ترجمة: علي زين العابدين برهام
أثار لقاء محمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق، مع جورج سوروس، الملياردير الأمريكي، جدلا واسعا، في الأوساط الإيرانية، خاصةً أن هذا اللقاء الذي تم الكشف عنه يحمل في طياته تساؤلات كثيرة حول علاقات رجال -كانوا أو ما زالوا- في الحكومة الإيرانية بجهات خارجية.
نشرت صحيفة “كيهان“، لسان حال المرشد الإيراني علي خامنئي، تقريرا الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني 2025، أوردت فيه عددا من الأدلة على حدوث هذا اللقاء، واتهمت خاتمي بالوقوف وراء حركات أضرت بإيران.
ذكرت الصحيفة أن مؤيدي الرئيس الأسبق محمد خاتمي حاولوا التبرؤ من تبعات هذا اللقاء الذي يُعتبر مصدر إحراج لهم. وقد تقدمت بعض الأطراف مؤخرا بادعاءات تفيد بتقديم محامي محمد خاتمي شكوى ضد حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان.
وأوضحت أن هذه الادعاءات لا يوجد أي دليل عليها، وحتى الآن لم يتم حتى إبلاغ إدارة كيهان رسميا بأي إجراءات قانونية تتعلق بهذه القضية.
وانتقلت في التقرير إلى الحديث عن بعض الوثائق حول لقاء محمد خاتمي، الذي يُوصف بأنه أحد أبرز قادة ما يُعرف بالانقلاب الملون الفاشل عام 2009، مع الملياردير الأمريكي جورج سوروس. هذه الوثائق تسلط الضوء على تفاصيل قد تكون مثيرة للاهتمام في سياق التحقيقات الجارية.
ذكرت الصحيفة أنه في 15 سبتمبر/أيلول 2006، كتب كينت تيمرمان، رئيس قسم إيران في وكالة الاستخبارات المركزية CIA خلال تسعينيات القرن الماضي ومدير مؤسسة الديمقراطية لإيران في موقع NewsMax الإخباري:
اجتمع معارضو إدارة بوش في فندق هايت للمطالبة ببدء تفاعل الحكومة الأمريكية مع طهران. وتحدث جورج سوروس خلال هذا الاجتماع، الذي نظمته مؤسسة أمريكا الجديدة، عن “صفقة كبرى* مع طهران… وأفادت عدة مصادر لـ”نيوز مكس” بأن سوروس ناقش هذه الصفقة الكبرى مع محمد خاتمي، الرئيس الإيراني الأسبق، خلال عشاء خاص في بوسطن. وقال أحد الإيرانيين الحاضرين في ذلك العشاء: أخبرنا خاتمي بأن على أمريكا أن تبدأ المفاوضات مع إيران”.
وتابعت الصحيفة أن كينت تيمرمان يذكر أيضا ستيفن كليمنز، مدير برنامج الاستراتيجية الأمريكية في مؤسسة “أمريكا الجديدة”، وهومن مجد، المستشار والمترجم المرافق لخاتمي خلال تلك الرحلة، كحاضرين آخرين في ذلك العشاء.
وأردفت أن هومان مجد هو الشخص الذي ظهرت لاحقا صورته مرارا وتكرارا في شرفة فندق كوبورغ بجانب محمد جواد ظريف خلال مفاوضات الاتفاق النووي (برجام). وفي عام 2009، ألّف كتابا بعنوان “آية الله يريد أن يكون مختلفا، مفارقة إيران الحديثة”. وجاء في صفحة 207 من هذا الكتاب:
“جورج سوروس ووليام بلوم أحد المقربين من جيمي كارتر، سافرا إلى بوسطن للقاء خاتمي”.
وذكرت الصحيفة أنه في أعقاب نزاع قانوني بالولايات المتحدة، اتهمت تريتا بارسي، الرئيسة السابقة لـ”المجلس الوطني الإيراني الأمريكي” بالقيام بأنشطة لوبي غير قانونية لصالح إيران.
وبينت أنه في ديسمبر/كانون الأول 2009، أجبرها القضاء على نشر بعض رسائلها البريدية ومراسلاتها، وضمن ذلك تلك المتعلقة بمحمد جواد ظريف، السفير الإيراني السابق لدى الأمم المتحدة، وبعد عدة محاولات منها لتجنب تنفيذ أمر المحكمة، اضطرت في النهاية إلى الكشف عن رسائلها البريدية الخاصة.
وأوضحت الصحيفة أنه في إحدى هذه الرسائل البريدية، تحت عنوان “سوروس في عشاء ظريف مع خاتمي” بتاريخ 6 سبتمبر/أيلول 2006، تتحدث تريتا بارسي مع كلايتون سوشر، مراسل قناة الجزيرة وعضو سابق في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، حول لقاء خاتمي وظريف بـ سوروس.
وأضافت أنه في أغسطس/أيلول 2009 تحدث كيان تاج بخش، مستشار “مؤسسة سوروس”، في الجلسة الرابعة لمحاكمة المتهمين في أعمال الشغب عام 2009 عن دبلوماسية “المسار الثاني” (Track Two) بين شخصيات سياسية إيرانية وأمريكية بدعم مالي من “مؤسسة روكفلر” و”مؤسسة سوروس” وأشار قائلا:
“إذا رأينا أحد أوائل نماذج هذه الاتصالات في رحلة محمد عطریانفر، الصحفي والسياسي الإيراني، إلى مؤسسة سوروس، فيمكننا في النهاية رؤيتها في اللقاء المباشر بين خاتمي برفقة ظريف مع سوروس في نيويورك 2006. وبالتالي، كانت هذه اتصالات مستمرة وقد استمرت”.
وأوضحت الصحيفة أن “هذه أربع روايات من أربعة أشخاص مختلفين، ومنفصلين عن بعضهم البعض، تؤكد لقاء محمد خاتمي مع جورج سوروس. ويمكن إضافة عدة روايات موثقة أخرى إلى هذه الحالات. وإذا كانت ادعاءات وسائل الإعلام التابعة للتيار الإصلاحي حول تقديم محمد خاتمي شكوى ضد رئيس تحرير صحيفة كيهان صحيحة، فإننا بفارغ الصبر ننتظر المحكمة لتقديم وثائق إضافية هناك”.
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إن جورج سوروس هو أحد كبار المستثمرين اليهود في أمريكا، ويشتهر بدعمه للانقلابات الملونة أو ما يسمونها “الثورات الملونة” في الدول المعارضة أو المعادية لأمريكا وإسرائيل. وهو بالضبط النوع نفسه من الانقلابات الملونة التي خطط لها مثلث أمريكا وإسرائيل وبريطانيا تحت عنوان “الحركة الخضراء” ضد إيران والتي تم تنفيذها بالتعاون المباشر مع خاتمي ومير حسين موسوي وغيرهم ممن يدعون الإصلاح، ومن الطبيعي أن يشعر خاتمي وبعض المدعين بالإصلاح بالقلق من كشف خيانتهم. وهذه القصة لها تفاصيل طويلة.