لمياء شرف
واصلت أسعار النفط تراجعها في التداولات الآسيوية، صباح الثلاثاء 17ديسمبر/كانون الأول 2024، قبل إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قراره بشأن السياسة النقدية، إلى جانب المخاوف المتعلقة بضعف الطلب في الصين.
ووفقاً لوكالة إسنا، تراجع سعر خام برنت بمقدار سنت واحد ليصل إلى 73.90 دولار للبرميل، بينما انخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط بمقدار 6 سنتات ليبلغ 70.65 دولار للبرميل، يُذكر أن كلا المؤشرين أغلق يوم الاثنين على انخفاض بنسبة 0.8%.
وصرح توني سيكامور، المحلل لدى شركة IG، بأن انخفاض الأسعار يعكس عمليات جني الأرباح التي جاءت بعد ارتفاع بنسبة 6% خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية الصينية المخيبة للآمال التي صدرت في اليوم السابق.
وشهدت أسعار النفط تراجعاً من أعلى مستوياتها في الأسابيع الأخيرة؛ بسبب بيانات إنفاق المستهلكين الصينيين الأضعف من المتوقع، على الرغم من تعزيز الإنتاج الصناعي، ومع توخي المستثمرين الحذر قبل اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ومن المقرر أن يعقد المجلس اجتماعه الأخير للسياسة النقدية لعام 2024 خلال يومَي الثلاثاء 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، والأربعاء 18 ديسمبر/كانون الأول 2024، ومن المتوقع أن يقوم البنك بخفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.
ويسلط الاجتماع الضوء أيضاً على مدى خطط المسؤولين لخفض أسعار الفائدة في عامَي 2025 و2026، وما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفف من تخفيضات أسعار الفائدة تحسباً لارتفاع التضخم في ظل إدارة ترامب القادمة. ويمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تعزيز النمو الاقتصادي والطلب على النفط.
وفي سياق متصل، تواجه صادرات نفط إيران إلى الصين عوائق بسبب العقوبات الأمريكية الأوسع نطاقاً على الناقلات، وفقاً لشركة فورتكسا، مما يقلص تدفقات الخام الإيراني إلى الصين.
وصل سعر النفط الإيراني المباع إلى الصين هذا العام إلى أعلى مستوى له خلال الخمس سنوات الماضية، حيث زادت العقوبات الأمريكية من التكاليف وصعّبت عملية نقل النفط الإيراني إلى الصين.
وبالرغم من فرض العقوبات على صناعة النفط الإيرانية، أصبحت الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، حيث يتم تصدير أكثر من 90% من صادرات النفط الخام الإيراني إلى الصين، حيث يتم تكريره في مصاف صغيرة، وخاصة تُعرف باسم “مصافي إبريق الشاي”.
وقد قدمت إيران باستمرار خصومات سخية لهذه المصافي لضمان استمرار تدفق النفط إلى أكبر مشترٍ للنفط الخام في العالم.
في الأشهر الماضية تعطلت صادرات النفط الإيرانية إلى أسواق الصين وسوريا بشدة بسبب الهجوم الصاروخي واسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل واحتمال شن هجوم إسرائيلي على منشآت النفط الإيرانية.
ومع ذلك، في ديسمبر/كانون الأول، استعادت صادرات النفط الإيرانية إلى الصين أخيراً، لكن تسليم النفط الإيراني إلى سوريا توقف بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأوضحت إيما لي، كبيرة محللي السوق، في مذكرة أن بعض شحنات نوفمبر/تشرين الثاني لم تُسلم بعد، وذلك بعد اضطرابات أثرت على عدد من شحنات أكتوبر/تشرين الأول.
وحسب “فورتكسا”، يوجد ما لا يقل عن 191 ناقلة نفط خام عملاقة مدرجة على قائمة العقوبات الأمريكية.
وأشارت “لي” إلى أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على الناقلات، أسفرت عن تباطؤ السفن الإيرانية المتجهة إلى موانئ شاندونغ، حيث أصبح المشترون الصينيون يطلبون بشكل متزايد تسليم الشحنات على متن سفن غير خاضعة للعقوبات.
نتيجة للاضطراب في تدفقات النفط الخام، قد تواجه بعض المصافي الصينية المستقلة، التي حصلت مؤخراً على حصص استيراد إضافية، تحديات في الاستفادة الكاملة من الكميات المسموح باستيرادها.
