ترجمة: دنيا ياسر نور الدين
نشرت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية يوم الخميس 20 مارس/آذار 2025، تقريرا استعرضت فيه أهم الأحداث التي شهدتها إيران والشخصيات المحورية في هذه الأحداث التي شغلت بال الإيرانيين طوال عام 2024، العام الذي شهد تحولات سياسية كبيرة، فضلا عن تعدد الاغتيالات والتوترات الإقليمية التي تركت بصماتها على السياسة الإيرانية.
أولا: الأحداث المهمة
سقوط مروحية الرئيس والانتخابات
أشارت الصحيفة إلى أن ربيع عام 2024 شهد سقوط مروحية الرئيس الإيراني آنذاك، إبراهيم رئيسي، ووفاته إلى جانب وزير الخارجية في حكومته، حسين أمير عبد اللهيان، ومسؤولين آخرين.
كانت الحادثة صدمة كبيرة للأوساط السياسية في إيران وأدت إلى تصاعد الأزمات الداخلية في البلاد. إذ أدت وفاة رئيس الجمهورية إلى حدوث فراغ سياسي غير مسبوق، وطرحت أسئلة كثيرة عن مستقبل البلاد وكيفية ملء هذا الفراغ.
بعد الحادثة، دخلت إيران في سباق الانتخابات الرئاسية في فترة قصيرة، حيث تنافس خمسة مرشحين من التيار الأصولي ومرشح واحد من التيار الإصلاحي.
كانت الانتخابات محورا لحالة استقطاب كبيرة بين معسكرين أساسيين: الأول معسكر التيارات الإصلاحية والتنموية، والثاني معسكر القوى الراديكالية المناهضة للتغيير. كانت هذه الانتخابات شديدة الأهمية، حيث أكدت الصحيفة أن النتيجة جاءت لصالح التيار الإصلاحي بعد معركة انتخابية شرسة.
فوز المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، فاجأ الجميع، خاصة في ظل تراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات التي عانت من عزوف ملحوظ عن التصويت.
اغتيالات تهز المنطقة
قالت الصحيفة إن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران بالتزامن مع تولي مسعود بزشكيان الرئاسة، أدى إلى تصاعد مطالبات بالانتقام من إسرائيل.
اغتيال هنية كان نقطة فارقة في العلاقات الإيرانية مع بعض الدول العربية، خاصة بعد تقارير أكدت تورط أطراف أجنبية في الحادث.
ومع دخول فصل الخريف، وقعت عملية اغتيال أخرى استهدفت حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، مما زاد من تأجيج التوترات الإقليمية.
وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة بقيادة بزشكيان حصلت على ثقة البرلمان، فإن هذه الحوادث الأمنية أثرت سلبا على صورة الحكومة، حيث اتهمتها وسائل الإعلام المتشددة بالتسبب في استمرار عمليات الاغتيال نتيجة ضعف ردود الفعل السياسية والعسكرية من قبل السلطات.
الانتخابات الأمريكية
قالت الصحيفة إن بدء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية أعاد الجدل في إيران حول التفاوض مع واشنطن أم رفضه.
وكانت قضية المفاوضات النووية أحد المواضيع الرئيسة التي أثارت جدلا في الأوساط السياسية الإيرانية، حيث كانت الحكومة الإيرانية تطرح إشارات إيجابية تجاه المفاوضات. لكن هذا الوضع تغير بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية التي فاجأت الجميع.
ترامب الذي كان يعارض أي تقارب مع إيران، جعل الأمور أكثر تعقيدا وصعوبة في المجال الدبلوماسي، ما دفع إيران إلى إعادة تقييم سياستها الخارجية بشكل جذري.
هذه التحولات كان لها تأثير كبير على تحركات الحكومة الجديدة داخل البرلمان الإيراني، إذ بدأت المناقشات تركز على كيفية مواجهة الولايات المتحدة في المستقبل.
ضغوط اقتصادية وقانون الحجاب
أشارت الصحيفة إلى أنه مع بداية عام 2025، دخلت إيران في مرحلة شديدة الصعوبة، حيث شهدت البلاد ارتفاعا كبيرا في سعر صرف العملات الأجنبية، مما أثر بشكل كبير على الأسعار والمستوى المعيشي للمواطنين.
