حوار: مراسل “زاد إيران” في طهران مصطفی أفضل زاده
ترجمة: علي زين العابدين برهام
يشهد التعاون بين إيران وتركيا والسعودية تطورا مستمرا في السنوات الأخيرة؛ حيث تعكف هذه الدول على تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
حول هذا الموضوع أجرى موقع “زاد إيران” حوارا مع المتحدث السابق باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمان برست، ناقش معه سبل التعاون بين الدول الثلاث الكبرى في المنطقة، خاصة بعد عملية طوفان الأقصى، والزيارات المتبادلة، وفوز ترامب بالانتخابات الأمريكية.
كيف تقيم العلاقات بين إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية بعد عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول؟
إن مناقشة العلاقات بين الدول القوية في المنطقة، مثل إيران وتركيا والسعودية، تعتمد على عوامل مختلفة، ولا شك أن سياسة إيران هي التعاون الجماعي في المنطقة، ونعتقد بشكل أساسي أن الدول الكبيرة والقوية يجب أن تقيم أفضل العلاقات مع بعضها البعض، وأن تحافظ على الاستقرار والأمن في المنطقة بالتعاون المشترك، ويكون هناك تكاتف من أجل تنمية التعاون الاقتصادي والتقدم.
وعادة ما تحاول الدول الكبرى خلق الخلافات بين الدول، أو وضع برامجها الخاصة ومخططاتها على جدول أعمالها لتأمين مصالحها، ومن المسلّم به أنه قبل عملية طوفان الأقصى سعت القوى الكبرى في الغرب مثل أمريكا وبعض الدول الأوروبية لتطبيع علاقات إسرائيل في المنطقة.
وفي “اتفاق أبراهام” قاموا بتطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية، لكن الجزء الأهم كان العلاقة بين إسرائيل والسعودية.
وعلى الرغم من مواقف تركيا المناهضة للصهيونية، فإنها حافظت على تعاونها الاقتصادي وعلاقاتها الواضحة مع إسرائيل. والحقيقة أن ما أحدث تغيرات جوهرية في العلاقات بين الدول هو وضع جبهة المقاومة الجديد الذي بدأ مع عملية طوفان الأقصى، فمع الظروف الجديدة التي طرأت على المنطقة، كانت إسرائيل في وضع حرج، ونتيجة لذلك، ألغيت علاقة السعودية مع إسرائيل تلقائيا في هذه الفترة.
لقد رأت تركيا الوضع بطريقة اضطرت فيها إلى اتخاذ مواقف لتُظهر للرأي العام التركي أنها ليست مع “الصهاينة”.
إن عملية طوفان الأقصى والأحداث التالية لها خلال الأشهر الأربعة عشر الماضية أثبتت مركزية إيران في تعزيز جبهة المقاومة، وأظهرت أن جبهة المقاومة لها جذور وقوة، ورغم أن “الصهاينة” ارتكبوا جرائم كبيرة وحاولوا القضاء على قادة المقاومة، مع هذا، فإننا نرى أن جبهة المقاومة تمكنت من العمل بشكل قوي بدعم من إيران.
هذا الوضع يهيئ الظروف المناسبة للتقارب بين إيران والسعودية وتركيا، فبالرغم من توجهاتهم السياسية المختلفة، فإن هذه الظروف الجديدة في المنطقة توفر مزيدا من التعاون والتكاتف بين الدول القوية في غرب آسيا والشرق الأوسط.
في الآونة الأخيرة، زار مسؤولون إيرانيون السعودية، كما زار مسؤولون عسكريون سعوديون إيران، وكذلك خطط مسؤولون من الدول الغربية لزيارة السعودية.. كيف تقيمون هذه الاجتماعات؟
أثبتت الأحداث التي وقعت خلال السنة الماضية قوة الردع لإيران، كما أن سياسة تعزيز الجوار للوصول إلى تعاون أكبر مع دول المنطقة، جعل السعودية تصل إلى نتيجة مفادها أن التعاون مع الدول القوية بالمنطقة مثل إيران يمكنه أن يؤمّن مصالحها ومصالح المنطقة، وهذا التعاون الذي يتم تشكيله بين القوات الدفاعية للبلدين، يمكن أن يكون قاعدة جيدة لأعمال أكبر يمكن القيام بها في المنطقة مستقبلا.
هل يمكن أن يكون لعودة ترامب تأثير على العلاقات بين طهران وأنقرة والرياض؟
ترامب يبحث عن نوع من الاستقرار وخفض التصعيد في المنطقة؛ لكي يحقق أهدافه ومصالحه في منطقة غرب آسيا، وليتمكن من العمل بسهولة أكبر في المنافسة الاقتصادية مع الصين.
إن وقف الحرب والصراع في المنطقة ممكن بطريقتين؛ إما أن يكون لدى الاحتلال الإسرائيلي القدرة على القضاء على جبهة المقاومة تماما، أو تثبيت نفسه بما يرتكبه من جرائم، وبهذا الوضع سيكون الأمريكيون سعداء جدا، ولكننا في الواقع نعلم أن الإسرائيليين لا يملكون هذه القدرة.
وعلى الرغم من اغتيال قادة المقاومة الكبار، أظهرت جبهة المقاومة أن لديها بنية قوية وقدرة على تحميل إسرائيل تكاليف باهظة. وفي مثل هذا الوضع يصبح السلام والاستقرار ممكنا في المنطقة من خلال قبول الطلبات والامتيازات التي ستقدمها جبهة المقاومة، وليس أمام الغربيين خيار آخر.
تعتبر أمريكا أن وقف الصراعات مفيد لمصالحها، وفي مثل هذا الوضع، حتى في عهد ترامب، قد نتوصل إلى اتفاق بشكل أسرع، وسيكون التعاون بين إيران والسعودية وتركيا ممكنا أكثر في هذه الحالة.