كتبت: لمياء شرف
أجواء من الإثارة تدور حول اللحظات الدفاعية الأخيرة لقائد “حماس” يحيى السنوار، ولكن يبدو الآن أن لديه حياة بعد الموت كبطل لفلسطين.
نشر الكاتب جوليان بورجر مقالة في صحيفة الغارديان البريطانية، حول اللحظات الأخيرة في حياة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، قبل استشهاده في معركة فوق الأرض مع الجيش الإسرائيلي ووصفه بـ”بطل فلسطين”، مشبها لحظات استشهاده بلحظات موت “تشي جيفارا”، الطبيب الأرجنتيني الذي قتل أثناء مقاومته في ثورة كوبا.
قال بورغر: “تظهر تناقضات في الرواية الرسمية الإسرائيلية حول اللحظات الأخيرة ليحيى سنوار بعد وفاته، مما يبدو أنه سيزيد من تعميق أسطورة الشهداء التي تتطور بسرعة حول زعيم حماس”.
وأشار إلى أن تشريح الجثة أظهر أنه توفي جراء إصابته بطلق ناري في الرأس، وهو ما يتعارض مع النسخة الأولية لجيش الدفاع الإسرائيلي، التي أشارت إلى أنه قُتل بقذيفة دبابة أُطلقت على المبنى المدمر الذي كان به.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي أصدر مقاطع فيديو تُظهر دبابة تُطلق النار على المبنى في مخيم تل السلطان للاجئين في رفح، حيث قال المتحدث العسكري، الأدميرال دانيال هاغاري: “لقد حددناه كإرهابي داخل المبنى، وأطلقنا النار على المبنى ثم دخلنا للبحث”.
ووفقا لتشين كوجل، مدير المعهد الوطني الإسرائيلي للتشريح، الذي أجرى عملية التشريح، فإن سبب الوفاة كان إصابة بطلق ناري في الرأس.
وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، لم يتكهن كوجل حول من أطلق النار، سواء كان ذلك خلال اشتباك مع جنود إسرائيليين قبل إطلاق قذيفة الدبابة، أو بعد العثور عليه في أنقاض المبنى، أو من قبل السنوار نفسه حتى لا يُؤسر.
وقال الكاتب: “إن الحقيقة أنه قُتل وهو يرتدي ملابس قتالية وسترة قتالية بعد أن أطلق النار وقام بإلقاء قنابل يدوية على الجنود الإسرائيليين، حتى إنه قام بالهجوم على طائرة مسيرة تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي بعصا خشبية مستخدما ذراعه المتبقية، وذلك ما يميز السنوار عن أسلافه الذين تم اغتيالهم في أثناء فرارهم”.
وأشار بورغر في مقالته، إلى حادثة اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، بواسطة صواريخ أطلقتها مروحية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي في عام 2004، حيث كان يُدفع في كرسي متحرك بعد الصلاة في مسجد بغزة.
لم يتبق كثير من جسده لالتقاط الصور، لكن الصور الباقية في المخيلة هي لهجوم الصاروخ القاتل، وأصبحت جزءا من الأيقونة التي ظهرت تقريبا على الفور على الجدران في الأراضي المحتلة، جنبا إلى جنب مع صور القائد ذي اللحية البيضاء وهو يصعد إلى السماء، ولا تزال صور ياسين شائعة في غزة والضفة الغربية.
وتابع بورغر: “كذلك ترك السنوار وراءه جثة مقاتل متضررة من الحرب، قد يقارنها بعض الفلسطينيين بالصورة الأخيرة لتشي جيفارا، الطبيب الأرجنتيني الذي شارك في ثورة كوبا ولكنه قُتل في نهاية المطاف على يد الجيش البوليفي عام 1967، ليصبح رمزا لقضيته”.
بعد أن أُطلق النار على جيفارا، وُضعت جثته على طاولة ليتم تصويرها، وعيناه المفتوحتان تحدقان بفراغ في الكاميرا.
احتفل خلفاء السنوار في قيادة حماس بحقيقة أنه قُتل في المعركة، حيث قال نائبه، خالد الحيّة: “مواجهة وعدم تراجع، والانخراط في الخطوط الأمامية والتنقل بين مواقع القتال”.
وفي سياق متصل، نشر الكاتب الإسرائيلي، ألوان مزاحي على موقع “إكس” تغريدة بعد مقتل السنوار يقول فيها: “إن ما بدأه اللاجئ، الذي قضى 23 عاماً في سجن إسرائيلي، في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، سيغيّر تاريخ العالم إلى الأبد، والعملية لا تزال في مراحلها الأولية”.
ووصف استشهاد السنوار بأنها موتة مشرفة وموتة محارب مع رجاله، مع شعبه، في دفاعه عن أرضه ضد محتل يسعى للإبادة، ولم يسقط في عمل غير لائق، مضيفاً: “لقد رحل وهو يقاوم”.

وتابع مزراحي: “لم يكن من الممكن أن تكتب آخر حلقة من حياة السنوار أفضل مما كتبه كاتب مسرحي موهوب: ليس في نفق، أو مخبأ سري، أو قصر بعيد، وليس أثناء الانخراط في عمل غير جدير، لقد مات وهو يقاوم”.
وبحسب الكاتب الإسرائيلي، فإنه عندما رأى مشهد موت السنوار تذكّرَ نهاية فيلم (لمن تقرع الأجراس)، حيث كان المتمردون يحتلّون مواقع على تلّة، بينما كان الفاشيون يقتربون منهم بالطائرات والرشاشات، وهم يعلمون أنهم لا يملكون أي فرصة للبقاء على قيد الحياة.