حوار: مصطفى أفضل زادة
ترجمة: علي زين العابدين برهام
قال المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال خطابه الجماهيري الأول عقب سقوط نظام الأسد، إن عملية إسقاط النظام السوري كانت مدبرة في غرفة قيادة أمريكية وإسرائيلية، وزعم أن “إيران لديها شواهد لا تترك مجالا للشك في هذا الخصوص”.
حول حقيقة الدور الإسرائيلي الأمريكي في تصاعد الأحداث على الأراضي السورية، يحاور “زاد إيران” علي رضا حجتي، مدير تحرير صحيفة “إيران” والخبير في الشؤون الدولية.
هل ترى أنَّ تسارع الأحداث في سوريا خلال الأيام الماضية، يمكن أن يأتي بالفعل ضمن مخطط أمريكي إسرائيلي جديد لإشعال المنطقة؟
من الماضي، وأي عمل يتسبب في التلاعب الجيوسياسي أو الدعوات الانفصالية أو زعزعة استقرار البيئة المحيطة بإسرائيل في المنطقة، كانت تل أبيب وراءه بمخططاتها.
وفي الوقت نفسه أشار وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، جدعون ساعر، إلى خطة إسرائيل لدعم الأقليات في المنطقة، وأعلن قائلا: “سنتحد مع الأكراد والأقليات الأخرى في المنطقة؛ لأنهم حلفاؤنا الطبيعيون”.
لذلك فأن يكون لإسرائيل دور مباشر في الأحداث التي بدأت بحلب ليس مجرد تكهنات، وهناك كثير من الأدلة على ذلك. وبعبارة أخرى، فإن عملية “إرهابيي تحرير الشام” استمرار للحرب بين غزة ولبنان وجبهة جديدة فتحتها إسرائيل ضد محور المقاومة وإيران.
وخلال الأسابيع والأشهر الأولى من حرب غزة، وُصِف سلوك إسرائيل بأنه “فخ حربي نصبه نتنياهو للانخراط في المنطقة”، لكن مع مرور الوقت، ثبت أن هذا التحليل لم يكن واقعيا وصحيحا قط، فمع الهجمات والإجراءات التي نفذها نتنياهو والهيئة الحاكمة الإسرائيلية، أظهروا إرادتهم لتوسيع الحرب وبدعم من الولايات المتحدة.
وهذا أيضا واضح في تصريحات نتنياهو. لقد قال رئيس وزراء إسرائيل بوضوح، إنه يريد تغيير وجه الشرق الأوسط، حتى إنه أطلق على عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، “النظام الجديد”. ويبدو أن تفعيل الجبهة السورية أول خطوة اتخذها “الصهاينة” لتحقيق هذا الهدف.
هل تدخل إيران في الحرب السورية بشكل مباشر؟
كما ذكر سابقا، إن هناك علاقة مباشرة بين إسرائيل وعملية “ردع العدوان” التي تقوم بها “هيئة تحرير الشام”. والعملية التي نفذتها المعارضة “التكفيرية” ليست عملية تمت بين عشية وضحاها، لقد خُطط لها منذ أشهر.
ففي العام الماضي رأينا أن إسرائيل شنت هجمات عدة من تل أبيب ضد سوريا، وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بشار الأسد من اللعب بالنار. وتكرر تهديد نتنياهو هذا حتى في البيان الذي أعلن فيه قبول وقف إطلاق النار.
ومن المؤكد أن هذه التهديدات والتحذيرات ليست هباء. فقبل يومين من قبول وقف إطلاق النار، دمرت إسرائيل جميع طرق الاتصال بين لبنان وسوريا، بحيث تصبح حركة المرور بين هذين البلدين مستحيلة.
وباستهداف المعابر الحدودية الثلاثة، الدبوسية وجسر قمار والعريضة، أوقف الاحتلال الإسرائيلي نشاط جميع المعابر الحدودية الرسمية الستة بين لبنان وسوريا بشكل شبه كامل.
ومن الواضح أن هذه الهجمات تتماشى مع تهديدات الإسرائيليين، ومؤكدٌ أن هناك خطة لقطع الاتصال بين لبنان وسوريا؛ حتى تتمكن إسرائيل من استغلال الفرصة لإعادة البناء والتعزيز بعد وقف إطلاق النار وضرب حزب الله مرة أخرى.
وكما قال نتنياهو في بيان وقف إطلاق النار، يجب فصل الجبهات. وعليه، لا ينبغي افتراض أن وقف إطلاق النار في لبنان سيستمر.
وينبغي القول إن إيران لن يكون أمامها خيار سوى الدخول مباشرة في هذه المعركة. وعكس الحرب السورية الأولى عام 2015، عندما تحفظت إيران على الإعلان عن وجود مستشار لها في سوريا، لم يعد هذا الأمر قائما الآن، لأنه كما قلت، فإن عملية حلب هي الجبهة الجديدة لحرب غزة بهدف قطع ذراع إيران في المنطقة، وتتماشى أيضا مع تغيير الترتيبات الأمنية في منطقة غرب آسيا.
لا شك في أن هذه المسألة مفهومة في طهران، وكما قال وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي علنا: “إذا طلبت سوريا، فسيتم إرسال قوات عسكرية إيرانية إليها”. ولذلك فإن الأحداث التي تجري في المنطقة هي التي تشكل مستقبل غرب آسيا، ولا ينبغي أن يكون هناك مجال لأي تسامح بخصوص هذا الأمر في مراكز صنع القرار بإيران.
في أثناء ذكر أسباب موافقته على خطة وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية لإسرائيل، صرح نتنياهو بأنه يؤيد هذه الخطة لثلاثة أسباب: “أحدها هو التركيز على التهديد الإيراني”، فهل تعتقدون أن هناك علاقة بين تصريح نتنياهو والهجوم على سوريا؟
صحيحٌ تماما، وقد ذكرت أسبابه وأدلته. فمن يوم تطبيق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، بدأ المعارضون “التكفيريون” العملية، وأخبروا مسلحيهم عن طريق سيارات الدورية الخاصة بهم بإخلاء المنطقة، وعلى الفور تم إخراج “التكفيريين” من المنطقة الحدودية الخاضعة لسيطرة “تحرير الشام” والقوات الحكومية، واتجهوا نحو المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية.
وبعد فترة من تقدم هيئة تحرير الشام، عقد نتنياهو اجتماعا خاصا مع قادة الأجهزة الأمنية؛ لمناقشة العملية في حلب. وشددت إذاعة الجيش الإسرائيلي في تقرير لها، على أن هجوم قوات المعارضة السورية على حزب الله والفصائل الإيرانية يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.