كانت الحكومة الجديدة تواجه تحديات اقتصادية ضخمة، ورغم محاولات الحكومة الإصلاحية تأكيد ضرورة الإصلاحات الاقتصادية، فإن الضغط الشعبي كان في تصاعد مستمر.
في هذه الأثناء، بدأ التيار المتشدد يضغط على الحكومة لفرض قانون الحجاب بشكل صارم على النساء، وهو ما أثار موجة من الاحتجاجات من قبل قطاعات واسعة من المجتمع الإيراني.
كانت هذه الفترة محورية في تحديد اتجاهات الحكومة، حيث كانت تجد نفسها بين ضغوط الإصلاحات الاقتصادية وضغوط التيار المحافظ الذي كان يطالب بتطبيق قوانين أكثر تشددا.
إقالة وزير الاقتصاد واستقالة ظريف
أكدت الصحيفة أن البرلمان الإيراني كثف ضغوطه على الحكومة في محورين أساسيين مع نهاية العام.
أولهما، إقالة عبد الناصر همتي، وزير الاقتصاد، من منصبه. ورغم أن همتي كان يعتبر من أبرز المسؤولين الذين دعموا سياسة الحكومة الإصلاحية في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، فإن البرلمان وجه له اتهامات بالفساد وضعف الأداء في مجال إدارة الاقتصاد.
أما المحور الثاني، فقد شهد استقالة محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، من منصب نائب رئيس الحكومة للشؤون الاستراتيجية بعد ضغوط قوية قادها غلام حسين محسني إيجئي، رئيس السلطة القضائية.
استقالة ظريف كانت بمثابة إشارة إلى نهاية حقبة من الدبلوماسية الإيرانية التي قادها في عهد حسن روحاني، حيث كان ظريف أحد الأسماء المحورية في التفاوض بشأن الاتفاق النووي.
تصفية حسابات سياسية
قالت الصحيفة إن العام لم يخلُ من أحداث أمنية كبرى، حيث شهدت إيران اغتيال القاضييين محمد مقيسه وعلي رازيني، ما تسبب في حالة من التوتر الأمني الشديد.
تصاعدت هذه الأحداث في ظل التصفيات السياسية التي طالت العديد من الشخصيات البارزة في الحكومة والأجهزة الأمنية.
كما انتهى العام بإصدار أحكام قضائية ضد وزيرين من الحكومة الثالثة عشرة بتهم تتعلق بالفساد المالي، ما أدى إلى توتر شديد بين الحكومة والسلطة القضائية.
ثانيا: الشخصيات
محمد خاتمي.. صانع الرؤساء
قالت الصحيفة إن إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران أعاد تسليط الضوء على الدور المحوري الذي لعبه محمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق وزعيم التيار الإصلاحي، في فوز مسعود بزشكيان.
خاتمي، الذي سبق أن دعم حسن روحاني في انتخابات 2013 إلى جانب شخصيات مثل أكبر هاشمي رفسنجاني، أثبت مجددا قدرته على التأثير في المشهد الانتخابي، مما جعله يُوصف بـ”صانع الرؤساء”.
ورغم أن 50% من الناخبين لم يشاركوا في الانتخابات، ورغم توقع التيار المحافظ بانخفاض نسبة المشاركة لصالحهم، فإن الدعم العلني لخاتمي وتعبئة القوى الإصلاحية الراغبة في تنمية إيران أسهما في فوز بزشكيان.
محمد باقر قاليباف.. الندم السياسي
أشارت الصحيفة إلى أن بداية العام 2024 شهدت قلق محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، بشأن مستقبله السياسي، حيث كان يسعى جاهدا للاحتفاظ بمنصبه داخل البرلمان الثاني عشر، وسط ضغوط مكثفة من أعضائه البالغ عددهم 282 نائبا. وكان قاليباف قد خاض عدة محاولات فاشلة للوصول إلى سدة الرئاسة، لكنه لم ينجح في استقطاب الدعم الكافي بعد حادث تحطم مروحية الرئيس الراحل. ودخل العام الجديد وسط جدل واسع بشأن أسرته، خاصة بعد تصريحات مثيرة للجدل من ابنته مريم قاليباف. رغم خسارته الانتخابات الرئاسية، لعب قاليباف دورا في تمرير تشكيلة الحكومة الجديدة.