وقال محلل بارز في شركة الاستشارات “هيدج بوينت” إن صادرات النفط الإيرانية إلى الصين انخفضت إلى أدنى مستوى لها خلال العامين الماضيين، مما يشير إلى أن العقوبات الأمريكية الأخيرة حققت نتائجها في تقليص صادرات النفط الإيرانية.
شارك كيم بني، رئيس قسم التداول في “هيدج بوينت جلوبال ماركتس”، رسماً بيانياً على حسابه في منصة إكس يُظهر أن صادرات النفط الإيرانية إلى الصين انخفضت إلى أقل من 600 ألف برميل يومياً في نوفمبر/تشرين الثاني، مشيراً إلى أن مبيعات النفط الإيرانية الصافية “بدأت تتلاشى”.
ووفقاً للرسم البياني، فإن هذا الحجم هو الأدنى منذ ديسمبر/كانون الأول 2022. وعلى النقيض، أظهر الرسم أن صادرات إيران إلى الصين، التي تمثل عادة أكثر من 90% من مبيعات النفط الإيرانية البحرية، بلغت حوالي 1.8 مليون برميل يومياً في سبتمبر/أيلول و1.3 مليون برميل يومياً في أكتوبر/تشرين الأول.
وكما يظهر الرسم البياني، فإن البراميل الإيرانية المرسلة إلى الصين تراجعت إلى أقل من ثلث مستويات سبتمبر/أيلول، وحوالي نصف مستويات أكتوبر/تشرين الأول.
وبناء على الرسم البياني، فقد صدَّرت إيران حوالي 200 ألف برميل يومياً إلى الصين هذا الشهر الجاري .
يأتي هذا الانهيار في الوقت الذي شددت فيه الولايات المتحدة القيود على العقوبات المفروضة على النفط الإيراني خلال الأشهر القليلة الماضية.
العقوبات الأمريكية
أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في القائمة السوداء العشرات من السفن المشاركة في نقل النفط الإيراني، والمعروفة باسم “أسطول الأشباح”، إلى جانب عدة شركات في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
وقبل أن تستهدف الولايات المتحدة قطاع النفط الإيراني في عام 2018، كانت إيران تنتج أكثر من 3.8 مليون برميل يومياً وتُصدر حوالي 2.2 مليون برميل يومياً، لكن العقوبات خفضت الإنتاج إلى 2.2 مليون برميل يومياً والمبيعات إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 200 ألف برميل يومياً.
ومع تولّي الرئيس جو بايدن منصبه في الولايات المتحدة عام 2020، بدأت مبيعات النفط الإيرانية في الانتعاش، حيث غضت واشنطن الطرف عن هذه التجارة.
إلا أن الإدارة القادمة لدونالد ترامب، المقرر أن تتولى الحكم في يناير/كانون الثاني، أعلنت نيتها فرض المزيد من العقوبات لتضييق الخناق على عائدات النفط الإيرانية.
قلل وزير النفط الإيراني محسن باك نجاد من أهمية تهديد العقوبات الأمريكية الجديدة، قائلاً: “إن إيران اتخذت الخطوات اللازمة لتجاوز هذه الإجراءات ولا تشعر بأي قلق”.
جاء تحليل هيدج بوينت بعد يومين من تقرير لمجموعة التحليلات كيبلر، التي قدرت صادرات إيران من النفط الخام والمكثفات إلى الصين بـ1.31 مليون برميل يومياً.
أرجعت الشركة التي تتخذ من بروكسل مقراً لها الانخفاض البالغ 524 ألف برميل يومياً، مقارنةً بالشهر السابق، إلى التوترات الجيوسياسية، ونقص الطاقة المتزايد في إيران، والتحديات المتعلقة بالنقل بسبب العقوبات الأمريكية المشددة.
وأشارت كيبلر، التي راقبت 147 ناقلة نفط شاركت في شحن النفط الإيراني هذا العام، إلى أن الاضطرابات في عمليات هذه الناقلات ناتجة عن أحدث جولات العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى تراكم التخزين العائم، لا سيما بالقرب من ماليزيا وسنغافورة.
ووفقاً لشركة تتبع شحنات النفط، فإن المصافي الصينية، التي تواجه أزمة في الإمدادات من إيران، لجأت إلى شراء النفط الفوري من مصادر غير خاضعة للعقوبات، مثل الإمارات وأفريقيا الغربية.
كما يبدو أن سقوط نظام الأسد في سوريا قد أعاد توجيه شحنات النفط الإيرانية التي كانت متجهة سابقاً إلى سوريا نحو الصين، مما عزز على الأرجح القوة التفاوضية للمصافي الصينية.