مراسل “زاد إيران” بطهران: مصطفی أفضل زاده
التقى “زاد إيران” المحلل السياسي الإيراني ومدير شبكة العالم التلفزيونية السابق، حسن بهشتي بور؛ للنقاش حول القصف الإسرائيلي على إيران وتداعيات ذلك على الأمن في إيران
حسن بهشتي بور حاصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة طهران، ومؤلف كتاب “أساليب التحليل السياسي”، وكان مدير شبكة “العالم” التلفزيونية الإيرانية، وهو خبير في القضايا الدولية.
شنت إسرائیل فجر یوم السبت 26 أکتوبر/تشرين الأول 2024، هجمات على إیران، وهناك بعض التحلیلات تشیر إلى أن المفاوضات التي جرت قبلها بین إیران والولایات المتحدة کانت سبب محدودیة هذه العملیات، هل تؤيد هذا الرأي؟
نفی الجانبان وجود هذه المفاوضات بشكل رسمي وأعلنا أن الظروف للتفاوض بین البلدین غیر متوافرة. ومع ذلك فإن الأمر الذي یطرحه عباس عراقچي، وزیر الخارجیة الإیرانی، في شرح سیاساته هو أننا بحاجة إلی إدارة الأزمة في علاقاتنا مع الولايات المتحدة، وهذه الإدارة للأزمة یمكن أن یكون لها العدید من الصور، علی سبیل المثال، يمكن أن یتبادلا الرسائل بشكل غیر مباشر عبر قطر أو عمان أو سویسرا والتي یمكن أن یکون مضمونها لمنع غزو أوسع من قبل إسرائیل.
هذا یعني أنکم تعتقدون أن هناك احتمالا بحدوث مفاوضات بین إیران والولايات المتحدة حول هجوم إسرائیل، علی الأقل من خلال الوسطاء؟
هذا تحلیلي الخاص، وأقول إن إیران وأمریكا لدیهما قنوات لتبادل الرسائل بشکل غیر مباشر عبر سویسرا وقطر وعُمان، وأرى أنه قد تم تبادل الرسائل حول الهجوم من خلال هذه الطرق.
أبدى الأمریكيون علی الأقل في الظاهر، عدم رغبتهم في توسیع الحرب بالمنطقة وعدم زیادة التوتر بین إیران وإسرائیل، ما الأسباب لذلك في رأیك؟
هناك أسباب مختلفة. مثلا، لنسأل: ما سبب قلق الولایات المتحدة من هجوم إسرائیل علی المنشآت النوویة الإیرانیة أو المنشآت النفطیة؟
السبب أنه لو حدث هجوم إسرائیلي على المنشآت النوویة، فإن سوق النفط ستتوتر وترتفع الأسعار، وارتفاع سعر النفط یؤدي إلی ارتفاع سعر البنزین في الولایات المتحدة.
وفي السنوات الأخیرة، کان موضوع البنزین ضمن أحد المکونات المؤثرة في الانتخابات الأمریكیة. ومن ضمن ما یفتخر به بایدن وهاریس أنهما قاما بتحسین الوضع الاقتصادي لبلدهما مقارنة بالسنوات الأربع الماضیة عندما تسلما السلطة من ترامب.
وإذا ارتفع سعر البنزین، فسیكون ذلك ضربة کبیرة في الحملات الانتخابیة. بناء علی ذلك، یمكن القول إن أحد أسباب عدم هجوم الإسرائیلیین على المراکز النوویة أو النقاط النفطیة کان طلب أمریكا منهم ولذلك السبب ضربوا المراکز العسكریة فحسب.
أما المسألة الثانیة فهي أنه من الصعب جدا للولایات المتحدة بدء حرب في الشرق الأوسط، أبعادها غیر واضحة، خاصة مع الانتخابات الرئاسية.
فوفق القانون الأمريكي يتم إجراء الانتخابات الرئاسیة الأمریكیة في الـ5 من نوفمبر/تشرين الثاني، لكن يتولى الرئيس الجديد مقاليد الحكم في يناير/كانون الثاني، وخلال هذه الفترة يكون الرئيس القديم، رئيسا من حيث الصلاحيات القانونية فقط، وليس برئيس للشعب وقادر على حشد الرأي العام الذي قام بالفعل بانتخاب غيره، حتى إن الأمريكيين يطلقون على رئيسهم في الفترة الانتقالية وصف “البطة العرجاء”؛ لمحدودية ما يمكنه القيام به.
وإذا وقعت حرب في هذه الفترة الانتقالیة، فسوف تكون الأوضاع في الولايات المتحدة فوضوية للغایة، خاصة إذا فاز ترامب الذي يمثل الحزب المعارض للرئيس الحالي جو بايدن، لذلك أرى أن أمريكا لن تقدم على خطوات من شأنها تأجيج الصراع في المنطقة خلال هذه الفترة.
رغم أن الأمریكیین لم یرحبوا بالرئیس الجدید للجمهورية الإيرانية، هل تعتقدون أنه بعد تعیین رئیس إصلاحي، هناك حظ أکبر لإجراء المفاوضات بین إیران والولايات المتحدة؟
فرصة المفاوضات تعتمد علی الظروف الإقلیمية والدولیة أکثر من الأشخاص. فلا يمكن أن نقول بسبب فوز بزشكیان في الانتخابات، ستتم المفاوضات بالتأکید، کذلك لا يمكن أن نقول إذا فازت مرشحة الحزب الديموقراطي في أمريكا کامالا هاریس، فهناك احتمال لبدء المفاوضات.
فالتفاوض بین إیران والولایات المتحدة مرهون بثلاثة عوامل وهي: السیاسة الإقلیمیة والدولیة والسیاسات الداخلیة للبلاد.
وفي الظروف المتوترة الراهنة في المنطقة، لیس هناك مجال للحدیث عن الحوار والمفاوضات أصلا. فالجانب الأمریكي واقف علی أحد جانبي الحرب ویدعم إسرائیل بالكامل ویعطیها السلاح، مما يجعل الحدیث عن التفاوض في الظروف الراهنة أمرا مضحكا.
هل یعني ذلك أنه في رأیك أن الأشخاص لا يشكلون فارقا والظروف هي التي تحدد إن كانت ستحدث مفاوضات أم لا؟
نعم. مثلا إذا وقف إطلاق النار في المنطقة، وفازت کامالا هاریس في الانتخابات، فأتصور أن الظروف ستكون مناسبة للحوار.
رغم أن ترامب یدعي أیضا أنه أهل للحوار فإنه من الذین لا یمكن أن نعول علیهم ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وربما لا يمكن إجراء مفاوضات في حال توليه الرئاسة الأمريكية.
إذن؛ إضافة إلی الظروف، هناك أثر للأشخاص علی بدء المفاوضات بين الجمهورية الإيرانية والولايات المتحدة؟
نعم، أکید أن الأشخاص لهم تأثیراتهم، لكن یجب أن تكون لدینا أرضیة؛ حتی یستطیع الأشخاص العمل علیها، فالشخص الدبلوماسي أهل للتفاوض والحوار، ولكن یجب أن تمهد له الظروف.