كتب: ربيع السعدني
رغم ادعاءات شركات الطيران خلال عام 2024 بأنها خفضت الأسعار بعد تحرير تذاكر الطيران، فإنه بمراجعة سريعة لأسعار الرحلات الجوية المحلية الحالية نكتشف أن أسعار تذاكر الطيران ارتفعت بنحو 300% خلال الأشهر السبعة الماضية، وفقا لوكالة “تسنيم” للأنباء، التابعة للحرس الثوري.
كما تضاعفت تذاكر طيران الخطوط الجوية الإيرانية إلى ثلاثة أمثالها على بعض الرحلات الداخلية. بحسب ما نشره موقع “ديده بان إيران” في 21 سبتمبر/أيلول 2024، فإن شركة الطيران المملوكة للدولة “إيران إير” بدأت في الأيام الأخيرة في عرض تذاكر طيران على بعض الخطوط المزدحمة بزيادة في الأسعار بنسبة 100%، على سبيل المثال خط “طهران-الأهواز”، الذي كان يبلغ 12 مليون ريال في بداية العام الجاري، وارتفع إلى نحو ضعف ذلك قبل بضعة أشهر (نحو 24 مليون ريال)، ارتفع إلى 43 مليون ريال في الأيام الأخيرة! وهكذا، خلال الأشهر الستة الماضية، ارتفعت أسعار تذاكر بعض الرحلات الداخلية بنسبة 300%، أي ثلاثة أضعاف، كما تضاعفت أسعار تذاكر بعض الخطوط الأخرى، ولا أحد يتحمل المسؤولية عن هذه السوق الفوضوية من الأسعار المرتفعة والجشع.
في الوقت الذي يمر فيه سوق النقل الجوي في البلاد بأوقات عصيبة، وفقا لـ”تسنيم” سواء من حيث مستوى الخدمة أو الأسعار، ويرجع ذلك إلى قرار محكمة العدل الإدارية تحرير الأسعار في أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، وقامت شركات الطيران المحلية بزيادة أسعار تذاكر الطيران على الرحلات الداخلية، مستشهدة بحكم المحكمة الإدارية التي قضت إثر شكوى تقدمت بها شركات الطيران بأن هيئة تنظيم السوق غير مسؤولة عن تحديد الأسعار في قطاع النقل الجوي الداخلي.
في 14 يناير/كانون الثاني 2024 وبعد شهرين تقريبا من رفع أسعار تذاكر الطيران، أعلن المدير العام لمكتب التفتيش وحقوق المواطنين بوزارة الطرق والتنمية الحضرية حسين مُذنِب وفقا لوكالة “تسنيم”، توجيه أصابع الاتهام إلى تسع شركات طيران خاصة في البلاد بتهمة رفع الأسعار، وقال: “إن شركات الطيران ملزمة بالالتزام بقائمة الأسعار وهي معتمدة من قبل هيئة الطيران المدني، وقد تم إخطار شركات الطيران بقائمة الأسعار هذه في يونيو/حزيران من 2024 ومن يبيع بأعلى من هذه الأسعار يعد مخالفا وسيتم التعامل معه”.
كما أعلن رئيس لجنة التنمية والإعمار في البرلمان، محمد رضا رضائي كوجي، تعليق تنفيذ حكم محكمة العدل الإدارية، والذي بموجبه تم إلغاء حكم المحكمة بشأن تحرير تذاكر الطيران بأمر من رئيس محكمة العدل الإدارية، وتم تعليق الأسعار حتى إشعار آخر.
بذرباش: تحرير الأسعار كان حدثا مريرا
وفي سياق متصل، أشار وزير الطرق والتنمية الحضرية السابق، مهرداد بذرباش، في مطلع يوليو/تموز 2024، إلى قرار محكمة العدل الإدارية تحرير أسعار تذاكر الطيران باعتباره حادثا مريرا للغاية، وقال: “اعتمدت المحكمة على الخطة الخمسية للتنمية، وعندما لا يكون هناك توازن بين العرض والطلب في النقل الجوي، فلا يمكننا أن نترك الأمر للسوق، لقد طلبنا من القضاء ورؤساء الحكومات النظر في هذه القضية، فنحن لا نستطيع أن نظلم الناس. ولسوء الحظ، شهدنا في الأيام الأخيرة اضطرابات خطيرة في هذا القطاع ومن ثم، فمن الضروري التحكم في السوق من خلال آلية التسعير”.
