ترجمة: علي زين العابدين برهام
تعتبر مسيرات 11 فبراير/شباط من كل عام رسالة واضحة من النظام الإيراني ومؤيديه إلى العالم أجمع، فليس الاحتفال بذكرى انتصار الثورة الإيرانية احتفالا كرنفاليا بقدر ما هو تأكيد وتأييد من الشعب الإيراني للنظام الحاكم، وتفويض من الشعب للنظام بالمضي قدما في كافة الملفات كما يراها المرشد الإيراني الأعلى.
نشرت صحيفة “كيهان” لسان حال المرشد الإيراني، الاثنين 10فبراير/شباط 2025 مقال رئيس تحريرها حسين شريعتمداري، حول قراءته لهذه المسيرات.
ذكر شريعتمداري أنه في مسيرة الاحتفال بانتصار الثورة، توافد الشعب بحضور أكبر وأكثر كثافة من أي وقت مضى، ودهسوا تحت أقدامهم أحلام أمريكا وحلفائها الغربيين والعبرانيين والعرب، محولين الحلم الذي كانوا يراودون به هذا اليوم إلى كابوس.
وأضاف بأن تهديدات الأعداء في الأيام التي سبقت هذا اليوم وانتظارهم الذي تبخر، تذكرنا بتفاخرات وأكاذيب محاربي معركة الجمل (هنا نقصد أمريكا وحلفاءها) قبل وبعد المعركة، إذ قال الإمام علي بن أبي طالب في وصف الجيشين اللذين تجمعا في ساحة المعركة: “وَقَدْ أَرْعَدُوا وَ أَبْرَقُوا وَ مَعَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْفَشَلُ وَ لَسْنَا نُرْعِدُ حَتَّى نُوقِعَ وَ لَا نُسِيلُ حَتَّى نُمْطِرَ”. (خطبة 9 من نهج البلاغة).
وأشار إلى أنه في إحصائية تتماشى مع الواقع الحالي، ذكر أنه توفي أكثر من 70% من الأشخاص الذين كانوا على قيد الحياة وقت انتصار الثورة الإسلامية، ومع ذلك، لا يزال عدد المشاركين في المسيرات في تزايد كل عام، وهذا يدل بوضوح على أن الثورة الإسلامية لم تتراجع مع مرور الزمن، بل انتقلت إلى الأجيال الثالثة والرابعة وما بعدها. إن حضور الشباب والمراهقين المكثف والحماسي في المسيرات، وخاصة في مسيرة هذا العام، هو دليل آخر على استمرار هذا الإنجاز المبارك.
وتابع بأن من أبرز خصائص الملحمة التي شهدناها بالأمس هو ذكاء الشعب وقدرته الاستثنائية على الحسابات الدقيقة، رغم المعاناة من المشاكل الاقتصادية الصعبة، فإن الشعب يدرك بحنكة أن هذه المشاكل ليست ناتجة عن أساسيات الأمور، بل عن سوء الإدارة.
وأشار إلى أن الناس تدرك أنه إذا تسببت أخطاء سائقين في حادث على طريق سريع أو إذا نشأت مشاكل بسبب عوامل طبيعية مثل الثلوج والعواصف، يجب معاقبة السائقين المخطئين أو حتى منعهم من القيادة (مع الأسف، هذا نادرا ما يحدث)، لكنهم يعلمون أنه لا يجوز إغلاق الطريق السريع أو تعطيله لأن استمرار الحركة يعتمد على الحفاظ على الطرق. ولذلك، يفرق شعبنا الذكي بين الثورة الإسلامية وبين مشاكل المسؤولين أو الأحداث التي تقع خارج إرادتهم، وهم لم يربطوا بينهما حتى الآن.
وأوضح أنه من أبرز سمات مسيرات الاحتفال بذكرى انتصار الثورة هذا العام كان الخطاب الذكي والمدمر للأعداء من الرئيس بزشکیان، إذ قدم تحليلا دقيقا للوضع الحالي، وسخر من تهديدات الأعداء الخارجيين، وخاصة الرئيس الأمريكي المجنون،وأكد على تعاليم الإسلام والثورة، وعلى رؤية القائد الحكيم، وهاجم الأعداء بقوة، وفي الوقت ذاته أكد على ضرورة الحفاظ على روح الأمل والعمل الجاد لتجاوز المشاكل.
واختتم شريعتمداري المقال بقوله إن الشعب الإيراني العزيز قد أدرك بذكاء هذه الحقيقة التي عمل بها طوال الـ 46 عاما الماضية، وهي أن القطرة عندما تلتقي مع غيرها، لا تبقى مجرد قطرة بل تتحول إلى بحر، وهم يعلمون أن القطرة بحر إذا كانت مع البحر، أما إذا كانت مفردة فهي قطرة والبحر بحر.