سعيد جليلي.. رجل الظل
قالت الصحيفة إن سعيد جليلي، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والمرشح المحافظ في الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة، أصبح أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل خلال عام 2024.
ورغم أنه فشل في كسب تأييد الناخبين، فإن جليلي يُعرف أيضا بقيادته لما يُسمى “الدولة العميقة” منذ حكومة حسن روحاني، حيث كان يدير شبكة ضغط تهدف إلى عرقلة الحكومات غير المحافظة.
مع صعود حكومة بزشكيان، تجدد الجدل حول استمرار هذه الشبكة، وسط انتقادات لدوره في عرقلة الحكومات الإصلاحية.
محمد جواد ظريف.. عودة إلى الواجهة ثم الإقصاء
قالت الصحيفة إن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، عاد إلى المشهد السياسي الإيراني بعد ثلاث سنوات من الغياب ليصبح أحد أبرز داعمي حملة مسعود بزشكيان في الانتخابات الرئاسية.
ورغم نجاحه في حشد التأييد الشعبي لصالح بزشكيان، فإن هذه الجهود أثارت غضب التيار المحافظ، وبعد الانتخابات، تكثفت الضغوط عليه حتى تم إبعاده عن اجتماعات مجلس الوزراء، مما يشير إلى أنه بات معزولا سياسيا.
إبراهيم رئيسي
أشارت الصحيفة إلى أنه رغم السيناريوهات العديدة التي طُرحت حول مستقبل سيد إبراهيم رئيسي، فإن أحدا لم يكن يتوقع النهاية التي شهدها حين فقد حياته في حادث تحطم مروحيته.
أدخلت وفاته المفاجئة إيران في مرحلة سياسية جديدة، حيث اضطرت البلاد إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة للمرة الثالثة في تاريخها، ما كشف عن انقسامات عميقة داخل التيار المحافظ.
ورغم أنه كان يعتبر من قبل مؤيديه خطوة نحو “المدينة الفاضلة”، فإن الواقع أظهر تحديات اقتصادية وسياسية خانقة خلال سنوات حكمه.
مسعود بزشكيان.. رئيسٌ من خارج التوقعات
أكدت الصحيفة أن انتخاب مسعود بزشكيان رئيسا لإيران كان مفاجأة لم يتوقعها أحد. ورغم تأييد مجلس صيانة الدستور له، فإن فوزه بالرئاسة رغم نسبة المشاركة المنخفضة كان حدثا غير متوقع.
ورغم تقديمه “خطاب الوفاق الوطني” كنهج لحكومته، فقد واجه ضغوطا من عدة جبهات، خاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية زعيم حركة حماس، ما أشعل توترات إقليمية حادة.
غلام حسين محسنياژهای.. رئيس السلطة القضائية
أشارت الصحيفة إلى أن غلام حسين محسنياژهای، رئيس السلطة القضائية في إيران، أصبح شخصية بارزة في المشهد السياسي بسبب تصريحاته الحادة ضد الفساد.
وقالت الصحيفة إن موقفه الصارم في محاسبة كبار المسؤولين جعله في دائرة الضوء، خاصة بعد كشفه عن مخالفات مالية وفساد في قطاعات حيوية مثل استيراد الأعلاف. كما لعب دورا مهما في القرارات التي اتخذها رؤساء السلطات الثلاث.
كاظم صديقي.. الإمام الذي تجاوز الأزمة
أكدت الصحيفة أن كاظم صديقي، إمام الجمعة المؤقت في طهران، كان أحد الأسماء المثيرة للجدل خلال العام الماضي.
ورغم تورطه في فضيحة تتعلق بالاستيلاء على أراضٍ شمال طهران، فإنه تمكن من تجاوز الأزمة، مستعيدا مكانته الدينية والسياسية. ورغم الضغوط، تم تكليفه بإلقاء خطبة الجمعة في طهران، حيث أكد أهمية الوحدة الإسلامية.
مهدی کروبي
أكدت الصحيفة أن مهدي کروبي، الرئيس الأسبق لمجلس الشورى الإسلامي وأحد قادة التيار الإصلاحي، أظهر موقفا ثابتا حيال مسألة رفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه منذ احتجاجات انتخابات 2009.
ورغم رفع الحصار عنه في سبتمبر/أيلول 2024، فإن كروبي رفض القرار ما لم يشمل أيضا زميليه مير حسين موسوي وزهراء رهنورد.