وفي الوقت نفسه، ردت شركات الطيران على الانتقادات والمخاوف بشأن تحرير أسعار التذاكر، بحسب وكالة “تسنيم“، مشيرة إلى أن التحرير سيؤدي إلى انخفاض الأسعار وليس زيادتها، وفي هذا الصدد، قال أمين عام رابطة شركات الطيران الإيرانية مقصود أسدي ساماني، في مؤتمر صحفي أواخر يوليو/تموز 2024، في إشارة إلى الخسائر التي تكبدتها شركات الطيران بسبب الأسعار الإلزامية، مضيفا: “هذه القضية دفعت شركات الطيران إلى تقديم شكوى إلى المحكمة الإدارية لتطبيق التحرير”، وأخيرا أصدرت المحكمة الإدارية في 11 ديسمبر/كانون الأول 2024، حكما يمنع هيئة تنظيم السوق من التدخل في السوق. ولكن للأسف، بعد صدور حكم المحكمة، طلبت وزارة الطرق والتنمية الحضرية تطبيق المادة 91، وهو ما تم طرحه في لجنة الخبراء بالمحكمة، وفي نهاية المطاف، قررت اللجنة أن طلب تطبيق المادة 91 ليس له أساس قانوني، وأبلغ رئيس المحكمة وزارة النقل بقرار تحرير أسعار تذاكر الطيران للتنفيذ”.
وأوضح “ساماني” أنه في مطلع يوليو/تموز 2024 وبعد تلقي حكم المحكمة، تم التنسيق اللازم مع هيئة الطيران المدني لتحرير الأسعار، وأضاف: “بناء على ذلك تم تعديل الرسوم على شركات الطيران المدني، بما في ذلك رسوم التسجيل وتم تحديد سعر كل مقعد في الرحلة بمبلغ 40 دولارا، بالطبع، كنا قد اقترحنا سعرا للمقعد الواحد على أساس تكاليف طائرات إيرباص 320 وبوينغ إم دي وبوينغ 737، والتي بلغت 51 دولارا، لكن وزارة الطرق والتنمية الحضرية لم تتعاون في هذا الصدد”.
وفي إشارة إلى تحديد سقف أسعار تذاكر الطيران، أعلن “ساماني” عن مراقبة يومية للسوق، وأضاف: “إذا لوحظت تباينات محتملة في شبكة التوزيع، وإذا ارتكبت شركة طيران انتهاكا، فسيتم اتخاذ إجراءات تأديبية، وتشمل هذه الإجراءات الإنذار والمصادرة، وفي المرحلة الثالثة يتم إلغاء التراخيص، وفي هذا الصدد، تم خلال الأيام الـ25 الماضية إيقاف 3 وكالات ومواقع مرتبطة بها بسبب عدم الالتزام بأسعار شركات الطيران، وفي حال ملاحظة أي مخالفات سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وفقا للوائح”.
مع تحرير أسعار تذاكر الطيران انخفضت الأسعار، بحسب ساماني الذي أكد “أننا نشهد الآن أن الأسعار في بعض الخطوط قد وصلت إلى نصف الأسعار المعتمدة لدى شركات الطيران”، وأكد أيضا أن “تحرير أسعار تذاكر الطيران قطع أيدي المضاربين عن سوق النقل الجوي، وننتظر من وزارة الطرق والتنمية الحضرية تنفيذ القانون، قضت المحكمة الإدارية بأن هيئة تنظيم السوق والحكومة ليس لهما الحق في التدخل في تسعير النقل الجوي للركاب”، وقد مر أكثر من 7 أشهر منذ تحرير أسعار تذاكر الطيران في البلاد، لكن أسعار تذاكر الطيران الداخلية لم تنخفض، بحسب وكالة “تسنيم” للأنباء، بل يبدو أن الوسطاء لا يزالون يتمتعون بحضور مؤثر في هذا القطاع.