الإسلام (ص)، هو التقوى فقط. والتقوى من الناحية الاعتقادية تعني السير بلا خطأ ومع أقل ضرر؛ وإذا اتخذنا هذا المبدأ، فلن يكون للنوع أو العرق أو المعتقد أو المذهب أي أهمية في اختيار وتعيين الأفراد.”
وأوضح بزشكيان سبب تكرار هذا الموضوع في تصريحاته، وقال: “للأسف، نحن ندعي الإسلام والإيمان والتقوى كمعيار لتفوق الأفراد، لكننا في الواقع ننتهك هذا المبدأ. عندما نقول إننا نؤمن بالإصلاحات، فهذا لا يعني أن نأتي بتيار باسم الإصلاح إلى السلطة، بل يعني أن نقبل بقدوم الأشخاص الأكفاء إلى المناصب، وحتى لو كنا نحن في موضع اختيار لمنصب معين ولم نكن نعتبر أنفسنا مؤهلين له، فعلينا أن ننسحب.”
كما أشار إلى الجهود المبذولة لتعريف مهام الأجهزة بما يتناسب مع الوثائق الاستراتيجية وتحديد معايير اختيار وتعيين الأفراد، وقال: “إن الشكاوى المتكررة هنا بشأن عدم الكفاءة والمشاكل في المجالات الاقتصادية وغيرها ناتجة عن تعيين الأصدقاء والمعارف، أو كما يقال (أصحابنا)، بدلاً من تعيين الأشخاص الأكفاء، مع أن المسؤولية أمانة يجب أن تسلَّم لأهلها.”
وأكد بزشكيان قائلاً: “دعونا نبدأ بالإصلاح من أنفسنا، وإذا كنا في موضع اختيار أو تعيين ورأينا أننا غير مؤهلين، فلننسحب. أليس اعتراضنا هو أن الأشخاص الأكفاء لم يُختاروا للمناصب المختلفة؟ فلنجعل الكفاءة هي المعيار في اختيار وتعيين الأفراد. إن جميع صناديق التقاعد اليوم تعاني من خسائر فادحة، لذا دعونا نترك المسؤولية في هذه الصناديق لأولئك الذين يتعهدون بتحقيق الربحية، وإذا لم يتمكنوا من ذلك، فعليهم أن يكونوا مسؤولين وأن يعوضوا الخسائر بدلاً من اعتماد المكافآت والإضافات الإدارية لأنفسهم.”
وانتقد رئيس الجمهورية النهج السائد في إدارة البلاد، حيث تُعتبر الخسائر في مؤسسة يديرها أصدقاؤنا أمراً مقبولاً، ولكن تُعتبر مشكلة عندما لا يكون الأصدقاء في السلطة، وأضاف: “أنا أسعى لإصلاح الإجراءات للحفاظ على المبادئ الرفيعة التي أؤمن بها وتعزيزها. أسعى للإصلاح لتحقيق الحق وإقامة العدل، وأؤمن بكل كياني بأن التمييز والظلم وعدم العدالة يجب أن تختفي.”
وقال بزشكيان: “إذا عملنا بالحق وأعطينا الحق لأصحابه، فإن النخب لن تتخلى عن خدمة الوطن. دعونا نتعاون ونتضامن مع من لا ملجأ له، بغض النظر عن عرقهم أو تيارهم أو منطقتهم أو معتقداتهم. لنعمل على إزالة الأحقاد من القلوب، وبدلاً من تكوين ملفات ضد الناس، فلنهتم بآلامهم ونمنحهم الاحترام والمكانة بناءً على قدراتهم وكفاءتهم.”
كما أكد قائلاً: “بالتأكيد لا أحد معصوماً من الخطأ. جميعكم اشتكى وانتقد الظلم، لكن شرط أن تكون عادلاً هو أن تتعامل بعدالة ورحمة وفي إطار القانون حتى مع من عاملنا بظلم. الحق والعدل والإنصاف يقتضي أنني اليوم، وأنا في موقع السلطة، يجب أن أتعامل بالعدل والرحمة والقانون حتى مع من تعامل معنا بظلم وانتهك القانون في مواجهتنا.”
وأشار بزشكيان إلى أن تغيير الهياكل أمر سهل، ولكن تغيير العقليات والسلوكيات أمر صعب ويستغرق وقتاً، وقال: “رغم أن التصرف بعدالة وبناءً على القانون مع الجميع أمر صعب ومعقد، فإنه يجب أن نتعاون جميعاً ونؤمن بعمق بهذه الفكرة، لأنه لا يوجد طريق آخر لبناء الوطن وحل المشكلات. إذا كنا نؤمن بأن إيران للجميع، فعلينا أن نتعاون جميعاً لبنائها من أجل جميع الإيرانيين.”
وأختتم حديثه قائلاً: “أنا وحدي، أو حتى بمشاركة ومساعدة جزء من الإيرانيين، لا يمكننا بناء إيران. يجب أن نتعاون جميعاً. أعلم أننا قطعنا طريقاً صعباً، وهناك طريق أصعب ينتظرنا، لكن قيمة وعظمة الإنسان تتجلى في حجم الآلام والهموم التي يحملها. وفن أن تكون إنساناً يكمن في تحمل الصعاب لتحقيق معتقداتك وإيمانك. أعداءنا يريدون تمزيق إيران العريقة والكبيرة، ويسعون لتحقيق هذا الهدف من خلال نشر اليأس وغيابنا عن الساحة، لذلك يجب أن نبقى ‘من أجل إيران’.”